القاهرة- معا- شارك وفد من المجلس الوطني الفلسطيني ممثلا عن دولة فلسطين، في أعمال المؤتمر الثاني والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي بالقاهرة، خلال الفترة من 17 – 18 فبراير 2022، حول موضوع "التضامن العربي"، بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وعدد من رؤساء البرلمانات العربية.
وضم الوفد: نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني موسى حديد، وعضو المجلس الوطني عمر حمايل.
وأكد أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته، أن القضية الفلسطينية تظل هماً عربياً نحمله جميعاً ونضطلع بمسؤوليته، ولدي اقتناعٌ راسخ بأن السلام والاستقرار والأمن لن يتحقق في هذه المنطقة من العالم سوى بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال الأمين العام: يتوجب علينا الانتباه لما يمر به هذا الصراع الطويل من تغيرات مهمة تستحق الوقوف عندها فلم يعد الحديث عن عنصرية الاحتلال وانتهاجه سياسة التطهير العرقي اتهاماً غريباً على الأسماع في العالم بل صارت هناك منظمات دولية، ومؤسسات أهلية، ودول وحكومات تُعبر بوضوح عن رأيها في الاحتلال الإسرائيلي باعتباره تجسيداً لعنصرية مقيتة مضى عليها الزمن وحالة شاذة من ممارسة التطهير العرقي الذي تجاوزه العالم، ورفضته الحضارة الإنسانية.
وأوضح، أن النضال من أجل القضية الفلسطينية ومن أجل الحق الفلسطيني صار يدور على جبهاتٍ مختلفة، وبوسائل متعددة ويمنحنا الشعب الفلسطيني بصموده على أرضه، وتمسكه بحقوقه، وفضحه لممارسات الاحتلال العنصرية، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني يمنحنا أسلحة مهمة في معركتنا من أجل كسب الرأي العام العالمي لصالح قضيتنا العادلة باعتبارها قضية سياسية وإنسانية على حدٍ سواء وعلينا أن نطور من أدواتنا وأساليبنا في مخاطبة المجتمع المدني عبر العالم على نحو يفضح الواقع اليومي للفلسطينيين تحت الاحتلال وهو واقع مؤلم لكل أصحاب الضمير، ومخز لكل من يعتبرون عصرنا هو عصر حقوق الإنسان.
وأكد الأمين العام، أن للبرلمانات العربية، تمارس مهامٍ دبلوماسية مختلفة ودوراً أساسياً في هذه المعركة فرسالتنا لا ينبغي أن تصل للحكومات وحدها، وإنما للشعوب وممثلي الشعوب ويتعين أن تكون هذه الرسالة مؤثرة ونافذة وأن تستند في تفاصيلها على المعلومات الصحيحة، والمتابعة الدقيقة لما يجري على الأرض الفلسطينية المحتلة ويتعين كذلك أن تكون رسالتنا موحدة ومتسقة، وبحيث تُحدِث الأثر المطلوب، بالتراكم ومواصلة العمل مع البرلمانات في مختلف دول العالم، وبخاصة في عواصم التأثير والقرار الدولي.
بدوره أكد رئيس الاتحاد البرلماني العربي للدورة الحالية صقر غباش، أن القضية الفلسطينية ستظل هي القضية المركزية والمحورية الأولى لعالمنا العربي حيث إن إحلال السلام والاستقرار في المنطقة العربية يعتمد بصفة أساسية على إيجاد الحل العادل والدائم وبما يضمن حقوق الفلسطينيين كاملة في إقامة دولتهم المستقلة.
من جهته، طالب نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني موسى حديد، بضرورة إعداد خطة عربية لتفعيل دور الدبلوماسية البرلمانية العربية بهدف شرح معاناة الشعب الفلسطيني التي يسببها استمرار الاحتلال الإسرائيلي ومصادرة حقوقه في تقرير مصيره والعيش في دولته المستقلة وفقا لقرارات الشرعية الدولية .
واقترح حديد في كلمة التي ألقاها ممثلا عن رئيس المجلس الوطني، أمام المؤتمر، تشكيل لجنة أو فريق قانوني حقوقي متخصص من الاتحاد البرلماني العربي يستعين بخبرات دولیة، لمتابعة ما ترتكبه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانیة، كجريمتي الاستيطان والفصل العنصري، لمساعدة دولة فلسطین على تقدیم لوائح الإتھام ضد مرتكبي تلك الجرائم لمساءلتھم ومحاسبتھم ومعاقبتھم على جرائمهم أمام المحكمة الجنائیة الدولیة، حيث وثقت جميع الجرائم في تقارير لمنظمات حقوقیة دولیة، كتقریر منظمة العفو الدولیة الذي أصدرته قبل أيام.
وأكد نائب رئيس المجلس الوطني أن الحل یكون بإنھاء الاحتلال، لیتمكن الشعب الفلسطیني من التحكم بموارده وثرواته الطبیعیة واستثمارھا، ليعيش حرا كريما وعزيزا في وطنه، وهذا يتطلب دعوة الدول والشركات التي ما تزال تعمل أو تتعامل مع الشركات الإسرائیلیة والأجنبیة التي تتعامل وتعمل في المستوطنات في فلسطين المحتلة، التوقف فورا عن ذلك، كخطوة ضروریة لعزل الاستیطان وحمایة حقوق الإنسان الفلسطيني، التزاما بما أصدرته مفوضیة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشأن "القائمة السوداء" لتلك الشركات.
وتطرق حديد إلى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قرصنة لأمواله من قبل إسرائيل والتراجع الحاد في الدعم المالي الدولي، بهدف الضغط على شعبنا وابتزازه بحقوقه المشروعة، داعيا الحكومات العربیة لتوفیر الدعم المالي لموازنة دولة فلسطین تنفیذاً لما ورد من التزامات في شبكة الأمان المالیة العربیة التي أقرتھا القمم العربیة لدعم الشعب الفلسطیني ومؤسساته الشرعیة.
وأكد أن الشعب الفلسطيني يتعرض كل يوم للقتل والاعتقال والاضطهاد وتستباح مقدساته ليل نهار، وتنهب أرضه، ويعدم أطفاله ونساؤه وشبابه، ويُزجُّ بالآلاف من خيرة بناته وأبنائه في السجون، وتصادر أملاك الأوقاف الإسلامية والكنائس والمواطنين، وتصادر أراضي المقابر الإسلامية وتنتهك حرمة الأموات فيها، كما يحدث في مقابر الصحابة والشهداء في القدس، فإنّ ما يجري اليوم في فلسطين، ومنذ النكبة عام 1948، من محاولات مستميتة من قبل الاحتلال لمحو الوجود العربي الفلسطيني الأصيل في فلسطين، وتشويه وتزوير التاريخ والهوية والحضارة العربية المتجذرة في ارضها منذ ما يزيد على خمسة آلاف عام، واجهها أبناء الشعب الفلسطيني بكل شجاعة وكبرياء، سلاحهم ارادتهم الحرة وايمانهم بعدالة قضيتهم وبحتمية الانتصار ونيل حقوقهم التي ضحى لأجلها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى، وأكثر من مليون أسير بطل، منهم القادة والأطفال والنساء والشيوخ والشباب.
وأوضح حديد أنّ ما تقوم به حكومة المستوطنين بقيادة المستوطن نفتالي بينت من عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري وهدم المنازل وبناء وتوسيع المستعمرات الاستيطانية ومصادرة الأراضي، خاصة في الاغوار الفلسطينية، وفي مدينة القدس المحتلة عاصمة دولة فلسطين وبلدتها القديمة وأحيائها في الشيخ جراج وبلدة سلوان المقدسية، واضطهاد واعتقال أصحابها وطردهم من بيوتهم بقوة الإرهاب، وتمكّين منظمات الإجرام الاستيطانية من السيطرة عليها، هي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تستوجب منا كبرلمانيين، ليس فقط الإدانة والاستنكار، بل الضغط على حكوماتنا العربية لتنفيذ قرارات القمم العربية المتعاقبة لدعم وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في كل تلك الجرائم والثبات على ارضه، وتفعيل الصناديق المالية العربية التي أنشئت لأجل القدس وحمايتها من غول التهويد الاستعماري الذي يحاول ابتلاعها، ويتزامن كل ذلك مع هدم البيوت في النقب ومدن وقرى الجليل والمثلث بالأراضي المحتلة عام 1948.
وقال "أدرك حقيقة الأوضاع العربية وغياب التنسيق الكافي وضرورة إعادة الاعتبار للعمل العربي المشترك واعلاء مصالح أمتنا فوق كل اعتبار، ولكن كانت وما تزال وستبقى القضية الفلسطينية بكل ابعادها محل إجماع عربي رسمي وشعبي، ولذلك فالشعب الفلسطيني يتأمل من أمته كل الدعم والاسناد الفعّلي لوقف المشروع الاستيطاني الاستعماري، وإنقاذ القدس من خطر التهويد والضياع، وإذا ما تخلّفنا عن واجبنا تجاه القدس وفلسطين، فإن الأجيال العربية القادمة لن ترحم أحداً منا".
وأضاف حديد أن الشعب الفلسطيني انتظر وقيادته كثيرا تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، واستثمر كل فرصة ممكنة لتحقيق السلام الذي ينهي الاحتلال، ويمكّنه من تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم وفقاً للقرار رقم 194 لعام 1948م، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من سجون الاحتلال، لكن للأسف الشديد لقد فشل المجتمع الدولي نتيجة تقاعسه عن الانتصار لقراراته وللقانون الدولي، في ظل مماطلة الدول الكبرى بالقيام بواجباتها، وتخلي مجلس الأمن الدولي عن تحمل مسؤولياته في تنفيذ قراراته تجاه فلسطين وإنهاء احتلالها ووقف الاستيطان والقتل والاعتقال وممارسة الفصل العنصري ورفع الحصار الإسرائيلي الظالم عن قطاع غزة.
يذكر أن الإتحاد البرلماني العربي هو منظمة برلمانية عربية تتألف من برلمانيين يمثلون البرلمانات العربية (المجالس النيابية ومجالس الشورى).