بقلم محمد حسن
توشك المفاوضات بين الدول الغربية وإيران في العاصمة النمساوية فيينا للتوصل إلى اتفاق يقضى بعودة التزام طهران بالاتفاق النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، وعودة واشنطن إلى الاتفاق. كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحبت من الاتفاق عام 2018، وفرضت عقوبات صارمة على إيران، بينما تخلت طهران عن الكثير من بنوده.
وأشاعت الدول المشاركة في المفاوضات أجواء التفاؤل بقرب التوقيع على الاتفاق، بعد شهورٍ من المفاوضات المكثفة التي اقتصىرت على الملف النووي الإيراني، ولم تتطرق إلى ملف الصواريخ الباليستية ودور طهران التخريبي في المنطقة العربية.
ويرى معظم العرب حتى على المستويات الشعبية التوقيع على الاتفاق دون حضور دور طهران في المنطقة على طاولة المفاوضات دافعا إلى زعزعة استقرار المنطقة أكثر". وأضاف "رفع العقوبات يعني عمليًا استئناف الدعم المالي والعسكري بشكلٍ أكبر مما عليه في الأثناء للجماعات المسلحة في المنطقة". ورفضت إيران مناقشة دورها التخريبي في المنطقة، وتمسكت بحصر المفاوضات على الملف النووي فقط.
وتابع المصدر قائلًا، إن "إيران تبحث من الاتفاق عن رفع العقوبات المفروضة عنها، وستعود إلى تمويل ميليشيات مسلحة تعمل لصالحها".
وتدعم طهران جماعات مسلحة في لبنان والعراق واليمن، تعمل كوكلاء لصالحها. وسعت إيران إلى إيجاد موطئ قدمٍ لها في العديد من البلدان العربية عبر المليشيات المسلحة سيما في اليمن المطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب أهم الممرات المائية الدولية التي تمر عبرها إمدادات الطاقة العالمي.
وقال المصدر، إن التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، أتاح لطهران تعزيز دعم الحوثيين في اليمن لتنفيذ انقلابًا على السلطات الدستورية في البلد الفقير الواقع في شبة الجزيرة العربية. وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على معظم المحافظات اليمنية بما في ذلك العاصمة صنعاء، وفرضوا حكمًا استبداديًا، وارتكبوا عديد انتهاكات ومجازر دامية ضد المدنيين.
وتشهد اليمن قتالًا عنيفًا يوشك أن يدخل عامه الثامن بين الحكومة المعترف بها دوليًا، والحوثيين المدعومين من إيران. وأدى القتال إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب وصف تقارير الأمم المتحدة.
وقال مصدر سياسي ثانٍ، إن طهران قدمت للحوثيين مئات الملايين من الدولارات وأسلحة بما في ذلك، الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية لتنفيذ الانقلاب على السلطة الشرعية وخوض الحرب ضدها. واستخدم الحوثيون طائرات مسيرة وصواريخ باليستية في استهداف المدنيين في اليمن، وحصدت أرواح الالاف من اليمنيين. كما استخدم الحوثيون الطائرات والصواريخ في استهداف المنشآت المدنية في الدول المجاورة لليمن.
وقال مصدر عسكري يمني، إن طهران زودت الحوثيين أيضا بزوارق مفخخة لاستهداف الملاحة الدولية، وهو ما حدث بالفعل خلال سنوات الحرب. كان البحر الأحمر مسرحًا لتنفيذ الهجمات الحوثية على السفن التجارية والنفطية ووصلت عدد السفن التي تعرضت للاستهداف من قبل الحوثيين إلى 22 سفينة تجارية، بينما وصلت عدد الزوارق المفخخة التي أطلقت لاستهداف السفن والموانئ اليمنية والسعودية إلى اكثر من مئة زورق مفخخ.
وأضاف، أن طهران استخدمت الحوثيين في تعزيز أوراقها التفاوضية، وأوعزت إليهم باستئناف التصعيد العسكري في معظم الجبهات اليمنية سيما محافظة مأرب المهمة في معادلة الحرب والسلام في اليمن، وتوسيع دائرة الهجمات خارج الحدود اليمنية باستهداف الدول المجاورة والملاحة الدولية.
وذكر المصدران السياسيان، أن "أي اتفاق لا يشمل الحد من دور طهران في المنطقة وإجبارها على وقف تمويل ودعم المليشيات المسلحة كالحوثيين يرحّل المشاكل إلى المستقبل ويجعل من اليمن منصة لتهديد الأمن القومي الخليجي والعربي والملاحة الدولية".
وبحسب المصدران، فإن "أي اتفاقٍ بين الدول الغربية وإيران لا يجب أن يكون على حساب استمرار طهران في تهديد الأمن القومي العربي والخليجي عبر الجماعات المسلحة التي تعمل لصالحها في المنطقة". وتصنف الولايات المتحدة معظم الجماعات المسلحة التي تدعمها وتمويلها طهران في المنطقة في قوائم الإرهاب باستثناء جماعة الحوثي.
وقال خبراء في شؤون جماعات الإرهاب، إن جميع شروط تصنيف الحوثيين في قوائم الإرهاب قد توفرت في أعقاب تأكيد الإدارة الأمريكية أنها تدرس هذا التصنيف.
وأضاف الخبراء، إن طهران ستشرع على الفور في تمويل الجماعات المسلحة الموالية لها حال رفعت العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، ولم يتم الحد من التهديد الذي تشكله على الأمن القومي للمنطقة.