بقلم: د. صبري صيدم
الصديق عند الضيق، وفي الضيق تنكشف الوجوه وتحجب الموانع، وتظهر النفوس ويرتفع التكليف وتزول معهم جميعاً مساحيق التجميل، ليظهر الصديق من المنافق والأصيل من الكاذب، فيعرف الناس من هم أصدقاؤهم، ومن هم أعداؤهم دونما موانع ولا حواجز.
تماماً كما الضيق في الحروب والمواجع والكوارث، تنقشع الغيوم وتبدو حقيقة النفوس عبر مواقف وتصريحات تعبر عن دفائن النفوس، لتدرك الحقيقة، إما بخطاب صريح أو بزلات لسان.
ولعل سيل الأفعال وردودها في الأيام الأخيرة من حرب الساعة، فضحا التكوين العنصري لدى البعض ليقابل بسيل من ردود الأفعال المحقة والصاخبة، التي فضحت حجم العنصرية التي تسكن نفوس أصحابها.
لكن الأبشع من العنصرية هو قناعة البعض بأن لديه من القوة ما يمكنه من احتلال الشمس، ومصادرة الأوكسجين عن الأرض، ونفي البشرية إلى كواكب أخرى ليستخدم عضلاته الاستعراضية في إقناع البشرية بقوته وجبروته وإنسانيته وديمقراطيته.
هذا الخطاب المتعالي إنما كان من الممكن أن يمر قبل عقدين من الزمن، لكن البشرية ومع ثورة المعلوماتية، لم يعد ينطلي عليها ذلك الخطاب، ولا كل محاولات التجميل والتزيين. فخلفيات الأمور تبدو واضحة ومفاصلها تبدو جلية، وأسرارها مكشوفة، خاصة أن التاريخ أثبت خفايا النفوس والخطط والنزوات وما تبعها من غزوات ومغامرات كلفت البشرية الكثير الكثير.
أما تأليه البعض وشيطنة البعض الآخر، إنما يقدم صورة واضحة عن تلك النزوات والرغبات بصورة تشرعن الخطأ لصالح الحلفاء، وتحجب الحق عن من هم في مربع الخصوم.
أما حضارات الشعوب التي يحاول البعض تحقيرها، فإن دلائلها موجودة في متاحف البعض، ليس بقرار أصحابها الأصليين، وإنما رغماً عن أنوفهم وهم الذين غلبوا على أمرهم ذات يوم، وعادوا اليوم ليستمعوا من سارقيها لمحاضرات في الأخلاق والحرية والديمقراطية… سبحان الله.
وعليه فإن احتلال الشمس ليس ممكناً، ومصادرة القدرات الإلهية ضرب من ضروب الخيال، كما أن وعيد الحروب وصخب سلاحها الفعلي والمعنوي، الإعلامي والخطابي لن يحجب نور تلك الشمس عن حقائق التاريخ.
مقال ربما يحمل كثيراً من الإشارات والهمز واللمز بفعل ضوابط الموقف والموقع، لكن اللبيب حتماً من الإشارة يفهم!
عاشت شمس الحق التي لن تغيب وعاشت العدالة لمن يستحقها.