رام الله- معا- عقد المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن الفلسطيني اليوم مؤتمره السنوي الرابع بعنوان "الأمن ونزاهة الحكم"، وذلك بمشاركة وزير الداخلية، وممثلين عن الأجهزة الأمنية وآخرين عن مؤسسات المجتمع المدني، وعدد من المؤسسات الحقوقية والإعلامية.
تركزت الجلسة الأولى حول "الأمن ونزاهة الحكم في التجربة الفلسطينية" متناولة حوكمة المؤسسة الأمنية الفلسطينية والنزاهة السياسية، وضمانات تعزيز واحترام قوى الأمن للحقوق والحريات، فيما تمحورت الثانية حول الرقابة المجتمعية على أعمال قوى الأمن، والتي تناولت الرقابة المجتمعية على دور الأجهزة الأمنية في حماية السلم الأهلي، والرقابة المجتمعية على سلطة الأمن في التوقيف، ودور المجتمع المدني في تفعيل مدونة السلوك الموحدة للأجهزة الأمنية.
استطلاع رأي أمان لعام 2022: 54% نسبة الرضا عن أداء الأجهزة الأمنية
افتتح المؤتمر بكلمة من رئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان (سكرتارية المنتدى)، السيد عبد القادر الحسيني، شخّص بدوره ما يعتمل الشارع الفلسطيني نتيجة تراجع لثقة المواطن الفلسطيني بالنظام بشكل عام وبالمؤسسة الأمنية بشكل خاص، وذلك بفعل الأحداث التي تراكمت من إلغاء إجراء الانتخابات التشريعية نهاية شهر نيسان/ أبريل 2021 بعد أن تم التحضير لها بكافة مراحلها، ما أبقى على الآثار السلبية للانقسام وغياب دور المجلس التشريعي الفلسطيني، علاوة عن التراجع الملاحظ في حالة السلم الاهلي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي التي يعدها ائتلاف أمان سنويا إلى تراجع في نسبة من يرون أن الأجهزة الأمنية دائما تحترم الحريات وحقوق الإنسان في تعاملهم مع المواطنين، من 23% في العام 2020الى 13% عام 2022، اضافة الى تراجع في نسبة الرضا عن أداء الأجهزة الأمنية مقارنة بالسنوات السابقة وصلت إلى 54% مقارنة ب 72% في 2020 ، فضلا عن انخفاض نسبة الذين يشعرون بالأمان من 25% عام 2020 إلى 14% عام 2022.
وشدد الحسيني في كلمته أن المؤسسة الامنية إما أن تكون ركيزة أساسية من ركائز تحقيق نزاهة الحكم أو الانحراف به باتجاه الفساد السياسي، الأمر الذي يتطلب الحرص على تحصينها وتعزيز نزاهتها وحياديتها وفاعليتها والتزامها بالقانون، ما يشمل ذلك من خضوع وتطبيق المؤسسة الأمنية لقرارات القيادة السياسية بكل حيادية كضمانه مهمة لترسيخ المبادىء الأساسية للديمقراطية والإبقاء على الفصل المتوازن للسلطات، مع حق المواطن في الاطلاع والمشاركة في بلورة السياسات الحكومية، داعياً لإجراء انتخابات عامة لإعادة الحياة الديمقراطية في فلسطين واحياء منظومة الرقابة والمساءلة الرسمية وهي المجلس التشريعي.
وزير الداخلية: التعاون والشراكة والانفتاح وتعزيز النزاهة عنوان المرحلة
فيما عبّر سيادة اللواء زياد هب الريح، وزير الداخلية في كلمته، على التعاون والشراكة والانفتاح على المنتدى المدني، نحو تنسيق الجهود في مجال تعزيز الحوكمة الرشيدة في قطاع الأمن، معددا الإسهامات المشتركة بين الطرفين، والتي كان أهمها إعداد استراتيجية الأمن للاتصال والتواصل مع الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، وتقييم واقع وحدات ودوائر الشكاوى، وتقييم فاعلية وحدات التدقيق الداخلي، والمساهمة في إعداد خطة النزاهة في قطاع الأمن الفلسطيني استنادا الى مقياس النزاهة الذي تعاون الطرفان في إعداده، بالإضافة الى دعم تنفيذ مبادرات شبابية ومبادرات مساءلة مجتمعية بالشراكة بين أعضاء المنتدى والمؤسسة الأمنية.
وأعلن هبّ الريح أنه تم بناء قدرات فريق متقدم من الأجهزة الأمنية على نظم المساءلة والمحاسبة وفقا للقانون، وذلك بعد تدريب الكوادر، كما أعرب عن نية وزارة الداخلية العمل على تطوير الشكاوى في الأجهزة الأمنية من وجهة نظر المواطنين، معلنا أنه جاري العمل على صياغة ورقة سياسيات عامة وإعادة بناء الإطار القانوني لوحدة الشكاوى، إضافة الى أهمية استمرار التواصل مع مؤسسات المجتمع المحلي والإعلام.
القنصلية البريطانية: توظيف الانتقادات البناءة لسد الفجوات ومعالجة التجاوزات في عمل المؤسسة الامنية
وفي كلمة لمستشار قوى الأمن من القنصلية البريطانية العامة بالقدس، السيد أندرو لوجريس، شدد فيها على أهمية إخضاع الأجهزة الأمنية لمساءلة المواطنين، خاصة في الأحداث الأخيرة التي حدثت في عام 2021، وأهمية مأسسة مدونة السلوك وتفعيلها واستمرار التعاون بين المؤسسة الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني. كما أشار لو جريس في حديثه الى حادثة مقتل نزار بنات، والانتهاكات التي حدثت بعدها في الشارع ما يشير الى وجود مشاكل حقيقية يتوجب معالجتها في هذا المجال، طارحاً أن الانتقادات من شأنها أن تكون بنّاءة إذا ما وظفت في سبيل الصالح العام. كما أكد بدوره أن الانفتاح وتوفير المعلومات العامة للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني سيعزز الشراكة والتعاون بين الطرفين، وسيزيد من ثقة المواطنين بالمؤسسة الأمنية.
ضرورة خضوع المؤسسة الأمنية للمستوى السياسي المدني والتزامها بالقانون
استهلت الجلسة الأولى والتي حملت ثيمة "الأمن ونزاهة الحكم في التجربة الفلسطينية" باستعراض عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان (سكرتاريا المنتدى) لتقرير عنوانه "دمقرطة وحوكمة المؤسسة الأمنية الفلسطينية لتعزيز النزاهة السياسية"، والذي تطرق في مستهلها الى مفهوم النزاهة السياسية وعلاقتها بمعايير دمقرطة وحوكمة قطاع الامن استناداً الى التشريعات الفلسطينية، ومنها: خضوعها للمستوى السياسي المدني، وحيادية دورها في المنافسة بين الأطراف المتعددة للوصول الى مواقع الحكم ان كان في جميع مراحل العملية الانتخابية أو في تعيينات السياسية العليا، وتنظيم عملها في إطار قانوني يحدد صلاحياتها بوضوح، إضافة الى خضوعها لرقابة ومصادقة برلمانية وهيئات الرقابة الرسمية، واحترامها لسيادة القانون والحقوق والحريات العامة والدفاع عنها، ووجود نظام تعيين وترقيات راسخ ومستقل وشفاف ونزيه للقيادات الأمنية، واقرار قواعد سلوك لمسؤوليها، ونشر مصادر الدخل والذمم المالية لقيادات المؤسسة الامنية، وأخيرا وجود سياسة معلنة ومطبقة لتحصينها من مخاطر الفساد وبشكل خاص تلك المرتبطة بالفساد السياسي.
ضرورة إزالة الغموض الذي يكتنف تبعية المؤسسة الأمنية للمستوى السياسي
إن خضوع المؤسسة الأمنية ومسؤوليها للمستوى السياسي المدني (الحكومة) ضعيف، حيث لا يوجد لبعض الأجهزة الأمنية قانون ينظمها، كما أن اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة في قوى الأمن لم تصدر حتى الآن، الأمر الذي شدد عليه التقرير في توصياته، موصيا بخضوع المؤسسات والأجهزة المدنية والأمنية للسلطة السياسية المدنية وفقاً لأحكام القانون الأساسي، ما يجعلهم خاضعين للمساءلة من خلال تقديم تقارير عن أعمالهم للمستوى السياسي في السلطة، الأمر الذي سيحد من تبنيهم قرارات في خدمة مصالح خاصة أو حزبية ما يصب في المصلحة العامة واستقرار النظام السياسي، مقللا من فرص الفساد الإداري والمالي، والسياسي على حد سواء.
ضعف نزاهة الحكم في مجال تداول السلطة خلافا لنصوص القانون
أشار التقرير الى جملة من الانتهاكات المتعلقة بضرورة التزام المؤسسة الأمنية الحياد في مراحل العملية الانتخابية خلافا لما نص عليه القرار بقانون الانتخابات العامة رقم (1) لسنة 2007 من تدخل أو اعتقال أو ترهيب وتهديد لمرشحين أو تواجد داخل مراكز الاقتراع. كما شدد قانون الخدمة في قوى الأمن على عدم اشتغال قوى الأمن بالسياسية، الى أن الممارسة على أرض الواقع تشير الى تدخل بعض قادة الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية ويشمل ذلك وجود عناصر من الأجهزة الأمنية في هياكل الأحزاب أو الفصائل وبشكل خاص المسيطرة على السلطة، إضافة الى تدخل بعض مسؤولي الأجهزة الأمنية في التعيينات بالمناصب العليا والمناصب السياسية والقضائية من خلال مبررات السلامة الأمنية.
وبذلك، أوصى التقرير بضرورة الالتزام بأحكام القانون المتعلقة بحظر تدخل المؤسسة الأمنية بالعملية الانتخابية في غير الأدوار المحددة لها، وتفعيل العقوبات على انتهاك هذه الأحكام.
أهمية وجود لجنة مستقلة تتولى فحص ملاءمة التعيينات المتعلقة بقادة المؤسسة الأمنية مع الشروط والمعايير المطلوبة
بالرغم من النصوص القانونية التي حددت آليات تعيين رؤوساء الاجهزة الأمنية، فإنّ واقع التعيينات الخاصة بقادة الأجهزة الأمنية والرُتَب العليا فيها يشير إلى انتمائهم إلى قوى وفصائل محددة، إذ لا توجد معايير موضوعية واضحة أو تقييم محددة فيما يتعلق بالترقيات والتنقلات؛ إضافة الى عدم وجود جهة أو لجنة مستقلة لفحص مدى ملائمة التعيينات في المناصب الأمنية العليا مع شروط ومتطلبات هذه المناصب. يشير واقع الأجهزة الأمنية إلى تولّي الرئيس المسؤولية المباشرة على هذه الأجهزة باعتباره القائد الأعلى لها، كما يتولى تعيين قادتها الذين أصبحوا يتبعون له مباشرة ويخضعون لأوامره. وعليه أوصى التقرير على أهمية وجود لجنة مستقلة تتولى مراجعة وفحص ملاءمة التعيينات المتعلقة بقادة المؤسسة الامنية مع الشروط والمعايير المطلوبة.
تنفيذ توصيات لجان التحقيق الرسمية لمنع الافلات من العقاب والمحاسبة
رغم النصوص القانونية التي تَفرِض على الأجهزة الأمنية احترام الحقوق والحريات العامة والدفاع عنها، إلّا أنّ الكثير من الوقائع على الأرض والتي ترصدها تقارير المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية تشير إلى وجود مساسٍ من قبل هذه الأجهزة بالحقوق المدنية، إذ لا تتمّ متابعة أو تنفيذ معظم توصيات لجان التحقيق الرسمية التي تُشكَّلُ للتحقيق في الاعتداءات على الحقوق والحريات العامة بغطاء سياسي، بالاعتماد على الحصانة غير المعلنة وعدم المحاسبة من قبل النظام السياسي.
الحاجة الى تحديث المنظومة التشريعية لحماية الحقوق والحريات العامة من قبل المؤسسة الأمنية
فيما استعرض عضو المنتدى، السيد ناصر الريّس من المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية، ضمانات تعزيز واحترام قوى الأمن للحقوق والحريات، وأهمها: الضمانة التشريعية، والتي رغم توافرها أي وجود تشريعات فلسطينية ناظمة لقوى الأمن الفلسطيني، إلا أنها هذه التشريعات كانت لغاية مأسسة هذه الأجهزة وإضفاء المشروعية القانونية على وجودها، ولهذا لم تتوقف أمام تفصيل أو تقنين مفهوم ضمانات الحقوق والحريات الواجب على المكلفين بإنفاذ القانون احترامها، كالإجراءات الواجب مراعاتها حال الاعتقال والقبض وضمانات تقديم الشخص للمحاكم أمام قاضيه الطبيعي وغيرها.
إضافة الى الضمانة الجزائية التي تتضمن تجريم أفعال الاعتداء المرتكبة من قبل المنتسبين لقوى الأمن بالقانون، والتي تمثل انتقاصا للحقوق والحريات، كالقيام بالاعتقال التعسفي أو انتهاك الكرامة أو ممارسة التعذيب أو انتهاك الحق في الخصوصية أو غيرها، كما لم تتطرق التشريعات الأمنية الفلسطينية لحقوق الضحايا وتعويضهم وملاحقة مرتكبي الانتهاكات أو تجاوزات أفردها لحقوق الأفراد وحرياتهم، كما لم تتبنَ أي نصوص خاصة بتظلمات وشكاوى الأفراد المتعلقة بتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم نتيجة أخطاء وخروقات أفراد أو مسؤولين من المؤسسة الأمنية.
وأشار الى أن ضمانات تعزيز واحترام قوى الأمن الفلسطيني للحقوق والحريات لم تزل غير مكتملة وغير متماشية ومنسجمة بشكل عام مع المعايير الدولية سواء على صعيد البُعد التشريعي في القوانين الخاصة بكل جهاز أو على صعيد بُعد التجريم أو على صعيد بعض الشفافية والمساءلة، ما يقتضي أهمية وضرورة العمل على إعادة فتح هذه التشريعات وتصويب أوضاعها بما يراعي ويأخذ بعين الاعتبار مجموع الضوابط التي تعزز من احترام وتطبيق أجهزة الأمن للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
قوّة حجب المعلومة والسرية تصعب من عملية الرقابة والمساءلة المجتمعية
إضافة لذلك، أشار الريس الى أهمية الضمانة الرقابية والمساءلة المجتمعية التي يجب أن تمارسها المنظمات والقوى السياسية والأحزاب وجماعات الضغط، إضافة الى عدم الإفلات من العقاب، مشيرا أنه وللأسف "لا يمكن لأي جهة مجتمعية ممارسة حق المساءلة وطلب الاستيضاح من أي مسؤول أمني فلسطيني طالما القانون حصنه وأدرج تصرفاته وكافة الأعمال والقرارات وغيرها من المعلومات المتعلقة بأداء الأمن ضمن نطاق السرية والحق في حجبها ومنع الغير من قدرة الوصول إليها، خاصة في ظل غياب حق الوصول للمعلومات وحق الاطلاع والمعرفة على طبيعة القرارات الصادرة."
تعقيب وزارة الداخلية
فيما عقّب العميد د. طارق عاشور، عضو فريق النزاهة في وزارة الداخلية، أن المؤسسة الأمنية والمجتمع المدني فريق واحد وليس فريقان، وأن عقد لقاءات وفتح حوارات سيعزز من الشراكة بينهما، وانتقد عاشور بعض الجوانب الفنية والمنهجية للأوراق المقدمة وأهمية الحرص على تحديث بعض المعلومات فيها من قبل معدي الأوراق.
وفي مداخلة الدكتورة إيناس نزال، من فريق النزاهة في وزارة الداخلية، أكدت فيها على أثر غياب المجلس التشريعي بشكل كبير جدا على الرقابة على المؤسسة الأمنية، كما نقدت فكرة وجود سيطرة مدنية كاملة على القطاع الأمني وبشكل خاص ما يتعلق بالتخطيط، كون ذلك يفقد المؤسسة الأمنية هيبتها.
فيما أفادت السيدة هيثم عرار، رئيس وحدة حقوق الانسان في وزارة الداخلية أنه يتم تنفيذ تدريب الأجهزة الأمنية بمختلف مستوياتها من قبل فريق متخصص حول قضايا حقوق الانسان والعلاقة مع المجتمع المدني تقوم على التنسيق والتكامل. كما هناك توجه لدى وزارة الداخلية بتعديل التشريعات بحيث يتم تغليظ العقوبة على من يمارسون التعذيب في الأجهزة الأمنية، وعلى من ينفذون الأوامر غير المشروعة.
منسق المنتدى: المطلوب من المؤسسة الشرطية معالجة أسباب الاحتقان لحفظ السلم الأهلي
وقد ركز عنوان الجلسة الثانية على الرقابة المجتمعية على أعمال قوى الأمن، إذ استهل منسق المنتدى المدني، الدكتور عمر رحال، والمدير العام لمركز إعلام حقوق الانسان شمس بورقة بعنوان "الرقابة المجتمعية على دور الأجهزة الأمنية في حماية السلم الأهلي"، والذي استعرض الأدوار المدنية ذات العلاقة بدور الأجهزة الشرطية والأمنية في حفظ السلم الأهلي، وذلك من خلال معالجة أسباب الاحتقان والتوتر المجتمعي، وتعزيز استقلال القضاء النظامي وفعاليته واستجابته، والعمل باتجاه جعله أكثر حداثة وسرعة وقدرة على صون الحقوق والحريات دون تأخير، ودون الإخلال بضمانات المحاكمة العادلة في الوقت نفسه.
وأكد رحال أن المطلوب من المؤسسة الشرطية والأمنية تطوير الأكاديميات الأمنية الفلسطينية ورفدها بمناهج ومساقات وأنشطة لامنهجية حديثة تراعي حقوق الإنسان، وزيادة كفاءة الجهات الرقابية الداخلية والخارجية عليها، بالإضافة إلى تفعيل وحدات الشكاوى، واطلاع الجمهور على حالات المساءلة التي تجري لجهات إنفاذ القانون عند انتهاكها حقوق المواطنين بما يحقق الردعين الخاص والعام وينعكس إيجاباً على السلم الأهلي، ما يستوجب في المرحلة المقبلة ضرورة القيام بحملات أمنية مستدامة في كافة أرجاء المحافظات.
الحقّ: الاستدعاءات من خلال الاتصالات الهاتفية تعتبر انتهاكا للحقوق والضمانات الدستورية والقانونية
وفي سياق متصل، قدم المستشار القانوني لمؤسسة الحق، المحامي أشرف أبو حية، ورقة بحثية بعنوان ضمانات القبض والتوقيف في المعايير الدولية والتشريعات المحلية، والذي عدد فيها بعض أشكال الاحتجاز التعسفي نظرا إلى طبيعة الحالات الموثقة لدى العديد من المؤسسات الحقوقية، أبرزها الاعتقالات التي تجري على ذمة المحافظين دون العرض على النيابة العامة والقضاء، والقبض على أشخاص دون مذكرات قضائية من النيابة العامة أو القضاء ودون بيان أسباب حجز الحرية الشخصية، والقبض على خلفيات تتعلق بممارسة حقوق من قبيل الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي وغيرها من الحقوق التي تصنف بحسب فريق الأمم المتحدة في مجال الاحتجاز التعسفي، وإبقاء المتهم داخل مراكز الاحتجاز رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنه.
أحد أبرز الأشكال انتشاراً هي الاستدعاءات التي توجه للمواطنين من قبل الأجهزة الأمنية، أياً كان شكلها، سواء من خلال اتصالات هاتفية، أو استدعاءات خطية موقعة من قبل مسؤولي الأجهزة الأمنية، وتشكل هذه الاستدعاءات انتهاكات للحقوق والضمانات الدستورية والقانونية، الملازمة للحق في الحرية الشخصية، وهي ضمانات ذات طابع قضائي، ويجب أن تتم "بأمر قضائي" والأمر القضائي لا يصدر إلا عن النيابة العامة أو القضاء، وبذلك فإن استدعاءات الأجهزة الأمنية تؤدي إلى تعميق انتهاك مبدأ سيادة القانون.
كما عرّج أبو حية الى أن عدم تنفيذ الأحكام القضائية جريمة موصوفة في القانون الأساسي والتشريعات النافذة، ويعتبر احتجازا تعسفيا بقاء المحتجز موقوف رغم صدور قرار قضائي بالإفراج عنه، وأن الامتناع عن التنفيذ أو أي تعطيل له جريمة يعاقب عليها بالحبس، والعزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، وللمحكوم له الحق في رفع الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً كاملاً له. وعليه، أوصى بكلمته ضرورة إعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة لمرتكبي الانتهاكات فيما يخص حالات التعذيب وسوؤ المعاملة وحالات الاحتجاز التعسفي، وتعزيز سبل الانتصاف الفعالة، انطلاقا من مبدأ سيادة القانون، ومرتكزات العدالة والإنصاف للضحايا وتعويضهم، من خلال فعالية أداء الجهات المختصة على صعيد المهام والاختصاصات في حماية حقوق الإنسان، من خلال التحقيقات الفعالة في مواجهة مرتكبي الانتهاكات وإحالتهم للقضاء يسهم في حماية حقوق الإنسان ويحد من تلك الانتهاكات، ويفي بالتزامات دولة فلسطين بموجب الانضمام للاتفاقيات الدولية، ، ويعيد ثقة المواطنين بقطاع العدالة بكافة مكوناته.
ضرورة مأسسة مدونة السلوك الخاصة بقوى الأمن
وفي كلمة للسيد حلمي الأعرج، المدير العام لمؤسسة حريات (عضو المنتدى)، أكد فيها على المساهمة الكبيرة التي قدمتها مؤسسات المجتمع المدني في تطوير مدونة سلوك موحدة للاجهزة الامنية ولا تتعارض مع المدونات الخاصة بكل جهاز ان كان بتنفيذ دورات تدريبية وتوعوية لعناصر الامن أو بالرقابة على الالتزام بقواعد المدونة مشددا على ضرورة العمل الحثيث من قبل جهات الاختصاص في المؤسسة الأمنية وشركائها من مؤسسات المجتمع المدني على مأسسة مدونة السلوك الموحدة للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وصولاً لتحقيق وحدة الفكر والإرادة في العمل، وهذه المعادلة في حال إنجازها وفق الأصول تشكل ضمانة حقيقية لتقديم خدمة الأمن للمواطن الفلسطيني في كافة الظروف وفق الجودة والمعايير المستمدة من القيم الحضارية للشعب الفلسطيني الممتدة إلى جذر تاريخ الأمم، والعمل على بناء عقيدة أمنية فلسطينية خالصة قائمة على أساس احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، الأمر الذي من شأنه بناء أواصر الثقة بين المواطنين ومنتسبي قوى الأمن الفلسطيني، وتعزيز انتماء المواطن للوطن واستعداده للحفاظ على مصالح الشعب الفلسطيني القومية والوطنية.
وزارة الداخلية والقضاء العسكري: يتم العمل على إعداد خطة استراتيجية للسلم الأهلي وتطوير قانون العقوبات العسكري الفلسطيني
وفي تعقيب للسيد مجدي علاونة، وكيل مساعد وزارة الداخلية، أكد على الحاجة الحثيثة الى توعية المواطنين بأهمية السلم الأهلي والاحتكام الى القانون، معلنا أنه يتم العمل على إعداد خطة استراتيجية للسلم الأهلي. فيما أفاد العميد عبد الناصر جرار، نائب عام هيئة القضاء العسكري، أنهم يعملون على تطوير قانون العقوبات العسكري الفلسطيني الذي يتماشى مع خصوصية المجتمع الفلسطيني، فيما أكد العميد محمد الزيتاوي من وزارة الداخلية أن الوزارة بذلت جهوداً حثيثة في اعتماد والتدريب على مدونة السلوك وتوعية الضباط.
رابط الجلسة الأولى:https://fb.watch/bNYde3twIl/
رابط الجلسة الثانية:https://fb.watch/bNVp-M4Qf5/