بيت لحم- معا- بعيدًا عن تعزيز السلام، قللت اتفاقيات أبراهام، التي وقعتها إسرائيل مع دول عربية برعاية أميركية، من فرصه، بل لم يكن لها تأثير يذكر على التوترات في أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط، وفقا لما جاء بمجلة "ناشونال إنترست" (National Interest) الأميركية.
ففي مقال له بالمجلة، تعليقا على الاجتماع الأخير الذي عقد بمنطقة النقب بإسرائيل في إطار تلك الاتفاقات، أكد ضابط المخابرات الأميركي المتقاعد البروفيسور بول بيلار أن أي تطبيع للعلاقات بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط الأخرى يستحق الإشادة، لكن فقط بقدر ما يساعد في حل النزاعات وتعزيز السلام في المنطقة.
وهذا، يقول الكاتب -الذي عمل لمدة 28 عامًا في مجتمع الاستخبارات الأميركية- ما لم يساهم فيه تعزيز العلاقات بين إسرائيل وتلك الدول العربية، خصوصا وأن هذه الدول بالذات لم تكن في حالة حرب مع إسرائيل، بل كانت لديها بالفعل علاقات واسعة معها في العديد من الأمور، مثل تبادل برامج التجسس لاستخدامها ضد المعارضين، حتى لو لم تصل تلك العلاقات حد تبادل كامل للسفارات.
وأضاف أن الاجتماع الذي اختتم مؤخرا في النقب كان مليئًا بالابتسامات وكلمات التهنئة حول مدى روعة لقاء الإسرائيليين والعرب معًا، لكن من الواضح -حسب الكاتب- أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خرج منه خالي الوفاض في قضية روسيا والحرب في أوكرانيا، إذ لا يبدو أن أيا من تلك الدول قبلت بتغيير موقفها من هذه القضية، مما يعني أن عمل واشنطن على تطوير العلاقات بين إسرائيل وهذه الأنظمة العربية لم يفد المصالح الأميركية شيئا.
صورة جماعية لوزراء الخارجية الذين اجتمعوا في النقب من اليمين الإماراتي والمغربي والأميركي والإسرائيلي ثم المصري فالبحريني (رويتز)
وذكر الكاتب أن هذه الاتفاقات لم تكن لتتم لولا الحوافز التي قدمتها واشنطن للدول العربية المعنية، وهو ما يؤكد أن ما حصل لم يكن، بحال من الأحوال، مساهمة في حل النزاع العربي الإسرائيلي، بل إن بعض تلك الحوافز فاقمت من التوتر بهذه المنطقة.
وقال إنها تضمنت بيع طائرات مقاتلة من طراز "إف-35" (F-35) لدولة لإمارات، مما يعزز سباق التسلح في الخليج العربي، كما أن الثمن الذي حصل عليه المغرب كان خروج واشنطن على الإجماع الدولي بشأن الصحراء الغربية والتخلي عن عقود من سياسة الحياد الأميركية تجاه هذا النزاع من خلال الاعتراف بالسيادة المغربية على الإقليم، مما ساهم في تأجيج الصراع وزيادة التوتر بين المغرب والجزائر، على حد تعبير الكاتب.
وأبرز الكاتب أن خدمة المصالح الأميركية تتم من خلال الترويج الحقيقي للسلام وتقليل التوتر في الشرق الأوسط لأسباب متعددة، تشمل تجنب الارتباط بالعنف السياسي المدان، وتقليل مخاطر الانجرار إلى الصراعات المحلية، وتقليل استنزاف اهتمام السياسة الأميركية ومواردها.
وشدد الكاتب على أن السلام في فلسطين يتطلب إشراك الفلسطينيين بدلاً من تجاوزهم، كما يتطلب محاولة تخفيف حدة التوتر في الخليج العربي خاصة بين أهم خصمين بالمنطقة إيران والسعودية، مشيرا إلى أن الارتقاء بعلاقات دول الخليج مع إسرائيل لا يساهم بشيء في تعزيز مثل هذا الانفراج، بل قد يكون له تأثير عكسي إذا زاد من تأثير سياسة الحكومة الإسرائيلية في الترويج لأقصى قدر من العداء الدائم تجاه إيران، وفقا للكاتب.
واختتم الكاتب بالتحذير من أن هذا الأسلوب في التعاطي مع قضايا المنطقة يقلل من نفوذ واشنطن في الوقت الذي تحتاج فيه لمساعدة حكومات الشرق الأوسط فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا وقضايا أخرى، قائلا إن لدى واشنطن فرصة أفضل للحصول على التعاون الذي تريده إذا كسبت ود السكان المحليين بدلاً من اعتبار ذلك أمرًا مفروغًا منه.