تل ابيب- معا- عاد "الملف النووي الإيراني" إلى واجهة الاهتمام في "إسرائيل"، رغم سخونة الملف الفلسطيني وخطورته. هذه العودة ظهرت في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، على رأسهم رئيس الحكومة نفتالي بينيت، وفي التقارير الإعلامية الإسرائيلية التي كشفت عن حملة "مكثفة" أدارتها "إسرائيل" في الأسابيع الأخيرة في الولايات المتحدة ضد إخراج حرس الثورة الإيراني من لائحة المنظمات الإرهابية الأميركية.
وفي المقابل، رأى نائب وزيرة الصناعة والتجارة، يائير غولان (نائب رئيس أركان سابقاً)، وتشيك فرايليخ (مستشار الأمن القومي سابقاً)، أن الخيار الحقيقي لمواجهة إيران هو العودة إلى الاتفاق السابق، لأن الكلام عن كون غياب الاتفاق هو أفضل من الاتفاق السابق، "مثير للسخرية"، فإيران أصبحت عملياً دولة عتبة نووية، وكل الخيارات الباقية غير مجدية.
بينيت: إيران تجاوزت كل الخطوط الحمر
في مقابلة أجرتها إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، يوم الأربعاء الماضي، قال بينيت إن إيران بدأت بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 % منذ سنة متجاوزة بذلك كل الخطوط الحمر.
بينيت كشف أن حكومته، منذ توليه منصبه، قامت بإنفاق كبير وسريع لـ"إغلاق الفجوات"، كما أنها تحارب بكل قوة لعدم إخراج حرس الثورة الإسلامية في إيران من لائحة منظمات الإرهاب الأميركية، وأيضاً لمنع اغلاق ملفات أو تحقيقات حول تجاوزات إيران في المجال النووي.
وأكد بينيت في المقابلة أنه طلب من الرئيس الأميركي، جو بايدن، عدم إخراج حرس الثورة من لائحة "منظمات الإرهاب"، ولفت إلى أنه يحاول "تغيير الاتجاه"، كاشفاً أن التغيير الدراماتيكي جداً والذي يحدث هو أنه على مدى 30 عاماً، أخطأت "إسرائيل" لأنها سمحت لإيران بإقامة موفدين تابعين لها حولها، كحزب الله والجهاد الإسلامي. وأضاف بينيت أنه يقود خطاً بموجبه "إيران لا تستطيع أن تكون محصنة من هذه الأمور، بل ستدفع الثمن في منزلها أيضاً - وهذا تغيير دراماتيكي".
حملة إسرائيلية ضد إيران في واشنطن
في مقابل الحديث السياسي عن تخطي إيران للخطوط الحمر في الموضوع النووي، كشفت تقارير إسرائيلية في صحيفة هآرتس، أن "إسرائيل" في الأسابيع الأخيرة أدارت حملة "مكثفة" في الولايات المتحدة ضد إخراج حرس الثورة الإيراني من لائحة المنظمات الإرهابية الأميركية.
مسؤولون إسرائيليون كبار مطلعون على المحادثات مع واشنطن، قالوا إن الضغط الذي تمارسه المستويات المهنية في وزارة الخارجية الأميركية، والتي تُعارض إخراج حرس الثورة من اللائحة، قد تؤثر على قرار بايدن النهائي في هذا الشأن. ومع ذلك، لفت أحد هؤلاء المسؤولين إلى أنه قبل إعلان بايدن بوضوح عن موقف الولايات المتحدة الرسمي بهذا الخصوص، "لا يمكن معرفة القرار النهائي للرئيس الأميركي".
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أشارت إلى أنهم في "إسرائيل" يستعدون حالياً لسيناريوَيْن:
· الأول: أن تقرر إيران رفع المطلب المتعلق بحرس الثورة عن جدول أعمال المفاوضات، لتسريع إمكانية التوصل إلى اتفاق. وفي هذه الحالة، ستواجه "إسرائيل" صعوبة بالغة في إحباط توقيع الاتفاق النووي خلال أيام.
· الثاني: أن تصر إيران على شطب حرس الثورة من اللائحة، بما يؤدي إلى تأخير التوقيع على الاتفاق النووي، مما يقود الأطراف إلى مواجهة إضافية.
وبحسب "هآرتس"، فإن التقديرات في "إسرائيل" تُشير إلى أن الإدارة الأميركية عازمة على توقيع الاتفاقية، وأن "الإصرار الإيراني قد يؤدي إلى تحقيق طهران المزيد من الإنجازات". وفي هذا السياق، أضافت الصحيفة أن "الإدارة الأميركية تظهر مرونة كبيرة في تمديد المحادثات".
إيران أصبحت دولة حافة نووية
في مقال نُشر في صحيفة "هآرتس"، قبل يومين، تحت عنوان "الاتفاق النووي هو الردّ الوحيد أمام إيران - كل الباقي أمور رمزية"، رأى نائب وزيرة الصناعة والتجارة، يائير غولان (نائب رئيس أركان سابقاً)؛ وتشيك فرايليخ (مستشار الأمن القومي سابقاً)، أن رافضي تجديد الاتفاق النووي مع إيران وجدوا القضية التي ستتيح لهم إسقاطه، وهي اقناع بايدن برفض طلب إيران رفع حرس الثورة من "لائحة الإرهاب الأميركية".
وبحسب غولان وفرايليخ، فإنه "خلافا للكلام الواهي وغير الصحيح الذي تطرحه جهات في "إسرائيل"، فإنّ الخيار الحقيقي ليس بين اتفاق سيئ واتفاق جيّد جديد، إنّما بين عودة إلى الاتفاق السابق، بكلّ قيوده، وبين عدم الاتفاق - ولن يحصل اتفاق أفضل، ومن يدّعي غير ذلك فهو مخطئ".
ورفض غولان وفرايليخ أيضاً مقولة إنّ غياب اتفاق هو أفضل من الاتفاق السابق، وقالا إنها "مثيرة للسخرية"، فإيران أصبحت عمليا دولة "حافة نووية"، والأمر الوحيد الذي ما زال يمنعها من تخطّي العتبة هو الضغط الدولي، وبما في ذلك "العودة إلى الاتفاق الأصلي".
وناقش غولان وفرايليخ الخيارات البلدية للاتفاق، وخلصا إلى النقاط التالية:
· العقوبات خيبت الآمال المعلقة عليها، إذ لا يوجد سابقة تقريبا لعقوبات أحدثت تغييراً جوهريا في سياسة مركزية لدولة ما. وإيران تأقلمت مع العقوبات واقتصادها استعاد نموّه.
· عمليات الإحباط لا يمكن البناء عليها، وهي لم تثمر أكثر من تأجيل المخططات الإيرانية مؤقتاً.
· خيار تغيير النظام في إيران تواجهه مشكلتان من دون حلّ، هما أن لا أحد يملك فكرة عن كيفية حصوله، أو عن المدى الزمني لذلك.
· "المحور الإقليمي" الذي نشأ بين "إسرائيل" ودول عربية يشوبه شكّ ما إذا كان التعاون بين أعضائه سيتخطّى الردع ووضعية الدفاع.
· الخيار العسكري غير وارد، فخمسة رؤساء أميركيون امتنعوا عن تفعيله، كما امتنع رئيس الحكومة الإسرائيلية "الصقر"، بنيامين نتنياهو عن تنفيذه طوال سنوات حكمه الـ 12. وإضافة إلى ذلك، فإن رئيسي حكومة سابقين في "إسرائيل"، عما ايهود باراك وايهود أولمرت، أكّدا أنّ أي هجوم إسرائيل" لا يمكنه سوى تأخير البرنامج النووي الإيراني، بشكل محدود.