رام الله - معا- صادق مجلس الوزراء، اليوم الإثنين، على الإطار العام لتطوير قطاع الثقافة وبما يمكّن للمحافظة على الرواية الفلسطينية وتعزيز القيم المجتمعية.
وقدم وزير الثقافة عاطف أبو سيف، خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء التي عقدت في مدينة رام الله برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتية، عرضا موسعا للقضايا المحورية المتعلقة بالوزارة ودور الثقافة في صوغ الخطاب الوطني وفي تشكيل الهوية، وارتباط النضال الفلسطيني بالمنتج الثقافي والمعرفي والذي كان محمولا على مقولات ثقافية عميقة تبرز عمق الهوية والانتماء عبر رسائل فنية وإبداعية وفكرية متعددة.
وأشار أبو سيف إلى أن القضايا المحورية في الشأن الثقافي تقوم على تحفيز العمل الثقافي ومأسسته، بما يساهم إلى جانب خطة الوزارة القطاعية في توفير بيئة صديقة للإبداع سواء على الصعيد التشريعي أو البنية التحتية، وأن تصبح جزءا من تفاعل وطني شامل يقوم على دمج الثقافة ضمن الرؤية التنموية للدولة.
كما أشار لسعي الوزارة لرفد العمل الثقافي الوطني وتحقيق تنمية ثقافية مستدامة تجعل الثقافة جزءا أساسيا من عملية الإنتاج المعرفي والمادي والاقتصادي والتنموي، وهي السمة الأساسية لمتطلبات إنجاح العمل الثقافي.
واستعرض التقرير ملخصا للاستراتيجية الوطنية لقطاع الثقافة لتحقيق الغايات الأساسية والأهداف المنشودة والتي تجيب عن السؤال الكبير حول دور الثقافة ووظيفتها في المجتمعات عامة وفي مجتمع يقع تحت الاحتلال ويقاتل من أجل استرداد أرضه واستعادة حقوقه خاصة، والحفاظ على الرواية التاريخية لشعبنا وحماية ذاكرته وهويته الوطنية، وصون تراثه الوطني وتحفيز المبدعين في قطاعات الكتابة والفن والمعرفة والتراث على مواصلة الخلق والإبداع حتى تظل فلسطين حاضرة لا تغيب، بالإضافة إلى الحاجة الدائمة للثقافة كفعل تأسيسي وحيوي لا كفعل طارئ أو ترفيهي أو عرضي، والعمل على حماية الهوية والمواطن والمؤسسات الثقافية واستجابة الثقافة كشرط وجود ومركب تكويني في الهوية الوطنية.
واستعرض التقرير، كذلك، رؤية الوزارة نحو ثقافة وطنية واحدة موحدة وملهمة ذات جذور عربية وبعد إنساني تستند إلى الموروث وتعمل على حمايته واستمرارية وتسعى إلى التجديد والإبداع والتطور.
كما استعرض وزير الثقافة أهداف الوزارة المتمثلة في الحفاظ على الرواية وحماية وصون التراث والهوية الثقافية، خاصة في العاصمة القدس، وحماية الهوية الوطنية والعربية والمسيحية والإسلامية وصون تاريخها وحضارتها، والتشبيك والتواصل بين مكونات الشعب الفلسطيني، مؤسسات وأفراد في الوطن والشتات، وتعزيز التبادل والتعاون الثقافي العربي والدولي في بيئة أكثر تمكينا للثقافة الفلسطينية، تدعم حقوق المواطنين بالثقافة وتمكن المبدعين وتحفزهم على الإبداع وكذلك العمل على تمكين ودعم المؤسسات والفرق والأفراد في القطاع الثقافي والفني وتشجيع الصناعات التقليدية والحرفية، والاهتمام بالتنمية الثقافية في الأماكن المهددة بالاستيطان.
وصادق مجلس الوزراء، في جلسته، على تشكيل لجنة عطاء "استئجار ناقلات الحج" لهذا العام (2022)، وكلف أعضاء مجلس الوزراء ورؤساء الدوائر الحكومية بإعداد خطط تنفيذية لبرامج الإصلاح الخاصة بمؤسساتهم.
كما صادق على عدد من مشاريع البنية التحتية في قطاعات التعليم والمياه والكهرباء، وعلى قانون الهيئة العامة للبترول والتنسيب لفخامة رئيس دولة فلسطين لإصداره وفق الأصول.
كذلك، صادق على تمويل عدد من الشركات غير الربحية، وأحال عددا من التشريعات لأعضاء مجلس الوزراء لدراستها.
وكان اشتية دعا دول العالم، في كلمته بمستهل الجلسة، إلى تفعيل قرارات مقاطعة دولة الاحتلال وفرض العقوبات عليها، وعدم السماح لها بالإفلات من العقاب.
وبين أن الإفلات من العقاب هو الشعور الذي يشكل طيلة 74 عاما من النكبة الدافع الكبير لقيام دولة الاحتلال بجرائم القتل والاستيطان والتهجير، وقد حان الوقت لكي تتوقف تلك السياسة المزدوجة ويصار إلى توفير الحماية لشعبنا من بطش الاحتلال وعنصريته.
واعتبر رئيس الوزراء أن إحياء الذكرى الـ 74 للنكبة كان يوما مشهوداً للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وقد حل هذا اليوم في هذا العام بينما تشهد الاعتداءات الإسرائيلية وتيرة متسارعة من عمليات القتل، والتي كان آخرها استشهاد أيقونة الصحافة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة والطفل ثائر اليازوري والشاب وليد الشريف والأسير المحرر داوود الزبيدي، وقبلهم كوكبة من الشهداء والشهيدات، تعرضوا لعمليات قتل دون أدنى اعتبار للقوانين والمواثيق الدولية.
وأضاف: في ذكرى النكبة هذا العام رغم اشتداد الممارسات الإسرائيلية ضد شعبنا ومقدساته الإسلامية والمسيحية فإنها تجعلنا أقرب من أي وقت مضى من تحقيق آمال شعبنا بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، فدماء الشهداء تقصر عمر الاحتلال وتفضح ممارساته العنصرية، وجاء اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة ليلقي حجرا كبيرا في المياه الراكدة للقوانين والشرائع الدولية ولتفتح ملف ازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية.
وأدان اشتية اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت القيام غدا بزيارة مستوطنة "إلكانا" المقامة على أراضي المواطنين في محافظة سلفيت منذ 45 عاما، معتبرا ذلك إمعانا في سياسة الاستيطان واستخفافا بالقرارات الدولية ولا سيما القرار الأممي رقم 2334، الذي ينص على وقف الاستيطان ويعتبر المستوطنات المقامة في الأراضي المحتلة غير شرعية، ويدعو الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة لوقف تلك السياسة لما تشكله من انتهاك صارخ للقوانين الدولية.
وفي سياق آخر، طالب رئيس الوزراء المعلمين المضربين باستئناف الدراسة وتعويض أبنائنا الطلبة عما فاتهم من فاقد تعليمي خلال الإضراب، وأن يلتزموا بما تم التوصل إليه مع اتحاد المعلمين.
وقال: "توصلنا إلى اتفاق مع الاتحاد ونحن ملتزمون بكل ما ورد في بنوده، إنني أدرك أن هذا الاتفاق قد لا يرضي جميع المعلمين، ولكننا نمر في ظروف مالية معقدة وصعبة نحتاج فيها إلى تفهم الجميع ووقفتهم والتفافهم".
وحول اجتماع الدول المانحة في بروكسل، قال رئيس الوزراء إن معظم المشاركين أدانوا سياسة إسرائيل الاستيطانية، وطالبوها بالإفراج عن أموالنا المحتجزة، و"طالبنا الاتحاد الأوروبي أن يقدم ما تعهد به من مساعدات دون شروط، ونأمل أن ينجز ذلك في القريب العاجل".
وطالب اشتية إدارة الرئيس الأميركي والدول الأوروبية بالتدخل العاجل لوقف تنفيذ مخططات الاستيطان الجديدة التي تعتزم سلطات الاحتلال تنفيذها في الضفة الغربية، والتي سيتم بموجبها بناء 4427 وحدة استيطانية، لما تشكله تلك المخططات من تقويض لحل الدولتين وتهديد للسلام والاستقرار في المنطقة، كما طالب شركة "كاف" الإسبانية بوقف تسليم سلطات الاحتلال 57 قطارا لربط المستوطنات بمدينة القدس، مشيرا إلى أن هذه الأعمال تعتبر خرقا للقانون الدولي والشرعية الدولية.
واعتبر اشتية قرار المحكمة الإسرائيلية التي صادقت على طرد سكان التجمعات الفلسطينية في مسافر يطا، جائرا وغير شرعي وغير قانوني، وأن هذه المحكمة مسيّسة مبرمجة لخدمة المشروع الاستعماري في فلسطين.
وقال إن المطلوب من مجلس الأمن والأعضاء الذين صوتوا لصالح القرار 2334 الوقوف عند مسؤولياتهم لمنع تهجير أهلنا في مسافر يطا، مؤكدا وقوف الحكومة إلى جانب أهلنا في مسافر يطا.