رام الله- معا- عقد مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات"، الإثنين، مؤتمراً بعنوان حرية الحركة والتنقل والسفر" في قاعة الغرفة التجارية برام الله، بمشاركة العديد من المتحدثين الممثلين عن المؤسسات المحلية والدولية العاملة في فلسطين.
وقدم المتحدثون أوراق حقائق تسلط الضوء على واقع حرية الحركة والتنقل والسفر والإجراءات المتخذة من قبل سلطات الاحتلال التي تتعامل مع تقييد حرية الحركة باعتبارها عقوبة فردية وجماعية مسلطة على الإنسان الفلسطيني بانتهاك واضح للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وهذا المؤتمر يأتي ضمن مشروع الحق في الحركة والسفر الممول من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وفي كلمته الافتتاحية أكد "بتتريس كندري" ممثل برنامج سواسية (2) على أن الحق في التنقل والحركة مكفول بموجب المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعبّرعن دعمه لهذه القضية من خلال تقديم المساعدة القانونية للممنوعين من حق الحركة والسفر، وتطلع عاليا لأهمية المؤتمر والنتائج والتوصيات الناتجة عنه التي من الممكن أن تساهم في تعزيز جهود مؤسسات حقوق الإنسان للحد من حركة التنقل المفروضة على الفلسطينيين، وتجعله حقاً نافذاً بشكل سهل دون معيقات تذكر.
وتحدث الدكتور أحمد خالد رئيس مجلس الإدارة في مركز الدفاع عن الحريات واعتبر ان الحق في الحركة والسفر من أهم الحقوق التي تكفلها المواثيق والإعلانات الدولية لحقوق الانسان.
وأضاف أن قائمة الاحتلال بانتهاك حق السفر والحركة طويلة، أبرزها حواجز الموت التي قطعت أوصال الضفة الغربية، ومنع الوصول إلى مدينة القدس، ومنع أهل القدس نفسها من الحركة الداخلية، كما حصل يوم أمس في مسيرة الأعلام، وكذلك ما أحدثه الجدار الفاصل من تفرقة بين أفراد الأسرة والعائلة الواحدة.
وتوجه خالد إلى الأمين العام للأمم المتحدة والمقررين الخواص المعنيين بهذا الشأن، لملاحقة سلطات الاحتلال ومساءلتهم عن هذه الجريمة المستمرة، التي تطال الشعب الفلسطيني باختلاف فئاته والتي ترتكب بقرار من الإدارة العسكرية دون رقابة قضائية.
وأفاد دكتور منير نسيبة مدير عيادة حقوق الإنسان في جامعة القدس عند تعرضه لحرية الحركة في القدس، أن أهل القدس يستطيعون الحركة داخل الجدار لكن لا يستطيعون دخول قطاع عزة.
وذكر أنه عندما احتلت القدس عام 1967 أعطت المقدسيين وضعية قانونية تتمثل بإقامة دائمة في القدس، ومع الوقت طوّر الاحتلال آليات وإجراءات جديدة من شأنها حرمانهم من التواجد داخل القدس بما يعرف بسياسة سحب الهويات، بالإضافة الى هذا التعقيد، كما تحدد دولة الاحتلال تمتع أطفال أبناء الأشخاص المقيمين من الإقامة داخل القدس ونفس الوضعية تنطبق على الأزواج والزوجات، هذه القيود خلقت مجموعة من الأشخاص لا يستطيعون الحركة لعدم توفر الاشتراطات الإسرائيلية المعقدة لتمتعهم بحق الإقامة والحركة والسفر.
وأضاف الأستاذ عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الانسان، في سياق حديثه عن حرية الحركة في قطاع غزة عن حصار قطاع غزة، وجعل قطاع غزة منغلقاً على ذاته يعيش همومه الداخلية، والحصار المفروض على القطاع والقيود على حرية الحركة والتنقل، تهدف الى تفتيت الوضع القائم، حيث أن الأمر العسكري رقم واحد لعام 1967 أعلن أن منطقة قطاع غزة منطقة عسكرية لا يجوز الخروج منها والدخول إليها، واستمر هذا الوضع حتى عام 1969، حيث كان لا بد من ترتيب وضع حركة المواطنين من قطاع غزة تحت ضغط حاجة سوق العمل الإسرائيلية للعمالة الرخيصة، فأعطت سلطات الاحتلال أهل قطاع غزة موافقة عامة في دخول المناطق الإسرائيلية بتصاريح خاصة، فقيدت سلطات الاحتلال الحركة من قطاع غزة إلى خارجة لدرجة أصبح بها التقييد هو العام والاستثناء السماح للحركة والسفر خارج القطاع بإجراءات معقدة، على سبيل المثال مرضى السرطان في قطاع غزة بحاجة الى 21 يوم عمل لإصدار التصاريح لهم بالإضافة إلى إشكاليات منع المرافقين لهم من الدخول مع المرضى بدواعٍ أمنيّة.
الأستاذ محمد عزايزة الباحث من جمعية مسلك في قطاع غزة، تحدث عن حرية الحركة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأفاد أن سلطات الاحتلال جسدت سياسة الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، حيث أن الحفاظ على سياسة الفصل مسّت بحقوق المواطنين الفردية، هذه السياسية التي تنفّذ بدواعٍ أمنية، وتستخدمها كعقاب موجه لجهات فلسطينية محددة، وهذه السياسية أيضاً تطبقها من خلال مجموعة من الإجراءات المُقيّدة للتنقل بين الضفة وغزة، وهذه المعايير الموضوعة من قبل الاحتلال لا تنطبق على90% من سكان قطاع غزة والضفة، والسماح لنسبة 10% المتبقية التي تنطبق عليها الشروط التقدم للحصول على تصاريح لكن ليس بالضرورة أن تضمن هذه الفئة القليلة الموافقة على تصريح تنقل، وهذا المنع تعلق أيضا بالفئات الرياضية التي حرمت من التنقل من غزة إلى الضفة كما حصل مع فريق خدمات رفح الذي حرم من اللعب في الدوري المحلي، بالإضافة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تسيطر على سجل السكان.
وذكرت الأستاذة كارمن كشك ممثلة حملة الدفاع عن الحقوق الأكاديمية، أنه في شهر 2 لسنة 2022، صدر قانون الأجانب القادمين إلى فلسطين، هذا القانون الذي يعطي لسلطات الاحتلال الحق في التدخل بنوعية التخصصات المسموح بها للتدريس في الجامعات الفلسطينية مشترطا مساهمتهم في التنمية الاقتصادية دون معايير محددة لهذا الاشتراط، وكذلك يتم تحديد أعداد الأساتذة و الطلبة المسموح لهم العمل في (35) مؤسسة تعليمية في فلسطين، حيث تسمح باستقبال خلال سنة كاملة 100 أستاذ جامعي و 130 طالب في السنة، وأضافت أنه في سنة 1980 أصدرت سلطات الاحتلال قرار رقم (584) يجبر الأساتذة الذين يعملون في التدريس في جامعة بيرزيت أن لا يؤيدوا نشاطات منظمة التحرير، وقد خسرت جامعة بيرزيت (8) أساتذة بسبب هذه الإجراءات، وكذلك في بداية السنة الجارية لم يسمحوا لدخول طالبتين دكتوراه من ألمانيا عندما علموا أنهم يقومون بمشروع مشترك مع جامعة بيرزيت.
وتوجه عدد من الممنوعين من السفر الذين تم رفع المنع عنهم بالشكر لمركز الدفاع عن الحريات ومحاميهم لمساهمتهم في رفع المنع عنهم، وركز الحضور على ضرورة محاسبة سلطات الإسرائيلية على جرائمها المرتكبة في إطار القيود المتزايدة على حرية الحركة والسفر داخل الضفة الغربية وخصوصا فيما يتعلق بالإعدامات الميدانية على حواجز الموت ، التي أصبحت جريمة يمكن أن تمس بأي مواطن فلسطيني على إثر تعليمات قيادة جيش الاحتلال المخففة والمعممة على جنوده، التي تتيح إطلاق النار لأي سبب دون تدقيق، بالإضافة الى منع التنقل بين الضفة وقطاع غزة عدى فئات محددة وبأعداد قليلة جدا، وأيضاً منع السفر الى الأردن تحت ذريعة الدواعي الأمنية الأمر الذي يؤثر على تمتع المواطن الفلسطيني بحقوقه الفردية المتعلقة بالتعليم والعلاج الصحة والعبادة وغيرها من الحقوق التي تتعلق بالتواصل الاجتماعي ولم شمل الأسرة.
وختم المؤتمر الأستاذ حلمي الأعرج مدير مركز الدفاع عن الحريات، شاكراً برنامج سواسية 2 على دعمه لمشروع حرية الحركة والتنقل والسفر.
وأشار أن شعبنا يدفع ثمن سياسة الاحتلال في تقسيم مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة، هذه المساحة الصغيرة جدا، والقوانين السارية عليها يمكن تطبيقها مجازاً على قارة كبيرة لكثرة عدد الإجراءات المقيدة الناجمة عنها، التي حرمت عشرات الألوف من المواطنين من حرية الحركة والسفر.
وطالب العالم الحر التدخل وتحمل مسؤولياته تجاه هذه الجريمة الصامتة التي يمارسها الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين.
وأفاد ان حريات وثق أكثر من 8500 حالة منع سفر منهم أكثر من 650 امرأة بغالبيتهم من الأسرى وأهالي الأسرى بهدف عقاب أسرهم، وأن سياسة المنع من السفر تتم خارج نطاق القضاء ، وتتحكم بها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية دون علم مسبق للممنوعين من السفر الذين يتفاجؤون بهذا الإجراء عند منعهم من السفر على المعبر الحدودي مع الأردن.
وأشار الى ضرورة تحويل قضية منع السفر إلى قضية وطنية، والعمل على تدويلها لتحقيق النجاح المطلوب والحد من سياسة منع السفر الجائرة بحق المواطنين الفلسطينيين.