القدس -معا-في إنجاز مقدسي فلسطيني جديد يثبت انه لا حدود للعلم والإرادة، ورغم الاحتلال والتحديات والعقبات التي يفرضها سياسيا وعلميا على الطلبة داخل الوطن إلا أن طالب العلم باجتهاده ومثابرته على تحقيق النجاح يستطيع تخطي الحواجز كافة، وخير مثال على هذا هو مناقشة الطالبة رهام سموم رسالتها لدرجة الدكتوراة في علم الجينات بنجاح من الجامعة العبرية في القدس لتنال لقب اول طبيبة مخبرية مقدسية تحصل على هذه الدرجة.
ولأكثر معلومات حول ظروف رحلة دراساتها وابحاثها العلمية في مجال الجينات قابلنا الطبيبة المخبرية رهام حصريا في هذا التقرير:
درجة الدكتوراة هي بداية لإنجاز أبحاث أكثر مستقبلا
درست الطبيبة المخبرية رهام سموم درجة البكالوريوس في الطب المخبري وماجستير كيمياء حيوية واحياء جزيئية من جامعة القدس في بلدة أبو ديس، وعملت كمعلمة علوم حياتية في مدارس الايمان للإناث بالقدس وكانت مسؤولة المختبر في مدارس الايمان للذكور، ومع بداية مشوارها في دراسة الدكتوراة فقد تفرغت لها ومنحتها جل وقتها، وهي تعمل حاليا ك باحثة في قسم الوراثة في الجامعة العبرية.
تقول رهام: "في بحثي لدرجة الدكتوراة استطعت - بالتعاون مع مختبر كيستنر في بنسيلفانيا - عمل نموذجا من فئران حية وخلايا فئران جنينية لدراسة بعض الامراض الوراثية وبعض امراض الشيخوخة مثل السكري والسرطان. نعم بحثي كان الأول من نوعه، ومناقشتي تمت بنجاح وحصولي على الشهادة بدرجة الدكتوراة سيكون بعد عام بسبب الإجراءات الروتينية المعتادة في الجامعة العبرية لأكمل بذلك خمسة سنوات في دراسة درجة الدكتوراة. "
وتعتبر الطبيبة المخبرية رهام أن حصولها على درجة الدكتوراة في علم الجينات سيفتح لها باباً تستطيع من خلاله عمل أبحاث أكثر في المستقبل ضمن هذا التخصص وبتعمق في التجارب العلمية، وصولا لتوسيع المعرفة والاكتشافات في الطفرات الوراثية وغيرها من الامراض الجينية وتسجيلها عالميا كما وتطمح الى نقل المعلومات الحديثة للجامعات الفلسطينية، اما عن طريق العمل بها ان أتيحت لها الفرص، أو عن طريق المشاركة في المؤتمرات الفلسطينية المحلية والدولية..
وتابعت: " البحث يأخذ عادةً وقتاً أطول بسبب التجارب وتكرارها خاصة في مرحلة تهيئة الخلايا وتنميتها لعمل البحث الامر الذي استغرق عامين كاملين لإنجاز ذلك، كل شيء يتطلب الوقت ويجب ان نكون دقيقين منذ البداية لان أي خلل او خطأ في البداية سيؤثر على النتائج لاحقا".
وبالإشارة لأهمية التعليم ومكانته العالمية والسياسية، اردفت رهام:" تمكني من إنجاز بحثي لدرجة الدكتوراة ومناقشة رسالتي بنجاح يثبت أن لا حدود للعلم سواء أكنت فلسطينيا او من غير جنسية، هذا يؤكد اننا كفلسطينيين لسنا اقل من غيرنا ونستطيع تحقيق ما يحققه غيرنا وأكثر، وهذا امر جيد أن تكون النظرة العالمية تجاهك ك عالمة وليس فقط ان تتمحور النظرة حول جنسيتك ومن أي بلد انت، وهذا يعكس انطباع أن الفلسطينيين لهم حقوق وإذا تم منحهم فرصة فهم يستطيعون الإبداع مثلهم كمثل أي أحد في أي بلد في العالم".
وعن بداية الميول نحو علم الجينات، اضافت: "بدأ شغفي تجاه علم الجينات منذ أن كنت طالبة في المدرسة تحديدا في مادة الاحياء قسم الوراثة فقد كان بالنسبة لي شيء جداً ملفت، وتعمقت فيه أكثر ووجدت أن الوراثة تدخل في كل شيء حتى لو في أشياء بسيطة، ويمكن أن لا تكون السبب الوحيد لكن لها مجالات كثيرة إذ يمكن أن تساعد في حل مشاكل في كثير من الأمراض".
الصعوبات والتحديات
وحول الصعوبات في رحلة البحث، قالت رهام: " في فترة انتشار فايروس كورونا، وبالنسبة للباحثين، فقد سمحت الجامعة العبرية لعدد محدود بالدخول الى مختبراتها وقد كنت واحدة منهم، وهذه مشكلة عامة واجهت اغلب الباحثين، اما فلسطينيا، فقد واجهتني صعوبات انني تلقيت عرضا للعمل لفترة أشهر في المختبر الذي نتعاون معه في بنسيلفانيا لتطوير بحثي عندهم وتبادل المنفعة والخبرات ولكن في مرحلة اجراء الفيزا والمعاملات الأخرى للسفر للأسف لم يحالفني الحظ في الحصول عليها. أيضا في فترة الاغلاق ومنع السفر بسبب جائحة كورونا خسرت فرص عدة لنشر بحثي في مؤتمرات عالمية واقتصرت مشاركتي بها عن بعد عبر الانترنت، لكن هناك فرصة أخرى في البرتغال في شهر أيلول أتمنى ان تتم بالرغم من ذلك، وبحمد الله شاركت في القاء محاضرة في المؤتمر العالمي. المحاضرة نالت اعجاب الجميع وكنت المرأة العربية الوحيدة المشاركة في المحاضرات. (Cold Spring Harbor)".
ولعل ابرز التحديات التي واجهت رهام في دراستها لدرجة الدكتوراة في الجامعة العبرية أن شهادتيها في البكالوريوس والماجستير كانت من جامعة القدس، ومن المعروف أن طلبة مدينة القدس عندما يدرسون في جامعة القدس أبو ديس ف إن دولة الاحتلال ومؤسساتها لا تقبل الطلاب بسهولة مما يتعين عليهم الخوض في إجراءات طويلة لإثبات وجودهم ، وتعليقا على ذلك قالت رهام:" هذا الامر كان تحديا كبيراً بالنسبة لي فكان مطلوب مني أن اثبت وجودي، بدايةً أن اقنع إدارة الجامعة العبرية انني استطيع دراسة هذا التخصص كطالبة دكتوراه، فعملت لديهم فترة عامين ثم قدمت على منح لديهم وعندما حصلت على منحة من السفارة البريطانية (GROWTH Felowship) (تم اختياري مع ثلاث أشخاص فقط، من أصل حوالي 40 شخص تقدموا للمنحة) استطعت أن أكمل درجة الدكتوراة."
الأمومة والعمل والدراسة
تنظيم الوقت والموازنة بين مهام العمل والدراسة والأمومة كانت ضمن اهتمامات الطبيبة المخبرية رهام وهي ام لثلاثة أبناء، وحول ذلك قالت : " بالنسبة للأمومة والعمل فمن المؤكد أن هناك صعوبة، ابنائي ليسوا صغار كمرحلة الطفولة وهاذا الشيء يسهل عليّ أمر دراستي نوعا ما، ولكن يحتاج لتنظيم الوقت والتعاون بيني وبين زوجي وبيني وبين ابنائي الذين باتوا انفسهم أيضا يستطيعون تحمل أي نوع من المسؤولية بطريقة افضل من أن تكون الام طوال وقتها في المنزل وأن يكونوا اتكاليين عليها بطريقة ما، لكن عندما يرى الأبناء أن لكل فرد في العائلة مسؤوليات عن أشياء معينة ف هذا يساعدهم ويساعدني ويساعد كل ام طموحة أن تكمل دراستها او عملها وأن لا يقتصر عملها على البيت والاهتمام بالأبناء الذي هو امر مهم، ولكن اذا كان لدى الام طموح فهي تستطيع انجاز المهام العديدة سواء بالعمل والدراسة والبيت ولكن الامر يحتاج لتنظيم وقت اكثر".
وبعد حصولها على درجة الماجستير من جامعة القدس عملت رهام في مركز البحوث الطبية مع الدكتور هشام درويش وعملوا سوياً الكثير من التجارب والأبحاث، ونشروا ورقتي بحث واحدة منهم عن هشاشة العظام، فيها اكتشفوا العلاقة بين الوراثة وهشاشة العظام في بعض التغيرات الجينية التي تحدث ومن الممكن ان تسبب هشاشة العظام للمرأة بعد سن الخمسين، أيضا عملوا الأبحاث على عامل التخثر العاشر واكتشفوا فيه طفرات ونشروا ورقة علمية بهذا الخصوص.
والجدير ذكره أن الطبيبة المخبرية رهام لديها موهبة فنية في مجال الرسم على الزجاج وعلى أنواع لوحات مختلفة، هذه الموهبة التي ما زالت ترافقها حتى اللحظة وتتمنى أن يكون لديها وقت إضافي كي تمارسها، وفي المختبر الذي تعمل به هناك لوحة من رسمها معلقة.
وتقابل رهام بعض من طلبتها حاليا في الجامعة منهم من أنهي دراسة البكالوريوس ويكمل الماجستير في مجال الجينات ويكونوا سعداء بهذا التخصص، الأهم في نظرها أن يستمتع الطالب بدراسة المادة التي يحبها كي تهون عليه الصعوبات إذا واجهته ويستطيع أن يتخطاها فهي تجد في علم الجينات متعة وتشويق لاكتشاف المزيد من العلم والمعرفة..
تقرير حياة حمدان