غزة- معا- أكد ممثلو منظمات المجتمع المدني وخبراء وأكاديميون على ضرورة تنسيق الجهود وتشكيل لجنة وطنية لتطوير قطاع التعليم المهني وإتباع وسائل متقدمة لتعزيز وتحديد جميع أنماط التعليم والتدريب المهني وتطوير المهارات ضمن منظومة تعليمية و تدريبية تلبي احتياجات سوق العمل المحلي وخلق خيارات جديدة لتدريب عالي الجودة في المجالين المهني والتقني.
كما دعوا إلى مراجعة وتحديث وتطوير لكافة البرامج والمناهج التعليمية والتدريبية في قطاع التعليم والتدريب المهني ضمن منهجية تشاركية مع كافة الشركاء من القطاع الخاص والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني ونقابات العمال وخبراء مختصين في مجال التعليم والتدريب المهني.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمتها شبكة المنظمات الأهلية لعرض ورقة أعدها الدكتور رائد حلس بعنوان "التعليم المهني في قطاع غزة ضمن سوق العمل المحلي"، وذلك بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في مدينة غزة وأكد المشاركون على ضرورة التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني لإعداد خطة استراتيجية تهدف إلى تعزيز ثقة المجتمع بالتعليم والتدريب المهني وتغيير النظرة السلبية نحوه وتغيير الثقافة السائدة لدى المجتمع بتفضيل التعليم الأكاديمي عن المهني.
وتطرق حلس في ورقته إلى العديد من القضايا ذات الصلة بالتعليم المهني كالمؤشرات الرئيسية للسكان وسوق العمل المحلي في قطاع غزة، وتطور التعليم والتدريب المهني في قطاع غزة، والتحديات التي تواجه التعليم والتدريب المهني ضمن سوق العمل المحلي في قطاع غزة.
وافتتح مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا الورشة مبيناً أن سوق العمل المحلي في قطاع غزة يتميز بارتفاع معدلات نمو القوى العاملة بوتيرة أسرع من نمو الطلب على العمل، الأمر الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين عرض العمل والطلب عليه بشكل مضطرد، ما يشير إلى أن قدرة الاقتصاد في قطاع غزة على استيعاب القوى العاملة تتراجع مع مرور الوقت، وتزداد الأمور تعقيداً بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني السريع.
وأشار الشوا إلى أهمية قطاع التعليم والتدريب المهني كونه يشكل محورًا هامًا في قطاع العمل بشكل عام وطبيعة الدور الرئيسي الذي يلعبه في تلبية احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية من القوى العاملة المؤهلة والمدربة بشكل خاص.
وأكد الشوا على الدور الذي يؤديه قطاع التعليم المهني في تلبية احتياجات سوق العمل المحلي، على الرغم مما يواجه هذا القطاع من تحديات ومشكلات حالت دون تطويره ، وأعاقت دوره، ما يتطلب بذل مزيد من الجهود للعمل على تطويره ودعمه بالوسائل اللازمة.
بدوره، قال مدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية د. أسامة عنتر إن "الشراكة مع شبكة المنظمات الأهلية هذا العام تحاكي وضع مجموعة من المؤشرات لمستقبل أفضل لقطاع غزة."
وأكد عنتر على أهمية تسليط الضوء على دور التعليم والتدريب المهني في تلبية احتياجات السوق المحلي لقطاع غزة، ورصد حالة وتطور التعليم المهني في قطاع غزة، ومناقشة فرص تطوير قطاع التعليم والتدريب المهني والإمكانات المتاحة في قطاع غزة.
وأشار حلس في ورقته إلى الظروف السياسية والاقتصادية التي مر بها قطاع غزة خلال العقدين الماضيين والتي ساهمت أيضًا في تزايد معدلات البطالة أدت إلى تدني القدرة الاستيعابية لسوق العمل المحلي في قطاع غزة، ومحدودية حجم هذا السوق، بالإضافة إلى تأثر قطاع غزة تأثرًا شديدًا بالحصار والحروب المدمرة التي شنتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، والتي من خلالها بات يعيش المواطنون في قطاع غزة أوضاعًا اقتصادية صعبة ومأساوية، إضافة إلى استمرار حالة الانقسام الفلسطيني التي حالت دون تنفيذ الخطط والبرامج التنموية التي أعدتها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة للتخفيف من الفقر والبطالة.
ولفت إلى أهمية قطاع التعليم والتدريب المهني وأهمية الدور الذي سيؤديه في توفير مخرجات بشرية تمتلك المهارات التي تمكن صاحبها من إحداث تغيير إيجابي تجاه تلبية متطلبات واحتياجات سوق العمل المحلي من الكوادر البشرية المدربة مهنيًا وعلميًا سواء كان داخليًا أو خارجيًا، بما يُسهم في تطوير المجتمع من أجل تحقيق التنمية المستدامة لخدمة الأجيال القادمة..
وأوضح حلس أهم التحديات التي تواجه التعليم والتدريب المهني ضمن سوق العمل المحلي في قطاع غزة كالنظرة المجتمعية السلبية لهذا القطاع، والثقافة السائدة بتفضيل التعليم الأكاديمي على المهني، وعدم كفاية المباني والورش والمختبرات في المراكز التدريبية مما يؤثر على طاقتها الاستيعابية، بالإضافة إلى محدودية السوق المحلي وقلة فرص وخدمات التشغيل، وظروف وعلاقات العمل التي لا ترتقي للمعايير المقبولة للعمل اللائق، والفجوة بين طرفي العرض والطلب في سوق العمل المحلي تتمثل في نقص العمال المهرة والمؤهلين ونقص بعض التخصصات المهنية المطلوبة في سوق العمل المحلي كالصناعات الحرفية.
وأكد على ضرورة إشراك القطاع الخاص في إعداد البرامج التدريبية وفق احتياجات القطاع الخاص في سوق العمل المحلي، وتعزيز ثقة المجتمع بالتعليم والتدريب المهني وتغيير النظرة السلبية نحوه وتغيير الثقافة السائدة لدى المجتمع بتفضيل التعليم الأكاديمي عن المهني.
وطالبوا بضرورة تشكيل لجنة متخصصة لتحديث ومراجعة المناهج بحيث تتوافق مع الأهداف العامة للتعليم والتدريب المهني وتتناسب مع قدرات وإمكانيات الطلاب الملتحقين في هذه البرامج. بالإضافة لمراجعة وتطوير المناهج بما يتلاءم مع مستجدات سوق العمل المحلي.
ودعا حلس إلى ضرورة إعداد منشورات تثقيفية تبرز أهمية التعليم والتدريب المهني والدور الذي يؤديه في تلبية احتياجات سوق العمل المحلي،
وقدم المشاركون في الورشة العديد من الملاحظات والتوصيات من أجل تطوير قطاع التعليم المهني وربطه بالتعليم الأساسي والجامعي وتعزيز المنهاج الفلسطيني بما يتضمن تشجيع الطلاب على الانخراط في التعليم المهني وتطوير منظومة التعليم بما في ذلك المعلمين بما يتوافق مع التطورات العالمية في المجال ودعوة الأطراف المختلفة بمن فيهم الممولين إلى تعزيز فرص التعليم المهني في قطاع غزة.
وأكدوا على ضرورة إعداد خطة لتطوير البنية الفيزيائية (مباني ومعدات وأدوات ومواد خام) للمؤسسات التعليمية والمراكز التدريبية للوصول لمعايير البيئة التعليمية والتدريبية المعمول بها دوليًا.
وطالبوا بتعزيز العلاقة والمواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب المهني لتلبية احتياجات سوق العمل المحلي والقطاع الخاص من الناحيتين الكمية والنوعية، ضمن فرص العمل المتوفرة، وبما يتوافق مع احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.