بيت لحم - معا- تقرير حياة حمدان- تتوالى وتتواصل ردود الفعل المحلية فلسطينيا وإسرائيليا حول نشر حركة حماس لفيديو يظهر تدهورا صحيا طرأ مؤخرا على حالة الأسير العربي الإسرائيلي لديها هشام السيد والذي دخل غزة قبل 8 أعوام وتم احتجازه في حينها.
من جهة أثار الفيديو ضجة إعلامية واسعة في المجتمع الإسرائيلي، والتي عبر عنها رواد مواقع التواصل الاجتماعي من فئة السود الإثيوبيين يضغطون فيها على الحكومة الإسرائيلية بالعمل على استرجاع الأسرى الموجودين في غزة، وخاصة السود منهم الذين وضعوا في حالة مقارنة بينهم وبين اليهود والتفرقة العنصرية التي تظهر في المجتمع الإسرائيلي حول أصول أفراده إن كانوا عربا أو دروزا أو يهودا أو أثيوبيين، كما وأثيرت تساؤلات حول التشكيك في احتمالية أن تسعى إسرائيل لعقد صفقة من أجل إسرائيلي من أصول عربية.
ومن جهة أخرى أعاد الفيديو الأمل لأهالي الأسرى الفلسطينيين بأن صفقة تبادل الأسرى ربما ستكون قريبة ولكن هناك بعض التخوفات من عدم جدية إسرائيل بالنظر في القضية.
في هذا التقرير سنناقش تحليلا سياسيا حول غاية حركة حماس من نشر الفيديو في هذا التوقيت تحديدا، وسنقابل عائلة أحد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال وردة فعلها بعد مشاهدة الفيديو ومتابعة الرأي العام حول ذلك.
"خبير في الشأن الاسرائيلي": إذا كان الفيديو هو سقف القضية فلن تكون هناك صفقة تبادل قريبة
السؤال الذي تكرر بين أفراد المجتمع الفلسطيني بعد مشاهدة فيديو الأسير السيد، كان "هل نحن على موعد قريب لصفقة تبادل؟"، وهو السؤال ذاته الذي يجيب عليه الخبير في الشأن الاسرائيلي عادل شديد قائلاً: "في تحليلي الشخصي إذا كان الفيديو هو سقف الموضوع بالتالي لن تكون الأمور جدية ولن نكون على موعد مع صفقة تبادل، لكن اعتقد أن حماس أصبحت تمتلك الخبرات وطليعة تماما في موضوع الأسرى وكيفية التفاوض حولهم، وبالتالي اعتقد أنه سيكون هناك الكثير من التطورات سواء حول هشام السيد، ما الذي كان يقوم به في غزة خاصه أنه دخل مرتين قبل هذه المرة، ثم الجنود الآخرين اليهود إن كان واحد منهم أو الاثنان على قيد الحياة، حينها تقدير الأمور سيختلف جذريا وبالتأكيد سنكون على موعد مع صفقة إن لم تكن شبيهة بصفقة شاليط بالتأكيد ستكون أكثر بكثير".
وفي الحديث عن توقيت نشر الفيديو، تابع المحلل عادل: "بالتأكيد طرح الموضوع قبيل حل الكنيست والاتفاق على موعد انتخابات يؤكد أن هناك رسالة مفادها أنه من الممكن في ذروة الحملة الانتخابية أن تقوم حماس بنشر تفاصيل جديدة من شأنها أن تحرج وتزعج القوائم الانتخابية، وبالتالي يأتي التوقيت في هذا السياق، ثم إعادة طرح موضوع الأسرى بشكل قوي بعد أن شبه أُسقط من النقاش المجتمعي والسياسي والحكومي الإسرائيلي وقد يكون للتوقيت علاقة بمفاوضات سرية تجري بين حركة حماس وإسرائيل من خلال المصريين والألمانيين"
أما حول التشكيك بجدية النظر بالقضية من قبل حكومة إسرائيل، لأن التدهور الصحي طرأ على أحد الأسرى العرب الإسرائيليين لدى حماس وليس لجندي يهودي إسرائيلي، فعلق عادل: "بالتأكيد لن تكون هناك ردود فعل جدية من إسرائيل مجتمعا وحكومة وسياسيات لأنه ليس يهوديا، بمعنى أن الجندي البدوي والإثيوبي ليس بالمكانة التي يتحلى بها جندي يهودي آخر ولكن هل هو جندي؟. من الممكن أن يكون جنديا وهذه فرضية موجودة واعتقد أن حماس مستقبلا ستظهر ما لديها من أوراق إثبات أنه جندي وحينها ستكون الأمور مختلفة. إذ ستحرج الجيش الإسرائيلي أمام مجتمعه وذاته والبدو والدروز وستضع موضوع التجنيد للعرب والدروز في الجيش الإسرائيلي في محط نقاش جديد قد لا يكون منسجما مع المصلحة الإسرائيلية والصهيونية".
وحسب المحلل السياسي عادل شديد فإن الرأي العام الفلسطيني والنقاش الفلسطيني حول الفيديو كان مرتبطاً بالتشكيلة والتركيبة الحزبية الفلسطينية، إذ أن مؤيدي حماس يعتبرون الفيديو إنجازا كبيرا وانتصارا، وورقة مهمة للمقاومة لاستخدامها مستقبلا لتحرير الأسرى وبالمقابل خصوم حماس ممكن أن يقللوا من أهمية الفيديو ومعانيه.
أما بخصوص موضوع الأسرى المرضى الفلسطينيين، قال عادل: "بالتأكيد إسرائيل لا تبالي بل بالعكس فأصل الأسر والاعتقالات في العقيدة العقلية والنظرية الصهيونية تم إعداده وتنفيذه لغرض قتل الإنسان الفلسطيني وتحطيمه ليس فقط صحيا وجسديا إنما وطنيا وثقافيا ومعنويا وتربويا وتفريغه وإعدامه بشكل بطيء، بالتالي لا يمكن أن تتعاطى إسرائيل بشكل جدي تجاه الأسرى المرضى الفلسطينيين".
واختتم المحلل السياسي عادل شديد حديثه بالقول: "اعتقد أن هذا الفيديو أعاد طرح موضوع الأسرى المرضى وكبار السن وهذا ما كشف عنه بعد ساعات من نشر حماس للفيديو، وإعادة تداوله ونشره بالأكثر من قبل السود الإسرائيليين حيث كان مطروحا إطلاق سراح مئات الأسرى من المرضى النساء والشيوخ والأطفال مقابل إطلاق سراح هشام السيد لكن الموضوع تعطل وتعثر بسبب عدم القدرة للتوصل على اتفاق يشكل أرضية مقبولة للطرفين".
عائلة الأسير الخطيب: "نأمل أن يكون الفيديو عاملا مسرعا في صفقة التبادل"
وحسب بيان صدر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين مؤخرا، فقد بلغ عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي 500 أسير وأسيرة منهم حوالي 50 حالة صعبة وخطيرة بحاجة إلى علاج فوري خاصة حالات مرضى السرطان والكلى، لكن سلطات الاحتلال تتعمد إهمالهم طبيا.
ومن بين هؤلاء الأسرى المرضى، الأسير المريض محمد أحمد الخطيب 51 عاما، وهو أب لأربعة أبناء، من قرية دار صلاح شرق بيت لحم، ويعاني من شلل نصفي بسبب حقنة بدواء غير معروف أعطي له من أطباء السجون أثناء تعرضه لأنفلونزا، ولكن بعد حقنه لم يعد قادرا على السير وما زال علاجه مقتصرا على الأدوية المسكنة.
وللحديث عن ردود فعل عائلة الأسير الخطيب بعد مشاهدة فيديو الأسير الإسرائيلي هشام السيد، قالت زوجة الأسير الخطيب، الأخت جواهر: "زوجي محمد محكوم بالمؤبد مدى الحياة وعشرين عاما قضى منها 15 عاما، هناك استهتار واضح من قبل حكومة الاحتلال بصحة وحياة أسرانا البواسل، الأمر الذي يدل على أنها سلطات عنصرية، والدليل على ذلك عدم تقديم العلاج المناسب للأسير زوجي وغيره من الأسرى سوى المسكنات، وما زال زوجي يعاني من مضاعفات مرضية. وبالنسبة لاحتجاج وغضب الإسرائيليين على الفيديو المنشور من قبل حماس عن الأسير الإسرائيلي المحتجز لديهم فهذا يمثل ازدواجية في المعايير، حيث إنهم يطالبون بالإفراج عن جنودهم وفي نفس الوقت يرفضون الإفراج عن المرضى والأطفال والنساء من أسرانا البواسل، وفي النهاية نأمل أن تتم صفقة التبادل في أسرع وقت؛ حتى يعود أسرانا إلى أهاليهم، ونرجو أن يكون هذا الفيديو عاملا مسرعا في عملية التبادل إن شاء الله".