الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

شيرين تنتحر؟!

نشر بتاريخ: 06/07/2022 ( آخر تحديث: 06/07/2022 الساعة: 23:07 )
شيرين تنتحر؟!

بقلم: د. صبري صيدم

مهزلة جديدة فجرها البيان الصادر عن الولايات المتحدة الأمريكية بعد إتمامها لفحص الطلقة التي أودت بحياة أيقونة الإعلام شيرين أبو عاقلة، إذ جاء هذا البيان متساوقاً مع البيان الأول الصادر عن جيش الاحتلال فور اغتيال شيرين، الذي أفاد بصعوبة تحديد الجهة التي قتلت أبو عاقلة.

هوان الإدارة الأمريكية وانبطاحها التام أمام دولة الاحتلال، دفعها إلى لي ذراع الحقائق وتشويه المشهد والتواطؤ التام مع حكومة تل أبيب، تحقيقاً لرغبة الأخيرة في طي صفحة الجريمة وغسل أيديها تماماً من المسؤولية عن حادثة الاغتيال، بل الذهاب بقوة نحو تبرئة الاحتلال من تهمة محققة واغتيال لا نقاش فيه.

المفارقة في الأمر هي الإصرار على القفز نحو حادثة القتل، من دون الإشارة إلى السؤال الأهم: هل الإدانة لمن يعيش في المكان؟ أم لمن جاء مدججاً مدرعاً باحثاً عن الموت والاعتقال؟ المسؤول هو من يمكث في بيته آمناً؟ أم من تسبب بالمعركة ونثر القتل والدمار؟ وقاد تفاصيلها وأشعل نارها.

إن وجود جيش الاحتلال في مسرح الجريمة هو الذي أسس لها لا محالة؟ فهو لم يوجد هناك لنزهة أو للترويح عن النفس، وإنما للقتل عن سبق إصرار وترصد، فهل نحاكم الأسباب أم نحاكم النتائج؟

هزلية الموقف وكم الاستسلام الأمريكي لرؤية تل أبيب، باتت جاهزة للزعم بأن شيرين ربما تكون قد انتحرت! نعم، إلى هذه الدرجة من الهوان تستعد أمريكا أن تذهب، دونما خجل أو وجل نحو طرح أكذوبة الانتحار.

البيان الأمريكي غسل أيدي إسرائيل من دم شيرين، لا محالة أشعرنا وساهم في شرعنة الكذب، بمعنى أن أمريكا جاهزة لفعل أي شيء من أجل إسرائيل، حتى على حساب رعاياها وحياتهم وكرامتهم وكرامة أهليهم المكلومين، وهو ما يتناقض والدستور الأمريكي وحقوق المواطنة.

إن المساهمة الرئيسية للتقرير بالنسبة للفلسطينيين، هي في تولد القناعة المحتملة بتوسيع خصومة فلسطين في التقاضي من الاحتلال، لتشمل الرئيس الأمريكي أيضاً لكونه بارك هذا البيان وما قدمه من تضليل ومواربة لا ينتهيان.

بايدن الذي لطالما قال بأنه ليس ترامب، وقلنا بأنه بالنسبة لكثير من الفلسطينيين إنما هو الجيل الثاني من ترامب، سبق أن اتخذ خطوات معاكسة لمجرى وعوده وتوقعاته، إذ سبق أن أكد نيته رفع منظمة التحرير الفلسطينية عن قائمة الإرهاب، ليستفيق في اليوم التالي ويرفع عصابات صهيونية عنصرية عن قائمة الإرهاب المزعومة، وقبل تسلمه للطلقة التي قتلت شيرين، ألمح إلى قناعته بأن الاغتيال قد تم على يد إسرائيل، حسب بعض المقربين، وأنه أراد تثبيت ذلك، ليعود وتقدم إدارته البيان المشؤوم. هذه التصرفات ومجمل الإخفاقات جميعها إنما تؤكد للفلسطيني، ومن يتعاطف معه بأن بايدن إنما هو ترامب ببدلة بايدن. فتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي وهدم البيوت واغتيال الناشطين، واستباحة الأماكن المقدسة، والقائمة تطول من المصائب، إنما تؤكد أن صفقة القرن قيد التطبيق دونما إبطاء.

وعليه فإن بايدن الذي ادعت مندوبته باربرا ليف، خلال زيارتها الأخيرة لفلسطين، بأنه حريص على تهدئة الأمور قبيل زيارته، إنما زاد من نقمة الفلسطينيين وألهب نارهم وأجج مشاعرهم، ووجه لهم إهانة كبرى، وهو ما يعني بأن الإدارة الأمريكية، ربما لم ولن تحظ بثقتهم أبداً، وعليه فقد قتل بايدن بايدن.. أي أن يداه أفسدت المشهد الذي أراد هندسته بذاته.

اليوم ماتت العدالة من جديد بفعل إرادة إدارة ترامب، عفواً بايدن… التي قتلت اليوم الشعب الفلسطيني بأكمله، بتماهيها مع جرائم الاحتلال وتنازلها عن حق أحد رعاياها والمشاركة الواضحة في تضليل الحقيقة.. حقيقة لن تسقط بالتقادم لا اليوم ولا غدا ولا في أي زمان او مكان!

[email protected]