بيت لحم - معا- بحضور كبير قدِم مساء أمس من بلدات عربيّة متعددة إلى مدينة شفاعمرو لمشاهدة العرض الثاني للفيلم الوثائقيّ "جسر العودة" للمخرج عصام بلان، ومن إنتاج جمعيّة كيان – تنظيم نسويّ. يحكي الفيلم قصة مدينتين عريقتين، صفد شمال فلسطين التاريخية، وبئر السبع في جنوبها، وينقل عبرهما قصة نكبة كل المدن والقرى الفلسطينيّة من خلال سرد قصص شخصيّة على لسان المهجّرين والمهجرات من الأجيال التي عايشت النكبة، وصارت اليوم شاهدة على الجرائم وعلى تاريخ يُنقَل للأجيال الشابة.
وأقيم العرض في قاعة بيت سلمى في شفاعمرو وسط تفاعل كبير من الجمهور الذي عبّر عن تأثّره الشديد بالمشاهد المعروضة في الفيلم. ونُظّمت بعد العرض حواريّة بعنوان "يريدونها غائبة وهي حاضرة في وجدان أجيالها"، أدارتها الكاتبة والناشطة إيمان بكر- حمدان، وشارك فيها كل من المؤرّخ د. جوني منصور، والباحثة د. ميسون ارشيد والمخرج عصام بلّان. ووجّهت بكر- حمدان تحيّة لجمعيّة كيان قائلة إنها "الكيان المتين، الذي لم تتأبطه المؤسسة تحت جناحيها، ولا الأحزاب بكل تحفّظاتها وممنوعها ومسموحها ... وتقوم ناشطات وناشطو كيان بعمل استثنائيّ يضيئ ما عتم وغاب عن وعي الجيل الجديد، من قضاياه الوطنيّة والمجتمعيّة ومن ضمنها الجندريّة، وكلها قضايا لا تنفصل الواحدة عن الأخرى."
وشدّدت المشاركات والمشاركين في الحوار على ضرورة حضور صوت النساء الذّي غُيّب لسنوات طويلة، إذ إن تهميشهن شبيه إلى حد كبير بتهميش الشعب الفلسطينيّ عامة في هذه البلاد. وتم التشديد على أهميّة تسليط الضوء على روايات النساء ودورهنّ في المسار التاريخيّ للشعب الفلسطيني، وأهميّة إبراز دورهن في النضال. وتحدّث المشاركون والمشاركات أيضًا على كون الفيلم جزءًا من الجهود الفلسطينية في كتابة الرواية "بأقلام فلسطينيّة" وليس بأقلام الآخر.
أهديَ فيلم "جسر العودة" إلى روح السيّدة آمنة حليحل، التي شاركت فيه ولكنها توفيّت قبل عرضه الأول. وكانت حليحل قد هُجِّرَت من قدّيتا قضاء صفد في سن السابعة والعشرين، ثم عاشت بقيّة سنوات عمرها في مدينة شفاعمرو. ومع نهاية العرض، كرّمت جمعيّة كيان الشخصيات المشارِكة في الفيلم على إسهامها الكبير في خروجه إلى النور، وحضر منهم/ن بالأمس، السيد سعيد الصفدي، د. جوني منصور، والسيّدة ابتسام حليحل، والسيدة آية سرية.
إن فيلم "جسر العودة"، وهو نتاج لمشروع "أجيال تتوارث الذاكرة والعهد"، يشكّل جسرًا ما بين الجيل الذي عايش النكبة والتهجير، والأجيال اللاحقة التي حفظت الذاكرة ونشطت من أجل إحيائها وإبقاء شعلتها متّقدة حتى تحقيق العودة، مع التركيز على قصص النساء ودورهن. وستستمر جمعيّة كيان في عرض الفيلم في بلدات عربيّة مختلفة خلال الشهور القادمة. الفيلم أنتج بدعم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصاديّ والاجتماعيّ، وبإشراف مؤسسة التعاون.