معا- نابلس- شهد معالي- ينعكس بطء الإجراءات في التحويلات الطبية، سلباً على صحة الأطفال المصابين بأمراض الأورام السرطانية في قطاع غزة، إذْ يتسبب بتدهور صحتهم وحصول مضاعفات لديهم، مع عدم توافر العلاج اللازم لهم في القطاع، وازداد الأمر سوءا مع أزمة "كورونا".
رفض التحويلة
(ن.أ)، والدة الطفلة المريضة (س.ع)، من غزة، أبلغت من قبل الطاقم الطبي، برفض وزارة الصحة منح ابنتها التحويلة الطبية التي تنتظرها منذ تسعة أشهر تقريباً.
وتقول (ن.أ)، والدموع لا تفارق عينيها: "لا يوجد لابنتي علاج في غزة ولا أدري لماذا رفضوا اعطاءها التحويلة، ليس من المعقول أن يتركوها هكذا دون علاج".
وأضافت: "كيف نلوم (إسرائيل) إذا كانت الضفة بكل مستشفياتها ترفض استقبال ابنتي بحجة "كورونا" والمرض ينتشر في جسمها، حيث تحتاج لزراعة نخاع وتحتاج لعلاج كيماوي قبله".
وبينت (ن.أ)، أنه لا يوجد ما يمكن أن يُقدم لابنتها في غزة، حيث إنها تمكث أيام عدة في المستشفى وتعود للمنزل يومين أو ثلاثة وهكذا، وقالت: "اتصلت دائرة العلاج بالخارج وأخبرتني أن تحويلتها المقدمة لها منذ شهر ونصف على أنها طارئة رُفضت".
وقالت: "البنت ستموت بين يدَي يجب، أن يكون هناك حل، وأن يشعر القائمون على التحويلات بمعاناتنا، وإذا كانوا لا يريدون منحنا تحويلات فليوفروا لنا العلاج في غزة، أما أن يقتلوا أطفالنا بحجة (وقف التنسيق) فهذا غير معقول، المفترض أن يكون الأطفال خارج أي حسابات سياسية".
وتابعت (ن.أ): "المفترض أن ابنتي أنهت العلاج الكيماوي منذ مدة، لكننا ننتظر منذ شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، دون أن تلوح أي بارقة أمل، وحالتها الصحية تسوء يوماً بعد يوم حيث لا تُعطى هنا سوى المضاد الحيوي ووحدات دم دون أن يتم إيقاف المرض".
وأشارت إلى أن هناك حالات كثيرة مِمَّنْ تقبع في المستشفى وقد تسبب تعطيل التحويلات بتدهور صحتها أو المرض انتشر واستشرى في جسدها لعدم تمكنها من إتمام العلاج بعد الشفاء، المرحلي.
وتساءلت: ما هو ذنب الأطفال؟ هذه حالات طارئة، جداً أليس في قلوبهم رحمة؟ البشر ليسوا حقل تجارب، نريد حلاً جذريا.
أما والدة الطفلة (ج.ش) (5 أعوام) فبينت أنها تخشى السفر للضفة في هذه الظروف الصحية بسبب "كورونا" ولأن تكلفة الذهاب إلى هناك مرتفعة، مبينة أن ابنتها تحتاج لعملية جراحية لكن الصحة بالضفة لا تمنحها تحويلة للعملية، وتريد منها أن تمكث هناك فترة للعلاج فإذا لم تكن هناك فائدة يتم تحويلها للعملية.
وقالت: "لقد عاود المرض مهاجمة جسد ابنتي، ولكن هذه المرة يتوافر جانب من العلاج في غزة وأرجو أن يتم توفيره بالكامل هنا ليوفر علينا الوقت والجهد وعناء الطريق والتأخير في التحويلات".
لا يجوز التأخير:
أكد مشرف التمريض بأقسام الأورام بمستشفى عبد العزيز الرنتيسي، سيد المصري، أن التأخير في منح بعض التحويلات لمرضى الأورام بسبب أزمة "كورونا" ووقف التنسيق مع الجانب الإسرائيلي يؤثر سلباً على تلك الحالات خاصة كبار السن والأطفال ممن يحتاجون للعلاج الإشعاعي والتشخيص بالنظائر المشعة التي لا توجد في غزة.
وقال: "الحالات التي تحتاج للإشعاع تُعد طارئة ولا يجوز تأخيرها لأي سبب كان خاصة المصابين بأمراض اللوكيميا وبعض الحالات التي يجب أن تُحول خلال أربع وعشرين ساعة وإلا تفاقمت حالتها الصحية".
وأضاف: "تعاقد الصحة برام الله مع مستشفى خاص بغزة خفف من وطأة الحاجة للتحويلات لكن تبقى هناك حالات من مرضى السرطان لا يوجد لها علاج هنا، وأي تأجيل في علاجها ينقل المرض من مرحلة لمرحلة أسوأ وتحدث لها مضاعفات وعواقب خطيرة".
وأشار إلى أن طول الفترة الزمنية اللازمة لمنح التحويلة أو التنسيق الأمني للمريض للمرور عبر حاجز بيت جانون "إيريز" ينعكس سلباً على صحة المريض، ما يستدعي تحييد الحالات المرضية عن أي ظروف سياسية كانت.
المطالبة بعودة التحويلات:
(ف.ع) والد طفلة مريضة بالسرطان، والمتحدث باسم أهالي الأطفال مرضى السرطان، طالب بعودة التحويلات الطبية إلى المشافي داخل أراضي عام 1948، بشكل عاجل وفوري، لأنّ حياة المرضى على المحك، وقرار وقف التحويلات هو قتل لجميع مرضى السرطان بدم بارد.
وقال (ف.ع): إن مريض السرطان ملزم باستكمال العلاج حتى يصل الى الشفاء، وتحويلنا إلى مشافي أخرى لتجري تجارب على أطفالنا خطير جدا.
وأشار، إلى أن التحويل إلى مشافي الأردن مكلف جدا، إضافة إلى أنّ حجر 14 يوما خلال أزمة كورونا معاناة مضاعفة لنا وشبه مستحيلة.
وأوضح (ف.ع)، أن اعتصامات أهالي الأطفال المرضى التي بدأت منذ شهر حزيران/ يونيو العام الفائت، مطالبين بإعادة التحويلات الطبية، وحينها تم إعطاؤنا تحويلات طبية خاصة لكل شخص بنفس اليوم، ولكن تفاجأنا قبل أسبوع من تصريح من مدير دائرة شراء الخدمة (التحويلات) هيثم الهدري، أنه تم إيقاف التحويلات الطبية وجاري العمل مع مشافي الأردن لاستقبال المرضى.
وأضاف، وعلى إثر هذا التصريح نظمنا وقفة سلمية أمام مجلس الوزراء، اعترضها 3 حواجز أمنية، ولكن في النهاية وصلنا وقابلنا رئيس الوزراء الذي أكد لنا أنه تم حل الإشكالية، ثم وتوجهنا الى دائرة شراء الخدمات وكان هناك مماطلة ولعب بالوقت.
وأردف، بأن الهدري أبلغهم أن كل حالة مرضية سوف تُدرس على حدة، وعليهم التوجه الى أقرب مشفى حكومي لسكنهم وتقديم الأوراق اللازمة وعلى إثرها سيتم دراسة الحالة، ومعنى دراسة الحالة هي التحويل لمشافي الضفة! الأمر غير مقبول بالرغم من أننا مع توطين الخدمة الصحية والانفكاك الاقتصادي ولكن ليس على حساب مرضى السرطان وأرواحهم، فالتاريخ المرضي موجود في مشافيهم بالداخل المحتل، والمريض مشخّص لحالته المرضية معروف تاريخه المرضي والأدوية التي استخدمها ونقلة إلى مشفى آخر يعني الرجوع الى نقطة الصفر، ومريض السرطان لا يستطيع التحمّل.
وأشار إلى أن المماطلة تنهي حياة المرضى، فكل دقيقة وكل ثانية مهمة بالنسبة لهم. موضحاً أن تكاليف علاج 10 مرضى بالداخل قادرة على إنشاء مشفى كامل بكامل تجهيزاته بالضفة.
بعد إعلان الرئيس محمود عباس عن وقف التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، قطعت وزارة الصحة الفلسطينية كافة أشكال التواصل مع الاحتلال فيما يتعلق بالتحويلات الطبية.
وأكد د. هيثم الهدري، مدير التحويلات الطبية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه لحظة إعلان وقف "التنسيق الأمني"، أوقفت وزارة الصحة كل أشكال العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي من ضمنها التحويلات الطبية.
وقال الهدري، إن هناك التزاما كاملا بقرار وقف التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، "ولم نبتعث أي مريض منذ لحظة الإعلان عن وقف التنسيق إلى الداخل المحتل". محملا الاحتلال الإسرائيلي، المسؤولية الكاملة عن حياة الأطفال الفلسطينيين المرضى والمراجعين والمرضى الذين يتلقون علاجاتهم في الداخل المحتل.
وأضاف: لولا جائحة كورونا، لكانت فلسطين قد تمكنت من استحداث عملية زراعة نخاع العظم من متبرعين، ولما احتجنا مستشفيات الداخل، كما أنه كان من المقرر إنهاء العلاقة الطبية مع الاحتلال في شهر 9 المقبل بشكل قطعي بسبب الاحتلال الطبي الذي يمارس علينا.
وفيما يتعلق بإعلان الاحتلال الإسرائيلي عن استحداث آلية بديلة يقدم من خلالها المرضى الفلسطينيون طلبات الخروج للعلاج، اعتبر الهدري، أن "هذه الخطوة مرفوضة من قبل وزارة الصحة الفلسطينية والمرضى كذلك، لأن ما يأتي من خلال منسق حكومة الاحتلال وما يعرف بروابط القرى والتنسيقات الأمنية اللا مشروعة البعيدة عن القنوات الرسمية؛ لن تكون بديلا وما هي إلا محل شبهة. مطالبا المواطنين بعدم التوجه لمثل هذه الإجراءات لأنها تستخدم للإسقاط وليس للتنسيق، وللضغط على السلطة الفلسطينية، ومن يتساوق معهم يضع نفسه محل شبهة".
وأوضح، أن الاحتلال الإسرائيلي يقوم شهريا بخصم فاتورة مستشفياته من المقاصة الفلسطينية دون تدقيق من قبل السلطة الفلسطينية بسبب عدم إرسال الفواتير لها على الرغم من مطالبات وزارة الصحة الفلسطينية المتواصلة بذلك، والتي تقابل في كل مرة إما بالمماطلة أو بالتجاهل.
وشدد مدير التحويلات في وزارة الصحة الفلسطينية، على أن 95% من الحالات التي كانت تحول للعلاج في الداخل المحتل أصبحت تتلقى علاجها في المستشفيات الوطنية بعد البدء بتوطين الخدمات الطبية قبل نحو أربع سنوات، وابتعاث أخصائيين في مجالات كانت تحتاجها المستشفيات الفلسطينية ولم تكن موجودة. وهو ما أدى في الوقت ذاته إلى تقليل فاتورة التحويلات الطبية إلى الداخل المحتل من 38 مليون شيقل شهريا إلى 6 مليون شهريا، في ظل استغلال الاحتلال الإسرائيلي المرضى الفلسطينيين كحقل تجارب للأدوية وكرقم يضاف على الفاتورة.
وبحسب د. الهدري، فإن 5% فقط من المرضى الذين يتلقون علاجا في الداخل المحتل، يحتاجون إلى زراعة نخاع من متبرع وهي الخدمة غير المتوفرة في المستشفيات الوطنية، "ولكن على قدم وساق، نعمل بدعم من الرئيس على استحداثها لحين اكتمال مشروع مستشفى خالد الحسن".
وبخصوص المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج خلال وقف التنسيق الأمني قال: نحن لم نطالب أي مريض بالخروج من المستشفيات الإسرائيلية، ولم نراسل الإسرائيليين كذلك من أجل إدخال مرضى مهما كانت حالتهم، ولدينا وثيقة رسمية من مدراء مستشفى هداسا تفيد بأن المرضى الفلسطينيين المتواجدين لديهم سيتعالجون بحسب القانون الإسرائيلي، ولكن على حساب السلطة لتخصم لاحقا من أموال المقاصة.
وشدد، على أن وزارته لن تستجيب للمضايقات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، في إرساله للمرضى إلى وزارة الصحة من أجل الحصول على تحويلة طبية وتجديد التحويلات والموافقات، للحصول على أوراق تدل على أن السلطة لم توقف التنسيق الأمني، "ولكن نحن لم نصدر ولا كلمة واحدة للإسرائيليين بعد قرار الوقف".