نابلس- معا- وداد عورتاني- ألقت جائحة كورونا بظلال قاتمة على حياة البشر، في كل المجالات والميادين، وساهمت في تغيير الكثير من طرائق الحياة والعمل، بما في ذلك التعليم، الذي تعرض لتحول كبير في أساليب التدريس، التي انتقلت من التعليم الوجاهي القائم على الحضور الشخصي بين المعلم والتلميذ إلى التعليم عن بعد، باستخدام برامج التواصل عبر الانترنت، الأمر الذي شكل تحدياً كبيراً واجهته المسيرة التعليمية، بين من رأى في هذه الطريقة حلاً منطقياً ومادياً لظروف فرضت قسراً على الجميع، وبين من رأى في هذه الطريقة ضياعا لقيمة التعليم وهدراً للطاقات التي لم تستطع أن تعطي مخرجات ذات جدوى بسبب تحديات عديدة، سنحاول التعرف عليها من خلال تحقيقنا التالي.
وبعد إعلان حالة الطوارئ في فلسطين بتاريخ 5/3/2020، وأُغلاق كافة المدارس أبوابها، وجدت التربية والتعليم نفسها مضطرة للانتقال كليًا إلى نظام التعليم الإلكتروني، وذلك من خلال تطوير منصات إلكترونية، تضمنت شروحات مصورة، واختبارات إلكترونية، ومناهج دراسية، وصفوفا افتراضية.
ومن خلال الوقوف على تجارب وآراء الطلبة وذويهم، ظهر تباين واضح في وجهات النظر، تبعا لظروف كل أسرة من قدرة على توفير مسلتزمات التعليم الإلكتروني لأبنائهم، أو وعي الطلبة في التعامل بجدية مع نظام التعلم عن بعد، وصولاً إلى مسؤولية الأهل في إلزام أبنائهم بمتابعة الدروس الإلكترونية ومعرفتهم في إدارة برامج التواصل الاجتماعي المستخدمة في هذا النوع من التعليم.
والد الطفلة "ر.ا" من البلدة القديمة في نابلس، يقول: "في البداية واجه الطلبة صعوبات أثناء التعليم الإلكتروني، الذي كان بمثابة نقلة نوعية جديدة للطلبة وخصوصاً فئة الأطفال، ولكنها كانت وسيلة مجدية وطريقة صحيحة لاستمرار العملية التعليمية في ظل "جائحة كورونا" التي فرضت علينا التعامل مع آثارها، والبحث عن أفضل الطرق لاستمرار التعليم وهو أن تلجأ وزارة التربية والتعليم إلى التعليم الإلكتروني".
ويرى الوالد، أن التعليم الإلكتروني كان سلاحا ذو حدين، وكانت له نتائج إيجابية وأيضاً سلبية، فالنتائج الإيجابية تمثلت في إتاحة الفرصة للأهالي من أجل الاطلاع على كيفية سير العلمية التعليمية بين المعلم والطالب وكيفية قيام الطالب بتلقي التعليم، كما كان له دور في تقوية العلاقة بين الأبناء وأهاليهم، فهو مكنهم من قضاء وقت أطول مع أبنائهم ومساعدتهم في حل واجباتهم، بالإضافة إلى مشاهدة كيفية شرح المعلم للحصص الصفية وتوصيل المعلومة للطلبة وخصوصاً الطلبة أصحاب الفئات العمرية الصغيرة، فهم بحاجة إلى معاملة خاصة نوعاً ما، في كيفية استخدام الوسائل التعليمية الإلكترونية والتي من الممكن أن يواجهون صعوبة في تلقيها أو التعامل معها.
وتختلف قدرة كل أسرة على توفير مستلزمات التعليم الالكتروني لأبنائها،
يقول الوالد "حاولت أن أوفر كامل الاحتياجات والخدمات اللازمة التي يحتاجها أبنائي لتلقيهم التعليم، فكانت أهمية شبكة الإنترنت بالنسبة لنا كالغذاء داخل المنزل، وكنت حريصا جداً على متابعة أبنائي لتلقي التعليم عن بعد".
يشير والد الطفلة، إلى أنه كان يتوفر لديه جهازي هاتف ذكيين فقط في المنزل، ولكن عندما دعت الحاجة إلى أجهزة هواتف ذكية أخرى من شأنها أن تسهل التعلم عن بعد، فقد قام بشراء هاتف ذكي آخر لأبنائه، من أجل تسهيل تلقيهم التعليم الإلكتروني.
ويستكمل حديثه فيقول: "بالنسبة إلى توزيع الحصص الإلكترونية ومواعيدها كانت موزعة بشكل مناسب ولم نواجه أية صعوبات".
وعن رأيه في السلبيات التي ترتبت على التعليم الالكتروني، فيقول: السلبية التي كنت أراها في التعليم الإلكتروني هو عندما قامت وزارة التربية والتعليم بتحويل التعليم إلكترونيا بدلا من الوجاهي لم نتلق أية تعليمات بخصوص استخدام تلك البرامج "الزوم" أو "التيمز"، وهنا كانت تكمن المشكلة بالبداية، ولكن تلافيناها بعد مساعدة المعلمين لنا، وتعاونهم في الإستجابة لإستفساراتنا وتساؤلاتنا، وكيفية استخدام تلك البرامج، بالإضافة إلى أن نسبة التحصيل العلمي لدى أبنائي كانت أقل مما عليه في التعليم الوجاهي، وذلك بسبب صعوبة التعامل مع البرامج الإلكترونية في البداية وكيفية تعامل الأهالي والطلبة معها وكيفية تنظيم وبرمجة عقول أبنائنا لتلقي التعليم إلكترونياً وداخل المنزل لجيل اعتاد أن يتلقى التعليم خارج جدارن المنزل، وفي صفوف مغلقة وأمام مراقبة المعلم له.
ويأمل الطفلة أنه في حال العودة إلى التعليم الإلكتروني بأن تكثف وزارة التربية والتعليم جهودها لعمل برامج توعية وإرشاد للطلبة وأهاليهم لأهمية التعليم الإلكتروني واستمراره وكيفية استخدام البرامج المستخدمة في التعليم ومتابعة استخدام الأبناء لها إلى حين زوال تلك الجائحة.
من جانبها السيدة "ا.ي"، التي تسكن حارة القريون في البلدة القديمة بنابلس، تقول: "كنت أتابع ابني أثناء تلقي التعليم الالكتروني، وأقوم بتوفير الأجهزة الذكية والانترنت له، ولكن في بعض الأحيان كانت تنفد وحدات الانترنت لعدم قدرتي المادية على عمل اشتراك شهري بالإنترنت، مما كان يحرم ابني من تلقي بعض الحصص، وهذا أثر على تحصيله العلمي".
ومن أجل تجاوز ما خسره ابنها من معلومات خلال فترة التعليم الالكتروني، تقول الأم اضطررت إلى أن يحصل عز الدين على بعض الدروس الخصوصية كي يستطيع أن يتجاوز ما فاته من دروس أثناء الحصص الالكترونية وحتى يتمكن من الترفع في صفه.
وتتمنى الوالدة، في حال عودة الطلبة للتعليم عن بعد، أن يتم تقليص عدد الطلبة داخل الحصص الالكترونية، وإعطاء الشرح الكافي للدروس دون اختصارها، لأنه في حال تم انتقالهم من صف لآخر سوف يواجهون صعوبات مثلما واجهوا صعوبة هذا العام.
اما ،"ال" شقيقة لطالب "م.ا" في الصف الرابع الأساسي، من سكان حارة الحبلة في نابلس، تقول: التعليم الإلكتروني خلق الكثير من المشاكل والمعاناة سواء أكان للأهالي أم لأبنائهم، وخاصة طلاب المرحلة الأساسية بشكل خاص، فالتعليم الوجاهي يستخدم فيه الطالب جميع حواسه بينما التعليم الإلكتروني يعتمد من خلاله الطالب على استخدام حاستي السمع والبصر دون استخدام الحواس الأخرى، بالإضافة إلى أن الطالب قد يتأثر بالعوامل الخارجية مثل الضجيج والضوضاء التي تحيط به خلال تلقيه الدرس إلكترونيا، والتي سوف تؤثر على تركيزه واستيعابه للتعلم.
وتشير الأخت إلى أن شقيقها الصغير لم يكن يستوعب جميع ما يتم شرحه إلكترونياً، بسبب العدد الكبير للطلبة داخل الحصة والتشتت والتشويش، عدا عن مشكلة التحدث عبر المايكروفون، والتي قام بعض المعلمين بحجبها عن الطلبة، وإتاحة الفرصة فقط لعدد معين من الطلبة للإجابة واختيارهم بناء على مستوياتهم وتحصيلاتهم العلمية، أشعر بحرقة وحسرة على أخي إذا لم أقم بمساعدته ومعاونته، وبالتالي نحن كأهل نرغب بحصول أبنائنا على معدلات وعلامات مرتفعة، حيث إن كثير من الطلبة في ظل جائحة كورونا والتعليم الإلكتروني حصلوا على علامات غير حقيقية، بمساعدة أهاليهم أو رجوعهم للكتب ونقل الإجابات عنها، فالتعليم الإلكتروني فتح مجال أكبر للغش، وتشتت الطلبة، فهناك الكثير من الطلبة وخاصة الأطفال قد يقومون بفتح الحصة الإلكترونية دون الإنصات لها، ويقومون بفتح برامج أخرى مع توهم المدرس أن الطالب قد حضر الحصة، وذلك في ظل غياب الطالب عن عين المعلم.
وتضيف الاخت، أن موعد الحصص كان غير مناسب، ففي بعض الأحيان كانت تعطى الحصص الساعة السادسة أو الثامنة مساء، وهو وقت النوم للطلبة الذين هم في المراحل الأساسية، ومن الممكن أن تشتت ذهنهم وتقلل نسبة التركيز لديهم، وبالتالي يجب أن يكون هناك تنظيم أكثر لأوقات الحصص كي يحظى الطالب بنسبة تركيز أكبر وأيضاً إمكانية حضور الحصة الإلكترونية والتفاعل معها بشكلٍ أكبر.
وتتابع حديثها عن المشاكل التي عانى منها الطلبة وأهاليهم أثناء التعليم الإلكتروني، وهو أن بعض الدروس تم شرحها بشكل مختصر وتجاوزها في بعض الأحيان، وذلك لإنهاء المادة والبدء بعام دراسي جديد، وهذا أدى إلى خلق فجوة في كمية استيعاب الطالب للمادة التي تلقاها أثناء جائحة كورنا إلكترونياً وعند العودة إلى التعليم الوجاهي.
"في حال كان هناك عودة للتعليم الإلكتروني يجب تفعيله بشكل أفضل وتفعيل بعض الواجبات والأنشطة والإمتحانات بشكل مباشر بين المعلم والطالب، وذلك من أجل الحصول على معدلات بمصداقية أكثر وإعتماد الطالب على ذاته وقدراته بشكل أكبر"، هذا ما أوصت به آلاء الخراز المؤسسات الراعية للتعليم في فلسطين.
تشير بعض الإحصائيات لمركز الإحصاء الفلسطيني، إلى أن 37% من الأسر الفلسطينية تملك جهاز حاسوب، كما بينت نتائج المسح الأسري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2019، أن 80% من الأسر لديها خدمة الإنترنت في المنزل، وأن نسبة الأسر التي تمتلك هاتفا نقالا ذكيا واحدا أو أكثر بلغت 86%، بالإضافة إلى أن وصلت نسبة الأفراد من عمر (10 سنوات فأكثر) الذين يمتلكون هاتفًا نقالًا إلى 75%.
في حين بين تقرير إحصائي لوزارة التربية والتعليم العالي أن معدل عدد الطلبة لكل جهاز حاسوب بلغ 24.6 طالب/ة، وترتفع النسبة في مدارس (الأونروا) إلى 37.3 طالب لكل حاسوب، وينخفض المعدل إلى 23 طالبًا لكل حاسوب في المدارس الحكومية، و17.6 طالب/ة في المدارس الخاصة.
أما بخصوص وجهة نظر الطلبة (تراوحت أعمارهم ما بين ثماني سنوات وأحد عشر سنة)، من قضية التعليم الإلكتروني، فقد قالت الطفلة "را (8 سنوات) من سكان البلدة القديمة في نابلس: "التعليم الإلكتروني بالنسبة لي كان ممتعا وكنت أتفاعل مع معلماتي خلال الحصة، وكان توزيع الحصص ومواعيدها مناسب ولم أواجه الكثير من، وكانت عائلتي توفر لي جميع المتطلبات التي أحتاجها لتلقي التعليم الإلكتروني، حتى أن والدي عندما شعر أن الأجهزة الذكية داخل المنزل لم تكف لأداء الغرض، وبالأخص أننا أكثر من طالب في المنزل، قام بشراء هاتف ذكي آخر لإستكمال دراستي، كما أن والدي كان يقوم بمساعدتي في حل بعض الواجبات والأنشطة".
وتشير "ر,ا" إلى بعض الصعوبات التي واجهتها أثناء تلقيها التعليم الإلكتروني، وهي عدم إمكانية إتاحة الفرصة للجميع للمشاركة داخل الحصة، فكانت مشاركتها في الحصص الإلكترونية ضئيلة جداً مقارنةً بالحصص الوجاهية، عدا عن إشراك عدد كبير من الطالبات في الحصة الواحدة، مما أدى إلى خفض مشاركتها، وبالتالي قلت نسبة تحصيلها العلمي.
وتقول "ر.ا": "مكوثنا في المنزل دون مشاهدة الأصدقاء والمعلمات وجهاً لوجه أثناء جائحة كورونا أثر على نفسيتنا وجعلنا ندخل في عالم من العزلة".
الطالب "م.ا" (9 سنوات) يقول: "كنت استمتع بالحصص الالكترونية، وخصوصا أن أهلي يقومون بمساعدتي في حل الوجبات، وأحيانا كنت أقوم بتشغيل الألعاب الإلكترونية وأختي تقوم بحل الواجب لدي، وكان تحصيلي العلمي نوعاً ما جيد، لكنه أقل من التحصيل الوجاهي، وذلك بسبب البعد بيننا وبين المعلم، وأيضاً عدم تلقي المعلومة بشكل واضح كما كان في التعليم الوجاهي داخل الصفوف.
في حين قال الطالب "ع.ي" ابن الصف السادس: "إن عملية التعليم الإلكتروني في ظل جائحة كورونا كانت صعبة، وواجهت في البداية الكثير من العقبات، سواء أكانت من ناحية تلقي المادة الإلكترونية وعدم استيعابها بشكل كامل، أو من ناحية فرصة مشاركة الطالب داخل الحصة الإلكترونية، وذلك بسبب اكتظاظ الطلبة داخل الحصة الإلكترونية وبالتالي تقل فرصة المشاركة للطالب، بالإضافة إلى اعتماد الأساتذة على الطلبة المتفوقين، حيث كان يتم إختيارهم دائماً للمشاركة وعلى حساب الطلبة الذين هم أقل بمستوياتهم العلمية، وبالتالي فإن نتائج تحصيلاتنا العلمية كانت أقل مما هو وجاهياً".
ويشير "ع.ي" إلى مواجهته مشكلة الإنترنت في ظل التعليم الإلكتروني فيقول: "كانت لدينا مشكلة الإنترنت في المنزل فنحن لم نشترك بخط الهاتف وهنا كانت تكمن الصعوبة، وكنا نعتمد على اشتراكنا في وحدات الإنترنت الشهرية، ففي حين كانت تنتهي حزم الإشتراك كنت أتغيب عن بعض الحصص الإلكترونية وعندما يكون هناك نشاط أو إمتحان لدي أواجه بعض الصعوبات".
وزارة التربية والتعليم، التي توجهنا إليها لمعرفة حجم الفاقد العلمي الذي تسببه التعليم الالكتروني لدى الطلبة، قالت إنها لا تتوفر لديها إحصائيات دقيقة حول ذلك، ولا يتوفر مسح شامل خاص بكل مرحلة عمرية سوى إحصائيات إجمالية حول التعليم عن بعد.
وكشفت عملية الانتقال من التعليم الوجاهي إلى التعليم الإلكتروني عن قصور النظام التعليمي وعجزه عن تلبية متطلبات التعليم الإلكتروني، نتيجة لعدم توفر البنية التكنولوجية الملائمة، ونقص التدريب والتأهيل اللازم للمعلمين والطلبة، إضافة إلى الأعباء والتكلفة الباهظة على الطلبة وذويهم، و أظهرت نتائج استطلاع رأي، نفذ خلال شهر شباط/فبراير 2021، أن العوامل التكنولوجية التعليمية والاقتصادية هي الأكثر تأثيرًا على سبل عيش الفلسطينيين، بنسبة استجابة (84.3%، و83.7%) على التوالي، يليها الاحتلال (82.8%)، والعوامل الاجتماعية (82%)، والصحية (79.1%)، والمؤسسية (75%)، و حازت "مشكلات البنية التحتية لقطاعي الكهرباء وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات" على نسبة (86.4%)، في إشارة إلى وطأة المشكلة في ظل القيود التي يفرضها الاحتلال، ويعتقد المستطلَعون أن البنية التحتية الإلكترونية غير قادرة على الاستجابة لمتطلبات الإنتقال إلى التعليم الإلكتروني بشكل كامل، بنسبة بلغت (86.2%).
وفي مقابلة سابقة مع الناطق بإسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور، بين أن الهدف الأساسي من التعليم عن بعد هو تحقق الإبقاء على التماس بين الطلبة والمادة التعليمية، والتواصل بين الطلبة والمعلمين دون أن يكون ذلك بديلاً عن التعليم في الحصص، وأن تقييم الطلبة لن يكون بديلاً عن التعليم الوجاهي، ولن يخضع الطلبة فيه للتقييم حال عودتهم للمدارس.
من ناحيتها، أوضحت وفاء بسطامي مديرة مدرسة عبداللطيف هواش الأساسية للبنات في نابلس، أنه عندما صدر قرار إغلاق المدارس بسبب جائحة كورونا، تم عقد اجتماع من قبل مدير التربية والتعليم لجميع مدراء المدارس، وإعداد خطة علمية ممنهجة لكيفية إعطاء وشرح المواد إلكترونياً، وذلك من خلال الاعتماد على برنامجي "زوم" و"تيمز"، من خلال تنزيل مجموعة من الروابط خاصة بكل صف من صفوف المرحلة الأساسية، لإتاحة الفرصة أمام الطلاب للانضمام إلى الحصة الإلكترونية مباشرة، بالإضافة إلى عرض المهام والأنشطة من خلال صفحة الفيسبوك الخاصة بالمدرسة، حتى يتمكن الطلبة وأهاليهم من التفاعل والقيام بالواجبات والمهام المطلوبة منهم.
وتشير البسطامي إلى أن نسبة استجابة وتفاعل الطالبات مع الحصة الإلكترونية كانت ضئيلة جداً، وذلك لعدة أسباب، من أبرزها: المشاكل في شبكة الإنترنت أو إنقطاعها بشكل كامل أو انقطاع الكهرباء، بالإضافة إلى تدني مستويات التحصيل العلمي لبعض من الأهالي و قلة الوعي لديهم، وأيضاً الأوضاع الاقتصادية السيئة والتي تحول دون إمكانية توفر أجهزة ذكية ومتطورة لمواصلة التعلم عن بعد وكثرة الأخوة في المدارس، والذين أحياناً قد تكون مواعيد حصصهم الإلكترونية في نفس الموعد مما يؤدي إلى متابعة أحدهم للحصة على حساب الآخر، كما أن بعض المعلمين لديهم أبناء في المدارس فقد يكون المعلم يشرح الحصة وابنه ينتظر إنتهائه من الحصة، كي يحصل على الجهاز الذكي لمتابعة حصصه الإلكترونية داخل المنزل الواحد.
وتضيف البسطامي: "سمحت لنا التربية والتعليم بالذهاب للمدارس كمدراء ومعلمين، وذلك من أجل إتاحة الفرصة أمام المعلمين لتقديم الحصص الإلكترونية من داخل المدارس في حال كانوا يواجهون صعوبات أو مشاكل في شبكة الإنترنت داخل منازلهم".
وتقر البسطامي بأنها واجهت مشكلات عديدة في التعليم الالكتروني، "ففي بعض الأوقات واجهنا تشتت في الحصص الإلكترونية وعدم انتظامها، فأرسلت لنا التربية والتعليم برنامج وهو أن الصف الأول حتى الصف الرابع أساسي تكون حصصهم موزعة حتى الساعة الحادية عشر صباحا، وأن مدير المدرسة له الحق في توزيع الحصص بحسب ما يراه مناسبا، وذلك بسبب الضغط في عدد الحصص لدى المعلمين وعدد الطلبة وأيضاً اختلاطها مع الصفوف الكبيرة".
وتتابع البسطامي: تم تعويض الطلبة أثناء العودة للمدارس وجاهياً لبعض المواد التي تم تقليصها أثناء الحصص الإلكترونية، مثل جداول الضرب، والإملاء، وبعض الدروس، وخاصة مواد اللغة العربية ،والإنجليزية، من خلال تعويض الطلبة بأنشطة تلائم التعليم الإلكتروني، وذلك من أجل رصد العلامات لديهم، وخاصة أن بعض الواجبات والمهام كان بعض المعلمين يكتشفون أن أهالي الطلبة هم من يقومون بحلها، بالإضافة إلى ماتم تعويضه من خلال ما يسمى ب"الفاقد التعليمي الوجاهي"، وهو عندما عاد الطلبة للمدارس كانوا قد كُلفوا بمهام وواجبات إضافية، من أوراق عمل ومهام تربوية، وتفريغات نفسية، وذلك من أجل رصد العلامات النهائية لهم وترفيعهم للصفوف الأخرى، وحتى إن لم تكن النتائج والتحصيلات العلمية بكامل الدقة والمصداقية.
وتختتم البسطامي حديثها فتقول: "كان التعليم الإلكتروني وتوفير الفاقد التعليمي الوجاهي أفضل الموجود من سبل لدى التربية والتعليم لتوفيره لطلابها ومعلميها، وذلك من أجل استمرار العملية التعليمية وبسبب الظروف التي سببتها جائحة كورونا وضمن الإمكانيات المتاحة".
ومهما كانت الآراء والتقييمات حول جدوى تجربة التعليم الالكتروني، إلا أن الجميع يرى بأن هناك أهمية للأخذ بعين الاعتبار إمكانية العودة مجددا لهذا النوع من التعليم، ولذلك من الضروري أن تعمل كافة المؤسسات الفلسطينية ذات العلاقة على إنشاء وإعداد بنية تحتية قادرة على إدارة هذا التعليم، بعيدا عن الإخفاقات والأخطاء التي وقع بها الجميع، خلال فترة جائحة كورونا، التي لم تعط الفرصة الكافية من أجل انتهاج هذا النوع من التعليم، ولكن بدون شك فقد خرج الجميع بأقل الخسائر رغم فداحة الخسارة.