بيت لحم- معا- براءة ثوابته- بعد مرور أكثر من عشر سنوات على صدور قانون ذوي الإعاقة، لا تزال هذه الفئة تعاني من تقصير الحكومة في تطبيق هذا القانون، وبشكل خاص في مجال الرعاية الصحية.
ويواجه ذوو الإعاقة تحديات مضاعفة لدى سعيهم للحصول على الخدمات الصحية المتصلة بالإعاقة التي لديهم أو غيرها من الخدمات الصحية العامة.
الطفل "م.ر" من بلدة يطا جنوب الخليل لديه امراض متعددة تسببتْ بوجود إعاقة لديه، لا يتلقى الحد الأدنى من المتطلبات الطبية له من قبل وزارة الصحة أو أي وزارة أخرى، حسب قول والده.
ويرى الوالد أن مبلغ 700 شيكل التي يتلقاها ابنه من وزارة التنمية الاجتماعية، كل ثلاثة أشهر هي المساعدة الوحيدة التي تقدمها الدولة له، وهو مبلغ لا يكفي حتى لسد جزء من نفقات علاجه.
أما الطفل "ر.ص"، من بلدة الخضر والذي يعاني من مرض التَصَلُّب اللُوَيْحي لم يكن افضل حالا، فهو يحتاج إلى أدوية بمبالغ طائلة، وقد دفعته تجربته وتجارب غيره إلى عدم التوجه لوزارة الصحة لطلب المساعدة.
وأشار عمه، إلى أنه منذ عامين يبحث عن العلاج، وقد زار العديد من المشافي، ولكن حالة الطفل الصحية كانت دائما تزداد سوءا بسبب عدم تلقي العلاج اللازم، والذي لا تؤمنه وزارة الصحة بسبب تكلفته العالية.
ويواجه الأشخاص ذوو الإعاقة طائفة من العقبات في سعيهم إلى الحصول على الرعاية الصحية، تشمل التكاليف الباهظة للعلاج، ومحدودية توافر الخدمات المادية وأهمها عوائق مادية.
ولا يُنظر إلى الإعاقة على أنها من مشاكل الصحة العامة في كثير من الأحيان، ولذلك لا تُتخذ إجراءات بشأن دمجها في قطاع الصحة، وغالباً ما تغفلها أيضاً الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية المتعلقة بالإعاقة لتنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصدها.
وبالتالي، ما زال دمج الإعاقة في قطاع الصحة يشكل فجوة في برامج عمل البلدان بشأن الصحة.
يقول والد الطفل "م.ر": "إن طفلي يعاني من مرض غير مُصنف منذ أكثر من أربع سنوات، ممتد من النخاع حتى الدماغ، وحاليا أنا عاجز عن علاجه، بعد أن أجريت له ثلاث عمليات، وتناول جميع الأدوية والمسكنات، وكل ذلك على نفقتي الخاصة، لأن العلاج الخاص بمرضه غير متوفر في وزارة الصحة.
ويتابع، إنني لا أجد الدواء في صيدليات وزارة الصحة، ما يضطرني الى شرائها بمساعدة بعض الأفراد في المجتمع أحيانا، وفي أغلب الأحيان على حسابي الخاص مما رآكم ديونا كبيرة للصيدليات عليّ.
وبينما يؤكد عم الطفل "ص.ر"، قيام وزارة الصحة بمساعدته في توفير التحويلات الى المشافي، إلا أن عدم توفر وزارة الصحة أبسط احتياجات رحلة العلاج، كان سببا في عدم استغلال هذه التحويلات.
ويلزم أن تتعهد وزارات الصحة بدمج الإعاقة في قطاع الصحة الذي ينطوي على اتخاذ إجراءات بشأن تحقيق المساواة بين الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مجالات الحياة، وبإمكان الحكومات أن تحسّن الحصائل الصحية التي يجنيها ذوو الإعاقة عن طريق تحسين إتاحة خدمات الرعاية الصحية الجيدة والميسورة التكلفة والمستفيدة على أتم وجه من الموارد المتاحة. وبالنظر إلى وجود عدة عوامل تتفاعل مع بعضها لتعوق إتاحة الرعاية الصحية، يلزم إجراء إصلاحات في جميع العناصر المتفاعلة لنظام الرعاية الصحية.
في الحالات التي يهيمن فيها التأمين الصحي الخاص على تمويل الرعاية الصحية، يتعين ضمان حصول ذوي الإعاقة على التغطية الملائمة والنظر في اتخاذ تدابير تكفل الحفاظ على أقساط تأمين معقولة. ويتعين كذلك ضمان استفادة هؤلاء الأشخاص على قدم المساواة من برامج الرعاية الصحية العامة، وتقديم حوافز مالية تشجع مقدمي خدمات الرعاية الصحية على تسهيل استفادة ذوي الإعاقة من الخدمات وتقديم تقييمات وعلاجات ومتابعة شاملة. ويتعين النظر في تقليل أو إلغاء النفقات التي يصرفها الأشخاص ذوو الإعاقة من جيبهم الخاص ممّن ليست لديهم وسيلة تمويل أخرى للإنفاق على خدمات الرعاية الصحية.
الحاجة إلى العلاج دفعت الأشخاص ذوي الاعاقة للاعتماد على النفس والأقرباء والأصدقاء، لكن ذلك ليس حلاً مُنْصِفاً أو كريماً من جهة كما أنه لن يكون مُتاحاً للجميع وبشكل دائم من جهةٍ أخرى.
وفي هذا الإطار يتحدث المواطن "ا.د" عن طفله، مشيرا إلى أن وضعه الصحي يتدهور، فمنذ حوالي أربع سنوات وهو بحاجة إلى تركيب جهاز طبي، فقدم لتحويلة وكتب كتاب لمحافظ الخليل، وحتى الآن لم يأت الرد ووصل المرض لديه إلى الدماغ مما جعل وضعه الصحي يزداد سوءا.
التقديرات اشارت إلى وجود ما يزيد على مليار شخص من المتعايشين مع شكل من أشكال الإعاقة، وهو ما يمثل نسبة 15% من سكان العالم، ويوجد 190 مليون شخص (3.8%) تبلغ أعمارهم 15 عاماً فما فوق ممّن يواجهون صعوبات كبيرة في أداء وظائفهم، وغالباً ما تلزمهم خدمات الرعاية الصحية. ويتزايد عدد المتعايشين مع الإعاقة، ما يرجع جزئياً إلى شيخوخة السكان وزيادة الإصابة بالحالات الصحية المزمنة.
وتتخذ الإعاقة أشكالاً متنوّعة للغاية. ومع أن بعض الحالات الصحية الناجمة عن الإعاقة تتسبب في اعتلال الصحة وزيادة مفرطة في الاحتياجات من الرعاية الصحية، فإن بعضها الآخر لا يتسبب في ذلك، ولكن الاحتياجات الصحية العامة لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة هي نفسها بالنسبة إلى أي شخص آخر، ويلزم بالتالي أن تتاح أمامهم خدمات الرعاية الصحية العامة. وتعزّز المادة 25 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حق هؤلاء الأشخاص في التمتع بأعلى مستوى من الرعاية الصحية دون تمييز، غير أن واقع الحال يفيد بأن عدداً قليلاً من البلدان يزوّدهم بخدمات مناسبة الجودة.
وهناك عدد قليل جداً من البلدان أيضاً التي تجمع بيانات تمكّنها من تصنيف الأشخاص بحسب الإعاقة في قطاع الصحة. وقد برز هذا الأمر بوضوح أثناء جائحة كوفيد-19 التي عجزت البلدان خلالها عن إدراج الإعاقة بشكل متسق في استجابتها لمكافحة الجائحة، ممّا عرّض الأشخاص ذوي الإعاقة للمخاطر المتزايدة الثلاثة التالية التي تخلف عواقب مدمرة: مخاطر الإصابة بمرض كوفيد-19 والمعاناة من أعراضه الوخيمة أو الموت بسببه، ناهيك عن تردي صحتهم أثناء الجائحة وبعدها سواء أُصيبوا بعدوى المرض أم سلموا منها.
وقالت مشرفة حملات الضغط والمناصرة في جمعية الشبان المسيحية في مدينة بيت لحم- برنامج التأهيل سنابل بلوط، إن العديد من الاشخاص ذوي الإعاقة لا يتوفر لديهم الحد الأدنى من الخدمات الصحية خاصة الأشخاص الذين لديهم إعاقات ذهنية وحركية وبالتالي عدد كبير منهم يبقى رهينة الحلول الفردية والعشوائية والأمزجة والواسطة الموجودة في المؤسسات الحكومية.
وأشارت إلى ضرورة تعديل نظام التأمين الصحي الحكومي حتى يشمل خدمات التأهيل ومجموعة أكبر من الأدوية التي يحتاجها الاشخاص ذوي الاعاقة.
وفي ردها قالت وزارة الصحة على لسان وكيل الوزارة خالد ايوب في مدينة بيت لحم إنها تعمل على أكثر من صعيد لتوفير احتياجات الأشخاص ذوي الاعاقة الطبية، ولكن وفق متابعة وقرار الأطباء التابعين للوزارة، التي تقدم الخدمة لمن يحتاجها، حسب قوله.
وقال أيوب: إن الادوية المسموح بها من منظمة الصحة العالمية والتي تسمى الادوية الاساسية الموجودة في كل العالم هي 254 دواء، وسلة الدواء الموجودة في فلسطين تشمل 550 نوع دواء بما يعادل الضعف وأكثر أيضا.
وأوضح، أن هناك أدوية خاصة، فعندما يكون هناك عدد من المرضى يحتاجون إلى هذه الأدوية التي لا تدخل ضمن الادوية الاساسية لأن الأمراض عديدة وهناك أمراض وراثية تؤدي إلى الاعاقة وعلى هذا الأساس هناك تقارير طبية تقدم من قبل المرضى ويتم شراء هذه الادوية لهم وأحيانا العملية تأخذ وقت لأن الدواء قد يكون غير متوفر في المنطقه وهذه الأدوية اجمالا لا تكون منتجه هنا وبالتالي يحتاج وقت إلى استيرادها واحضارها ، وبعض المرضى يشكو من عملية التأخير التي تكون خارج إرادة وزارة الصحة فالأمر يكون لوجستيكي، مشددا على انه في النهاية لا يوجد مريض فلسطيني لا يأخذ علاج ودواء يحتاج اليه.
وأضاف، "نحن الآن نتابع مع البنك الدولي لمراجعة التأمين ومصرين ومتأكدين أن التأمين لا يفي بالغرض لأنه لا يعقل أن هناك تأمين في العالم كالتأمين المعمول به في الاراضي الفلسطينية بأن المواطن يؤمن اليوم وغدا يأخذ الخدمة فهذا الشيء مرهق جدا، ولا يعقل أن أكثر من 70% من الناس غير مؤمنين ويأخذوا خدمة، مضيفا ان قطاع غزه بأكمله يأخذ خدمة دون تأمين صحي بقرار سياسي، العمال والفقراء يأخذوا تأمين أقصى ونسبتهم عاليه جدا ، والأشخاص المؤمنين تطوعا لا يتجاز عددهم بضعة آلاف شخص، وبالتالي نحن نسعى جادين لأيجاد تأمين بقانون بحيث يكون كل مواطن فلسطيني مؤمن تبعاً لهذا القانون يغطي جميع الفئات بما فيهم فئة المعاقين.
وفي انتظار نظام تأمين صحي عادل وشامل وإجراءات واضحة ومُعْلَنة يبقى العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة عُرْضة لتفاقم حالتهم الصحية التي تؤدي حتماً للموت الناتج عن ضعف الخدمات الصحية والتأهيلية، ويبقى بعضهم الآخر في انتظار احتمالات المعالجة الفردية للأمور كما احتمالات اهتمام وسائل الإعلام وتطبيق نظام التامين الصحي الحكومي لأشخاص ذوي الاعاقة رقم (2) لعام 2021.