الثلاثاء: 05/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الذراع أهم من القدم في كأس العالم!

نشر بتاريخ: 26/10/2022 ( آخر تحديث: 26/10/2022 الساعة: 13:27 )
الذراع أهم من القدم في كأس العالم!



د. صبري صيدم

بعيداً عن الحكمة والتوازن المزعومين خرجت الفيفا مع انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية عن القيود التي وضعتها في التعامل مع القضايا السياسية بالحياد المنشود لتذهب نحو تأييد طرف ضد طرف فاتحة الباب أمام جدل لم ولن ينتهي.

فمن منّا سينسى موقف الفيفا عند رفع اللاعب المصري محمد أبو تريكة قميص فريقه ليظهر بفخر ما كتبه من تأييد لغزة؟ ومن منّا سينسي موقف اللاعب الإسباني فريدريك كانوتيه عندما أظهر تأييده الواضح لفلسطين في إحدى المباريات فعاقبته الفيفا على هذه الفعلة؟ ومن منّا سينسى مواقف أخرى شبيهة تدخلت معها الفيفا لتعاقب اللاعبين الذين أبدوا مواقف سياسية أخرى بحجة تبنيها لسياسة الحياد ورفضها تعاطف اللاعبين مع أية قضية سياسية أو طائفية، باعتبار أن الفيفا تشجع التعايش والتكامل والسمو فوق الأحقاد.

وتنازل الفيفا عن سياسة الحياد دفع بالساحة الدولية نحو تسييس عالم المستديرة، وإجبار اللاعبين على الوقوف دقائق صمت نصرة لطرف ضد طرف، إضافة إلى جمع التبرعات والذهاب نحو إبراز علم أوكرانيا مثلاً على الشاشات الناقلة لبطولات أوروبا، إضافة إلى البطولات المحلية لبعض الدول الأوروبية وغيرها، حتى وصل الأمر إلى حد السماح لقادة المنتخبات بأن يستبدلوا شارة الكابتن بعلم أوكرانيا.

أمام هذا النهج وحجم الانزعاج الذي يشعر به الكثير من الشعوب والمجتمعات جراء ازدواجية المعايير في تعامل العالم مع قضية فلسطين بالمقارنة مع الملف الأوكراني، فقد قررت بعض الفرق أن تستبدل شارة قادة منتخباتها بعلم فلسطين.

ومع تصاعد الحديث عن رغبة العديد من المنتخبات أن يحمل قادتها علم فلسطين في رد واضح على ازدواجية المعايير تلك فإن عدد في المنتخبات العربية التي افصحت عن رغبتها ارتداء قادتها لشارة العلم الفلسطيني باتت في تصاعد مع كل يوم، خاصة مع دخول عدد من المؤثرين على الخط وتحفيزهم لهذا النهج.

ومع قناعتي بأن قطر ستكون من أوائل الدول التي ستشجع قائد منتخبها على ارتداء شارة العلم الفلسطيني، إلا أنني أخشى أن يدفع الضغط المتراكم على قطر أن تلجأ بصفتها الجهة المستضيفة للمونديال المقبل إلى وقف التعامل مع هذا الأمر بشكل كلي، أي أن يرتدي قادة المنتخبات الشارات التقليدية تجنباً لتصاعد الخلافات بين الفرق وتسييس المونديال والزج بتلك الفرق نحو الاحتكاك السلبي.

الضغط الذي تعيشه قطر وعلى صعد عدة كبير وكبير جداً لا محالة، ليس فقط لتألقها في استعداداتها المهيبة للمونديال، بل أيضاً نتيجة العنصرية المستفحلة حول العالم والتي لا تقتنع بأن العرب أيضاً يبدعون لا محالة في عوالم البناء والتجهيز والإعداد والاستعداد لأحداث تاريخية، لكن أمل الجميع بقطر أن لا تتراجع أمام محاولات الضغط والابتزاز، فالتماسك القطري مهم لا محالة.

وعليه فإن حرب الذراع وما ستحمله من شارات ربما سيطغى على التنافس الذي تصنعه الأقدام، لتنتقل الإثارة من الحيز الرياضي إلى الحيز السياسي لا محالة، ولربما ستجد الفيفا أن انحيازها لقضية ما على حساب قضايا الشعوب المكلومة إنما شكل مساحة فاقعة للندية العالية.

أياً كانت النتائج فإن ما دار ويدور حول هذه القضية إنما يعكس حالة النقمة العالمية والشعبية الكبيرة التي تشعر بها الشعوب جراء التعسف الإسرائيلي، واستفراد دولة الاحتلال بالشعب الفلسطيني المظلوم.

المهم الآن أن نرى ما إذا كانت حرب الذراع ستتفوق على حرب القدم في المونديال المقبل… لننتظر ونرى!