تل ابيب- معا- في أجواء أفول حكومة يائير لابيد، وإرهاصات ولادة حكومة بنيامين نتنياهو، وبالتوازي مع عودة ما يُسمّى بـ "حرب الظلال" (البحرية) بين "إسرائيل" وإيران، شَهِدت الأيام القليلة الماضية حراكاً متواصلاً ومكثفاً على الخط الأميركي-الإسرائيلي، وعلى أعلى المستويات السياسية والعسكرية. هذا الحراك من المرجّح أن يُستكمل من خلال زيارة رئيس الأركان العامة، أفيف كوخافي، الذي توجه مساء السبت في زيارة خاطفة لواشنطن.
حركة اللقاءات المشتركة بدأت الثلاثاء الماضي مع وصول قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي (سينتكوم)، الجنرال مايكل كوريلا، إلى "إسرائيل"، حيث التقى كوخافي، وتفقَّد منطقة "الخط الأزرق" على الحدود مع لبنان، وقام بجولة في موقعٍ للجيش الإسرائيلي في رأس الناقورة، كما زار كوريلا، قاعدة سلاح الجو في "نيفاطيم" في النقب.
وفي السياق عينه، ورد الخميس الماضي أن ممثلين من وزارة الأمن الإسرائيلية عقدوا مع نظرائهم في وزارة الدفاع الأميركية، خلال اليومين الماضيين،المنتدى الأرفع لسياسة الدفاع المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تم عرض التحديات المشتركة للطرفَين.
في أعقاب الكشف عن اتصال هاتفي لوزير الأمن بني غانتس مع نظيره الأميركي، الخميس، وفي سياق زمني متصل، سيشرع الطرفان الإسرائيلي والأميركي، في الايام المقبلة ، بمناورة جوية مشتركة كبيرة في سماء الشرق الأوسط، بمشاركة طائرات حربية والتزود بالوقود جواً والتدرّب على هجوم بعيد المدى، في إشارة الى إيران، بحسب معلقين إسرائيليين.
حراك عسكري
وحفلت الأيام القليلة الماضية بسلسلة من اللقاءات والاتصالات الإسرائيلية- الأميركية، فيما من المتوقّع أن تستمرّ اللقاءات للأيام المقبلة مع الحديث عن زيارة خاطفة لرئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي إلى واشنطن، بدءاً من مساء السبت الماضي .
على أن باكورة هذا الحراك المكثّف والرفيع المستوى، بدأ مع زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية (سانتكوم) في الجيش الأميركي، الجنرال مايكل كوريلا، إلى "إسرائيل" (الثلاثاء الماضي) وذلك للمرّة الرابعة منذ توليه هذا المنصب في شهر نيسان 2022.
وحول أجواء وفعاليّات الزيارة، أصدر المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، بياناً، أشار فيه إلى أن الزيارة بدأت بجولة في موقع "رأس الناقورة"، على الحدود مع لبنان، حيث استعرض قائد المنطقة الشمالية، اللواء أوري غوردين، تحديات الجبهة اللبنانية، وقال، إن ثمّة "أهمية استراتيجية" للحفاظ على الحدود البحرية التي جرى الاتفاق على ترسيمها مع لبنان، الشهر الماضي".
من هناك توجّه الوفدان إلى جولة على طول الخط الأزرق وزيارة الموقع المطل على الحدود مع سوريا، حيث استعرض غوردين الجهود المبذولة"لمنع تموضع أذرع إيران على الأراضي السورية وتجنيد السكان المحليين لتنفيذ عمليات عدائية".
وفي وقت لاحق، عُقدت ندوة عملياتية واستخباراتية برئاسة كوخافي، وبحضور كل من رئيس شعبة العمليات وقائد المنطقة الشمالية ورئيس شعبة الشؤون الاستراتيجية والدائرة الثالثة (إيران) حول موضوع "أنشطة الجيش الاسرائيلي الرامية إلى منع العمليات السلبية على الجبهة السورية".
ومن هناك توجّه الجنرال كوريلا برفقة قائد سلاح الجو الإسرائيلي إلى قاعدة سلاح الجو الإسرائيلي في نيفاطيم، وتحديداً إلى سرب116 الذي يشغل الطائرات المقاتلة من طراز أدير(f-35i) حيث استُعرضت أمام كوريلا العمليات التي تم إنجازها والأنشطة المشتركة المخطّط القيام بها في مختلف السّاحات.
وأضاف بيان المتحدّث باسم الجيش، أن الزيارة اختُتمت في قاعدة نيفاطيم من خلال ندوة عملياتية أخرى برئاسة كوخافي وكوريلا، حيث تم عرض صورة التهديدات العامة في منطقة الشرق الأوسط وخلاصة خطة ممارسة القوّة المشتركة للمستقبل.
وفي أعقاب الندوة قال كوخافي: "نعمل معا على كافة الجبهات بهدف لملمة المعلومات الاستخبارية وإحباط التهديدات والاستعداد للتعامل مع سيناريوهات متنوعة في إطار ساحة واحدة أو ساحات متعددة". وأضاف "نحن نتدرب ونطور القدرات المشتركة بشكل متسارع أمام التهديدات الناشئة في الشرق الاوسط وبشكل خاص ضد إيران".
ووفقاً لتقارير إعلامية، فقد عقدت وزارة الأمن الإسرائيلية ووزارة الدفاع الأميركية، خلال الاسبوع الماضي، "المنتدى الأرفع لسياسة الدفاع المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل". وتناول الاجتماع التحديات الأمنية العالمية والإقليمية وركّز على التهديد الإيراني المتزايد، والحاجة لتعزيز القدرات الإسرائيلية، وبناء قوة الجيش الإسرائيلي. كما ناقش ممثلو البلدين المتغيّرات الإقليمية، وفرص تعميق وتطوير الشراكات الإقليمية.
وضمن زيارة مخطّطة سلفاً، بدأ رئيس الأركان أفيف كوخافي، مساء السبت، زيارة "مهمة وخاطفة" إلى واشنطن، لمدة 5 أيام، وسيلتقي هناك مع رئيس الأركان المشتركة الجنرال ميلي، ومستشار الأمن القومي الأميركي، وعلى جدول الأعمال التطوّرات الأخيرة في الخليج، وتنسيق استمرار العمليات المشتركة بين الولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل" مقابل إيران.
وأشار معلقون أنّ كوخافي سيناقش المواضيع نفسها التي تحدّث فيها غانتس مع أوستين في الاتصال الهاتفي، وأضافوا أنّه بعد أسبوع من هذا، فإنّ "إسرائيل" والولايات المتحدة ستخرجان لمناورة جوية كبيرة مشتركة في سماء الشرق الأوسط مع طائرات حربية والتزويد بالوقود جواً، ومع هجمات بعيدة المدى، بالضبط من أجل إظهار القوة مقابل الإيرانيين.
وأضافوا: "الفكرة هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية غاضبة جدًا من الإيرانيين بعد استهداف ناقلة النفط في خليج عُمان، وبيع المسيرات الإيرانية إلى روسيا، كل هذه الأمور تدفع الولايات المتحدة الأمريكية ليكون لها مسوغ للرد ولذلك هذه التهديدات المشتركة وإظهار القوة المشتركة للدولتين".
حراك سياسي
وسُجِّل الخميس اتصالٌ هاتفي بين وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس ونظيره الأميركي لويد أوستن، وذكرت تقارير إسرائيلية أنّ غانتس، الذي شارفت ولايته كوزير أمن في حكومة لابيد على الانتهاء، تحدّث مع أوستن و"شكره على تعزيز التعاون والانصات له في عشرات الحوارات بين الأجهزة الأمنية، ومعه شخصياً، خلال السنتين الأخيرتين".
وفي أعقاب المكالمة، جاء من مكتب غانتس أنّ "وزير الأمن شدّد على الإنجازات المهمة في تعزيز التعاون تحت قيادة سانتكوم، والتسلحّ الذي لا سابق له لإسرائيل بمساعدة أميركية وبناء الهيكلية الإقليمية".
وعلى المستوى السياسي أيضاً كان قد سُجِّل، مطلع الأسبوع الماضي، لقاء بين سفير الولايات المتحدة في "إسرائيل" توم نايدس، ورئيس الحكومة المكلّف بنيامين نتنياهو. وذكر معلّقون أن البحث تناول تشكيل الحكومة المقبلة، واعتراض واشنطن على إمكانية تعيين رئيس حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموترتش وزيراً للأمن في الحكومة المتبلورة برئاسة نتنياهو.