الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الظواهري جندي أمريكي وقاض إسلامي لتخوين المناضلين../ بقلم :عبد الفتاح غانم

نشر بتاريخ: 12/03/2006 ( آخر تحديث: 12/03/2006 الساعة: 17:22 )
معا- بين الفينة والأخرى يطل علينا الدكتور ايمن الظواهري أو أسامة بن لادن ليتحفانا بمجموعة من الإرشادات والأوامر الدينية غير القابلة للمراجعة والنقاش، ودائما تكون هذه الأوامر والنواهي تعتمد نقطتين لا غير، أولاهما الجهاد ضد المعسكر الصليبي، وثانيهما إقامة دولة الخلافة الإسلامية لا غير، ومن كثرة التكرار الممل لم تعد رسائل الرجلين تلاقي أي اهتمام من الجمهور العربي والإسلامي، ولكن وسائل الأعلام الغربية وبعض الفضائيات العربية ( فضائية الجزيرة على الأخص) تعطي لهذه الرسائل أهمية استثنائية، على الرغم من سخافة وهشاشة المنطق الذي يعتمده الظواهري وبن لادن، وهو منطق متخلف ولا يليق بالإنسان وحضارته في القرن الحادي والعشرين، وكان هذا المنطق وهذا الخطاب من مخلفات القرون الوسطى والعصور الحجرية البائدة، ويأتي توقيت هذه الخطابات لخدمة إدارة بوش ولخدمة الحركة الاستعمارية في العالم، وقد اعترف الرئيس الاميركي مؤخرا أن رسالة إسامة بن لادن التي سبقت انتخابات الرئاسة ساهمت في نجاحه!!!

ويقول ابن خلدون في مقدمته عن خطورة العصبيات في الصراع المجتمعي: " ان اخطر العصبيات هي العصبيات التي تعتمد الغيبيات الدينية، أنها تقيم رابطة اخطر من رابطة الدم المتمثلة في وحدة العشيرة أو القرابة المباشرة أو القرابة غير المباشرة"...

والظواهري وبن لادن وامثالهما يستلهمون وحيهم الرجعي من المركز الإمبريالي الاميركي، لأن الرئيس يستلهم في حروبه العدوانية الامر من الله سبحانه وتعالى مباشرة، وحتى عندما سئل أن كان قد استشار والده قبل العدوان على العراق أجاب بالنفي لأنه ينفذ أوامر الرب، وتوني بلير هو الآخر أجاب أهالي الجنود القتلى في العراق بأنه تلقى أوامره من الله سبحانه وتعالى، وبالتالي فأن الله وحده هو من سيحاسبه يوم القيامة، ولا علاقة لغيره بهذه المساءلة!!!

ومن هنا نستطيع ان نموضع خطابات بن لادن والظواهري، لتكون في السياق الصحيح، فالرجلان وهبا نفسيهما للجهاد وإقامة حكم الله في الأرض وكل من يجادل أو يعترض أو يفكر فجزاؤه القتل في الدنيا ونار جهنم في الآخرة، والله وحده من له حق محاسبتهما أو مكافأتهما لأنه سبحانه وتعالى من كلفهما بهذه المهمة الجهادية المقدسة، وهي مهمة غير قابلة للنقاش من قبل البشر لأنهما ممن خلقهم وهو أدرى بمصالحهم..

ان الشيخ الظواهري ينتقد حركة حماس لمشاركتها في الانتخابات التشريعية وهو يعتبر الديمقراطية بضاعة غربية صليبية ويحرم على المؤمنين استخدام هذه البضاعة، ويحذر حماس من اعتماد الديمقراطية في المستقبل لأن هذه الوسيلة المحرمة قد تعيد العلمانيين لتولي أمر المسلمين وهذا محرم شرعا، لأن العلمانيين فرطوا بفلسطين واعترفوا بإسرائيل ( يقصد م.ت.ف بكل فصائلها المكونة لها) وهنا من حقنا - إذا سمح لنا هذا الجندي الاميركي ) ان نتساءل ما السر في غضبة الشيخ " الجليل " وغضبة بوش وبلير الصليبيين لفوز حماس في الانتخابات التشريعية ؟ الم يكتشف الشيخ الإسلامي انه يقف نفس موقف الصليبيين من فوز حركة حماس؟

إنني لا أهدف من الرد على الظواهري سوى إبراز جملة من الأكاذيب والأضاليل التي يروجها هؤلاء وترددها الفضائيات صباح مساء، وهنا أجدني مدفوعا للمقارنة فقط بين ما قامت به منظمة القاعدة وما قامت به منظمة التحرير الفلسطينية لتبين للناس فظاعة وخطورة ما يتشدق به هؤلاء الخونة لدينهم وأوطانهم، وينصبون بعد خيانتهم من أنفسهم قضاة يطلقون الاحكام بالتخوين والعمالة على المناضلين الذين يتصدون ويقاومون الأجرام الاميركي والعدوانية الصهيونية في وطننا العربي وفي البلدان الإسلامية الأخرى...

كانت باكورة أعمال منظمة القاعدة الجهادية في أفغانستان ضد الاحتلال السوفياتي هناك، وكانت دعوة الجهاد قد أطلقها مسؤول الأمن القومي الاميركي المجاهد الأكبر " بريجنسكي " من مرتفعات ممر خيبر في أفغانستان، وقدمت المخابرات الاميركية C.I.A مبلغ 17 مليار دولار " للمجاهد المأجور " إسامة بن لادن وحسب إحصائية لمجموع المبالغ التي تسلمها بن لادن أثناء هذا الجهاد فقد تلقى 200 مليار دولار، وقدمت له المخابرات الاميركية صواريخ ستينغر المضادة للطائرات، وهي سلاح ممنوع بيعه خارج بلدان حلف الناتو!! وبعد هزيمة الاحتلال السوفياتي، عاد عشرات الآلاف من الشباب العرب والمسلمين إلى بلدانهم، وجرت حرب أهلية دموية بين " المجاهدين الأفغان أنفسهم" وكان خلاف المجاهدين على السلطة وعلى طرق تصدير الأفيون ومن يسيطر من المجاهدين على هذه الطرق، علما ان أفغانستان التي استقطبت مئات الآلاف من الشباب العرب والمسلمين، تحتل المرتبة الأولى وبدون منازع بين بلدان العالم في زراعة الأفيون وتصديره!!

ان أعضاء المخابرات المركزية الاميركية ( C.I.A) هم من كان يستقبل الأف المجاهدين فور وصولهم إلى باكستان أو أفغانستان، وهم الذين يسجلون أدق المعلومات عن كل مجاهد قادم، ومن المنطقي ان هذه الوصاية الصليبية على المجاهدين كانت تتم بعلم وموافقة شيخ المجاهدين المسلمين إسامة بن لادن وبقية المجاهدين لنصرة الشيطان الأكبر الاميركي، ومن حقنا هنا ان نتساءل، أليست فلسطين محتلة من الإسرائيليين؟ وهي الأرض المقدسة عند المسلمين، وفيها المسجد الأقصى الذي أسرى الله برسوله إليه وبارك حوله، والاحتلال الإسرائيلي ما كان ليتم ويستمر الا بالدعم الاميركي الذي ينضوي تحت راية الإدارة الاميركية هؤلاء المجاهدون الأبطال، لماذا يا ترى لم يتوجه مجاهد واحد لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؟ بل على العكس كان الشباب الفلسطيني يعبأ ويشحن للنضال والجهاد في أفغانستان...

في 11/9/2001 جرى تدمير برجي التجارة في الولايات المتحدة الاميركية وفوراً وجهت إدارة بوش التهمة لتنظيم القاعدة وبعد فترة وجيزة إذا بالشيخ إسامة بن لادن يعترف بأن تنظيم القاعدة من نفذ هذه الغزوات الجهادية، وكانت هذه هدية السماء لإدارة بوش ليجتاح من يشاء من بلدان العرب والمسلمين كما جرى في أفغانستان والعراق وكما جرى الاجتياح الصهيوني في فلسطين والتنكيل بالشعب الفلسطيني، وهكذا يجاهد بن لادن والظواهري واشباههما...

إما منظمة التحرير الفلسطينية فقد قدمت من الشهداء ما يصل إلى 400 ألف شهيد وعشرات الآلاف من المعوقين إعاقة كاملة ( شهداء فلسطين ولبنان ) ومئات الآلاف من الأسرى، ويوم كانت الثورة تتخذ من الساحة اللبنانية نقطة ارتكاز لتحرير فلسطين، قدرت الإدارة الاميركية عدد المقاتلين الفلسطينيين والوطنيين اللبنانيين بـ20 ألف مقاتل، فرصدت 20 مليار دولار للقضاء على المنظمة ومقاتليها وحلفائهم، وقدمت الإدارة الاميركية هذه المليارات لإسرائيل وللدول والمنظمات التي جندتها للقضاء على م.ت.ف وحينما حانت ساعة الصفر، فقد كان وزير خارجية أميركا ألكسندر هيغ شريكا في العدوان مع مناحيم بيغن وارئييل شارون عام 1982 ، وعندما كشف هذا التواطؤ اضطر الرئيس الاميركي رونالد ريغان لإقالة الجنرال ألكسندر هيغ من وزارة الخارجية الاميركية...

ترى متى سيخجل هؤلاء العملاء من أنفسهم ومن خيانتهم، متى سينكس بن لادن رأسه خجلاً من دوره المخزي في السودان ومن جريمته بتسليم المناضل الاممي كارلوس للمخابرات الفرنسية بالاتفاق مع حسن الترابي الذي كان يرفع راية بن لادن في السودان...

أخيرا أجدني مدفوعا للقول بأن من دعموا وساندوا وقدموا المليارات لهذه الحركات الظلامية الرجعية، هم أول من يكتوون بنارها، بعد ان خابت آمال بن لادن بتنصيبه خليفة للمسلمين بالطرق " السلمية " وعن طريق " الشيطان الأكبر " لذا بادرت هذه الحركات المأجورة بتفجير من ساندوها بالأمس، ونيران وأصوات تفجيراتهم ترى وتسمع، هذه الأيام في الرياض والكويت والجزائر وعمان وكراتشي وغيرها وغيرها من العواصم والبلدان العربية والإسلامية...

من حق الظواهري ان ينشر فتاويه في كل الفضائيات ومن حقنا ان نلعن أسياده الكبار في واشنطن ولندن...

ومن حق شعبنا الا يعير هؤلاء المأفونين العملاء أي اهتمام وقد قالت العرب قديما: " إذا لم تستح فأفعل ما شئت "...

* الأمين العام لحزب الميثاق الفلسطيني الديمقراطي.