رام الله- معا- اتخذ مجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء، في جلسته الأسبوعية، التي عقدها بمدينة رام الله برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتية عدة قرارات مرتبطة بالازمات المالية والوضع الاقتصادي، اخرى تتعلق بقضايا فنية وثقافية وزراعية.
وقرر المجلس إطلاق مسابقة تصميم النصب التذكاري للنكبة الفلسطينية لجميع الجهات المعنية من فنانين، ومكاتب هندسية، وكليات هندسية، ومدارس، تمهيدا للبدء بالمشروع في الربع الأول من العام المقبل.
كما قرر تعزيز دور الإنتاج الفني في الرواية الفلسطينية وإنشاء هيئة للسينما، لتشجيع إنتاج مزيد من الأفلام لدعم وتوثيق الرواية الفلسطينية ونشرها في كل دول العالم.
وصادق على توصية وزارة الزراعة بتقديم لقاح الكلاميديا مجانا لمربي الثروة الحيوانية، وقرر تشكيل لجنة شراء فنية خاصة لدراسة عطاء صوامع القمح.
واعتمد توصيات اللجنة الفنية للمخطط المكاني الخاصة بعدد من قطع الأراضي في جميع المحافظات، وصادق على إعادة هيكلة قروض للخزينة العامة لدعم السيولة النقدية.
كما صادق مجلس الوزراء على الإحالة النهائية لعدد من مشاريع الطاقة الكهربائية وأنظمة تشغيل البريد والصرافات الآلية، وأعلن الانتهاء من شراء مبنى لصالح مجلس القضاء الأعلى مخصص لمحكمة رام الله.
وأجرى مجلس الوزراء نقاشا مستفيضا حول التحديات التي تواجه المشروع الوطني، في ضوء انغلاق الأفق السياسي، وتنامي مظاهر التطرف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، والتي تعبر عنها تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو والمتوقع الإعلان عنها خلال أيام.
وكان رئيس الوزراء محمد اشتية أكد، في كلمته بمستهل الجلسة، "أن تهديدات الحكومة الإسرائيلية المقبلة لن تخيفنا، ومثلما واجه وأسقط شعبنا مؤامرة "صفقة القرن"، ومؤامرة البوابات في القدس، سوف يواجه أي تعدٍ على حقنا في الأرض والوطن، ويحمي مشروعنا الوطني التحرري بتضحياته".
وشدّد على أن العالم معنا رغم انشغاله في قضايا مستجدة، فقد رأينا أن فلسطين في قلب العرب، وفي قلب العالم الحر.
وأضاف: لقد كان 2022 عام ألم، ارتقى خلاله أكثر من 220 شهيداً، وأكثر من 9000 جريح و6500 معتقل، وهدم خلاله 832 مبنى واقتلعت 13 ألف شجرة زيتون، وقد واجه شعبنا هذا العدوان الإجرامي بشجاعة ورباطة جأش.
وعن الذكرى الـ58 لانطلاقة الثورة الفلسطينيّة المعاصرة، التي تصادف في الفاتح من كانون الثاني/ يناير، قال: بعد أيام يحل علينا عام جديد، وتحل علينا ذكرى ثورتنا العظيمة، ذكرى انطلاقة حركة "فتح"، أيقونة النضال الفلسطيني، حارسة مشروعنا الوطني، أم البدايات التي قدمت لفلسطين خيرة شبابها شهداء، وأسرى، وجرحى، وهي راعية وصاحبة القرار المستقل التي دفعت من أجله الكثير من التضحيات.
وأضاف أن "فتح" أنارت شمعة في الظلام، واليوم تحمل شعلة على طريق الحرية، والقدس، والعودة، والوحدة الوطنية، والتي أرست نهجا ديمقراطيا في غابة البنادق، ومع شركائنا في المنظمة، رسمنا طريق الحرية والنضال من أجل فلسطين، من أجل أطفالنا ومستقبلهم، ومن أجل الشعب حيثما كان، في الوطن الأم وفي الوطن السياسي، وفي المنافي والشتات.
وبهذه المناسبة، تقدّم رئيس الوزراء بالتهنئة للرئيس محمود عباس، واعضاء اللجنة المركزية، واللجنة التنفيذية، والكادر الوطني، ولحركة "فتح" العظيمة، وللشركاء في النضال من الفصائل الوطنية والإسلامية.
وأكد على العمل بكل ما نستطيع ويلزم من أجل إنهاء الانقسام من أجل القدس، من أجل رفع الألم والمعاناة عن شعبنا، لكي يكون غدنا مشرقا، تتجسد فيه دولتنا على أرضنا وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها قسرا.
وحول الأزمات المالية التي عصفت بالاقتصاد الفلسطيني خلال عام 2022، قال: واجهنا أزمات مركّبة، عانى منها اقتصادنا الوطني، وموازناتنا المالية، بسبب التراجع الكبير في المساعدات الدولية، واستمرار الخصومات الاسرائيلية، وقرصنة أموالنا، وتداعيات أزمة كورونا، وأوكرانيا.
وأضاف: واجهنا هذه الأزمات بحكمة وأداء حسن بتوجيه من الرئيس، وحافظنا على نسبة نمو اقتصادي مرتفعة، بالمقارنة مع عديد من الدول، حيث حققنا نمواً بنسبة 3.6%، وارتفع مستوى الاستثمار بنسبة 15.3%، وزادت مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي لتصبح 11%، كما ارتفعت مساهمة الزراعة لتصبح 6.2%.
كما أشار إلى أن البطالة في الضفة انخفضت من 19% عندما استلمنا الحكومة، لتصبح 12.6%، ولكنها بقيت مرتفعة في قطاع غزة بسبب الحصار والانقسام، حيث بقيت الى معدلات حوالي 46.6%، كما ارتفعت الصادرات بنسبة 7.3% والواردات بنسبة 16.9%.
وشدد على أنه تم اتخاذ إجراءات لمواجهة التضخم المالي، وتوفير الدعم لمنع ارتفاع الأسعار، منوها إلى أنه رغم التحسن في الأداء الاقتصادي، إلا أن العجز في الموازنة بقي حاصلا بسبب تراجع المساعدات الدولية، والاقتطاعات المالية التي تقوم بها اسرائيل من أموالنا، وقد قمنا بترشيد النفقات لمواجهة هذا العجز.
وشكر رئيس الوزراء موظفي دولة فلسطين، في الوزارات، والمؤسسات جميعها على تفهمهم وصبرهم وصمودهم، الأمر الذي ساعد ولا يزال يساعد في مواجهة هذه الأزمة.
وأعرب عن أمله أن يتم استعادة تدفق المساعدات الدولية، وخاصة المساعدات من الدول العربية الشقيقة خلال العام المقبل، لكي نستطيع تجاوز هذه المرحلة الصعبة، ونعزز صمود أهلنا في القدس وغزة، وكل أنحاء فلسطين، في مدننا ومخيماتنا وقرانا، التي تواجه هجمة استيطانية غير مسبوقة.
وخص الموظفين بقوله: وقفتكم إخواني الموظفين ليست إلا من أجل الشهداء والأسرى، وأسرهم الذين نؤكد التزامنا تجاههم، مهما بلغت شدة الحرب المالية، والخصومات على أموالنا، وقد تبنينا خطة إصلاح طموحة من أجل ترشيد المال العام، آملا أن يتحمل كل مواطن المسؤولية ليحمل معنا في هذا الظرف المالي في مرحلة صعبه، وكل الذي نطلبه أن يدفع المواطن فاتورة الكهرباء، وفاتورة المياه، وهذا أمر رغم بساطته إلا أنه يساعدنا في مواجهة الاستحقاقات المترتبة علينا.
وأشار إلى أن القطاع الخاص يقوم بدوره بالاستثمار، وخلق فرص عمل، والبنوك تعيش حالة من الاستقرار، ما يدل على متانة القطاع المصرفي الفلسطيني، وسوف نعمل على إصلاحات جوهرية في الخدمات الصحية، والتعليمية، والقوانين الناظمة للاقتصاد، ومواجهة إجراءات الاحتلال التي تحد من سيطرتنا على مواردنا الوطنية.
وتابع: نعلم جميعا أن معركتنا مع الاحتلال هي معركة سياسية، وأن حل الصراع هو سياسي لا اقتصادي ولا غيره، وسنبقى أوفياء لفلسطين ولشعبنا العظيم.
وأضاف: نعمل بتوجيه من الرئيس على الانفكاك عن الاحتلال، وتعزيز صمود الناس، وتوسيع القاعدة الانتاجية للاقتصاد، وتوفير خدمات سلسة وميسرة للمواطنين، وتبني برنامج اصلاحات طموح.
وأشار إلى أن الحكومة تعمل مع جميع المُركّبات الوطنية النضالية، من أجل إنهاء الاحتلال بالمقاومة الشعبية، وفي الساحات الدولية، ومنابر الأمم المتحدة، والبرلمانات، والاتحادات، والكنائس، والجامعات، ومن اجل حرية الاسرى، وكرامة جثامين الشهداء، وإعادة صياغة الأمل في نفوس أبناء شعبنا حيثما حلوا وكانوا.