بيت لحم- معا- ما أن بدأ العام الجديد وبدأت معه أحداث تتوالى على الساحة الفلسطينية، فتارة نسمع عن تسريبات صوتية لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، تتحدث عن حالة من الفوضى بين أبناء السلطة تحديدا حول معركة خلافة الرئيس محمود عباس وتارة أخرى يعاد فتح ملف اغتيال أبو عمار عبر تسريبات حديثة، هذه التسريبات التي انتشرت بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الناشطيين وباتت محط نقاش الكثيرين.
وتزامنت هذه التسريبات مع نشر سلطات الاحتلال وعبر موقع التواصل الاجتماعي توتير تحديدا، عدة إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية بسبب تحركات الأخيرة في المحافل الدولية لاسيما في الأمم المتحدة وبمحكمة العدل الدولية، في هذا التقرير نرصد رأي بعض الشخصيات السياسية في حركة فتح حول الاحداث هذه وكيف تؤثر على الشارع الفلسطيني وتعبث بالأمن والاستقرار.
موفق مطر عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وصف الإشاعات الأخيرة والتسريبات بانها الحرب الأشد خطورة، وقال:" أعتقد الى حد اليقين أن ما حدث في الفترة الاخيرة من إشاعات وما سمي ب "تسريبات" هي الحرب الأشد خطورة على الشعب الفلسطيني، ذلك لاستهدافها الإرث والرموز الكفاحية والنضالية للشعب الفلسطيني من القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات ابو عمار حتى الرئيس محمود عباس ابو مازن، ونسف قواعد وركائز النظام السياسي الفلسطيني وقيم ومبادئ حركة التحرير الوطنية الفلسطينية فتح، والأهم حسب اعتقادنا هو ضرب ثقة الجماهير بالقيادة وإسقاطها في جحيم الإحباط واليأس ودفعها -الجماهير- نحو التسليم بواقع منظومة الاحتلال والاستيطان العنصري الإسرائيلي، كبديل عن فكرة التحرر والحرية والاستقلال والدولة والسيادة، خاصة في ظل محاولات كثيرة تبذلها اسرائيل لاقناع معظم الشعب الفلسطيني باستحالة انفكاكه الاقتصادي والأمني عنها، نظرا لتحكمها بالموارد وشرايين الحياة الاقتصادية وامساكها بخيوط الأمن كافة وإظهار قدرتها على ردع أي مظهر للمقاومة شعبية كانت او مسلحة".
وأردف مطر: "فالإشاعات وتسريبات ملف اغتيال القائد الرئيس عرفات هدفه تبرئة اسرائيل وتبييض صفحة المتآمرين معها، كما أن الإشاعات وما يسمى التسريبات هي أهم وسائل الحرب النفسية التي تكرس لها حماس مئات ملايين الدولارات سنويا، في انسجام تام مع مصلحة منظومة الاحتلال لاسقاط السلطة الوطنية وليدة منظمة التحرير الفلسطينية وتدمير المشروع الوطني واجتثاث جذور الوطنية الفلسطينية، ما سيؤدي بالنهاية الى انتفاء صفة الشعب عن ملايين الفلسطينيين في الوطن واللاجئين، وتجريدهم من هويتهم الوطنية العربية الانسانية وتحويلهم الى مجرد سكان او مقيمين وايدي عاملة في المستوطنات، وتكريس غزة كدولة للفلسطينيين لاتملك ايًا من مقومات الاستمرار والتطور".
واختتم مطر: "المؤامرة خطيرة وتستهدف الرئيس ابو مازن الذي قال فيه كبار رؤوس المنظومة انه أخطر فلسطيني على وجود إسرائيل، واستهداف أبو مازن يعني استهداف منهج النضال السياسي الدبلوماسي والقانوني في المحافل الدولية الذي اتخذه الرئيس ابو مازن وسيلة بالتوازي مع المقاومة الشعبية السلمية لإزاحة الدولة الناقصة اسرائيل واستعادة فلسطين لموقعها الطبيعي على الخريطة الجغرافية والسياسية، واعتقد ان الرئيس ابو مازن يتعرض لعملية تجفيف سياسي تسبق تنفيذ خطة تحطيمه او اغتياله فعليا".
رأيٌ آخر يعرضه هذا التقرير في ذات السياق لعضو اللجنة المركزية في حركة فتح عباس زكي، وردّه على العقوبات الاحتلالية الأخيرة على فلسطين قيادةً وشعباً، فقال:" الاحتلال يعرف أن الشعب الفلسطيني لديه قضية عادلة معترف بها دولياً وأن الفكر الصهيوني والتطرف الديني والعرقي والقومي هذا عبارة عن انقلاب سيدفعونهم ثمنه، هم بهذه العملية ضربوا ارتباط اسرائيل ب أمم الدول وحتى قد استنفروا اليهود في الشوارع، هناك عشرات الالاف تتظاهر ضدهم لانهم دخلوا لتغيير التعليم والقضاء بحكم ممكن أن يكون حكم "كراكوز" او حكم "داعش" وهذا امرلن تقبله الدول مهما كانت حاجة اوروبا واميركا لاسرائيل في المنطقة، وبالتالي هم لن يستفيدوا بل سينكسروا نتيجة هذا الجهل والاستخفاف بكل ما يربط اسرائيل بمعنى الدولة، اي انها خرجت من ثوب الدولة الى ثوب العصابات ثم الابارتهايد والان انتهت الى دولة توراتية تلموديه وهي مشكلة وعبئ ثقيل على اليهود قبل ان تكون على العرب".
وحول ما هو مطلوب في هذه المرحلة جماهيريا وسياسيا، وجه زكي رسالته قائلا:" هذا الامر يستدعي الآن أخذ الحيطة والحذر والانتباه ،لأن هؤلاء المحتلين هم ولاة التطرف ، ف من الممكن ان يقوموا ب مذبحة في جنين او في نابلس كما يقولوا انهم يريدوا اقتحام المسجد الأقصى، ب اعتقادي لابد من حالة استنفار عام لدينا ولا بد من تغيير كل ما كان مألوفا، يجب ان تكون لدينا استراتيجية واحدة ولن تكون هذه الاستراتيجية في ظل تشتت وانقسام، لابد من التنازل لبعضنا البعض وننهي هذه التقسيمات ما بين غزة والضفة وحماس وفتح والجهاد، لان العمل الفردي من جانب واحد لا يحقق الهدف المطلوب ، نحن نريد غرفة عمليات واحدة استراتيجية واحدة وان يكون هناك ديموقراطية وعدالة توجيه وان يكونو في اطار منظمة التحرير".
وفي الحديث عن التسريبات الأخيرة في ملف اغتيال القائد الشهيد أبو عمار، علق زاكي: "للأسف ما يجري من تسريبات هو لقتل عرفات الرمز الذي يمثل للفلسطينيين ما يمثله كاسترو لكوبا، وما مثله ماو تونغ للصين، وما مثله هو تشيه منه لفيتنام، للأسف يراد قتله مرة أخرى وهذا الموضوع خطير جدا، لأن هذه التسريبات حقيقية كانت موجودة على دسكات التحقيق وليست مفتعلة وليست مقرصنة، إذن هناك خلل في الجانب الفلسطيني الأمني، حتى الآن الكل يغمض عينه وكأنها قرصنة وكذب واحتيال وهذا غير صحيح وليس بفعل اي فصيل اخر، هذا بفعل سوء ائتمان للملفات التي كانت لدى لجنة التحقيق، وحاليا هناك أربعة اشخاص توفوا من اللجنة، انا كنت اعتقد سابقا انها اشاعات نتمنى ان تعود الامور الان الى التحقيق في كيف سربت ومن سربها لان هذا قتل الرمزية الفلسطينية، وكل ما قتلوا عرفات تماما وانتهى، مقتول من بعده مها كان لديه صداقة هنا او هناك لان قتل الرمزية الفلسطينية هو قتل الفدائيين والاسرى والشعب، وبالتالي هذا امر خطير جدا، وانا كنت بالبداية أقول ان هذه تسريبات فبركة واشاعات ولكن عندما قرأت شهادتي عندما سألوني اللجنة في هذا الملف وأجبت حينها، وجدت اجاباتي كلها صحيحة معنى ذلك انه لا يجب ان نلوم احد او نتهم فصيل معين ب تسريب ملفات".
وحول التسريبات الاخيرة بتسجيلات صوتية لحسين الشيخ التي تهدف لزعزعة الشارع الفلسطيني ولخلق فتنة بين ابناء قيادة فتح، قابلنا محمد النمورة عضو المجلس الثوري لحركة فتح، والذي اعتبر ان حركة حماس تحاول تزوير الحقائق من خلال التشهير والإساءة، محاولةً النيل من المناعة الفلسطينية، وقال موضحا: "بعيدا عن ما يشاع من تسريبات هنا وهناك، اقول إن حركة حماس بدل ان تضع كتفاً مع حركة فتح وباقي الفصائل في نضالها ضد الاحتلال، اختارت ان تكون أداة من أدوات الاحتلال عن طريق التشهير والتدليس وعن طريق ذبابها الإلكتروني المنتشر وتشويه الحالة الفلسطينية ومحاولة النيل من المناعة الفلسطينية، لانهم وللأسف بعيدون عن ساحة النضال في الضفة الغربية لا يشاركو بها، هم يحاولون أن يزوروا الحقائق وأن يكتسبوا بعض الصور لصالحهم عن طريق التزوير والاساءة للأخرين وليس عن طريق تقديم انفسم كفصيل وطني فلسطيني، هم للاسف بعيدون عن كل ذلك وبعيدون جدا عن المصالحة الوطنية، هدفهم فقط مصلحة الإخوان المسلمين ومصلحة حركة حماس وليس مصلحة الشعب الفلسطيني، الاخرون يستغلونهم كورقة في جيبهم سواء دول في الاقليم او غير الاقليم الى جانب عدونا الذي يستغلهم والكل يعرف عن هذه التفاهمات الموجودة بين حماس والاحتلال التي تمت اما من خلال محادثات مباشرة او من خلال وسائط من دول الاقليم وبعض الأطراف".
وأضاف النمورة: "ففي اللحظة التي توصل اسرائيل لحماس النقود عبر البنوك والحقائب بقيمة ثلاثين مليون دولار شهريا، تقتطع سلطات الاحتلال مبلغ مئةٍ وتسعةٍ وثلاثين مليون شيكل من موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية، اذاً بكل تأكيد القصة والفكرة واضحة، وللأسف حركة حماس منذ ان جاءت حتى الآن وهي تتصرف كثورة مضادة، وهي اساءت لنضالات شعبنا واساءت لكل شيء ذي قيمة عند الشعب الفلسطيني، عندما تسيء للشهداء وعندما تحاول أن تزور الحقائق عندما تنشر هذا العدد الهائل من الذباب الالكتروني الذين هم اعضاء عندهم سواء هم او من الاخوان المسلمين، لمحاولة تزوير الحقائق وتشويه حركة فتح، لكن نحن نقول لهم إن حركة فتح تحظى بالتفاف من الشعب الفلسطيني وهذا ما شهدناه في احتفالات احياء الذكرى الثامنةِ والخمسين لانطلاق الثورة الفلسطينية شهدنا الالتفاف الجماهيري الكبير سواء في الضفة او غزة".
ووجه النمورة رسالة لحركة حماس دعاهم فيها الى: "إذا كانت حماس تريد ان تكون من ضمن النسيج الوطني الفلسطيني، فيجب ان تعود قيادتها الى الصف الوطني الفلسطيني وان يتركوا لعب دور التابع ودور البندقية للإيجار لهذا الطرف او ذاك، وبالتاكيد في هذه اللحظة حركة فتح سوف تكون جاهزة للعمل معهم ومع الكل الفلسطيني لكي نتوصل لاهدافنا كاملة والنضال ضد هذا المحتل وليس عن طريق ما يشاع عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تسيء للشعب الفلسطيني".
وفي تعليقه حول العقوبات الإسرائيلية الأخيرة على السلطة الفلسطينية، أشار النمورة الى أن:" كل هذه التصريحات والاجراءات الاحتلالية لا يمكن ان ترهب شعبنا الفلسطيني، والقيادة مستمرة بالمطالبة بحقوقنا ولن ترهبها لا اجراءات بن غفير ولا نتنياهو ولا كل هذه العصابة، اقول إن الشعب الفلسطيني صامد على ارضه، لديه هدف وهو دحر هذا الاحتلال عن ارض فلسطين وبالتاكيد الاجراءات الفلسطينية سواء التي تمت بالامم المتحدة او بالتوجه لمحكمة العدل الدولية او غيرها بالتأكيد سيتم الاستمرار بها وايضا ستتم دراسة اجراءات اخرى للرد على العقوبات التي يقوم بها الاحتلال تجاه شعبنا، القيادة تعرف ما تريد لمصلحة الشعب ولن ترهبنا لا تصريحات ولا اجراءات ولا غيرها، هذه القرصنة التي تتم على اموالنا سنحاسبهم على كل مبلغ مالي تم اقتطاعه وسنحاسبهم على جرائمهم ضد شعبنا منذ احتلالهم فلسطين عام 48 حتى اليوم لأن الجرائم لا تذهب بالتقادم، وتعريف هذا الاحتلال انه عنصري احتلال ارهابي فهذا يرهبه خاصة انه يحاول تسويق نفسه على انه دولة ديمقراطية ولكنه دولة فاشية مجرمة".
تقرير: حياة حمدان