بيت لحم-معا- تواجه مصر حاليًا أزمة اقتصادية حادة، حيث فقد الجنيه المصري نصف قيمته منذ آذار من العام الماضي، وقفز التضخم إلى 24.4 في المائة وفقًا للأرقام الرسمية.
وبحسب موقع "ميدل ايست أي" البريطاني، "في غضون ذلك، ارتفع الدين الخارجي للبلاد إلى ما يقرب من 170 مليار دولار. حذر العديد من المراقبين والمؤسسات المالية الدولية من أن مصر قد تتجه نحو أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وربما حتى الانهيار. رغم ذلك، لا يبدو أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يشعر بالقلق. والسؤال هو من أين يثق السيسي بأن بلاده ستتغلب على الأزمة الاقتصادية الحالية؟ وهل هناك علاقة بين علمه والدعم الذي تقدمه دول الخليج؟".
وبحسب الموقع، "منذ تولي السيسي السلطة بعد تموز 2013، قدمت الدول العربية في الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، مساعدات مالية كبيرة للنظام. لكن التقارير الأخيرة تشير إلى أن دول الخليج بدأت في سحب دعمها للسيسي بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة في مصر. وذهب بعض المراقبين إلى أبعد من ذلك ليشيروا إلى أن الدول العربية تتخلى عن السيسي بعد أن أصبحت مصر تشكل عبئًا ماليًا عليها. لذلك فهم لا يقدمون له الدعم الكافي للخروج من الأزمة المالية ".
وتابع الموقع، "هذه النظرية وثيقة الصلة بشكل خاص في ضوء إحجام دول الخليج عن تزويد السيسي بالمساعدة المالية عينها التي قدموها بعد عام 2013. وكان السيسي قد أقر بذلك صراحة في خطاب ألقاه أمام المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في أواخر تشرين الأول، حيث قال إن "الأصدقاء والحلفاء باتوا مقتنعين بأن الدولة المصرية لم تعد قادرة على الوقوف مرة أخرى بعد أن قدموا المساعدة لسنوات لحل الأزمات والمشاكل". كما وأن هناك أيضًا استعدادا متزايدا لمعارضة تمويل مصر علنًا بين المسؤولين الخليجيين. على سبيل المثال، حذر النائب الكويتي أسامة الشاهين حكومته من تمويل نظام السيسي كجزء من صفقة صندوق النقد الدولي الأخيرة".
وبحسب الموقع، "هل صحيح أن الخليج تخلت عن السيسي؟ للإجابة على هذا السؤال، من المهم فهم خلفية العلاقة بين السيسي ودول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات. دعمت هذه الدول السيسي خلال السنوات القليلة الماضية لاسباب رئيسية. أولاً، اعتبرت السعودية والإمارات سياسات السيسي مفيدة لأنها حالت دون احتمالية اندلاع ثورات أو انتفاضات ".
وتابع الموقع، " يُنظر إلى السيسي على أنه شريك موثوق في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وأبدى استعدادًا للقيام بدور قيادي في العالم العربي. وهذا مهم بشكل خاص للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لأنهما يسعيان لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة".
وبحسب الموقع، "والسؤال الآن: هل هذه المصالح المشتركة بين نظام السيسي ودول الخليج ما زالت قائمة حتى الآن؟ من الأهمية بمكان تقييم ما إذا كانت هذه المصالح المشتركة كبيرة بما يكفي لتبرير الدعم المالي والاقتصادي الذي قدمته دول الخليج للسيسي. يمكن القول إن مصالح دول الخليج في مصر قد شهدت تحولا في السنوات الأخيرة. قد تكون عوامل عدة قد ساهمت في هذا التغيير. أولاً، ربما لم تعد دول الخليج ترى أن هناك تهديدًا كبيرًا للثورة أو الانتفاضة في مصر بسبب إضعاف أي معارضة سياسية وانقسام داخل المشهد السياسي المصري".
وتابع الموقع، "علاوة على ذلك، فإن انشغال الشعب المصري بتلبية احتياجاته الأساسية وانعدام الأمل في التغيير قد يكون قد ساهم أيضًا في هذا التحول في الأولويات. ومن العوامل الأخرى التي ربما تكون قد ساهمت في تحول مصالح دول الخليج في مصر، انخفاض التهديد الذي تشكله جماعة الإخوان المسلمين. يمكن أن يُعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل، منها الانقسامات والتشرذم التي عانى منها التنظيم داخليًا وخارجيًا. بالنظر إلى هذه التطورات، تم إضعاف جماعة الإخوان المسلمين بشكل كبير ولم يعد يُنظر إليها على أنها تهديد كبير لأي نظام في المنطقة العربية، كما كان الحال قبل الربيع العربي".
وبحسب الموقع، "أخيرًا، من الممكن أن تكون دول الخليج قد وجدت خيارات بديلة للتوازن إيران، الأمر الذي ربما أدى إلى تحول في مصالحها في مصر. قد تشمل هذه الخيارات تشكيل تحالفات مع الولايات المتحدة وحلفائها، ولا سيما إسرائيل، أو استخدام مجموعات وميليشيات مختلفة بالوكالة في المنطقة. ربما أصبحت دول الخليج ترى هذه البدائل كخيارات أكثر قابلية للتطبيق أو مفضلة للاعتماد على مصر لتحدي نفوذ إيران. يمكن أن يُعزى هذا التحول في المصالح إلى المشهد السياسي والاستراتيجي المتغير للمنطقة وإعادة تقييم دول الخليج لأولويات أمنها القومي. ومع ذلك، في حين أن النظرية القائلة بأن دول الخليج ستتخلى عن نظام السيسي قد تبدو منطقية، إلا أنها تظل تخمينية في نهاية المطاف.
وختم الموقع، " في حين أن العلاقة بين دول الخليج ونظام السيسي قد تكون متوترة، فمن غير المرجح أن تنتهي بشكل كامل".