بقلم: د. صبري صيدم
هذا ليس عنواناً لكتاب تاريخي، أو مخطوطة أدبية، أو رواية اجتماعية قديمة، بل هو عنوان لتوصيف حال تتصارع وتتسارع فيه وفي فلسطين عوامل الطبيعة الجيولوجية، مع عوامل الخروج عن الطبيعة البشرية الآدمية.
زلزال وعواصف وأمطار ورعود ضربت المنطقة من حولنا، وما زالت الماكنة العسكرية الإسرائيلية مستمرة في هجومها على الشعب الفلسطيني الأعزل، لا تثنيها زلازل ولا عواصف من صنع الطبيعة، بل تستمر هي في صناعة زلازلها وبراكينها الموجهة، آملة أن ترى الشعب الفلسطيني وقد رفع يديه مستسلماً وشد رحاله مهاجراً.
وفود جاءت وذهبت، وبعثات أمنية حضرت وغابت، وما زالت إسرائيل ماضية قدما في هجومها ومسعاها لقتل الهوية الفلسطينية. وسطاء جاءوا ووسطاء غادروا وهم ينشدون الهدوء والتهدئة، بينما دولة الاحتلال تفعل ما تفعله وتمارس ما تمارسه.
ومن بين هذا وذاك من يدعي حرصه علينا، بينما حرصه الدفين هو على استدامة الاحتلال، فكلما ارتفع الموج اشتدت الضغوط على القيادة الفلسطينية، بزعم الحرص على الشعب الفلسطيني، لتجد نتنياهو يتراجع مع تلقيه تقارير أمنية بالانفجار، إن هو قرر الذهاب في خطواته التفجيرية. فهل يتراجع هو بفعل الضاغطين عليه، أم بفعل التقارير الأمنية؟ أم بفعل بسالة الفلسطينيين وعنادهم وصبرهم؟
أياً كانت الأسباب التي سأبحثها في مقال منفصل، فإن البعض لا يخفي امتنانه للقدر والظروف التي جاءت بالإرهابي بن غفير وزميله الإرهابي سموتريتش لسدة الحكم في إسرائيل، لأنهما وبمعية نتنياهو ودرعي، كشفا عن الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال، ذاك الوجه العنصري الاستعلائي الإحلالي الازدرائي، إنما يأتي رافداً لسلسلة السباقات الماراثونية التي تتخذها حكومة الصهاينة للتنكيل بالفلسطينيين، الذي يضطر إزاء البعض ومنهم نتنياهو للتراجع.
الخان الأحمر وعمارة واد قدوم السكنية مثالان صريحان على تراجع نتنياهو عن قرار حكومته بالهدم، لكن تراجعه مبني على التأجيل، وليس الإلغاء، أي أنه ينتظر اللحظة التاريخية والفرصة السياسية المواتية لينفذ مبتغاه.
لكن فشل نتنياهو وحلفاؤه اليوم في أي مهمة أمنية أو ما يقابلها من ردات فعل فلسطينية، إنما يكون بمثابة اللغم الذي سينفجر تحديداً في وجه بن غفير، خاصة أنه هو من وعد الإسرائيليين بالأمن والأمان، لكنهم لم يلمسوا ذلك بعد شهر من توليه زمام ما يسمى بوزارة الأمن، وعليه تجدهم، أي الإسرائيليين، يلومونه ويشتمونه ويهاجمونه ويهينونه مع كل ردة فعل فلسطينية.
الحقيقة أن ما تراه إسرائيل اليوم تحديداً ليس إلا نتاج المراهقة السياسية التي يعيشها بن غفير وأعوانه، وقراءته التاريخية الخاطئة لمصائر الشعوب المحتلة التي تقاوم الاحتلال وتحاربه وصولاً إلى تحررها.
إسرائيل اليوم تدفع أثمان النزوات الثلاثية للرباعي الخطر في تاريخها وعمرها ووجودها. وعليه فإن الضغط لن يولد إلا المزيد من ردات الفعل الموازية في القوة والحجم، وهو ما سيقود وفي حال اتخاذ إسرائيل لقرارها بوضع الفلسطينيين في مواجهة زلزال أكبر، إلى حال يخلق زلزالاً كبيراً في وجه بن غفير، صاحب السبق في ترويج وعوده الكاذبة والفارغة عن الأمن، والسبق في الوقوع في شركها وشرها.
حكومة الطيش السياسي أو حكومة الشر في تل أبيب بقيادة الرباعي الخطر، إنما تسارع الخطى نحو الزلزال الأكبر ليواجهها زلزال الشعب الفلسطيني وطوفانه، فهل يتحقق الطوفان؟ ننتظر ونرى.