السبت: 02/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

السلطة تهلك بالشيخوخة المبكرة وفقدان عدالة التوزيع أمام قوة تدافع الأجيال

نشر بتاريخ: 08/03/2023 ( آخر تحديث: 08/03/2023 الساعة: 16:57 )
السلطة تهلك بالشيخوخة المبكرة وفقدان عدالة التوزيع أمام قوة تدافع الأجيال

بقلم رئيس التحرير د ناصر اللحام

تنتشر كتائب المقاتلين المدافعين عن المدن في اوسع مناطق الضفة الغربية فيما تنحسر قوة السلطة والاجهزة الامنية الى اماكن محددة وفي اوقات محدودة .

لأول مرة في تاريخها تعاني السلطة من فقدان هيبتها وتحطم مجاديفها على صخور المرحلة الجديدة، ومع كل يوم يمضي تضعف شعبيتها، وتنحسر لمستويات غير مسبوقة. والأسباب واضحة لدرجة يتحدث عنها كبار مؤسسي السلطة علانية .

الفشل السياسي هو العنوان الأبرز والاقوى. ومنذ 2008 انشغلت السلطة في قراءة السياسة العالمية والسياسة العربية، ولكنها نسيت قراءة الشعب الفلسطيني. وفشلت السلطة في قراءة الواقع الراهن وخطورة الاعتداءات الإسرائيلية وظلّت حالمة بخطاب باهت وقديم، خطاب يعتمد على التوسل والرجاء والنوايا الغامضة، وهو ما ندفع ثمنه اليوم . ان الخطاب السياسي للسلطة صار عبئا على الجماهير، ولا يقودها بل يعرقل نهضة الحركة الوطنية. خطاب يفتقد للشراكة السياسية ويتفقد للشرعية البرلمانية وشرعية المجلس الوطني والمجلس المركزي، وينقصه الروح النضالية، والأخطر انه خطاب لا تخشاه إسرائيل ولا تحترمه ولا تتعامل معه .

الفشل الأكبر بعد الفشل في الخطاب السياسي، هو الفشل الإداري . وليس لي اية ملاحظات على شخصية رؤساء الحكومات. من المرحوم أبو علاء قريع ومرورا بإسماعيل هنية وسلام فياض ورامي الحمد الله ووصولا الى محمد اشتية. وانما الفشل هو فقدان هذه الحكومات للرؤية البنائية الإنتاجية الإدارية والمالية والتي تضمن عدالة التوزيع. فالحكومات بما فيها حكومة غزة هي حكومات مستهلكة لا تنتج قمحا ولا تنتج فكرا وتكنولوجيا، ولا تلبي احتياجات الأجيال وتعطشها للديمقراطية وللمشاركة. حكومات تبكي وتشكي طوال الوقت حتى صارت شريكا حصريا في الانقسام وفي الإحباط السياسي وفقدان الشغف. وفي النهاية تحوّلت هذه الحكومات الى منتج اول للازمات.

وصار الحكومات تخلق ازماتها، وتخلق مشكلة لكل حل. وتخلق يأسا وتخلق فشلا تلو فشل وتغلق الأبواب امام عشرات الاف الخريجين .

إدارة الازمات في السلطة من أسوأ اشكال إدارة الحكم، فهي تحل المشكل بخلق عشر مشكلات جديدة الى جانبها .

سوء الأداء وغياب الرمزية الكاريزمية . استفحال المحسوبية. وفساد التوظيف. وفشل الاقتصاد. واستبدال الكفاءات بالولاءات الكاذبة، جعلت من المستحيل الحديث عن اصلاح ينقذ السلطة. حد وصلنا الى ضرورة التوقف وإعادة قراءة ذواتنا من جديد تحت شعار إعادة انشاء نظام حكم صالح ورشيد مبني على الإنتاج ومبني على المحاسبة والرقابة .

كنت قبل سنوات اناقش كل مرة مع الدكتور رامي الحمد الله خشيتي أن تصبح السلطة الفلسطينية سلطة فاشلة مثل الدول العربية الفاشلة التي تعرفونها . وكان لا يزال حينها امل بالإصلاح وبالوحدة .

اليوم انا متأكد اننا وصلنا الى "مرتبة "سلطة فاشلة بامتياز . ولا امل بإصلاحها الا من خلال إعادة تشكيل النظام السياسي وبمشاركة جميع القوى ومختلف الحركات نحو نظام ثوري ديمقراطي يضمن احترامنا لذاتنا الوطنية والإنسانية قبل ذاتنا السياسية .

ربما يخطط اعداء الامة لإجهاض فكرة إقامة دولة، وانهم يخططون أيضا لإقامة الدويلة في قطاع غزة لتهويد القدس وتهويد الضفة . ولكن هذا ليس مبررا لكل ما نفعله بأنفسنا .

اذا استمر الوضع على ما نحن عليه فان السلطة سوف تنتهي تماما برحيل الرئيس أبو مازن . ويصبح مستقبل الضفة امّا بالضم العنصري الى إسرائيل ، وامّا بضم ما تبقى من سكانها الى المملكة الأردنية .

على صعيد الحكم سوف نكون امام خيارين : امّا نظام بوليسي وامّا الفوضى . وهما خياران بائسان ستدفع الأجيال القادمة ثمنا باهظا عليهما .