الثلاثاء: 05/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عذراً حواء!!!

نشر بتاريخ: 08/03/2023 ( آخر تحديث: 08/03/2023 الساعة: 20:08 )
عذراً حواء!!!

الكاتب: الأسير مراد أبو الرب

عذراً حواء!!! ... فأنا لن أحتفل گعادتي بهذا اليوم ، نعم !! لا تستغربي ، فهذا اليوم عندي تعنيفٌ لكِ و إسقاطٌ من شأنكِ ، و شأنكِ عندي أكبر من أن أذكره في يوم .. أتعلمين لماذا ؟؟!!

لا أحسبه لهذا اليوم ، لأنني تربيتُ في بيتٍ لا يفرق بين آدم و حواء ، هكذا هي الأمور ببساطة !! ف والديّ أطال الله في عمرهما و أنعم عليهما بدوام الصحه و العافيه ، علموني هذا و كان بيانهم الأول بالنسبة لي أهم من كل القوانين .
في بيتنا الصغير قوانين ، لا يجوز تجاوزها ، العنف ممنوع .. و التنمر ممنوع !! ، وكل من يمارس ذلك فلا حق له سواء أكان ذكر أم أنثى !! .. هكذا تربيت ، و الحوار هو الأساس و أجزائه أيضاً دون كي !!
اليوم يحتفل العالم بهذا اليوم ،و بنفس الوقت ما زال يمارس الجريمة ضد حواء ، يقف آدم محتفلاً بهذا اليوم أمام الكاميرات و على المنصات و كل حرفٍ ينطق به كذب ؛ لانه ببساطة هو الذي يمارس الاضطهاد و العنف ضد حواء !!
فلو لم يمارس آدم هذا الظلم فلم يكن هناك حاجة للاحتفال بهذا اليوم ، و الأغرب أن حواء تقف و تصفق و تفرح لأنه أصبح لها يومٌ من أيام السنة ، و لكن .. ما بقية ايام السنة !!!؟؟
كم من حواء قتلت يا آدم ؟؟؟ لا أقصد هنا القتل الفعلي ، لأن هناك ما هو أصعب من القتل أن تعيش حواء حسب قوانينك و أهوائك و عاداتك و تقاليدك ، هذا أصعب من القتل !!
اذا عبرت عن مشاعرها و حبها قتلتها !! أما أنت فكلما كثرت عشيقاتك و تفاخرت بذلك ، تقول عن نفسك :
دنجوان !!!
و التدخين و السُكر حرام عليها و حلال عليك !! وكم من حواء قتلت لأنها لطخت شرف العائلة و هي في الحقيقة أطهر من قاتلها !!!
عذراً منكِ حواء ، إن اغتصبتك و حكمت عليك بالاعدام ، ولم اعطيكِ حقك بالميراث ، و متعتك ، و منعتك أن تتعلمي و تعملي ، فأنتِ لم تخلقي لذلك ، فالله خلقك لِخدمتي و الوقوف على راحتي .
ما أوقحنا نحن ابناء آدم ، حتى على الله تبوؤنا و كذبنا ، فالله قال :
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ".
ونقول أننا نطبق حكم الله ، و الله بريء مما قلنا و فعلنا ، حواءٌ أنتِ أكبر و أعظم من أن تحصري نفسك في يوم ،فأنتِ النصف الأول و مربية النصف الثاني.
اسأل نفسي كثيراً هل هذه عادات و تقاليد !! و لكن من وضع تلك العادات والتقاليد!؟؟ هل كان لحواء نصيب في وضعها ؟؟ أم أنها كانت مستثنية من ذلك ؟؟ و لكن عليها الامتثال .. و كيف ذلك أهي عبدةٌ أم أنها قطعة أثاث في البيت !!؟؟؟
نحن في الحقيقة لا نتقدم ولا نتحضر اذا احتفلنا بهذا اليوم و إنما نتأخر و نتراجع ، لانه منذ أكثر من 1400 عام كانت هذه الحقوق للمرأة ، فقبل هذا التاريخ اي قبل بدء الاسلام و بالجاهلية الاولى كانت توأد وتدفن صغيرة لانها حسب معتقداتهم وجود انثى بالبيت يجلب العار لأبيها وعائلتها ، فكانت العرب قديما تصاب بالشؤوم و اللعنة عند وضع الانثى و كانت أيضا مجرد متاع للرجل فقط دون رأي ولا حول ولا قوة فهي كانت تعتبر جارية ، تقوم بأعمال البيت من طبخ و غسيل و متعة زوج ... الخ
الى أن جاء الإسلام و أوضح كيف أن ما بين آدم و حواء شراكة وهي اعمار هذا الكون و ليس تصارع و قتال ، ولا أريد هنا قول التفصيل التفصيل ،، فما جاء به الإسلام للمرأة و لكن اقول لمن اراد فعليه أن يعود و يقرأ و يفهم الدين بالشكل الصحيح و حينها سيرى أنه لا يوجد فرق بين آدم و حواء ، الا في الأمور التي تساعد على اكتمال العدف المنشود و هو إعمار هذا الكون .
و أقصد هنا الصفات الفسيولوجية و السيكولوجية ، و لكن آدم من البداية ألزم حواء بما يريد ، و التي هي بدورها انصاعت لأوامره و بذلك أصبح أنه من العادي ممارسة الخطأ !!

فبدل أن نحتفل بكل عام بهذا اليوم ، الأولى أن نضع خطة للوصول إلى الهدف وأن تأخذ حواء مكانتها التي تستحق ، ومن يعتقد أنه بالقوانين يستطيع فهو واهم ،، و ذلك لأن الكثير من القوانين مكتوبة ولكن كم منها يطبق !!
ولكن إذا كانت ثقافتنا بمعنى أنه من الشذوذ التعامل مع حواء كأنها قطعة أثاث ، وأن آدم هو الذي يعطيها مهما و متى يريد !! حينها فقد تطبق القوانين قبل كتابتها ، و هنا لا أقلل من قيمة كتابة القوانين لأن فيها حفظ للحقوق و تطبيقها واجب ، لكن ما الفائدة اذا لم يطبق المكتوب !!!!

علينا البدء من هذه اللحظة أن نربي أولادنا و أقصد هنا الذكر و الأنثى ، أن لا فرق وأن لا يُفضل أحدهما على الآخر بل أن نعاملهما بشكل متوازن ،و حينها فقط سيصل أولادنا .
لأن التغيير لا يكون بين ليلة و ضحاها ، وانما بحاجة إلى صبرٍ و مثابرة ، هكذا يكون الاحترام لحواء و ليس بتخصيص يوم لها ،فإذا أردنا أن نفعل ذلك فليراجع نفسه آدم ، وان يتم معاملته بالطريقة التي يعامل بها حواء إنسانياً و دينياً , المهم في هذا اليوم أن لا نحتفل و نأخذ صور تذكارية ، المهم أن يصبح ما نقوله فعل ممارس على الأرض .

عذراً منكِ حواء !! ... و أعود وأكرر أنني لن اعترف بهذا اليوم لأن كل الايام لكِ ، و هنا اقف احتراماً لأمي و شقيقاتي والى كل امرأة تمارس دورها في هذه الحياة و لا ترضى أن تكون مجرد تكملة ، كوني أم أو حبيبة أو مهندسة أو طبيبة أو موظفة أو معلمة .... الخ ، كوني حرة ولا تكوني مستعبدة ، فالمرأة خلقت حرة ، وأنتِ حرة ، فلا تسمحي لأي إنسان أن يستعبدكِ ...
و أخيراً أقول :
حين كتب نزار قباني عن المرأة و تغزل ؛ وقفن و صفقن بعد أن حفظن ما كتب .. وفي نفس الوقت حينما عبرت حواء عن مشاعرها اغتصبناها و قتلناها ، وأيضاً وقفن هنا و صفقن للقاتل !! ومارسنا رجولتنا و رقصنَ فوق جسد الضحية !!!

قلعة الشهيد عبد القادر ابو الفحم
سجن عسقلان المركزي