الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فعاليات في القدس العتيقة تُبرز هوية المكان وتُضفي طمأنييةً بغدٍ أفضل

نشر بتاريخ: 12/03/2023 ( آخر تحديث: 12/03/2023 الساعة: 21:23 )
فعاليات في القدس العتيقة تُبرز هوية المكان وتُضفي طمأنييةً بغدٍ أفضل

القدس- معا- ندى شحادة- على الرغم من محاولات الاحتلال المستمرة لتهويد مدينة القدس واعتداءاته المتصاعدة على أهلها، فإن المقدسيات يعملن جاهداتٍ على إبراز الهوية الفلسطينية العربية للمدينة، من خلال الفعاليات الرمضانية التي تؤكد مفاهيم عروبة القدس، فها هن المقدسيات قُبيل رشهر رمضان الفضيل يتنافسن على تقديم أفكارٍ جديدةٍ تختلف عن الأعوام السابقة ما بين تنظيم زفات شعبية وتوزيع حلويات وتزيينٍ للمنازل والبنايات.

في ساحات المسجد الأقصى وأزقة البلدة القديمة، تحتشد المقدسيات التصاقاً بالمكان وانتماءً له، يتوافدن من كل صوبٍ باتجاه ساحات المسجد، ليباشرن مهام التنظيف والتزيين مع قرب الشهر الفضيل، كما لا تفوتهنّ المبادرة لتنظيف المقابر قرب المسجد، يعملن ساعاتٍ طويلةً بجدٍّ واجتهادٍ غير آبهاتٍ باعتداءات الاحتلال ومستوطنيه وتهديداتهم المستمرة.

الاستعداد لفعاليات رمضان

آية الكسواني، البالغة من العمر 34 عاماً، تبدأ بعرض المنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمن يود الانضمام لخدمة المسجد الأقصى في أيام الشهر الفضيل، وتعلن عن فعاليات ثقافية متنوعة تتضمن التعريف عن أبواب المسجد الأقصى ومصلياته، ليشاركها مئات الأطفال الذين يمرحون ويلعبون من خلال دمجهم في فعاليات الرسم والتلوين ومسابقاتٍ تتعلق بقدسية المكان.

مبادراتٌ عدةٌ تنشط بهدف إنعاش البلدة القديمة والشراء من تجارها، مقابل ترميم عشرات المنازل في البلدة العتيقة من دهانٍ وتأثيثٍ وإعادة تأهيل، في تأكيدٍ على أن المكان لأهله وإن طال الاحتلال.

وتُجرَى تلك الفعاليات والمبادرات، على الرغم من محاولات سلطات الاحتلال إحباطها ومنعها والاعتداء على المشاركين فيها؛ ومن تلك الاعتداءات تحرير المخالفات للمشاركين في هذه المبادرات التي تصل إلى ألف شيكل، وتعرض بعض المقدسيات المرابطات إلى الحرمان من خدمة التأمين الصحي ومخصصات ضمان الدخل عدة أشهر، ومساومتهن على استرجاع تلك الخدمات مقابل ترك المكان، ولا تفوت هنا الإشارة إلى قيام سلطات الاحتلال كل عام باحتجاز الشبان "المُسَحّرين" بمزاعم التسبب بالضجيج.

ورصدت محافظة القدس خلال عام 2022 استعمال قوات الاحتلال القوة المفرطة بحق المقدسيين في مختلف أنحاء المحافظة، إذ تم رصد قرابة 2486 إصابةً بالرصاص الحيّ والمعدني المغلف بالمطاط، إضافةً إلى الاعتداءات الجسدية على أيدي قوات الاحتلال والمستوطنين.

وشنت قوات الاحتلال خلال عام 2022 حملات اعتقال واسعة في صفوف المقدسيين، وتم رصد 3504 حالات اعتقال لمواطنين مقدسيين شملت نساءً وشيوخاً وأطفالاً.

المرابطات.. العزيمة والثبات في مواجهة الاعتداءات

نساءٌ مقدسياتٌ مرابطاتٌ داخل ساحات المسجد الأقصى، ارتبطن بالمكان ومعالمه، فبات ملاذهن في لحظات الحزن والفرح، لا يستطعن مفارقته سوى ساعاتٍ قليلة، وبالرغم من توعُّدهن بالملاحقة وتعرضهن للإهانات والضرب والسحل في بعض الأحيان، فإنهن مصراتٌ على المضي في طريق الرباط ليصبحن خط الدفاع الأول عن المسجد ومحيطه.

في كل رمضان، يتكثف حضور المرابطات ونشاطهن، يُجابهنَ أي محاولاتٍ للاحتلال ومستوطنيه للاعتداء على المسجد، ويقمن بتحضير وجبات الطعام للفطور لتقديمها للمصلين داخل المسجد الأقصى، خاصة للقادمين من مناطق أُخرى، وهي إحدى أهم الفعاليات التي تشهدها مدينة القدس في الشهر المبارك .

وتغدو طبخة "المقلوبة"، وهي أكلةٌ شعبية، الخيار الأول للمقدسيات، وهي التي يصفنها بـ"أكلة النصر"، إذ إن الروايات الشعبية المتداولة تشير إلى أن صلاح الدين الأيوبّي هو الذي أطلق ذلك اللقب عليها حين فتح القدس، وقام أهل القدس بتقديمها إليه وإلى جنوده، وعندما أكلها أعجبته، فسأل عن اسمها واصفاً إيّاها بـ"الأكلة المقلوبة"، فأصبحت تسمّى منذ ذلك الوقت بـ"المقلوبة" تيُّمناً بوصف الأيّوبي.

وعلى الرغم من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس والاستهداف المتواصل للمسجد الأقصى، قبيل شهر رمضان، تثبت المقدسيات أن العزيمة والثبات هما السلاح الأقوى وحصن القدس المنيع في مواجهة محاولات الاحتلال المستمرة لتهويد المدينة وطمس هويتها الفلسطينية العربية.