بقلم: د. صبري صيدم
يقول آلان دونو في كتابه «نظام التفاهة»: يكفينا أن ننظر حولنا حتى نرى كيف اخترق التافهون الإعلام والسياسة والفن، بحيث تسيدت شريحة من هؤلاء التافهين والجاهلين وذوي الوضاعة العقلية مجتمعات عدة، وذلك لخدمة أغراض محددة.
وبهذا وصف دونو تلك الشريحة التي أوصلت تافهاً إلى كرسي السلطة في حكومة احتلال هو الأطول في التاريخ المعاصر، فبات يحتل وبجدارة موقع وزير التفاهة: إنه وزير الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سيموتريتش الذي استحق باقتدار ذلك الموقع، نعم موقع وزير التفاهة، لا لكونه تافهاً متطرفاً فحسب، بل لنكرانه التاريخ بعد أن اعتقد أن قوة جيشه واحتلاله قد منحاه من الغطرسة ما يمكّنه من اغتيال التاريخ.
اغتيال وظّفه سيموتريتش لشطب الشعب الفلسطيني السامي الأصيل، وبذلك أصبح من يتهم الناس بمعاداة السامية، لمجرد احتجاجهم على سياسات إسرائيل، العدو الأول للسامية، بل بات قولاً وفعلاً المعادي الأول للبشرية، فمن ذا الذي يستطيع أن يشطب الشعوب والبشر؟ بل أليس كل من يشطب شعباً أصله من الكنعانيين والفينيقيين والآراميين يشطب شعوباً سامية بأصلها وأصالتها؟
لقد تخطى وزير التفاهة هذا كل مكونات المنظومة الآدمية وضوابط الأخلاق وحقوق الإنسان مع تصريحه الأخير وتفوهاته التي تجاوز معها حدود التشدق، بعد أن تحدث بإبادة بلدة حوارة الفلسطينية الأصيلة، ليطلق بعدها تصريحه بعدم وجود الشعب الفلسطيني، معتلياً منصة رسم عليها خريطة تشمل فلسطين والأردن وأجزاء عزيزة أخرى من العالم العربي.
فهل يعود وزير التفاهة إلى مربع تحقيق المقولة المنقوشة على مدخل برلمان الاحتلال المعروف بالكنيست والتي تقول: دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل؟
لقد ساهم العالم الصامت بهذا التعالي والغطرسة والتكّبر بعد أن تجاهل صيحات البشرية بضرورة عدم استقبال سيموتريتش وعدم السماح له بالدخول إلى أمريكا وفرنسا ومحاكمته بتهم معاداته للإنسانية. هذا التجاهل قد شجعه وسيشجع غيره على مواصلة التطاول والتسابق بتصريحاتهم ومواقفهم.
وعليه فإن صمت العالم على سيموتريتش وبن غفير وغيرهما من دعاة القتل والتدمير، سيقودنا نحو المزيد من الدماء والحقد والكراهية، إضافة إلى التحريض المتصاعد على القتل والاستعلاء.
جرائم يتحمل مسؤوليتها أولئك الصامتون المصرون على أن إسرائيل فوق القانون وفوق كل اعتبار، وأن أحداً لن يسمح له بقول أو فعل ما يقوله الاحتلال.. فهل تبقى التفاهة وتسييد التافهين شعار المرحلة المقبلة؟ ننتظر ونرى !.