للكاتبة والفنّانة التّشكيليّة رجاء بن موسى
إهداء من بنت تونس إلى شعب سلطنة عمان
بمناسبة افتتاح جلالة السلطان هيثم بن طارق متحف عمان عبر الزمان
إنّ التّواصل بين الحضارة العمانيّة والحضارة التونسيّة كان منذ الفتوحات الإسلاميّة أين انتشر الأزد العماني في شمال القارة الإفريقيّة
وقد تواصل هذا اللّقاء بين البلدين
في لقاء تاريخي منذ فترة السبعينيّات بين السّلطان قابوس والزعيم بورقيبة
و اليوم نقف إجلالا لمشهد يهتزّ له العالم إكبارا و افتخارا
بافتتاح جلالة السّلطان المعظّم هيثم بن طارق لمتحف عمان عبر الزمان
فنبارك لجلالته وللشّعب العماني بهذا المعلم التّراثي الذي يحمل ثروات الحضارات التي توافدت على هذا البلد بعاداته و تقاليده و تشبّثه بهويّته منذ ملايين السّنين إلى عهد السّلاطين
على ضفاف حكايات ألف ليلة وليلة
تهزّنا الأمواج على وقع ما دوّنته حروف السمارئيّين فوق شراع ماجان في رحلتها إلى متحف عمان عبر الزمان
هنا على رمال صور تهديك أمواج الهند خشب السّاج فتنقش على وقعها سيوف انتصاراتك من غدر البرتغال
و أناشيد سلافة تردّدها النّوارس تساير مقاذيفا تغوص في أعماق الأساطير قد أحكم هجرانها سندباد البحر أحمد بن ماجد
فهل سايرت أيّها الملاّح هيكل سفينة سيّدنا نوح حتى تجتاز طوفان الزمان
وتحمل على متنها عصور أرضك. افتخارا بين موانئ الحضارات
و هديّة لكلّ عاشق غزا وطنك قداسة و هياما
لقد كنت يا مأمن نجل الخليل فاتحة لنسمات البشريّة.
فعلى جدران كهوفك الحجريّة آمنًا ما كتبت العهود الأولى أنّ سلطنة عمان مهد حريّة واستقرار
وعلى خشبة مسرحك دقت القلوب ثلاثا لتتوه وراء خطوات عمانثريوم الأولى
ثم تصحو على اهتزاز الجفون لمّا بدت لها ثلاثية الفصوص قد سبقت أمواج بحارك على زبد ملايين السّنين
وتتخطّى الحضارات نفحات أرضك لتستقر على البوسعيديّين
و تشعّ أساطيرا مع نجوم النهضةمن سمفونيات السّلطان قابوس إلى رياض السّلطان هيثم بن طارق
هنا ألمحك أحمد الباديٌ العمانيٌ بعمامتك تزهر بين كواكب العالم عيدا
و تتطوّق خصرك بخنجر من الجنان الفضيّة
قد اتخذته اليونسكو رمزا لهويتك الوطنيّة وشعارا لسلالة البوسعيدييّن
وفزت به أنت مشعلا لشهامتك ودرعا لكل الطوارئ
إقتداء بسعيد بن سلطان فقد وشّم على صدر خنجره زخارف هوّيته وأوّل أركان إسلامه وقدّمه هديّة للملوك والسّلاطين بمقبضه الذّهبيّ و الماسيّ
فخشعت له خناجر النزوانيّ و الصوريّ بقرون عاج وحيد القرن والفيل
وعلى حركة الفريخة بين مدّ وجزر يقفز الفارس ناشرا الساحة عنبرا و عودا على إيقاع الترويحة وقد أمسك طرف شاله بيده اليمنى وأطلق يده اليسرى لخنجره سهما لكل عدوان
ثمّ يدور دّوران الفلك بعدا عن النجوم وهو يداعب بندقيّته و سيفه على ما تنشده له نسمات البارود من ترنيمات الهبوت
* وانشوفكم بفرح فؤادي وخاطري*
و ينشد جبل الشمس شذا آل هود بين صفوف من الجنود على وقع السّيوف والتروس ذكرى للإستقلال
وقد تتحوّل القصافي إلى حلقات عكاظ على وهج رمال وهيبة
هيّ سجال بين شيوخ القبائل عزة لكرمهم وجودهم و شهامتهم
* ويي لالي يي لالي يي لالي *
بين وقع طبل الهمبل الكاسر والدحماني و نفخ البرغام
تفتح ساحة الوغى لقدوم الفرسان على نسائم صحاري
والورد الجوري العماني قد فاح ربيعا و بهاء وإن كان مدجّجا بخيوط الذّهب والفضّة ليشع وقارا و دلالا
وقد رشّ على صفوفه اللؤلؤ والمرجان غنيمة من البحار و الخلجان
وأخفى عبير ريحانه في الخرس خجلا وحياء
و تدلٌت من كبريائه أكمام الدشداشة المترنّمة بخيوط السّيم والمرصّعة بالخرز وهو يسقي الحياة ماء ورد و عسلا فخرا بحلويّات عمان
وقد لاحت من صدره شمس الأصيل تاجا للجبل الأخضر و هوى العاشق لزهر الرمّان و الجوز و التفاح
فطربت لرقص الحنحون على بساطه بداوة وأصالة
وعزّز بريقه بشكمة تتدلّى منها الشلاشل و الجلاجل
و قد أضاءتها الشّبّابة مرصّعة خرزا وترترا و هو يسدل فوق سوالف اللّيل ثقّالة من لآلئ النجوم
ليكشف عن رقصات قرط التركيّة
وقد عدّل إيقاعها العڨام بموجات من كنوز المرجان
و بلاغة تستهويك بشموخها وعزّتها
كنجمة قطبيّة بين خدودها
و ترنيمة خطواته بين نهري الفضة والذهب يهتزّ على النطل والجلجل
وفي ظفار تتعالى فنون الثغرود
من أهازيج الفرسان على خباب الجمال
بين رمال شعثاء غبراء و صولجان يلحّ على الفوز و الانتصار افتخارا
و رفعا لراية عراقة رياضة الكثبان في الأوطان
ومازلت رحلتي في عمان لا تفارق الزّمان