غزة- معا- عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة جلسة استماع حول الرقابة على قرارات وإجراءات جباية الرسوم الإضافية ومدى انسجامها مع السياسات المالية والاقتصادية التي يستوجب أن تلبي أولويات المواطنين وأن تكون ملائمة للظروف المواتية، بهدف نقاش أسباب وآثار فرض رسوم إضافية وسبل تطبيق الممارسات المثلى التي تعزز حالة التوازن بين متطلبات القطاع الحكومي والتجاري والمواطن، وترسيخاً لأهمية اتباع النهج التشاركي في نقاش قضايا ادارة المال العام وتعزيز حق المواطن في الحصول على المعلومات.
جاءت الجلسة على ضوء ارتفاع الأسعار لبعض السلع والبضائع في السوق المحلي بسبب استمرار سياسة تعظيم الجباية المالية في غزة بهدف تحسين الإيرادات المحلية، إذ عملت وزارات الاختصاص على فرض رسوم إضافية على أذونات الاستيراد، بعد اتخاذها إجراءات بتعديل الرسوم الخاصة بأذونات الاستيراد والتي أثارت استهجان المواطنين والرأي العام.
شارك في اللقاء ممثلون عن المجلس التشريعي، ووزارة الزراعة، إضافة لمشاركة عدد من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني وأعضاء الفريق الأهلي وممثلي القطاع الخاص ونقابة الألبسة والمنسوجات وعدد من المختصين، فيما تغيبت وزارة المالية عن المشاركة في الجلسة ولم تستجب لدعوة الفريق.
ضعف في الشفافية
افتتح الجلسة السيد وائل بعلوشة، مدير مكتب أمان في غزة، مشيرا الى تضارب في المعلومات حول موضوع التعلية الجمركية، إذ لم يصدر بياناً رسمياً واضحاً من جهات الاختصاص لإزالة هذا التضارب، مفصحاً في الوقت ذاته الى أن وزارة الاقتصاد الوطني في غزة اكتفت بالرد الخطي على دعوة الجلسة، حيث أشار وكيل الوزارة السيد عبد الفتاح الزريعي، بأن وزارة الاقتصاد لم تفرض مطلقاً أي رسوم جديدة على إذن الاستيراد.
فيما استعرضت السيدة مروة أبو عودة، منسقة المناصرة والمساءلة في أمان بغزة معلومات رصدها الفريق الأهلي بشأن سياسة الجباية المالية في غزة، وعلى وجه التحديد الإجراءات التي انبثقت عن قرارات وزارة الاقتصاد بشأن تعديل رسوم أذونات الاستيراد على 25 سلعة بديلة لمنتجات محلية بهدف دعم سياسة حماية المنتج الوطني، استنادا لما تم إعلانه من قبل ممثلين عن وزارة الاقتصاد دون إعلان الوزارة بشكل رسمي عن سياساتها الاقتصادية أو عن أي قرارات عامة ذات علاقة بالتعديل على الرسوم العامة.
كما أشارت أبو عودة إلى أن صلاحية التعديل على الرسوم منحت للجنة متابعة العمل الحكومي بموجب قانون رقم 4 لسنة 2021 والمتعلق بصلاحيات لجنة العمل الحكومي في تعديل الرسوم أو إضافة رسوم جديدة مع إخضاع قراراتها لرقابة المجلس التشريعي والحصول على مصادقته فقط في حالات الإعفاء أو الإلغاء أو إذا قدرت الرسوم بنسبة مئوية أو في حالة الرسوم التي تتجاوز قيمتها 100 دينار، الا أن الجهات التنفيذية عملت على تجزئة الرسوم المعدلة على الواردات بحيث تم تقديرها على الوحدة الواحدة بحيث تكون أقل من 100 دينار، وعليه تسقط الزامية اخضاعها للمجلس التشريعي.
والجدير ذكره أنه ومنذ العام 2021، لم يتم نشر أي قرارات خاصة بإنشاء أو التعديل على رسوم عامة في الوقائع الفلسطينية في قطاع غزة، مما يعيق حق المواطن في الحصول على المعلومة، حيث أن دفع الرسوم والضرائب هو التزام على المواطنين ويُقابله التزام على الجهات الرسمية بتوضيح كيفية فرض هذه الرسوم والضرائب ومدى ملاءمتها للقانون وللمصلحة العامة.
ضعف النهج التشاركي
وبعد نقاش المشاركين كان هناك توافق على وجود مبالغة في القيم الناتجة عن التعديلات على الرسوم وآثارها على الأسعار النهائية وبالتالي زيادة العبء على المواطن، إضافة إلى أهمية نشر القرارات والبيانات الخاصة بإجراءات السياسات الاقتصادية وسياسة الجباية المالية، كما اشار المشاركون الى عدم إشراك الجهات التنفيذية لهم في دراسة آليات تطبيق سياسة حماية المنتج الوطني، ما يشير إلى أن النتائج السلبية للقرارات العامة وإجراءات تعديل الرسوم المرتبطة بها ناتجة عن عدم اتباع الجهات الحكومية للنهج التشاركي في دراسة القضايا العامة وإقرار السياسات المالية والاقتصادية العامة.
الانقسام وسياسة الازدواج الضريبي زادت اعباء المواطنين والاسعار
كما خلص المشاركون أيضا الى أن سياسة الازدواج الضريبي الناتجة عن فرض التعلية الجمركية على الواردات من معبر كرم أبو سالم، مع الاستمرار في التعديل على الرسوم العامة بإضافة مبالغ إضافية عليها، تشير إلى استمرار سعي الجهات الرسمية في غزة لتعظيم الإيرادات المحلية بما لا يخدم المصلحة العامة، الأمر الذي أدى الى ازدياد تذمر المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار النهائية، إضافة إلى أن فتح المجال للجان الفنية في السلطة التنفيذية بتعديل الرسوم عند الحاجة دون نقاش جهات الاختصاص والمجتمع المدني وأطرافه من قطاع خاص (تجار ومنتجين)، يشير الى اعتماد مبدأ السلطة التقديرية في تعديل الرسوم والجمارك الأمر الذي يضعف من نزاهة العملية.
توصيات الورشة
وأجمع المشاركون والفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة على رفع توصية للجنة العمل الحكومي والمجلس التشريعي بضرورة عدم الاستمرار في زيادة تحميل المواطنين أعباء الانقسام، بما فيها الازدواج الضريبي كونه أحد إفرازات الانقسام، إضافة الى توصية الجهات الرسمية وعلى رأسها لجنة العمل الحكومي بضرورة مراجعة قرارات تعديل رسوم أذونات الاستيراد ودعوة وزارة الاقتصاد لدراسة أبعاد تطبيق سياسة حماية المنتج الوطني والاستمرار في تطبيقها بما يتلاءم مع الوضع الاقتصادي في غزة، أملا في تحقيق توزان يخدم المنتجات المحلية والتجار ولا يساهم في زيادة الأعباء على المواطن، وأخيراً أن الجهات الرسمية لا يمكن أن تحقق نتائج حقيقية تعكس على الواقع الاقتصادي دون اتباع النهج التشاركي بحيث يتم اعتماد سياسة نقاش ذوي العلاقة والمجتمع المدني في السياسات والقرارات العامة.