تل أبيب- معا- وجه مسؤولون ومحللون إسرائيليون، الأربعاء، انتقادات للحكومة الإسرائيلية إثر الهجمات التي وجهها الجيش على قطاع غزة خلال الليلة الماضية، ووصفوها بأنها "لم تكن قوية".
وعلى مدى ساعات، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية هجمات واسعة على أهداف في قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد مواطن فلسطيني وإصابة 5 آخرين.
وبررت إسرائيل هجماتها بإطلاق فلسطينيين في قطاع غزة رشقات صاروخية باتجاه غلاف القطاع، ردا على وفاة القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" خضر عدنان، بعد خوضه إضرابا عن الطعام في السجون الإسرائيلية منذ اعتقاله في 5 فبراير/ شباط الماضي، رفضا لاعتقاله وللتهم الموجهة إليه وعلى رأسها "التحريض".
وصباح الأربعاء، عاد الهدوء الحذر إلى قطاع غزة والمناطق المحيطة بها، بعد وساطة مصرية نجحت في التوصل إلى وقف لإطلاق النار من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
غير أن سياسيين إسرائيليين، بيهم أعضاء بحزب "الليكود" الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وجهوا انتقادات للحكومة بسبب ردها الذي وصفوه بـ"المتراخي".
ورصدت الأناضول مواقف عدد من السياسيين الإسرائيليين التي أعلنوا عنها عبر حساباتهم في تويتر.
وكتب النائب داني دانون: "من أجل استعادة قوة الردع، كان علينا أن نستيقظ هذا الصباح ونسمع عدد "الإرهابيين" الذين تم القضاء عليهم بشكل حاسم الليلة الماضية"، على حد تعبيره.
وأضاف: "إذا واصلنا قصف المواقع الفارغة، فإننا ندعو إلى الجولة التالية. ليست هذه هي الطريقة التي يتم بها بناء الردع".
وكان دانون دعا، مساء الثلاثاء، إلى هجمات واسعة على قطاع غزة.
وكتب في تويتر: "انتهى رمضان - انتهت الأعذار. لا يوجد الآن سبب لضبط النفس. هذا هو الوقت المناسب لتوجيه ضربة قاسية لأولئك الذين يؤذوننا".
ومساء الثلاثاء أيضا، غرد ألموغ كوهين، النائب عن حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف: "انتهت الأعذار. حان الوقت لرد ساحق ومؤلم".
ولكنه في صباح الأربعاء غرد قائلا: "بدأت عملي البرلماني في المكتب الذي فتحته في سديروت (مدينة في غلاف قطاع غزة) بعد الرد الضعيف"، في إشارة إلى هجمات الجيش الإسرائيلي على القطاع.
وكان حزب "القوة اليهودية"، الذي يقوده وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أعلن سابقا مقاطعة جلسات الكنيست اليوم والتوجه إلى سديروت.
وقال الون دافيدي، رئيس بلدية سديروت، لصحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية: "هذه سياسة متساهلة سندفع ثمنها هذا الصيف. حماس والجهاد فعلوا ما أرادوا، لقد فعلوا ذلك الأسبوع الماضي وسيستمرون في المستقبل. هذه سياسة فاشلة".
وقال النائب تسفي سوكوت، من حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، في تغريدة: "غزة هي عش الدبابير الذي تطور إلى وحش بعد فك الارتباط".
وأضاف: "لقد عرفت حماس على مر السنين أن الحكومة الإسرائيلية لن تتماشى معها حتى النهاية، وبالتالي تسمح لنفسها أكثر فأكثر".
وتابع: "يجب كسر هذه المعادلة، وفي الجزء النسبي المهم لدينا كشركاء في الحكومة سنبذل قصارى جهدنا لتحقيق النجاح. لا أعرف أي طريقة أخرى لتغيير المعادلة".
وقال سوكوت: "أنا محبط جدا هذا الصباح. المعادلة مع حماس لم تتغير بعد، والضعف أدى إلى ضعف".
وأضاف: "هذه هي الحكومة الوحيدة في العقود الماضية التي لديها فرصة لتغيير هذه المعادلة الرهيبة بشكل جذري".
** "رد متآكل"
واعتبر المحلل العسكري يوسي يهوشع في تحليل نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية، الأربعاء، أن "رد إسرائيل على إطلاق الصواريخ من غزة في الهجمات الأخيرة كان فرصة ضائعة لاستعادة الردع الإسرائيلي في وجه الفصائل التي تجرأت على إطلاق نيرانها في وضح النهار رداً على مقتل عضو في الجهاد الإسلامي في السجن".
وأضاف: "أرادت حركة حماس الحاكمة لغزة وكذلك الجهاد الإسلامي رسم خطوط سلوك جديدة ونجحت في ذلك وكانت (تلك) فرصة إسرائيل للرد بقوة".
واستدرك: "جاء رد إسرائيل على إطلاق الصواريخ في وقت متأخر من الليل، ولم يفرض ثمنا باهظا من قبل فصائل غزة، بينما قضى عشرات الآلاف من الإسرائيليين ليلتهم في الملاجئ والمناطق المحصنة، فقط للسماع بحلول الصباح، رُفِعت الإجراءات الأمنية وعادت الحياة إلى روتينها".
واعتبر المحلل العسكري أن "ردع إسرائيل يتآكل بمرور الوقت. وأدى قرار الحكومة بشأن الرد المتراخي على الصواريخ إلى إطلاق هجمات غير متكافئة من الفصائل الإسلامية".
وقال: "يجب تذكير الحكومة بأن مشاكل غزة لا يمكن حلها بالقوة العسكرية وحدها. إذا حاولت الفصائل هناك فرض خطوطها الجديدة، فيجب على إسرائيل أن تأخذ زمام الأمور وتضع القانون، من موقع قوة وليس تحت النار".
** الضفة الغربية أولا
وتحت عنوان "لماذا لم ترد إسرائيل بقوة، وماذا استفادت من الصراع؟!"، كتب المحلل العسكري في "يديعوت احرونوت" رون بن إيشاي، الأربعاء، أنه "كان لإسرائيل ومنظمات غزة مصلحة في إنهاء هذه الجولة بسرعة، وبالتالي تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الساعة 02: 00 ليلاً بوساطة ممثل الأمم المتحدة ومصر".
وأضاف: "ومن المثير للسخرية أن إسرائيل لا تعلن رسمياً عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لأنها ليست مستعدة للاعتراف بأنها تتفاوض مع المنظمات، حتى عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات غير المباشرة".
وأردف: "لم تكن هذه الجولة استثناء. كما كان رد فعل حركة الجهاد الإسلامي على مقتل خضر عدنان متوقعا. والسؤال الرئيسي هو لماذا لم تقم الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية بضرب غزة بقوة أكبر، ولماذا لا تعيد الحكومة "اليمينية الكاملة" الردع الذي تآكل منذ إنشائها ضد الفلسطينيين في جميع القطاعات".
ويرى بن إيشاي أن "تفسير ذلك يأتي من حقيقتين: الأولى، أن الجهد الرئيسي للجيش الإسرائيلي في الوقت الحالي يقع في الضفة الغربية، وهذا هو المكان الذي لا يزال ينتشر فيه جزء كبير من الكتائب النظامية للجيش الإسرائيلي. كما أن حماية الإسرائيليين من إطلاق النار والتفجيرات هي المهمة الرئيسية للجيش في الوقت الحالي، والتي أصبحت أكثر أهمية بعد وفاة عدنان في السجن".
وأضاف: "من الناحية الإستراتيجية للجيش الإسرائيلي، تعتبر غزة حاليا ساحة ثانوية، والساحة المهمة هي الضفة الغربية وربما القدس الشرقية".
واعتبر أن "السبب الثاني وراء تفضيل إسرائيل إنهاء الجولة الحالية بسرعة هو عدم وجود شرعية دولية لعمل إسرائيلي كبير بعد مقتل الأسير الفلسطيني في سجن إسرائيلي".
وقال بن إيشاي: "تشير الإدارة الأمريكية إلى إسرائيل منذ عدة أشهر بأنها مهتمة بالسلام في الساحة الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية. ولذلك فإن القيام بعمل إسرائيلي كبير، وحتى مجرد ضربة جوية قوية للغاية، كان سيساعد الفلسطينيين على جر إسرائيل إلى مجلس الأمن وإدانتها بدعم من روسيا والصين، وربما أيضا الولايات المتحدة والدول العربية في المنطقة".
وسادت توقعات في إسرائيل بأن الحكومة الإسرائيلية ستلجأ الى تنفيذ عملية واسعة في غزة بعد انتهاء الأعياد اليهودية الأسبوع الماضي.