رام الله- معا- افتتح المعهد القضائي الفلسطيني، امس الخميس، المؤتمر الدولي الثاني في مدينة رام الله، تحت رعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بمشاركة عربية ودولية، وبعنوان (إنجازات، تجاوز للتحديات، تكامل في العلاقات) وبدعم من الاتحاد الأوروبي.
وأكد وزير العدل محمد شلالدة في كلمته، ممثلا عن الرئيس محمود عباس، أن التحدي الأكبر أمام تحقيق العدالة في فلسطين هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وممارساته العنصرية وانتهاكاته اليومية، من خلال ممارسته القتل، ومنع التجول، وإقامة الحواجز، والقصف، والاعتقالات، وامتهان كرامة القضاة وتعريضهم للتفتيش، ومنعهم من الوصول إلى أماكن عملهم، وعدم تمكن رجال الشرطة، والمحضرين، ومعاوني القضاء، من أداء عملهم بالشكل المطلوب.
جاء ذلك بحضور رئيس المحكمة العليا/ محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار عيسى أبو شرار، والنائب العام لدولة فلسطين المستشار أكرم الخطيب، ونائب رئيس ممثلية الاتحاد الأوروبي ماريا فيلاسكو، ومدير برنامج سواسية كريس ديكر، ورئيس قسم سيادة القانون في بعثة الشرطة الأوروبية جيوفاني جالزيناتو.
وشدد الشلالدة على اعتزاز الرئيس بالجهود التي تبذلها إدارة المعهد القضائي الفلسطيني، والحرص على تعزيز القضاء وسيادة القانون في دولة فلسطين، ودعم الدور الذي يقوم به القضاء في صون المجتمع وحماية قيمه وهويته من خلال تحقيق العدالة الفاعلة والناجزة.
وأشار إلى القرار رقم (12) لسنة 2023 الذي أصدره الرئيس بهدف تشكيل اللجنة الوطنية لتطوير قطاع العدالة في فلسطين، بعضوية جميع الأطراف ذات العلاقة في قطاع العدالة، وبالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني.
وقال إن مهمة اللجنة تتمثل في تحديد التحديات والمشكلات التي يعاني منها قطاع العدالة، ووضع الحلول المقترحة لها، والعمل على تنفيذها، ليتمكن من أداء دوره في خدمة المواطنين، سواء كان ذلك من خلال تعزيز قدراته بالكوادر البشرية الفنية والإدارية، أو بإتاحة الإمكانيات المادية واللوجستية أو بإجراء تدخلات تشريعية.
بدوره، قال أبو شرار "إن إيمانَنا بعدالة قضيتنا، وانتمائنا لمجتمعنا يدفعنا لفعل المستحيل من أجل الاستمرار في بناء مؤسساتنا الوطنية والقانونية والقضائية، تأسيسا للأجيال المقبلة، وتحملا لعظم المسؤوليات المُلقاة على عاتقنا".
وأضاف أن "النهوض بالقضاء الفلسطيني يجب أن يواكبه نهوض مشابه في القطاعات الأخرى المنوط بها مساعدته وعونه بأداء رسالته السامية، وقبل ذلك الاستمرار بتطوير أداء ومناهج العلم القانوني بكليات الحقوق الفلسطينية".
وقال: "قمنا على مأسسة المعهد القضائي الفلسطيني من خلال مرسوم نشأته ونظامه القانوني، والهيكلية التنظيمية له، لكي يكون الجهة الرسمية التي تعنى بتطوير القدرات القانونية للعاملين بالسلطة القضائية، من قضاة وأعضاء النيابة العامة، والعاملين الإداريين الذين يتطلب عملهم ذلك".
من جهته، أوضح الخطيب أن رؤية النيابة العامة متمثلة بمجتمع فلسطيني يسوده القانون والعدل ويطبق فيه مبدأ الفصل بين السلطات، وتحترم فيه الحقوق والحريات، من خلال ضمان المحاكمة العادلة لجميع المواطنين مع بذل جهد خاص لضمان تحقيق فعّال وسريع ومحاكمة عادلة للفئات الضعيفة أو المهمشة، وكذلك ضمان الرقابة اللازمة لصون حقوق الإنسان، واحترام الحقوق والحريات بما ينسجم مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وهو ما يسعى المعهد القضائي من أجل تكريسه خلال كافة البرامج التي يقوم بتقديمها.
وفي كلمته، عبر ديكر عن إيمان برنامج سواسية بأهمية برامج العدالة الجنائية، وبرامج الدبلوم التي يتم طرحها من قبل المعهد.
وقال: "يؤمن البرنامج أن هذه البرامج المطروحة ستعمل على زيادة كفاءة التطور الوظيفي للقضاة والمدعين العامين. لذلك، نتطلع إلى قراءة أكثر تعمقا في الأوراق والبحوث المقدمة اليوم، والتي ستسلط الضوء على أفضل الممارسات الفلسطينية والإقليمية والدولية في تعليم وبناء قدرات القضاء، وفي تصميم وتعزيز أنظمة التدريب والتعليم الإلكتروني".
من جانبها، أكدت فيلاسكو الدعم المتواصل للمعهد القضائي والتدريب المستمر، نظرا للدور المركزي الذي يقوم به المعهد في قطاع العدالة.
وقالت إن الاتحاد الأوروبي لديه اهتمام خاص بالقانون الفلسطيني، ونظام التعليم القضائي من خلال دعم منحة تدريب أعضاء النيابة والقضاة.
واعتبرت برنامج الدبلوم القضائي خطوة إضافية تجاه تعزيز استقلال القضاء والفصل بين السلطات الذي يشجعه ويدعمه الاتحاد الأوروبي.
كما أوضح جالزيناتو أهمية التعاون السلس بين الأنظمة القضائية حول العالم، وتبادل الخبرات نظرا لتعقد الأنظمة القضائية التي تحارب جرائم متطورة خاصة تلك العابرة للحدود.
وأشار إلى أهمية توظيف التكنولوجيا في معالجة القضايا الصعبة، وأن ما يقدمه المعهد القضائي الفلسطيني ليس مجرد تدريب بل دعامة لاستقلال القضاء الذي يشكل ضمانة للديمقراطية، وتطوير القيم الاجتماعية.
ويستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام، ويتناول خلال جلساته مواضيع كتحليل تجارب الدول العربية، وتجارب الدول الأوروبية في تطوير دبلوم الدراسات القضائية ومواكبته للتحديات الحديثة، ومواءمة التعليم القانوني في كليات الحقوق مع كفايات العمل القضائي، والتوجهات الحديثة في التعليم الالكتروني وتصميم المواد الالكترونية، والشبكات والبرامج القانونية والقضائية الدولية الرائدة، ومستقبل الدبلوم القضائي والتعليم الالكتروني في المعهد القضائي في فلسطين.
ويشارك في اللقاءات، مدير المعهد القضائي الأردني القاضي جمال هارون، والقاضي سعاد الفرحاوي من المعهد القضائي المغربي، والقضاة: هيثم حجازي وعبد العليم فاروق من المركز القومي للدراسات القضائية في مصر، والقاضي بيتر ستافرفلدت من أكاديمية التدريب القضائي السويدية، والقضاة لورينزا كالكاجنو وماركو الما وماريا روزاريا موجيري من المدرسة القضائية الإيطالية، وانسلم الدرجل من كلية لندن الجامعية، وعميد كلية القانون في جامعة فلسطين علي أبو مارية، والخبير الفلسطيني في برامج الدبلوم منذر الخواجا، ومسؤولة قسم العدالة وحقوق الإنسان في مجلس أوروبا ايفا باسترانا، ومدير عام التدريب نائلة يونس، ومسؤول المنصة رائد عثمان، وخبير التعليم الالكتروني في المدرسة القضائية الفرنسية مجالي جريلير، وخبير التعليم الالكتروني في الأكاديمية القضائية السويدية باتريك ميروفو.
ووقعت على هامش الافتتاح، مذكرة للتفاهم في مجال التدريب القضائي مع المدرسة الوطنية للتدريب القضائي في فرنسا، التي مثلها القاضي الفرنسي ساميول لينيه، ومدير المعهد القضائي، قاضي المحكمة العليا بلال أبو هنطش.