القدس- معا- اختلفت بعض الدول العربية في استطلاع هلال شهر شوال لهذا العام، مما أدى إلى أن بعض الدول صامت رمضان 29 يوما، مثل السعودية وقطر ومصر والأردن، بينما دول أخرى مثل عُمان والمغرب صامت 30 يوما. ولكن هل يمتد هذا الاختلاف إلى عيد الأضحى كذلك؟
لفهم أسباب الاختلاف والاتفاق من ناحية فلكية، فنحن بحاجة للتعلم عن طبيعة دوران القمر حول الأرض. فحينما نرفع رؤوسنا للسماء ليلا، فإننا نرى القمر في أطوار متعددة كالهلال أو الأحدب مثلا، هذه الأطوار ليست إلا انعكاسا لضوء الشمس على سطح القمر، والاختلاف بينها يظهر بسبب دوران القمر حول الأرض، مرة كل نحو 28 يوما.
ويمكن لك بسهولة أن تلاحظ هذه الدورة من سطح منزلك، فبداية من أول يوم من أي شهر هجري يمكن أن تخرج في الموعد نفسه كل يوم وتبحث عن القمر متأملا موضعه في السماء، وستجد أنه يغير مكانه وكأنه يقفز في السماء يوما بعد يوم مبتعدا عن الشمس بعد غروبها.
بل لو امتلكت تلسكوبا وراقبت القمر ساعة بساعة، لربما لاحظت حركته التي تبدو بطيئة جدا فلا تلاحظها عيوننا.
الآن، فلنفترض نظريا أننا نتمكن من إعادة الزمن للوراء يوما بعد يوم، فإن ذلك يعني أن القمر سيعود ليقف إلى جوار الشمس تماما، وفي علم الفلك فإن تلك هي لحظة الاقتران المركزي، ولا يمكن لنا أن نراها لأن ضوء الشمس يعمينا، إلا أنه يمكن للحسابات الفلكية تحديدها بدقة.
بعد لحظة الاقتران، يبدأ القمر في الابتعاد عن الشمس في السماء شيئا فشيئا، ولا نتمكن من رؤيته في البداية بسهولة لأنه يكون قريبا من الشمس، لكن بعد حوالي 14 ساعة من لحظة الاقتران يمكن لعينين مجردتين أن ترى القمر في السماء بعد غروب الشمس.
وفي الشريعة الإسلامية، فإن حسابات الشهور الهجرية تعتمد على الرؤية، وهي شأن مختلف عن الاقتران المركزي. والرؤية تعني أن يخرج المختصون من الهيئات الشرعية للبحث عن هلال الشهر الجديد بعد غروب شمس يوم الـ29 من الشهر الهجري، وإذا تمكنوا من رصده كان الغد غرة الشهر الجديد، وإذا لم يتمكنوا من ذلك كان الغد متمما للشهر الجاري.
وتختلف مقتضيات الرؤية من دولة لأخرى، سواء بالعينين المجردتين أو التلسكوبات وكاميراتها المتقدمة أو حتى الحساب الفلكي.
وحسب مركز الفلك الدولي، فإن الاقتران المركزي لشهر ذي القعدة سيحدث يوم الجمعة 19 مايو/أيار 2023 في تمام الساعة 18:53 بتوقيت مكة.
بالنسبة للدول التي صامت رمضان 29 يوما فإن ذلك هو يوم الرؤية، ولأن المسافة بين لحظة الاقتران وغروب الشمس قصيرة للغاية (أقل من ساعة) فإنه يرجح ألا تتمكن تلك الدول من رؤية الهلال بالعينين المجردتين أو التلسكوبات البصرية، ولذا قد يعلن اليوم التالي (20 مايو/أيار) متمما لشهر شوال، ويكون يوم 21 هو أول أيام ذي القعدة.
أما الدول التي صامت رمضان 30 يوما، فستخرج لرؤية الهلال بعد يوم إضافي كامل من لحظة الاقتران المركزي (يوم 20 مايو/أيار)، وهو ما يمكن المتخصصين في الهيئات الشرعية هناك من رؤية الهلال بالعينين المجردتين، فيعلن اليوم التالي (21 مايو/أيار) غرة شهر ذي القعدة، وبذلك يرجح أن تتفق الدول العربية في غرة ذي القعدة.
وما سبق يعني أن يوم الرؤية بالنسبة لشهر ذي الحجة في كل الدول العربية يرجح أن يكون الأحد 18 يونيو/حزيران المقبل، وسيحدث الاقتران المركزي في تمام الساعة 07:37 صباحا بتوقيت مكة في هذا اليوم، يترك ذلك للهلال أقل من 12 ساعة قبل موعد غروب الشمس.
وحسب مركز الفلك الدولي، فإن ذلك يعني إمكانية رؤية الهلال بالتلسكوبات البصرية فقط، وليس بالعينين المجردتين، في غالبية دول الوطن العربي، ما عدا جنوبي الجزيرة العربية (اليمن وعمان).
وبالطبع فإن كل دولة لها طريقتها في تطبيق النصوص الشرعية في هذا السياق، وعلى افتراض تمكن هذه الدول من رؤية الهلال في يوم الرؤية، فإن ذلك يعني أن عيد الأضحى سيكون يوم 28 يونيو/حزيران 2023، وهو المرجح لأكثر الدول العربية هذا العام.