بيت لحم - معا- شرع مستوطنون اليوم، الخميس، بتمهيد أرض فلسطينية مصادرة شمالي نابلس، لنقل البؤرة الاستيطانية العشوائية "حوميش" إليها، بضوء أخضر من وزير الأمن، يوآف غالانت، والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، دون إصدار تراخيص بناء رسمية ما يعني أن إجراءات المستوطنين في المكان غير شرعية وفقا للقانون الإسرائيلي.
وأفادت تقارير صحافية بأن قوات جيش الاحتلال المتمركزة في "حوميش" منعت المستوطنين في البداية من إدخال آليات هنديسة إلى المكان للعمل على تمهيد الأرض، التي استولت عليها سلطات الاحتلال عبر إعلانها "أراضي دولة". وبعد أن تدخل كل من غالانت وسموتريتش، تلقى جنود الاحتلال أوامر بالسماح للمستوطنين بتمهيد الأرض وإعدادها لنقل البؤرة الاستيطانية.
وكانت إدارة المجلس الاستيطاني "شومرون" قد توجه إلى الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال في الضفة، قبل أيام، وحصلت على تصريح لتخطيط البناء في الأرض الفلسطينية المصادرة لإقامة "حوميش". علما بأن لم يصدر عن السلطان المعنية أي تصريح أو رخصة رسمية لمزاولة العمل على الأرض.
وحاول المستوطنون الليلة الماضية إدخال العديد من الشاحنات المزودة بأدوات عمل إلى المنطقة بالإضافة إلى عدة مقطورات وجرافات وآليات هندسية، لكن حتى هذا الوقت لم يُسمح لهم إلا بإدخال حفارة إلى المنطقة، بحسب ما أفادت صحيفة "هآرتس" في تقرير صدر عنها اليوم، الخميس.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أنه في المحادثات والمداولات الأمنية التي جرت على مدار اليوم، أوضح المسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية لقيادة الاحتلال السياسية أنهم يرون ضرورة وقف الأعمال، ولكن حتى هذه اللحظة يرفض المسؤولون السياسيون العمل وفقا لتوصيات الأجهزة الأمنية ووقف أعمال البناء على الأرض.
وفق وقت سابق اليوم، قال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة المحتلة، غسان دغلس، إن جرافة تابعة للمستوطنين تقوم بأعمال تجريف في أراضي جبل القبيبات في برقة، المقامة عليه مستوطنة "حوميش" المخلاة عام 2005، بناء على قانون فك الارتباط عن غزة الذي تم بموجبه تفكيك أربع مستوطنات شمالي الضفة المحتلة، غير أن سلطات الاحتلال حافظت على انتشار قواتها وإقامة الحواجز العسكرية في هذه المناطق.
وأوضح دغلس أن المستوطنين يعملون على تمهيد الأرض والشارع المحيط في المنطقة. ويتطلع المستوطنون إلى إقامة "مدرسة دينية" في المستوطنة المخلاة، حيث تم إزالة الخيمة في المكان وبناء مبنى من الحجر، حيث يحرس عصابات المستوطنين عشرات من جنود الاحتلال الذي يتواجدون بشكل دائم بالمستوطنة.
وتمهيدا إلى عودة المستوطنين، حولت قوات الاحتلال موقع البؤرة الاستيطانية العشوائية المقامة في أراض بملكية فلسطينية خاصة إلى ثكنة عسكرية، وأحضر إليها مؤخرا مواقع حراسة وبوابة حديدية تقود إلى الثكنة العسكرية التي يمكث فيها عشرات الجنود بشكل دائم.
ومقابل تسهيل عودة المستوطنين، فإن قوات الاحتلال المتواجدة في الأرض تمنع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إليها، حيث اعتقلت قوات الاحتلال عدة مرات العديد من الفلسطينيين عندما حاولوا الدخول إلى أراضيهم وزراعتها.
يذكر أن الكنيست صادق في آذار/ مارس الماضي، على مشروع قانون "إلغاء قانون الانفصال" في الضفة الغربية وقطاع غزة، الذي يسمح بعودة المستوطنين إلى 4 مستوطنات تم تفكيكها وهي: "حوميش،" و"غانيم"، و"كاديم"، و"سانور"، وإلغاء العقاب الجنائي المفروض على المستوطنين الذين يدخلون أو يقيمون في هذه المستوطنات الأربع المقامة على أراض فلسطينية خاصة.
وخلال الأسبوع الجاري، وجهت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا انتقادات لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية السماح للمستوطنين بترسيخ وجود دائم لهم في موقع "حوميش" الاستيطاني شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وأدان الاتحاد الأوروبي أمس، الأربعاء، قرار سلطات الاحتلال السماح بإقامة المستوطنين الدائمة في مستوطنة "حوميش"، وقال متحدث المفوضية الأوروبية، بيتر ستانو، في بيان، إن "الاتحاد قلق بشدة ويدين قرار السلطات الإسرائيلية السماح للمواطنين الإسرائيليين بترسيخ وجود دائم في مستوطنة حوميش في الضفة الغربية المحتلة".
وبحسب البيان، "يحثّ الاتحاد الأوروبي الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن القرار وقراراتها التي اتخذتها في 17 أيار/ مايو لتنفيذ خطط إنشاء أكثر من 600 وحدة سكنية في المستوطنات القائمة والجديدة في الضفة الغربية".
واعتبر أن "المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتقوض إمكانية تحقيق حل الدولتين"، لافتًا إلى أن "تصرفات أحادية الجانب كهذه تتعارض مع جهود خفض التوترات على الأرض".
وكان قائد القيادة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي قد وقع يوم الخميس الماضي، أمرًا يتيح للإسرائيليين دخول المنطقة التي يوجد بها موقع "حوميش" الاستيطاني، شمالي الضفة الغربية المحتلة، مما يمهد الطريق أمام بناء مستوطنة بشكل رسمي هناك.
وطالبت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، تل أبيب بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات تزيد من التوتر مع الفلسطينيين مثل إضفاء الطابع الرسمي على المواقع الاستيطانية وعلى وجه الخصوص موقع "حوميش".
قوات الاحتلال توفر الحماية للمستوطنين المقتحمين لـ"حوميش"
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميللر، في بيان صدر عنه مساء الأحد: "نحن قلقون للغاية من أمر الحكومة الإسرائيلية الذي يتيح لمواطنيها ترسيخ وجود دائم في موقع حوميش الاستيطاني في شمال الضفة الغربية".
وأوضح المتحدث أن الموقع الاستيطاني "شيد بشكل غير قانوني على أراض فلسطينية خاصة، بحسب القانون الإسرائيلي".
وأضاف ميللر أن القرار لا يتماشى مع تعهدات الحكومة الإسرائيلية في عام 2004 وكذلك التعهدات التي قدمتها في الآونة الأخيرة للمسؤولين في إدارة بايدن.
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الفرنسية أيضًا القرار الإسرائيلي الذي قالت إنه يتعارض مع القانون الدولي وينتهك التعهدات التي قطعتها إسرائيل على نفسها في اجتماعين إقليميين عقدا هذا العام في العقبة وشرم الشيخ.
وجاء في بيان للوزارة: "تدين فرنسا قرار السلطات الإسرائيلية التي تجيز إقامة المستوطنين الدائمة في حوميش، في شمال الضفة الغربية المحتلة".
ودعت فرنسا الحكومة الإسرائيلية إلى "التراجع عن قرارها". كما دعا البيان الفرنسي "جميع الجهات الفاعلة إلى الامتناع عن اتخاذ أي تدبير أحادي الجانب أو يفضي إلى تعاظم التوترات وأعمال العنف، ولا سيما إزاء المدنيين"