بقلم: ميرون روبوبورت
تقريباً لا يمر يوم في الأسابيع الأخيرة دون أن تعرض الحكومة أو أعضاء فيها مبادرة جديدة: من منع رفع أعلام فلسطين في الجامعات وحتى إخضاع قرارات الحكومة لـ "قيم الصهيونية"، من تعزيز لجان القبول وحتى إقامة مستوطنات يهودية جديدة في النقب، وكلها تستهدف ترسيخ التفوق اليهودي داخل اسرائيل.
ولكن في حين أن جزءاَ كبيراً من هذه المبادرات عالقة أو يتم إنزالها عن جدول الأعمال بعد لحظة من طرحها، فإنه في الضفة الغربية، وكما كتبت بحق نوعا لنداو، فإن حكومة اليمين تنجح في الدفع قدماً بأجندتها و "العودة" إلى حومش هي مثال بارز في هذا السياق.
هذا لا يجب أن يكون مفاجئاً. ليس فقط أن الاحتجاج ضد الانقلاب لا ينجح في أن يخرج من فمه كلمة "احتلال"، وإلغاء قانون الانفصال في شمال الضفة الغربية مر بأصوات "المعارض" بيني غانتس وحزبه، بل إن الوضع القانوني في الضفة الغربية يمكن ذلك. الضفة الغربية خاضعة لحكم عسكري، والذي يستطيع بهذا القدر أو ذاك ما يريده. في اسرائيل السيادية (حتى الآن) يسيطر قانون مدني.
الربط بين الانقضاض السموتريتشي على الضفة الغربية وبين قوانين القومية المتطورة في داخل اسرائيل يثبت ما كان واضحاً من اللحظة الأولى. الانقلاب النظامي جاء من أجل خلق وحدة ما بين المناطق المحتلة وبين اسرائيل السيادية، ولتأسيس في كل الفضاء ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط نظاماً من التفوق اليهودي. يريف لفين نفسه أوضح ذلك في جلسة حكومة تناولت "الخطر الديمغرافي" في الجليل، عندما أوضح أن إصلاحه ضروري من أجل "أن يكون في المحكمة العليا قضاة يفهمون" أن هنالك "يهود غير مستعدين للسكن مع العرب".
لهذا، فإن المعارضة للحكومة الحالية يجب قبل كل شيء أن تكون معارضة للتفوق اليهودي في كل المناطق التي تسيطر فيها الحكومة – في الضفة الغربية، في القدس، في غزة وبالطبع في داخل اسرائيل. أمام هذا الحلم الكابوسي للتفوق اليهودي، يجب أن نضع الحلم المضاد: مساواة في الحقوق المدنية والقومية لكل سكان هذه البلاد، بدون حقوق زائدة، بدون تفوق، وبدون أبرتهايد.
هذه المبادئ يجب أن تقف في قلب النضال ضد حكومة اليمين الفاشية الحالية. في نهاية المطاف حتى إذا افترضنا أن بالإمكان غداً سحب الجيش من الضفة وإخلاء كل المستوطنات، فإن مسألة التفوق اليهودي لن تختفي. هي لم تولد في 1967 بل قبل ذلك بكثير. مئات البلدات اليهودية التي أقيمت منذ 1948 مقابل عدم إقامة أي بلدة للعرب، وقانون أملاك غائبين، قانون القومية، ووابل من قوانين الحكومة الحالية – كلها سعت وتسعى لتأسيس تفوق يهودي. اللامبالاة الإجرامية بمقتل أكثر من مئة مواطن عربي في أقل من نصف عام هو تعبير عن نفس هذه المقاربة. من أجل الوصول إلى حياة من المساواة في هذه البلاد لا يهم ماذا ستكون حدودها، يجب إنهاء هذا التفوق.
مفهوم "فصل" هو جزء لا ينفصل من فكرة التفوق اليهودي. من جنوب إفريقيا أو من الولايات المتحدة ما قبل مارتن لوثر كينج، نحن نعرف أن مفهوم "منفصل ولكن متساوي" هو خداع، هو كناية عن التفوق العرقي. حيث أنه في نهاية المطاف لجان القبول استهدفت كما يبدو الحفاظ على "منفصل ولكن متساوي"، ونحن نعرف كم هي مشوبة بالتمييز. لهذا فإن هذا المفهوم يجب أن يخرج من قاموس ما يسمى بـ "معسكر السلام".
إن التخلي عن مفهوم "فصل" لا يقتضي حلاً سياسياً معيّناً. يمكن بالتأكيد التمسك بحل الدولتين الكلاسيكي - عودة إلى حدود 4 حزيران 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية وقطاع غزة. ليس باسم "الانفصال عن الفلسطينيين" بل باسم القانون الدولي. وبدلاً من ذلك، يمكن تبني فكرة الدولتين بحدود مفتوحة وحرية حركة وسكن، مثلما تقترح حركة بلاد للجميع، وهو الأمر الذي حظي باسم حل الكونفدرالية. يمكن تأييد دولة واحدة مساواتية ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط، ويمكن تأييد فيدرالية. كل هذه الخيارات موضوعة على الطاولة، بشرط أن تنزل عنها فكرة التفوق اليهودي ومعها فكرة الفصل.
حل الكونفدرالية التي ترمز له لينداو في مقالها، ليس بالضرورة ينطلق من افتراض أنه ليس بالإمكان إخلاء المستوطنين. إخلاء المستوطنين، كلهم أو جزء منهم، هو أمر ليس بسيط ولكنه بالتأكيد ممكن، إذا كان هنالك إرادة سياسية مناسبة. ولكن سوية مع ذلك يجب الاعتراف بان إخلاء المستوطنين وحده لن ينهي النزاع. بدون إنهاء التفوق اليهودي، وبدون معالجة نتائج النكبة، سيكون من الصعب جداً تحقيق سلام ثابت، وبالتأكيد سيكون من الصعب جداً البدء بعملية مصالحة.
السؤال هو مختلف. السؤال هو ما هو الهدف الذي نضعه نصب أعيننا نحن اليهود والفلسطينيين، وما هو الهدف الذي نريد الوصول إليه، هذا الهدف، في نظرنا، هو اعتراف الشعوب التي تعيش ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط بعلاقة كل منها بهذه البلاد، وخلق قاعدة من الشراكة وحرية الحركة والسكن للجميع في كل هذه البلاد. الاسرائيليون اليهود يمكنهم العيش في فلسطين بشرط أن يقبلوا سيادتها وبأن يزيلوا عن أنفسهم التفوق اليهودي. الفلسطينيون بما فيهم اللاجئون الذين سيعودون إلى وطنهم، يمكنهم العيش في اسرائيل بشرط أن يقبلوا سيادتها وقوانينها.
كونفدرالية من مجرد اسمها هي شراكة مساواتية ما بين دولتين مستقلتين. الكونفدرالية التي نقترحها هي حل دولتين، فقط أكثر تطوراً. هذا ليس إكراهاً، هذا اختيار لمستقبل أكثر عدالة واختيار لحلم أفضل للجميع.
ترجمة اطلس