بيت لحم -معا- خصصت جلسة اللقاء الثقافي الأسبوعي الذي يعقد في مؤسسة إبداع في مخيم الدهيشة و بحضور عدد من الكتاب و المثقفين و الأسرى المحررين و النشطاء السياسيين لندوة ثقافية بعنوان : الأسير وليد دقة المفكر و المناضل و الإنسان، قدم الندوة عيسى قراقع رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية، وجاءت هذه الندوة تضامناً مع الأسير وليد و المطالبة بإطلاق سراحه حيث يعاني من مرض خطير ووضعه الصحي صعب للغاية و ترفض سلطات الاحتلال الإفراج عنه .
تطرق قراقع إلى مسيرة حياة وليد الحافلة المعتقل منذ أكثر من 37 عاماً معتبراً انه من أشهر مفكري و مثقفي الحركة الأسيرة و اصدر عدة مؤلفات و منشورات ذات أبعاد فكرية و فلسطينية شكلت رؤية و رافعة للثقافة الوطنية و لأدب المقاومة، وان كتاباته أحدثت قلقاً لدى الجانب الإسرائيلي، حيث لوحقت و منع نشرها و عرضها ، وتم معاقبة وليد أكثر من مرة بسبب كتاباته و أفكاره و تشديد الإجراءات عليه .
وقال قراقع يعتبر وليد دقة أول أسير فلسطيني يكتب لليافعين و الفتيان ثلاثيته حكاية سر الزيت و سر السيف وسر الطيف، وأول أسير فلسطيني يقدم نقداً و تحليلاً لمجتمع الأسرى و يكشف مخططات سلطات الاحتلال في سعيها لصهر وعي الأسرى و السيطرة عليهم بطرق غير مباشرة من خلال كي الوعي و تحويلهم إلى أسرى مستهلكين و مدجنين وذلك في كتابه المشهور صهر الوعي ، ويرى أن الأسرى يتعرضون لشكل أخر من التعذيب الروحي و العقلي و النفسي و هو اخطر أنواع التعذيب .
و أشار عيسى قراقع أن وليد دقة قدم رؤية ثقافية و سياسية للحرية و لمشروع التحرر الوطني الفلسطيني تستند إلى أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية الجامعة و إنهاء الانقسام، و التمسك بالحقوق الثابتة و الشرعية للشعب الفلسطيني بالحرية و الاستقلال و العودة.
وعن أهمية الكتابة في السجن أوضح الأسير المحرر صالح أبو لبن أن وليد دقة يكتب حتى يتحرر من السجن ، و الكتابة فعل مقاومة و حرية ، فبالخيال و العقل و الإرادة استطاع وليد أن يتسلل من خارج الجدران ليبقى على صلة مع الحياة ومع أبناء شعبه.
وقال خالد الصيفي المدير التنفيذي لمؤسسة إبداع ، أكثر ما أبدع فيه وليد في كتاباته هو وصف زمن السجن الذي اسماه الزمن الموازي و الذي تحول إلى مسرحية ، وكيف يحتدم الصراع بين زمن السجن الدائري و الثقيل وبين الزمن الطبيعي الذي يناضل الأسرى ليبقى حاضراً في إدراكهم و نضالهم خلال مسيرتهم و كفاحهم ضد النسيان و الذوبان في عالم السجن.
و تطرق الدكتور شبلي القيسي إلى مفهوم الحرية لدى وليد دقة موضحاً أن و ليد قال أن هناك فرقاً بين التحرير و الحرية، الأولى هي النضال من الخارج، و الثانية هي النضال الداخلي الأصعب لبناء المجتمع و الدولة، وانه من الصعب على التحرري أن يتنازل عن بندقيته إذا لم يدرك أثناء مرحلة التحرير أن للحرية قيمة.
وقال الناشط السياسي أكرم العيسة أن وليد دقة في كتاباته ينظر إلى المستقبل يعتبره أقدم سجين في العالم وهو الذي يستحق أن يحرر وكما قال ، حرروا المستقبل، فانا أريد العودة إلى فلسطين المستقبل التي لا بد أن تتطابق فيها الهوية الوطنية الجامعة مع جغرافيا الوطن الكامل.
ويذكر أن الأسير وليد دقة سكان باقة الغربية في الأراضي المحتلة عام 1948، و المعتقل عام 1986 وحكم عليه بالسجن المؤبد ثم حدد إلى 37 عاماً ، وأضيف له عامين بتهمة إدخال هواتف نقالة إلى السجن ، وانهي دراسته الجامعية بدرجة ماجستير في العلوم السياسية داخل السجن، و أنجب عام 2020 طفلته ميلاد من خلال نطفة محررة ، و أعلن عام 2015 عن إصابته بمرض السرطان في نخاع العظم، و أجريت له عملية جراحية تم خلالها استئصال جزء من الرئة اليمنى.