الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب..الاحتلال يواصل جريمة التعذيب بحق الأسرى

نشر بتاريخ: 26/06/2023 ( آخر تحديث: 27/06/2023 الساعة: 11:58 )
في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب..الاحتلال يواصل جريمة التعذيب بحق الأسرى

رام الله - معا- تشكّل جريمة التّعذيب وسوء المعاملة إحدى أبرز الجرائم الممنهجة، والثابتة التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيليّ بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وذلك عبر سياسات وأساليب وأدوات مختلفة، حيث عملت سلطات الاحتلال على ابتكار أساليب، وسياسات على مدار العقود الماضية، لاستهداف الأسرى جسديًا ونفسيًا، واتخذت هذه الجريمة حيزًا أساسيًا في رواية الأسرى عن تجربة الاعتقال.

وأضاف نادي الأسير بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي يُصادف الـ26 من حزيران من كل عام، أنه ومنذ مطلع العام الجاري ومع تصاعد مستوى المقاومة ضد الاحتلال، صعّدت سلطات الاحتلال من ممارسة التعذيب، بمستوياته المختلفة، وذلك في محاولة منها لتقويض حالة المقاومة المستمرة، هذا إلى جانب جملة من الجرائم، وقد رافق ذلك منع من لقاء المحامي، حيث صعّدت كذلك من إصدار أوامر منع من لقاء المحامين، إضافة إلى مدد التحقيق الطويلة التي تجاوزت البعض منها الأكثر من شهر، بشكل متواصل، ولم تستثن أي من الفئات (نساء، أطفال، وكبار في السّن، والمرضى) بما في ذلك الجرحى.

وتابع نادي الأسير، إنّ سياسة التّعذيب الممنهجة، لم تعد مقتصرة على المفهوم المتعارف للتعذيب وفقًا للقانون الدوليّ، حيث نجد أن أجهزة الاحتلال بمستوياتها المختلفة أوجدت أساليب وأدوات حديثة لعمليات التّعذيب، وعلى الرغم من أنّ هذا المفهوم ارتبط بفترة التّحقيق، إلا أنّ هذا لا يعني أنها المحطة الوحيدة التي يواجه فيها المعتقل عمليات التّعذيب.

وقال ان الاحتلال يهدف من خلال هذه السياسة بالدرجة الأولى الضغط على المعتقل من أجل انتزاع اعترافات منه، وسلبه إنسانيته، وفرض مزيد من السّيطرة والرقابة عليه، وقد أدت هذه السياسة على مدار عقود إلى استشهاد العشرات من المعتقلين والأسرى، حيث بلغ عدد الأسرى الذين ارتقوا نتيجة للتعذيب منذ عام 1967 (73) أسيرًا من شهداء الحركة الأسيرة (هذا لا يعني أنّه وقبل هذا التاريخ لم يسجل شهداء من الأسرى ارتقوا نتيجة للتعذيب).

ووفقاً لمتابعة شهادات المئات من المعتقلين والأسرى سنويًا، فإن جميعهم دون استثناء يتعرضون لأصناف من أساليب التّعذيب وسوء المعاملة، وذلك منذ لحظة الاعتقال، مرورًا بالتحقيق، وحتّى بعد الزّج بهم في السّجون والمعتقلات، حيث تتخذ سلطات الاحتلال عبر منظومة عنف شاملة طرق متعددة لتعذيب الأسير تتعدى مفهوم التعذيب المتعارف عليه، ولا تستثني سلطات الاحتلال أي من الفئات سواء الأطفال والنساء، والمرضى وكبار السن.

ولعل السنوات التي تلت الهبة الشعبية كانت شاهدة على ذلك، إلا أنّ عام 2019 وتحديدًا بعد شهر آب/ أغسطس كانت المحطة الأبرز في عمليات التعذيب، فقد وثقت المؤسسات الحقوقية عشرات الشهادات، والروايات في حينه لمعتقلين تعرضوا للتعذيب في معتقل (المسكوبية)، والتي كانت توازي من حيث مستوى العنف، والتّعذيب الجسديّ، روايات الأسرى في سنوات الستينيات والسبعينيات.

التّعذيب فترة التّحقيق:

شكّلت فترة التّحقيق المرحلة الأهم في مصير المعتقل وفيها يكثف المحققون استخدام التعذيب بحقّ المعتقلين بغية الحصول على اعترافات "تدين" المعتقل، وذلك من خلال أساليب تعذيب جسديّة ونفسيّة، حيث تبدأ من اللحظة الأولى على نقلهم إلى مراكز التحقيق، وتشمل هذه الأساليب ما يلي:

الحرمان من النوم عن طريق جلسات تحقيق مستمرة تصل إلى 20 ساعة، تقييد المعتقل أثناء فترة التحقيق، شد القيود لمنع الدورة الدموية من الوصول لليدين، الضرب والصفع والركل والإساءة اللفظية والإذلال المتعمد. بالإضافة إلى التهديد باعتقال أحد أفراد أسرة المعتقل، أو التهديد بالاعتداء الجنسي على المعتقل أو أحد أفراد أسرته، أو التهديد بهدم المنازل أو التهديد بالقتل، الحرمان من استخدام المراحيض، والحرمان من الاستحمام أو تغيير الملابس لأيام أو أسابيع، والتعرض للبرد الشديد أو الحرارة، والتعرض للضوضاء بشكل متواصل، والإهانات والشتم والتهديد وغيرها.

وهناك أساليب أخرى تندرج تحت ما يسمى بالتحقيق "العسكري" ومنها: الشبح لفترات طويلة، حيث يتم إجبار المعتقل على الانحناء إلى الوراء فوق مقعد الكرسي مما يسبب آلام ومشاكل في الظهر، أو الوقوف لفترات طويلة مع ثني الركب وإسناد الظهر على الحائط، كما يتم استخدام أسلوب الضغط الشديد على مختلف أجزاء الجسم، بالإضافة إلى الهز العنيف والخنق بعدة وسائل وغيرها.

ظروف الاحتجاز: يوضع المعتقل لفترات طويلة في الحبس الانفرادي في زنازين صغيرة خالية من النوافذ وباردة جداً، كما ويحرم من النوم ومن الحق في الحصول على أدوات النظافة الأساسية والطعام والشراب النظيفين. وتسبب هذا النوع من التحقيق بقتل العشرات من الأسرى.

أشكال التعذيب التي تنتهجها بحقّ الأسرى بعد فترة التحقيق

إن مفهوم التعذيب لم يعد مقتصرًا على مرحلة الاعتقال الأولى وتحديدًا فترة التحقيق، بل إن كافة الإجراءات التّنكيلية والسياسات التي يواجهها الأسرى داخل السجون والمعتقلات تندرج ضمن عمليات التعذيب الأمر الذي يفرض علينا ضرورة الخروج من المفهوم المحدد للتعذيب، ولكثافة هذه السياسات يصعب أحيانًا حصرها، نذكر أبرزها (سياسة العزل الإنفرادي، وعمليات القمع، والإهمال الطبي (القتل البطيء).

سياسة العزل الإنفرادي التي تصاعدت بشكل ملحوظ منذ نحو عام، وتحديدًا بعد عملية "نفق الحرية"، حيث وصل عدد الأسرى المعزولين إنفراديًا إلى أكثر من (40) أسيرًا، وهي النسبة الأعلى في عمليات العزل منذ عام 2012، وتعد هذه السياسة من أخطر السياسات المستخدمة بحقّ الأسرى في سجون الاحتلال، إضافة إلى احتجاز الأسرى في ظروف قاسية وقاهرة لا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية، وحرمان الأسير العلاج ضمن سياسة الإهمال الطبي (القتل البطيء).

وتبرز عمليات القمع التي تنفذها وحدات القمع التابعة لإدارة سجون الاحتلال كأحد أبرز أساليب التّعذيب الجماعي للأسرى، فمنذ عام 2019، شهدنا تصعيد في عمليات الاقتحامات وكذلك مستوى العنف الذي استخدم بحقّ الأسرى، وشهدت السجون منذ العام المنصرم والعام الجاري سلسلة عمليات قمع واقتحامات، نذكر ما جرى بحقّ الأسرى في شهر كانون الأول المنصرم، واستهدفت عشرات الأسرى في سجون الاحتلال (عوفر، النقب، ومجدو، والدامون، وريمون).

واكد نادي الأسير أنّ عمليات وأوجه وأساليب التّعذيب داخل سّجون الاحتلال، لا حصر لها فهي تتغلغل في كافة تفاصيل الحياة الاعتقالية، وعلى الرغم من الموقف الواضح والصريح للقانون الدولي من التّعذيب وحظره المطلق، إلا أنّ الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ في استخدامه، كجزء من سياساته الثابتة وانتهاكاته الجسيمة التي يواصل تنفيذها، دون أدنى اعتبار لكل ما أقرته القوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية مناهضة التّعذيب.

في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب..الاحتلال يواصل جريمة التعذيب بحق الأسرى