رام الله - معا- قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقريره الأسبوعي، اليوم السبت، أنّ "موقع المستوطنات في مشاريع ومخططات الضم بين حدها الأدنى وحدها الأعلى، حيث جاءت الانتخابات الأخيرة للكنيست "الإسرائيلي"، التي جرت في نوفمبر من العام الماضي بحكومة يمينية متطرفة وفاشية، وتشكلت من حزب الليكود وأحزاب الصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية، وهذه الحكومة محكومة باتفاقيات ائتلافية لا يستطيع رئيس الوزراء الهرب منها".
وأضاف التقرير: "ما يعنينا في تلك الاتفاقيات هي تلك التي عقدها الليكود مع أحزاب الصهيونية الدينية وما انطوت عليه من مشاريع استيطانية ومخططات ضم في أية تسوية سياسية مع الجانب الفلسطيني، وهنا يبدو أننا أمام معسكرين داخل هذه الحكومة، الليكود من جهة وأحزاب الصهيونية الدينية من جهة أخرى، وفي مشاريع الاستيطان والضم هناك حد أدنى يتبناه زعيم الليكود بنيامين نتنياهو وحد أعلى يتبناه زعيم الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، وقد أفصح كل منهما عن أفكاره بوضوح في الأسبوعين الماضيين، فقد قال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في مقابلة له مع التلفزيون الأمريكي الاسبوع الماضي بأن "إسرائيل" سوف تحتفظ بجميع المستوطنات، التي أقامتها في الضفة الغربية، بما فيها القدس ، في أية تسوية سياسية مع الجانب الفلسطيني، بما في ذلك المستوطنات البعيدة، أي التي تقع في عمق الضفة الغربية، والتي كان رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين يسميها بالمستوطنات السياسية تمييزًا لها عن المستوطنات الأمنية، وكذلك البؤر الاستيطانية والتي سوف تبقى مع تلك المستوطنات البعيدة، جيوبًا معزولة محاطة بكيان فلسطيني، لا يملك شيئًا من عناصر السيادة، وأكد نتنياهو في مقابلته تلك أنّ 90% من نحو 500 ألف مستوطن يعيشون، حسب تعبيره في كتل حضرية سوف يكونون جزءًا من مواطني دولة "إسرائيل" في أي ترتيب مستقبلي، أمّا الـ10% المتبقية من المستوطنين والمبعثرون في مستوطنات صغيرة في عمق في الضفة الغربية، فلا داعي لاقتلاعهم من جذورهم في اتفاق سلام مستقبلي، فقد سُمح للعرب بالبقاء في "إسرائيل" بعد قيامها عام 1948، فهو لا يوافق على طرد العرب من دولته ولا يعتقد أنه ينبغي طرد اليهود كذلك، الذين يتعلقون بهذه الأرض منذ 3500 سنة حسب زعمه".
وتابع التقرير: "في تلك المقابلة ردد نتنياهو الأفكار، التي عرضها الرئيس السابق دونالد ترامب فيما سمي "صفقة القرن" مطلع العام 2020، والتي قامت على تصورات ربط مناطق الكيان الفلسطيني بأنفاق وجسور تسمح بتواصل المعازل الفلسطينية، التي يقترحها الرئيس الأميركي قاعدة لدولة فلسطينية منزوعة السلاح ومنزوعة السيادة على نحو 60 بالمئة من أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس، وفي حينه وجه الرئيس ترامب في السادس والعشرين من كانون الثاني 2020 رسالة سرية إلى رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، أعلن فيها تأييده ضم أراضي فلسطينية في الضفة الغربية إلى "إسرائيل"، ليرد نتنياهو على رسالة ترامب بأن "إسرائيل" ستمضي قدمًا في خطط فرض السيادة في الأيّام القادمة وضم أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية إلى "إسرائيل"، وبما يشمل جميع المستوطنات وأراضي في محيطها وغور الأردن، وحدد يوم الأول من تموز 2020 للبدء في عملية الضم، وعدل عن ذلك بمناورة سياسية جنى من خلالها عمليات تطبيع في اتفاقيات ابراهيمية مع عدد من الدول العربية برعايةٍ أميركيّة".
وجاء في التقرير: "مشروع الحد الأدنى هذا، الذي يتبناه الليكود بزعامة نتنياهو، يقابله مشروع الحد الأقصى، الذي يتبناه سموتريتش، وعرضه بشكلٍ واضح وتفصيلي منذ أسبوعين، إذ يقوم مشروع سموتريتش على فكرة أن نموذج حل الدولتين أثبت فشله وخطأه ووصل إلى طريق مسدود، ودعا في ضوء ذلك إلى تغيير بنسبة 180 درجة بعيدًا عن طريقة العمل التي اعتادت عليها الحكومات "الإسرائيلية" السابقة في العقود الأخيرة، فهو يدعو إلى "مسك الثور من قرنيه"، فعلى هذه الأرض لا مكان للتعايش بين حركتين وطنيتين، الأولى أصيلة تعود في جذورها إلى آلاف السنين، والثانية وهمية جرى اختراعها لشعب قبل مئة عام فقط، حسب زعمه، وأطلق سموتريتش على مشروعه تسمية "الأمل الوحيد" ويدعو إلى حل شامل مصحوب "بإيمان حقيقي، الإيمان بإله "إسرائيل"، وفي عدالة قضيتنا، وفي انتماءنا الحصري إلى أرض "إسرائيل"، الإيمان بقوتنا للوقوف بثبات ضد الحجج التي قد تقوض إيماننا، والإيمان بقدرتنا على تسخير البسالة المطلوبة لكسب هذا النضال الخطير"، على حد قوله، وذلك من خلال مواصلة الاستيطان الشامل بإنشاء مدن ومستوطنات جديدة في عمق الأراضي وفرض السيادة "الإسرائيلية" على ما يسميه "يهودا والسامرة" وجلب مئات آلاف المستوطنين، ووضع الفلسطينيين أمام الخيارات التالية: الذين يرغبون في التخلي عن طموحاتهم الوطنية يمكنهم البقاء هنا والعيش كأفراد في الدولة اليهودية، وبالطبع سوف يتمتعون بجميع المنافع التي جلبتها الدولة اليهودية إلى أرض "إسرائيل" حسب تعبيره، و"عرب يهودا والسامرة" هؤلاء سوف يعيشون حياتهم اليومية بشروطهم الخاصة عبر إدارات بلدية إقليمية تفتقر إلى الخصائص الوطنية، سيجرون انتخاباتهم الخاصة مثل السلطات المحلية الأخرى، وسوف يحافظون على علاقات اقتصادية وبلدية منتظمة بينهم وبين سلطات دولة "إسرائيل". ومع مرور الوقت، وفقًا لولائهم للدولة ومؤسساتها، والخدمة العسكرية أو الوطنية، ستصبح نماذج الإقامة وحتى الجنسية متاحة، أمّا الذين لا يريدون التخلي عن طموحاتهم الوطنية فسوف يحصلون على مساعدات للهجرة إلى إحدى الدول العديدة التي يدرك فيها العرب طموحاتهم الوطنية، أو إلى أي وجهة أخرى في العالم، أما الذين يرفضون أحد هذين الخيارين ومواصلة محاربة الجيش "الإسرائيلي"، ودولة "إسرائيل" والسكان اليهود، فسوف يتم التعامل معهم من قبل قوات الأمن بحزم وفي ظروف أكثر قابلية للإدارة".
وأردف التقرير: "في تفاصيل السياسة والممارسات اليومية، التي تخدم أهداف الصهيونية الدينية، يسعى سموتريتش من موقعه كوزير استيطان في وزارة الجيش إلى فرض مزيدٍ من الوقائع على الأرض من خلال هذه الحكومة اليمينيّة المتطرّفة والفاشيّة، التي أخذت تفصح أكثر من غيرها من حكومات دولة الاحتلال عن مشاريعها وخططها، فهي لا تكتفي بآلاف عطاءات البناء في المستوطنات وبشرعنة البؤر الاستيطانية، بل تمارس سياسة تعبّر من خلالها التزامها بالاتفاقيات الائتلافيّة بين معسكري الليكود والصهيونية الدينية، وفي هذا السياق يعمل وزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش على تغيير أولويات العمل التنفيذي في الضفة الغربية، حيث تم الكشف عن خطة للمستوطنين، أعدها كل من كوبي إليراز، الذي كان مستشارًا في شؤون المستوطنات لأربعة "وزراء دفاع"، والمحامي عيران بن آري، الخبير في الأراضي والقانون لمزيد من السيطرة على منطقة الأغوار الفلسطينيّة، تقضي ببناء فنادق شمال البحر الميت، وإنشاء مدينة سياحية، فضلاً عن شرعنة البؤرتين الاستيطانيتين "شوماش"، التي أقيمت على أنقاض مستوطنة حومش إلى الشمال من مدينة نابلس وتعتبر حسب نائب وزير الاقتصاد "الإسرائيلي" يائير غولان في حكومة لابيد بؤرة للإرهابيين ووصف المقيمين عليها بأنهم "ليسوا من البشر" و"أفيتار" على جبل صبيح من أراضي بلدة بيتا إلى الجنوب من مدينة نابلس، وتغيير سياسة الإنفاذ تجاه البؤر الاستيطانية، وتوسيع عدد من الطرق من بينها الطريق رقم 5 بين مستوطنتي "أريئيل" في محافظة سلفيت و"عيلي" شمال رام الله، وبناء مطار جديد في المنطقة، يكون تحت السيطرة "الإسرائيلية" الكاملة بديلاً لمطار القدس (قلنديا)".
وتابع التقرير: "شرع مستوطنون بتشجيعٍ من وزير الاستيطان في وزارة الجيش ببناء بؤرة استيطانية جديدة في محيط المدخل الرئيسي لبرية السواحرة في منطقة تسمى "سطح الغزالة" تقدر مساحتها بنحو 250 دونمًا، وهي قريبة من مستوطنة "كيدار" بهدف الربط بين مستوطنتي "كيدار" و"بوعز" المقامتين على أراضي أبو ديس والسواحرة، وقد تزامن ذلك مع قيام مستوطنين آخرين الأسبوع الماضي ببناء بؤرة استيطانية جديدة في قلب مدينة الخليل في شارع الشهداء، بعد استيلاء مستوطنين على منزل مواطن جنوب الحرم الإبراهيمي في منطقة لا يوجد فيها تركيز للمستوطنات، كما عقدت لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست "الإسرائيلي" بحضور وزير الاستيطان الجديد جلسة خاصة لمناقشة سبل منع البناء الفلسطيني في المناطق المصنفة (ج) مقابل تعزيز الاستيطان وبخاصة في منطقة الأغوار، وقال مسؤول ملف البنى التحتية في الإدارة المدنية للاحتلال "آدام افيعاد"، إن إدارته هدمت 550 مبنى فلسطينيًا في تلك المناطق خلال عام 2022، من أصل 1600 مبنى تم رصدها، وخلال عام 2023 هدمت إدارته 220 مبنى من أصل 1000 تم اكتشافها، وفضلاً عن ذلك وفي خطوة اضافية لخدمة مشروع الاستيطان والمضي قدمًا في مشروع الضم تعتزم الحكومة "الإسرائيلية" تشريع قانون يسمح بتحويل عائدات المناطق الصناعية (داخل الخط الأخضر) لصالح المجالس المحلية للمستوطنات في الضفة الغربية، حيث ناقشت لجنة الداخلية في الكنيست مشروع القانون استعدادًا لطرحه لتصويت الهيئة العامة للكنيست لإقراره في قراءة أولى، في تعديل على القانون الحالي، الذي يمنع تحويل عائدات المناطق الصناعية "الإسرائيلية" داخل الخط الأخضر إلى المستوطنات في الضفة، ويمنح القانون وزير الداخلية "الإسرائيلي"، الحق في إصدار أمر تحويل عائدات المناطق الصناعيّة "الإسرائيليّة" داخل الخط الأخضر إلى المستوطنات في الضفة، والعائدات التي يتحدث عنها القانون، هي من ضريبة المسقفات "الأرنونا" التي تفرض على المحال والمصالح التجارية".
على صعيدٍ آخر، أشار التقرير، إلى أنّه "وفي خطوة تؤشّر بوضوح على سياسة عنصرية قل نظيرها على المستوى الدولي، خفضت شركة "ميكروت" للمياه التابعة للحكومة الإسرائيليّة الأسبوع الماضي من كميات المياه لمحافظتي الخليل و بيت لحم بنحو 6 آلاف كوب يوميًا، في وقت تشهد فيه البلاد موجة حر غير مسبوقة، دون أن تبدي أسبابًا فنية أو غير فنية لهذه الخطوة غير الإنسانية، وهذه ليست المرة الأولى، التي تلجأ لها هذه الشركة الحكومية "الإسرائيلية" إلى مثل هذا الإجراء في ذروة أيّام الصيف، أو حتى في شهر رمضان، فقد فعلت ذلك قبل سنوات عندما أقدمت هذه الشركة، التي تسطو على المياه الفلسطينيّة الجوفية، على خطوة كهذه ضد مدينتي نابلس وسلفيت في سياق سياسة الضغط والتعطيش والعقوبات الجماعية، وسياسة خفض حصص المياه عن مدن وقرى فلسطينية تلجأ لها سلطات الاحتلال، لا لنقص في كميات المياه المتاحة، فإلى جانب سطوها اللصوصي على المياه الجوفية والسطحية الفلسطينية، طورت دولة الاحتلال مصادر مائية تغطي احتياجاتها دون عوائق، فقد تحولت "إسرائيل" خلال الأعوام الأخيرة إلى قوة مائية تكفيها ذاتيًا وتزيد من خلال استثمارات كبيرة وتكنولوجيا متطوّرة، توفّر لها حصانة من أخطار الجفاف وتغيرات المناخ لدرجة تلبي جميع احتياجاتها من المياه حتى العام 2050 على الأقل، ولكن ما هي الاعتبارات التي تدفع دولة الاحتلال إلى خفض كميات المياه بين الحين والآخر عن مدن وقرى الضفة الغربية، الاعتبارات واضحة، فهذا جزء من آليات الضغط على الجانب الفلسطيني، وهي في الوقت نفسه توفّر كميات أكبر من المياه للمستوطنات لأغراض الاستهلاك المنزلي والاستهلاك الصناعي والزراعي بهدف تطوير وتوسيع هذه المستوطنات، فهي سياسة عنصرية واضحة والأرقام تعكس هذه السياسة بوضوح".
وتابع التقرير عن ذات الجزئية: "هنا تشير المعطيات إلى أنّ معدل استهلاك الفرد "الإسرائيلي" من المياه يزيد بثلاثة أضعاف عن معدل استهلاك لفرد الفلسطيني، إذ بلغت حصة "الإسرائيلي" نحو 300 لتر في اليوم، أما حصة المستوطنين في الضفة الغربية فيتضاعف إلى أكثر من 7 أضعاف استهلاك الفرد الفلسطيني، وذلك نتيجة السيطرة "الإسرائيلية" الكاملة على أكثر من 85 بالمئة من المصادر المائية الفلسطينية، فيما تبرّر دولة الاحتلال سياستها هذه بالادّعاء بأن هذا ما تم الاتفاق عليه مع الجانب الفلسطيني في الاتفاقية المرحلية التي تم التوقيع عليها بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1995 دون الأخذ بالاعتبار بأن مفعول تلك الاتفاقية كان لخمس سنوات فقط وبأنه منذ التوقيع على تلك الاتفاقية ازداد عدد السكّان الفلسطينيين بنحو 75% بينما بقيت كميات المياه المخصصة للفلسطينيين على حالها، فدولة الاحتلال لا تسيطر على مصادر المياه الجوفية الفلسطينية فقط، بل هي تسيطر من خلال الأوامر العسكرية على مصادر المياه السطحية، بما فيها الأمر العسكري الصادر في السابع من حزيران 1997، أي بعد أوسلو بأعوام، والذي ينص على أن كافة المياه الموجودة في أراضي الضفة الغربية هي ملك لدولة "إسرائيل"، ونهر الأردن كذلك هو خارج حسابات هذه الدولة بالنسبة للفلسطينيين، أما الينابيع فسيطرة شبه كاملة للإدارة المدنية ومجالس المستوطنات، وفي الضفة الغربية يوجد أكثر من 700 من عيون الماء والينابيع يقع معظمها في المناطق المصنفة (ج) ويبلغ معدل تدفق المياه في هذه الينابيع نحو 26 مليون متر مكعب تذهب لأغراض الاستيطان والمستوطنين، ومصادر المياه هذه، مثل أم الرشراش، فصايل، عين مخنة، عيون فاره، بوبين، عين محجور، عين الحلوة، الفشخة على سبيل المثال لا الحصر، تحولت إلى ضحية من ضحايا الاستيطان، مياهها تذهب للاستيطان والمستوطنين، ليس فقط للاستهلاك المنزلي بل وللزراعة وأبعد من ذلك للسياحة الدينية للمستوطنين والسباحة كذلك".