الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بدو القدس.. الحصن الأخير ضد مخطط استيطاني كبير

نشر بتاريخ: 01/09/2023 ( آخر تحديث: 01/09/2023 الساعة: 12:25 )
بدو القدس.. الحصن الأخير ضد مخطط استيطاني كبير

القدس- معا- عاد اسم قرية "الخان الأحمر" إلى الواجهة خلال اليومين الماضيين، مع واقعة اعتقال الشرطة الإسرائيلية فتاتين، كانتا تدافعان عن شقيقهما الأصغر (8 سنوات) من اعتداء أحد المستوطنين.

تلك الواقعة، التي تداولها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، سلطت الضوء مجددا على ما تعانيه التجمعات البدوية، شرقي مدينة القدس، والتي تعيش في منطقة شديدة الحساسية تسيطر عليها بالكامل السلطات الإسرائيلية.

ويقول الفلسطينيون في التجمعات البدوية، شرقي القدس، إنهم يتعرضون لاعتداءات ومضايقات مستمرة من قبل مستوطنين والشرطة الإسرائيلية، في محاولة لإجبارهم على الرحيل من المنطقة.

وكان آخر هذه الاعتداءات، مشهد المستوطن الإسرائيلي وهو يحمل سلاحا، ويجبر الطفل الفلسطيني عز الجهالين الابن الأصغر لرئيس مجلس قرية "الخان الأحمر"، عيد خميس، على الجلوس على الأرض بعد التعدي عليه بالضرب، الثلاثاء.

وتفاقمت الواقعة مع اقتراب شقيقتي الطفل لتخليصه من يد المستوطنين، الذين اعتدوا على شقيقهما بحجة رعي الأغنام قرب مستوطنة "كفار دارم" المقامة على أراضي الخان الأحمر.

وعلى هذا النحو، أظهرت مشاهد أخرى قوات من الشرطة الإسرائيلية وهي تعتقل الفتاتين، نسرين (20عاما) وإيمان (18 عاما)، واللتين تم إخلاء سبيلهما بكفالة إلى حين المحاكمة.

وأكد خميس للأناضول الواقعة، قائلا: ""كان عز يرعى الأغنام على مسافة لا تزيد عن 200 متر عن موقع سكننا حين هاجمه مستوطنون إسرائيليون، واعتدوا عليه بالضرب ومن ثم أجبروه على الجلوس على الأرض".

وأضاف: "وصلت شقيقتيه وحاولتا تخليصه من المستوطن ولكن دون جدوى، إلى حين وصلت قوة من الشرطة الإسرائيلية وقامت باعتقالهما وتركت المستوطن".

ولم تعلق الشرطة الإسرائيلية على الواقعة، حتى ظهر الأربعاء.

الحصن الأخير للقدس

وفي السياق، أوضح خميس أن واقعة أبنائه بمثابة دليل على حقيقية أن "الإسرائيليين لا يريدون أي عربي في منطقة شرق القدس، من أجل تنفيذ مخططاتهم الاستيطانية المعروفة باسم القدس الكبرى".

وأضاف: "يوجد نحو 3000 شخصا في 26 تجمعا بدويا في منطقة شرق القدس، جميعها مهددة بالإخلاء والهدم والإزالة".

وتابع: "يعتقد الإسرائيليون إنه إذا ما تم إخلاء هذه التجمعات السكانية البدوية فإن المنطقة حتى البحر الميت، ستكون خالية لهم ليفعلوا فيها ما يشاؤون".

والتجمعات السكانية البدوية هي عبارة عن خيام ومنازل من الصفيح والطوب، وتعتمد في عيشها على رعي الأغنام في الأراضي المهددة بالمصادرة.

وتقول العائلات البدوية إنها تعيش في هذه المنطقة بعد تهجيرها من النقب، جنوبي إسرائيل، في العام 1952، حيث استقرت منذ ذلك الحين في منطقة شرق مدينة القدس الشرقية.

وعلى هذا النحو، جدد خميس الإشارة إلى الانتهاكات التي يتعرض لها بدو القدس، مضيفا: "قرارات الهدم تطال جميع التجمعات، ونحن نتعرض بشكل دائم للمضايقات والاعتداءات من قبل المستوطنين وأيضا الشرطة الإسرائيلية".

وأكد أن بدو القدس "يحاولون مواجهة قرارات الهدم، من خلال اللجوء الى المحاكم الإسرائيلية، ولكن بعد عقود من المقارعة القانونية، تتبنى المحاكم الإسرائيلية، للأسف، رواية المستوطنين وترفض موقفنا".

ووفقا لخميس، لا يوجد شبكات كهرباء ولا ماء ولا خدمات صحية في تجمعاتهم البدوية، وحتى المدرسة الوحيدة التي تمت إقامتها لأطفال التجمعات تم هدمها مرارا

وتقع هذه التجمعات في منطقة مصنفة "ج"، والتي تشكل نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، وتقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.

ويسكن نحو 190 فلسطينيا من عشيرة "الجهالين" البدوية في التجمع منذ أوائل خمسينات القرن الماضي، بعد أن هجرتهم إسرائيل من منطقة النقب عام 1948.

ويحيط بالتجمع مستوطنات إسرائيلية ويقع ضمن الأراضي التي تستهدفها تل أبيب لتنفيذ مشروع "E1" الذي يتضمن إقامة أكثر من 3500 وحدة استيطانية لربط مستوطنة "معاليه ادوميم" مع القدس الغربية، وعزل المدينة عن محيطها، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية أعطت قبل سنوات الضوء الأخضر لهدم وإخلاء تجمع الخان الأحمر، توطئة لتنفيذ المشروع الاستيطاني "E1".

وتؤخر المواقف الأمريكية والأوروبية والأممية، المتتالية منذ سنوات، إخلاء وطرد العائلات ولكن لا تلغيها.

وحذرت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية، مرارا في السنوات الماضية، من أن تنفيذ هذا المخطط سيوجه ضربة قوية لفرص "حل الدولتين"، فلسطين وإسرائيل تعيشان جنيا الى جنب، ويقسم الضفة الغربية إلى قسمين.

خطة للتهجير القسري

يدعو أعضاء في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) وكذلك وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بشكل متكرر إلى هدم تجمع "الخان الأحمر" بذريعة أنه "بني من دون ترخيص"، وهو ما ينفيه السكان.

وتقود هذه الخطة منظمة " ريغافيم" الإسرائيلية اليمينية التي رفعت دعوى قضائية ضد الحكومة لإجبار المسؤولين على هدم القرية التي يقطنها 200 شخص.

وفي مايو/ آيار الماضي، رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا طلبا تقدمت به "ريغافيم"، لإجبار الحكومة على تنفيذ أوامر الهدم الصادرة بحق الخان الأحمر، ضمن مسار قضائي طويل امتد لسنوات.

وجاء القرار الأخير بتأجيل الهدم، بعد ضغوط دولية مارسها الاتحاد الأوروبي والمحكمة الجنائية الدولية، بعدما أصدرت المحكمة العليا، في 5 سبتمبر/ أيلول 2018 قرارا نهائيا بإخلاء وهدم "الخان الأحمر"، بعد رفضها التماس سكانه ضد تهجيرهم وهدم التجمع، المكون أغلبه من خيام ومساكن من الصفيح.

وفي مارس/آذار 2010، صدر أول قرار عما تسمى "الإدارة المدنية الإسرائيلية" بهدم كافة المنشآت في الخان الأحمر، ما دفع السكان إلى اللجوء للمحاكم الإسرائيلية للالتماس ضد القرار على مدار السنوات الماضية.