بيت لحم- معا- أثارت "الحقيقة" التي أوضحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للعالم، حول المحرقة اليهودية، هجوما إسرائيليا محموما ضد الرئيس الذي لم يستخدم "العنف" في وجه الإسرائيليين طيلة فترة توليه رئاسة السلطة الفلسطينية، لقناعته بجدوى المقاومة الشعبية على طريق الكفاح المسلح.
كلمة الرئيس عباس أمام المجلس الثوري لحركة فتح في 24 آب- أغسطس الماضي، أثارت من بعد الهجوم الإسرائيلي موجة انتقادات من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، كان أبرزها سحب رئيسية بلدية باريس وسام شرف رفيع كانت المدينة منحته الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2015.
ماذا قال عباس عن المحرقة وأصل اليهود؟
* "في العديد من الكتب اليهودية عندما يقولون إن هتلر قتل اليهود بسبب يهوديتهم، لا، لقد حاربوهم بسبب دورهم الاجتماعي، وليس بسبب دينهم، أي أن هتلر حارب اليهود لأنهم يتعاملون بالربا والمال، فاليهود الأشكناز لم يأتوا من عرق سامٍ، ولهذا هناك من يقول إنهم ليس من اليهود".
* "لقد كتب أكثر من كاتب، حتى كارل ماركس قال هذا الكلام غير صحيح. وقال بالضبط إن العداء ليس لليهودية كدين وإنما لأسباب اجتماعية يحارب هؤلاء الناس. أي بسبب وظيفتهم الاجتماعية".
* "اليهود الشرقيون هم ساميون. كلهم من الجزيرة العربية وذهبوا من الأندلس وعادوا من هناك، وكلنا نعرف هذا التاريخ".
* "بن غوريون لم يكن يريد أن يهاجر اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل، لكنه اضطر لقبولهم بناء على طلب تشرشل، لأنه لم يعد هناك يهود في أوروبا".
* "بن غوريون نفذ هجمات على مؤسسات يهودية في الدول العربية لإقناعهم بالهجرة".
ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها عباس لانتقادات بسبب تصريحاته عن المحرقة:
في عام 2018 أدلى الرئيس عباس بتصريحات مشابهة عندما كان يتحدث أمام المجلس الوطني، حيث قال: "معاداة السامية في أوروبا لم تنشأ بسبب الدين اليهودي".
واقتبس كلاما للمفكر الألماني كارل ماركس جاء فيه "المكانة الاجتماعية لليهود في أوروبا وعملهم في قطاع البنوك والتعامل بالربى، أديا إلى اللاسامية التي أدت بدورها إلى مذابح في أوروبا".
وخلال زيارة إلى ألمانيا في آب/ أغسطس 2022، قارن الرئيس عباس المحرقة بقتل إسرائيل للفلسطينيين، متّهما الدولة العبرية بارتكاب "50 مذبحة و50 محرقة" ضد الفلسطينيين منذ عام 1947.
ويومها أثار هذا التصريح تنديداً شديداً من جانب برلين.
هجوم إسرائيلي مصحوب بتحريض واسع ضد عباس
وزارة الخارجية الإسرائيلية شاركت محتوى الخطاب الأخير للرئيس عباس على موقع "إكس" المعروف سابقا باسم "تويتر"، وانتقده السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان.
وعلق إردان، قائلا: "هذا هو الوجه الحقيقي للقيادة الفلسطينية. ومثلما يلوم عباس اليهود على المحرقة، فإنه يلوم اليهود أيضا على كل قضايا الشرق الأوسط".
السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان قال: "يجب على العالم أن يستيقظ ويحاسب عباس وسلطته الفلسطينية على الكراهية التي ينشرونها وما يتلوها من سفك للدماء . يتعين ألا يكون هناك أي تسامح مع التحريض والإرهاب الفلسطينيين!"
أفيغدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض في إسرائيل، قال إن تصريحات الرئيس عباس تمثل "خطابا فاضحا ومعاديا للسامية".
واتهم الرئيس الفلسطيني بأنه من أشد المؤيدين لـ"الإرهاب"، وأنه يعمل على ملاحقة الجنود الإسرائيليين في المحاكم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب".
وأضاف ليبرمان: "نشر أيضا أبو مازن رسالة دكتوراة كاملة حول إنكار المحرقة، واليوم أثبت مرة أخرى أنه رجل متطرف، هو العدو اللدود لدولة إسرائيل".
محلل الشؤون العربية في "القناة 13" تسفيكا يحزيقلي، قال إن تصريحات عباس "امتداد للأطروحات التي يتبناها منذ كان شابا، التي أنكر فيها المحرقة النازية، وهذه جزء من الرواية الفلسطينية التي تدرس لطلبة المدارس"، مطالبا المجتمع الدولي، خاصة الدول المانحة، إجبار الرئيس عباس على الاعتذار.
الولايات المتحدة تصريحات بغيضة تستوجب الاعتذار
ديبورا ليبستادت، المبعوثة الأمريكية الخاصة لمراقبة ومكافحة معاداة السامية، قالت: "صُدِمت من تصريحات الرئيس عباس البغيضة والمعادية للسامية في اجتماع فتح الأخير".
وتابعت: "لقد أهان خطابه الشعب اليهودي، وحرّف قضية المحرقة، وأساء وصف الهجرة الجماعية المأساوية لليهود من الدول العربية، إنني أدين هذه التصريحات وأحث على تقديم اعتذار فوري".
الاتحاد الأوروبي: تصريحات تحريضية تشكل إهانة للملايين
متحدث باسم الاتحاد الأوروبي قال: إن "الخطاب... يحتوي على تصريحات كاذبة ومضللة بشكل صارخ حول اليهود ومعاداة السامية".
وأضاف في بيان أن "مثل هذه التشويهات التاريخية تحريضية ومسيئة للغاية".
واعتبر المتحدث في بيانه أن تصريحات الرئيس الفلسطيني "تقلل من شأن المحرقة وبالتالي تغذي معاداة السامية وتشكل إهانة للملايين الذين راحوا ضحايا المحرقة وعائلاتهم".
ألمانيا: تصريحات فظيعة ومروعة
وزارة الخارجية الألمانية وصفت تصريحات ارئيس عباس بـ"الفظيعة والمروّعة".
وقال مسؤول في الوزارة: تصريح الرئيس الفلسطيني يساهم في "نشر نظريات المؤامرة وتشويه التاريخ، ويتعارض مع كلّ الجهود المبذولة لقول الحقيقة".
بدورها، ندّدت الممثّلية الألمانية في رام لله "بشدّة" بتصريحات الرئيس عباس.
الرئاسة تستهجن وتوضح
الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، قال: إن ما نشر على لسان الرئيس كان اقتباسا من كتابات لمؤرخين وكتاب يهود وأميركيين وغيرهم، ولا يعتبر إنكارا بأي شكل من الأشكال للمحرقة النازية.
وأكد أبو ردينة، أن موقف الرئيس من هذا الموضوع واضح وموثق، وهو الإدانة الكاملة للمحرقة النازية ورفض معاداة السامية.
وقال: ونحن نعبر عن استهجاننا وإدانتنا الشديدة لهذه الحملة المسعورة لمجرد اقتباسات لكتابات أكاديمية وتاريخية.