الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

جولة في مدينة اريحا للتعريف والترويج لمواقع التراث الثقافي الفلسطيني

نشر بتاريخ: 15/09/2023 ( آخر تحديث: 15/09/2023 الساعة: 19:29 )
جولة في مدينة اريحا للتعريف والترويج لمواقع التراث الثقافي الفلسطيني

بيت لحم-معا- حسن عبد الجواد- تعتبر مواقع التراث الثقافي الممتدة على مساحة خارطة فلسطين التاريخية، احدى اهم اركان الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني، لما تحمله من ابعاد وتحولات ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية، عبر محطات تاريخية هامة، أسهمت في صياغة تاريخ المنطقة العربية عبر الاف السنين.

ويشكل قصر هشام، الذي بناه الخليفة هشام بن عبد الملك، في أقدم مدن الحضارة الانسانية "اريحا"، أحد اهم معالم الحضارة العربية والإسلامية، في فلسطين.

وقد نظمت وزارة السياحة والاثار زيارة خاصة للصحفيين والإعلاميين للتعرف على اهم وأجمل المواقع التاريخية الفلسطينية المفتوحة، والذي يضم أكبر أرضية فسيفساء متصلة في المنطقة ومظلة حديثة مبتكرة. واشتمل برنامج الزيارة التي شارك فيها 58 صحفيا واعلاميا من مختلف المؤسسات الصحفية والإعلامية الفلسطينية، وعدد من الصحفيين والإعلاميين العاملين مع الوكالات الأجنبية، على عرض فيلم عن قصر هشام، وزيارة المتحف، والتجول في الموقع، وتقديم شروحات تفصيلية حول اهميته التاريخية.

رفع مستوى الوعي لدى الجمهور بالثقافة السياحية

وقال ماجد اسحق مدير عام التسويق السياحي في وزارة السياحة والاثار، في مستهل الجولة، ان دعوة الصحفيين الفلسطينيين لزيارة موقع قصر هشام الاموي، في مدينة اريحا، يأتي في اطار برنامج الترويج الذي تنفذه وزارة السياحة والاثار، للمواقع التاريخية الفلسطينية ومواقع التراث الثقافي الهامة، في مختلف المحافظات الفلسطينية، بدعم من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" ، وذلك بهدف التعريف بخارطة المواقع السياحية، وتشجيع مختلف قطاعات وفئات الشعب الفلسطيني على السياحة الداخلية لهذه المواقع، ورفع مستوى الوعي المجتمعي لدى الجمهور الفلسطيني بالثقافة السياحية، وبأهمية هذه المواقع.

ولفت اسحق، الى ان زيارة الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، يعتبر مدخلا هاما لإيصال رسالة فلسطين ووزارة السياحة والاثار، على مختلف المستويات المحلية والعربية والدولية، وإبراز أهمية الحماية الدولية لهذه المواقع، من استمرار اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه على هذه المواقع، التي تعكس حجم ومكانة التراث الحضاري الإنساني، في فلسطين. ودعا الجامعات والمدارس والمؤسسات الفلسطينية الى تكثيف زيارتهم الى قصر هشام ومختلف المواقع التاريخية والاثرية في فلسطين للتعرف على أهميتها وقيمتها ومكانتها التاريخية، باعتبارها من اهم اركان بناء الهوية الحضارية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني.

وأشاد بالشراكة والتعاون بين وزارة السياحة والاثار، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا"، والتي اثمرت عن مشروع كشف أرضية الفسيفساء الشهيرة في قصر هشام، وتغطيتها بسقف ضخم، حديث ومتطور، لحمايتها من العوامل الجوية، وتمتع الزائرين بجماليتها.

نجمة قصر هشام "اريحا"

وقدم محمد منصور مدير إدارة المواقع الاثرية الذي اصطحب الصحفيين والإعلاميين المشاركين في جولة ميدانية، شرحا وافيا، لمختلف جوانب ومرافق قصر هشام "724 – 743" الذي يقع في خربة المفجر، وكان قصرا شتويا للراحة والاستجمام للخليفة، مشيرا ان القصر استمر السكن في بعض المناطق الأخرى من الموقع، بما في ذلك القصر حتى القرن العاشر الميلادي. استخدمت المنطقة الشمالية من القصر كضيعة زراعية خلال الفترة الأموية والعباسية في الفترة ما بين 730- 950 ميلادي.

وأوضح منصور، ان الموقع احتوى خلال الفترة الأموية على القصر والحمام الكبير والمسجد والنافورة وسور خارجي (الحير) وبوابتين، وربما سكن للنخبة الحاكمة، وجاء ترتيب المباني الرئيسية الثلاثة الأولى على الجانب الغربي من فناء مشترك مع بركة ونافورة في مركزها. وتكوّن القصر من بناء مُربع، مُشيّد بطابقين، وله أبراج دائرية عند الزوايا، وكان مدخل القصر عبر ممر مقبب، وأحيط بالمقاعد من كلا الجانبين، وللقصر فناء مركزي (ساحة)، مُحاط بأربع صالات عرضية، ويشير ترتيب الغُرف فيها الى أنها استخدمت للضيوف والخدم والتخزين.

ولفت الى ان نظر الزائر للقصر يتركز على النجمة الموضوعة حالياً في الفناء، والتي كانت احدى نوافذ الطابق العلوي، وأصبحت حالياً رمزاً مشهوراً لمدينة أريحا. كما يوجد مسجد صغير له محراب على الجهة الجنوبية للقصر، وتؤدي الأدراج الموجودة في الزاويتين الشمالية الشرقية والجنوبية للساحة الى الطابق العلوي، ويبدو أنه استخدم جناحاً للسكن. ويقع السرداب (الحمام البارد) في الجهة الغربية من الفناء المركزي للقصر، وهو مشيّد تحت مستوى أرضية القصر، ويتكون من غرفة مُقبّبة، وبركة ماء، ومقاعد، وأرضية مُلونة من الفسيفساء. أضيف المسجد الرئيسي الى الجدار الشمالي للقصر، ومخططه يأخذ الشكل المستطيل، ولهُ محراب باتجاه القبلة.

أكبر أرضية فسيفساء في المنطقة تزينها لوحة الحياة

من جهته قال اياد حمدان مدير عام وزارة السياحة والاثار، في محافظة اريحا، ان التنقيبات الأثرية الأولى في الموقع بين عامي 1935 و1948 من قبل دائرة الآثار الفلسطينية، تحت إشراف ديمتري برامكي وبمساعدة روبرت هاملتون، حيث كُشف عن جزء كبير من مجمع القصر، ثم أجريت تنقيبات في المنطقة الشمالية للقصر خلال الستينات من القرن الماضي، وللأسف لم تُنشر نتائجها.

وأضاف ان أعمال تنقيب صغيرة النطاق، استؤنفت في منطقة الحمام في عام في عام 2006، وتلتها تنقيبات مُنظمة في الفترة الممتدة ما بين 2011-2015 ضمن مشروع التعاون بين وزارة السياحة والأثار وجامعة شيكاغو الأمريكية بهدف إعادة تقييم الموقع. وفي نهاية شهر تشرين أول من العام 2021 افتتح مشروع كشف أرضية القصر التي تزينها لوحة الحياة، وتغطيتها بغطاء حديث ومتطور للحفاظ عليها، بتمويل من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا).

وأشار حمدان الى المتحف الذي يقع ضمن موقع قصر هشام الأثري في أريحا، حيث بني عام 2000 وأغلق بعد ذلك لفترة من الزمن، ومن ثم تم إعادة ترميمه وصيانته من حيث التصميم الداخلي وتصميم وإنتاج خزانات المتحف وعمل لوحات توضحيه تعكس قصة موقع قصر هشام عام 2014 من قبل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية بتعاون أمريكي، واغلب القطع الأثرية المعروضة داخل المتحف هي من موقع قصر هشام الأثري المكتشفة خلال الحفريات الأثرية على مر الزمن.

وفي ختام الجولة عبر الاعلاميون والاعلاميات، عن شكرهم وتقديرهم لدعوة وزارة السياحة والاثار، ومؤسسة جايكا اليابانية لزيارة هذا الموقع التاريخي الهام، في أقدم مدن التاريخ "اريحا"، وأعربوا عن أملهم بتكرار مثل هذه الزيارات الهامة للمواقع السياحية التاريخية المنتشرة في انحاء فلسطين، بهدف الترويج لهذه المواقع، وتشجيع السياحة المحلية اليها.