القدس- تقرير معا- وجوه شاحبة وعيون غائرة وشعر طويل، شاردون الذهن، مشوشون التفكير، خسارة وزن كبير، صعوبة بالمشي والكلام، هذا حال 13 طفلا مقدسيا تحرروا يوم أمس من سجني الدامون ومجدو، ضمن الدفعة الخامسة في صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل.
وبتحرر المزيد من الأطفال الأسرى من سجون الاحتلال يُكشف ما كان عليه وضع الأسرى داخل السجون وما تعرضوا له من انتهاكات بحقهم، فلا تعاملهم قوات الاحتلال حسب سنهم الصغير، فهم يكبرون قبل أوانهم ويخرجون بعد عدة أشهر وكأنها سنوات، ولعل الأسابيع الأخيرة كانت الأصعب في السجون من قمع وتنكيل وحرمان لأبسط مقومات الحياة... وإجراءات بدت واضحة على ملامح الأسرى الذين قمنا بمقابلتهم فور الإفراج عنهم.
مراسلة وكالة معا في القدس، نقلت عن عدد من الأسرى الأطفال- تحرروا أمس-، عن أبرز ما يجري داخل السجون وما عاشوه منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي.
طفح جلدي والتهابات
محمد عاهد شطارة كانت وجهته الأولى بعد الإفراج عنه الى المستشفى، لسببين: عدم موافقة مخابرات الاحتلال الإفراج عنه في منزله بحجة "مواجهات في البلدة"، ولإجراء الفحوصات الطبية لإصابته بطفح جلدي.
وأوضح شطارة 17 عاماً :" حكة شديدة واحمرار ووجع، بعد طفح جلدي على "وجهي، يدي، قدمي ورأسي"، منذ حوالي شهر، إضافة الى انتفاخ في اصبع يدي بعد الاعتداء علي ووضع اصبعي تحت بسطار أحد الجنود الذين اقتحموا القسم."
وأوضح شطارة أن العديد من الأسرى في سجن مجدو لديهم ذات الاعراض "الطفح الجلدي"، ولدى مطالبتنا العلاج والفحص الطبي، كانت إدارة السجن ترفض وتعطينا "الاكامول أو دواء للحساسية"، دون إجراء أي فحص أو متابعة طبية، مما تسبب بالتهاب جلدي في بعض المناطق لدى الأسرى".
ولفت شطارة انه قابل يوم أمس بعض الأسرى في غرفة الانتظار ومنهم من سجن الدامون يعانون من الطفح الجلدي كذلك.
ولفت شطارة أن الاسرى في سجن مجدو يعانون كبقية السجون من الاقتحامات المتكررة للأقسام والغرف، ومصادرة الأجهزة الكهربائية، ومن سوء الطعام، ومصادرة الملابس بالكامل، وعدم التواصل مع الأهل".
ولفت الأسير المحرر شطارة الى العديد من الأسرى الأشبال في سجن مجدو أصيبوا بعد اقتحام وحدة القمع للغرف "بكسور، رضوض، أوجاع مختلفة"، ولم يقدم لهم العلاج.
إفراج خارج العيسوية... فالعنوان كان المستشفى
أما عن سبب الإفراج عنه على بوابة المستشفى فقد أوضح عاهد شطارة- والد الأسير المحرر-، خيرت بأن يقضي ابني محمد ليلة أخرى في السجن، أو البحث عن منزل خارج العيسوية للإفراج عنه، بحجة "مواجهات في البلدة".
ولفت شطارة أن إجراءات الافراج المتبعة منذ اليوم الأول لصفقة التبادل، يفرج عن الأسير وولي أمره من مركز شرطة المسكوبية الى المنزل مباشرة، بمركبة خاصة للمخابرات، ولا تفك القيود عن أيدي الأسير إلا بوصوله الى باب منزله.
وقال:" على بعد أمتار من مدخل العيسوية، تم إبلاغ المخابرات بوجود مواجهات في البلدة؛ فرفضت المخابرات إكمال سيرها، وعادت بنا الى المسكوبية، وطالبتني بالبحث عن منزل "عنوان آخر" في القدس للإفراج عنه، -رغم الاتصالات التي قمت بها مع العائلة التي أكدت عدم وجود مواجهات في الحي الذي نسكن فيه-، وعند تأكدي للمخابرات بعدم وجود أي مكان/عنوان آخر لنا خارج العيسوية، أبلغني بأنه سيتم احتجاز محمد هذه الليلة في المسكوبية."
وأضاف شطارة:" كان زوجتة ابني في المستشفى "حالة ولادة" وكافة العائلة عندها، فأخبرت المخابرات بالأمر، ووافق أن يفرج عن محمد أمام المستشفى بشرط عدم دخول البلدة قبل الساعة الثالثة فجراً".
ولفت أن المخابرات قامت بإيصاله ونجله الى المستشفى وفكت قيود محمد على الباب.
"هذا مش قسام.. مش ابني"
عائلة عطون، استقبلت أمس ابنها الثاني قسام بعد يوم من الإفراج عن شقيقه دجانة ، فيما بقي محمد الشقيق الثالث بالأسر.
ولم تصدق والدة الأسير المحرر قسام بأن من ترجل من مركبة المخابرات هو ابنها قسام، وشردت لعدة دقائق وقالت "هذا مش قسام.. مش ابني"، وقالت:" لدى وصوله باب المنزل كانت صدمة كبير .. قسام مش هيك "خسر كتير من وزنه كان يلبس الحجم الكبير.. اليوم هو مختلف كلياً".
ولفتت أم الأسير القسام، أن آخر زيارة في السجون كانت قبل الحرب بحوالي أسبوعين، وكان نجلها يتمتع بصحة جيدة.
وقال المحرر قسام:" الأيام الماضية منذ الحرب، كانوا بس يدخلوا على الغرف يضربونا ويطلعوا.. حرمان من كل شيء داخل السجون، 53 يوما لم يسمح لنا حلاقة شعرنا" الطعام المقدم سيء".
53 يوماً في السجون "ذل من الإدارة"
آدم محمود أبو حامد من سجن الدامون قال:" 53 يوماً في السجون "ذل من الإدارة"، قوانين وإجراءات عديدة تمارس ضد الأسرى حتى اليوم: أبرزها منع الخروج للفورة، منع الاستحمام، منع الزيارة، منع الكانتين، مصادرة الملابس والأحذية بالكامل، حتى شراء "الشامبو" ممنوع، مقص للأظافر ممنوع.. وغيرها من الإجراءات."
وقال:" كل أسير يعيش اليوم على أمل أن يفرج عنه ويدرج اسمه بالصفقة، وكل يوم عند دخول القوات الى القسم ننتظر أسماء المفرج عنهم، والأسير الذي لم يتم مناداته للإفراج يأمل أن يكون نصيبه في اليوم التالي".
وعن إجراءات الافراج قال:" بعد خروجنا من الغرف، يتم أخذ البصمات لنا وعمل إجراءات الافراج اللازمة، والقيود بأيدينا وأقدامنا، ويتم مصادرة الأحذية واستبدالها بالبابوج.. والمخابرات تقوم بتوصيلنا الى باب المنزل."
إهمال طبي
أما الأسير المحرر محمد عماد عطون قال:" إدارة السجون تريد إذلال واهانة الاسرى في السجون، اقتحامات وضرب ومصادرة، إهمال طبي كبير داخل السجون."
الفرحة ناقصة لوجود الالاف من الأسرى خلفي في السجون، آمل الافراج عنهم، المعاناة كبيرة."
حمزة رائد المغربي قال:" يوم أمس لم نتوقع دفعة جديدة للافراجات، فعند الدخول لعد الأسرى مرتين لم يتم اخراج الاسرى المنوي الافراج عنهم كما الأيام السابقة، وبشكل مفاجئ اقتحم القسم وأبلغنا بالافراجات، دقيقة واحدة فقط يتم امهالنا لتجهيز أنفسنا والخروج من الغرفة، وقال:" كنت كل يوم اجهز حالي على أمل أن يكون الافراج من نصيبي."
وعن الوضع في السجون قال: الطعام المقدم لنا قليل ولا يكفي لعدد الأسرى، وسيء للغاية، الأسرى يفقدون وزنهم بسبب سوء التغذية".
كما تحدث المغربي عن الإهمال الطبي في السجون وعن تجربته قال:" طفح جلدي على يدي ورقبتي، كنت اروح على الطبيبة وكل مرة تعطيني دواء مختلفة، "حبوب، كريمات..." دون إجراء الفحوصات اللازمة، ولم اتحسن على العلاج."
والدة الأسير المحرر المغربي قالت بحرقة وألم :" لم شفت ابني بكيت شوقا له، وقهرا عليه "ابني مش ابني" ضعفان كتير".
3 أيام قمع وضرب
الأسير المحرر محمد خليل السلايمة، أوضح أنهم في بداية الحرب تعرضوا للاعتداء والضرب الشديد، وقال:" خلعت عنا الملابس وتم إدخالنا الى الحمامات وضربنا وتعمدوا توجيه الاهانات لنا.. 3 أيام قمع للأسرى الاشبال."
وقال:" اعتقلت 3 مرات.. لكن هذا الاعتقال الأصعب لي".
وأفرج يوم أمس عن 20 أسيرا مقدسيا بينهم "7 اسيرات اعتقلن بعد الحرب على قطاع غزة ووجهت لهم لوائح اتهام" التحريض والتشجيع على العنف"، و13 فتى، وتترقب عائلات الأسرى اليوم السادس من الهدنة، وقوائم الاسرى والاسيرات المنوي الإفراج عنهم، علما أن قائمة "وزارة القضاء الإسرائيلية" ضمت 79 أسيرا من مدينة القدس من حملة "الهوية الإسرائيلية"، أفرج خلال اليومين الماضيين عن 72 أسير مقدسي "نسوة وأطفال"