بيت لحم- معا- منذ بداية العدوان على قطاع غزة، احكمت قوات الاحتلال حصارها للضفة الغربية بوضع الحواجز والسواتر الترابية والمكعبات الاسمنتية والبوابات الحديدة على الطرقات بين المدن والقرى وبين المحافظات، لعرقلة سير مركبات المواطنين كسياسة عقاب جماعي، وكان له الأثر الأكبر على الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، اذ باتت هذه الإجراءات المسبب الأول لعدم دخول بعض الشاحنات التجارية ورفع تكلفة النقل وغيرها من الآثار المباشرة على أصحاب المصالح التجارية والقطاعات الاقتصادية المختلفة.
في بيت لحم يعتبر شهر كانون الأول ديسمبر الحالي ذروة الموسم السياحي والانتعاش الاقتصادي بفعل الحركة التجارية النشطة في موسم فعاليات عيد الميلاد المجيد، لكن اختلف هذا العام بفعل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة. في هذا التقرير نرصد واقع الوضع الاقتصادي في المحافظة وآثار استمرار الاغلاقات والاقتحامات على سير الحركة التجارية.
د. سمير حزبون رئيس غرفة تجارة وصناعة بيت لحم، وصف الوضع الاقتصادي في بيت لحم بالكارثي وقال: " الوضع الاقتصادي في المحافظة كارثي وغير مريح، واستمراره هكذا سيترك أثارا على المدى البعيد وليس على المدى القصير ولا يمكن معالجتها بسهولة."
وفي ظل أعياد الميلاد المجيدة، تابع حزبون:" محافظة بيت لحم تختنق في فترة الأعياد، هذا الشهر بالتحديد كان يعتبر لدى التجار انه الشهر الأكثر دخلا، لكن الاغلاقات المفروضة على المحافظات رفعت تكلفة النقل، واعتقد اقتصاديا أن مدخرات المواطنين تم استنزافها خلال الشهرين الماضيين، وسوف نلاحظ مظاهر اشتداد الفقر وازدياد نسبة الفقر في هذه المحافظة التي كانت تشكل ٢٥٪ سوف تصل الى ٥٠٪ وسيرافق ذلك مشاكل اجتماعية ،تبعا للأوضاع والتجارب التي نعرفها من دول العالم المختلفة"،
واردف:" توقف في المحافظة قطاعين مهمين، القطاع الأول قطاع السياحة بكل فروعه واختصاصاته توقف بالكامل، والقطاع الثاني هو قطاع العمال داخل إسرائيل فقد توقف عملهم بشكل كامل وبالتالي هذه آثار اقتصادية مباشرة، وأيضا الموظفون في قطاع السلطة انقطعت رواتبهم، والعاملون في القطاع الخاص تضررو أيضا لان هذا القطاع اضطر لوقف مجموعة من العاملين نتيجة لانخفاض الإنتاجية والدخل، وباتت بعض المصانع تعمل الان بنسبة ٣٠٪ من طاقتها الإنتاجية".
وحول الحركة التجارية أضاف حزبون:" القطاع التجاري توقف بنسبة كبيرة، على سبيل المثال في بيت بحم نعتمد على زيارات أهلنا القادمين من القدس والداخل المحتل ويشكلون نسبة ٣٥٪ من القوة الشرائية في المحافظة، ومع وجود الحواجز والاغلاقات لا يستطيعون خلال هذه الفترة المجيء لبيت لحم، عدا عن انخفاض السيولة لدى المواطنين والتي انخفضت بنسبة ٥٠ _ ٦٠٪ ."
وبعد أن اعلنت الكنائسُ الغاءَ كلِ المظاهر الاحتفالية بعيد الميلاد المجيد لهذا العام واقتصارها على الشعائر الدينية فقط، اطلقت كنيسة الميلاد الانجيلية اللوثرية في بيت لحم مراسمَ عيد الميلاد بزينة خاصة من وحي الدمارِ في غزة، من خلال وضع مجسم ليسوع الطفل يرتدي الكوفية الفلسطينية وهو بين الركام، دلالة على ركام المنازل في غزة وتكرار مشاهد انتشال الأطفال من تحت الركام بعد قصف بيوتهم على رؤسهم.
وأبرق القس الدكتور منذر إسحق راعي الكنيسة الانجيلية اللوثرية، رسالتهم من تصميم هذه المغارة قائلا:" رسالتنا من هذه المغارة هي توصيل واقع فلسطين الأليم للعالم، ففي الوقت الذي يحتفل كل العالم فيه بعيد الميلاد واضاءة الشجر والزينة وما شابه، هنا في فلسطين ارض الميلاد هذا هو شكل الميلاد، أطفال تنتشل من تحت الأنقاض، عائلات تشرد وبيوت تهدم، ولعل هذه الصورة صورة المغارة التي وضعنا فيها صورة يسوع في كل طفل ينتشل من تحت الأنقاض في غزة تصل للعالم، لان هذه رسالة الميلاد للعالم بان هذه الأرض، ارض الميلاد ارض السلام، هي اليوم اكثر من يحتاج الى السلام والعدل ورسالتنا للعالم بوقف الحرب وان يعم السلام".