رام الله- معا- نظّمت الحملة الأكاديمية الأردنية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني ندوة بعنوان "مشاريع التهجير للشعب الفلسطيني" وذلك يوم السبت 23 كانون أول 2023، تحدث فيها من الأردن د. حازم قشوع، البرلماني والحزبي والكاتب، والدكتور عطاالله السرحان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية، ومن قطر، د. راشد النعيمي، عضو هيئة التحرير في مجلة "شؤون الشرق الأوسط"، ومن فلسطين، د. وليد عبيات، الحقوقي والأكاديمي وعضو الحملة الدولية، والأستاذ حسن عبد ربه، عضو الحملة الأكاديمية الدولية . حضر الندوة ما يزيد عن (30) شخص.
افتتح الندوة الأستاذ الدكتور محمد مصالحة، الأمين العام للحملة الأكاديمية الأردنية، حيث أشار إلى أهمية عقد هذه الندوة حول موضوع التهجير، والذي يبدو أنه أحد أهداف إسرائيل من هذه الحرب، سواء في غزة حالياً، أو لاحقاً في الضفة العربية، وهي تطبيقاً لاستراتيجية الصهيونية القديمة منذ عام 48، حينما قامت بمثل هذا التهجير على الرغم من قرارات الأمم المتحدة، ورفضت حتى مقترح برنادوت، الوسيط الدولي، بإعادة مائة ألف رغم أنها التزمت بالبداية، لكنها خذلته. ومنذ ذلك الحين، لا تسمح إسرائيل بالعودة، وإنما كان هدفها دائماً هو إخراج الفلسطينيين من أرضهم، وعد السماح لهم بإقامة دولة فلسطينية.
تحدث في الندوة معالي الدكتور حازم قشّوع من الأردن حول البعد الاستراتيجي للتهجير، وتطرق الى الحالة الداخلية على المستوى الإقليمي والتي تقف بين المد الإيراني في المذهب الشيعي، وما بين المنظومة الأمنية لإسرائيل، وأنّ التيارين يقتتلان تحت عنوانين هما غزة وباب المندب. كما طالب بضرورة إبعاد حماس وحمايتها من الدخول في الحالة الإقليمية السائدة، وذلك بتأطيرها تحت بوتقة منظمة التحرير الفلسطينية، مؤكداً على أنّ السلطة الوطنية الفلسطينية هي الوحيدة القادرة على القيام بذلك. وبالنسبة لموضوع التهجير، قال د. قشوع إنه إذا تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء بموضوع التهجير، سيعلن الأردن حالة حرب عليها، مؤكداً بذلك على الموقف الأردني الرافض للتهجير، واختتم حديثه بأهمية وجود قمة عربية بعناوين الرياض والقاهرة وعمان تدعم الحاضنة الفلسطينية.
أمّا الدكتور راشد النعيمي من قطر، فقد عرّج على سيناريوهات ومشاريع التهجير، قائلاً إنّ إسرائيل تعمل على تحقيق حل الوطن البديل من خلال توطين الفلسطينيين في جزء من سيناء، وتهجير فلسطيني الضفة الغربية الى الأردن، ولكن التهجير سيكون معقداً، نظراً لتماسك ووعي المجتمع الفلسطيني للآثار المترتبة عليه. وتحدّث عن أنّ القانون الدولي يصف التهجير بجريمة حرب. ومن سبل منع مشاريع التهجير، أكّد د. النعيمي على ضرورة العمل العربي الجامع والموحد لإيقاف الحرب التي ذهب ضحيتها الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ، والدفع باتجاه حل الدولتين. واختتم بأنّ قطر تعمل جاهدة بقيادة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لوقف هذاالقتال، الذي لم تحقّق إسرائيل منذ بداية العدوان أيّ من أهدافها.
وتحدث الدكتور وليد عبيّات من فلسطين حول سيناريوهات مشاريع التهجير الإسرائيلية، وتطرق إلى الخطط الإسرائيلية الثلاثة، خطة آيلاند لعام 2005، وخطة أيخمان الداعية إلى إذابة الشعب الفلسطيني في دول الجوار، وبناء المخيمات في النقب. كما ذكر السيناريوهات الإسرائيلية للتهجير والتي من ضمنها القضاء على مقومات الحياة في غزة، والدفع بالسكان نحو الحدود المصرية للضغط على مصر لإدخال المهجرّين تحت دواعي إنسانية، ومن السيناريوهات أيضاً هو تهجير الجرحى وعائلاتهم الى الدول التي يعالجون فيها، تحت ذريعة انهيار المنظومة الصحية في القطاع، واختتم بضرورة توجيه المزيد من الدعم الاقتصادي للشعب الفلسطيني أثناء الحرب وبعدها لتعزيز صموده في إفشال التهجير.
أمّا الأستاذ حسن عبر ربه، فقد قدّم عرضاً حول مشاريع التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أنّ قضية التهجير هي محاولة لإلغاء حق العودة للاجئين من أبناء شعبنا للأراضي المحتلة عام 48 من الذاكرة الجمعية الفلسطينية، مشدّداً على ضرورة توثيق العلاقات مع الإقليم العربي، تحديداً مع مصر والأردن، للتأكيد على ثبات الموقف القومي في رفض سياسة التهجير، ومطالباً الدول العربية التي كانت تفكر بالوصول الى التطبيع مع الكيان أن تعيد حساباتها بحيث لا تقوم بالتطبيع إلا بعد أن يأخذ الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة، وينعم بالسلام.
وتحدّث الدكتور عطاالله السرحان حول مشاريع التهجير، ونوّه إلى أنّ مشروع تهجير الفلسطينيين قد عاد الى الواجهة بعودة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن الى المنطقة. وحول موقف الأردن الرافض، ذكر أنّ الأردن اتخذ عدة إجراءات عملية، منها دراسة إلغاء اتفاق استيراد الغاز الإسرائيلي، وتجميد اتفاق آخر رعته الإمارات العربية المتحدة. كما اختتم قوله بأنّ التهجير لن يمر بسبب رفض الشعب الفلسطيني له، ووجود حركات مقاومة في القطاع، ووجود انتفاضة في الضفة الغربية.
وفي مداخلته، أكّد د. رمزي عوده، الأمين العام للحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والبارتهايد على ثبات موقف القيادة الفلسطينية الرافض للتهجير القسري، على الرغم من الإغراءات الكثيرة التي عرضت على الرئيس محمود عباس للموافقة على "التهجير المؤقت".
وفي نهاية الندوة، قال أ. د محمد مصالحه، إنّ موارد الأردن لا تكفي لاستضافة مزيد من اللاجئين، وإنّ إضافة أيّ عبء من اللجوء الفلسطيني يهدّد سلامة الأردن واستقراره، منوهاً الى أنّ هناك معاهدة بين الأردن وإسرائيل تنص على عدم النزوح القسري من الجانبين.
هذا وقد أجمع المتحدثون على الإشادة بموقف الأردن ومصر الرافض للتهجير، وكذلك بموقف المنظومة العربية والإسلامية بقيادة الأمير محمد بن سلمان، والتي كان لها دور في إفشال المشروع. كما أجمع المتحدثون على ضرورة دعم فلسطين لتصبح عضواً كاملاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وطالبوا بعقد مؤتمر دولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومواجهة سياسات التهجير الإسرائيلية.