الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

شُكراً لأُمّتِنا على هذا الغيابِ..

نشر بتاريخ: 22/01/2024 ( آخر تحديث: 22/01/2024 الساعة: 16:55 )
شُكراً لأُمّتِنا على هذا الغيابِ..



المتوكل طه
*
..سَتسمعونَ!
لَسوف يَدعونَ القتيلَ إلى الحوار،
ونبذِ أسبابِ العِداءْ!
فَهُنا تساوى "الواقعيونَ" القضاةُ،
العالمِون بكلِّ أحوالِ الشعوبِ،
القادةُ الأفذاذُ ،أصحابُ الكياسةِ والسياسةِ،
من أميرٍ أو وزيرٍ أو لواءْ،
وهنا تساوى هؤلاء، وفوقَهم مَنْ باعَ
أو مَنْ ضاعَ،
مع مَنْ صار مسؤولاً ، بلا إذنٍ،
وأصبح ببّغاءْ..
فلتهتفوا للعدلِ،
عاش العدلُ في زمن النِّخاسة والرّياء!
*
ها أنتِ وحْدَكِ
فوقَ جُثَّتِكِ الُممَزَّعةِ الرضيّةِ
بين جدرانِ الخراب،
ودونَ أُمَّتِكِ الذليلةِ في العراءْ.
فالشكرُ كلُّ الشكرِ للحفّارِ
والحانوتِ والتابوتِ والقُطنِ المنُقّى والغِطاءْ،
والشكرُ كلُّ الشكرِ للأُممِ التي حملتْ
جنازتَها،
ولم تبخلْ علينا بالرثاءْ،
شُكراً لأُمّتِنا على هذا الغيابِ،
وألفُ شكرٍ للسلامِ وللتفاوضِ
والذّهابِ إلى الهَباءْ.
*
وتقولُ سيدةٌ لجارتها: تعالَيْ
إنّ بيتيَ لم يُصَبْ!
ويكونُ ثَمَةَ غُرفةٌ للزوجِ والأولادِ،
والأُخرى لكم..
لكأنَّ مَنْ قالت بَدَتْ
مثلَ التي تتوسّلُ الأُخرى
ويجرَحُها الحياء.
*
ويقولُ شيخٌ: أين هُم؟
فأقولُ: مَنْ؟
فيجيبُ: مَنْ باعوا البلادَ
وخلّفونا، ها هنا، في كربلاءْ.
*
ويقول مجنونٌ يبيعُ النارَ:
لم ألقَ المدينةَ في المدينةِ،
سافَرَتْ في الناي،
أو في لُعبةِ التاريخِ، كُنّا
إنْ عشقنا لم نَنَم،
وإذا دخلنا الجَمْرَ نِمْنا،
والهزيعُ بنفسجُ القُطْنِ الوثيرِ،
وإنْ صَحَوْنا لم يعد للدمعِ روحٌ!
كلُّ ما في الأمرِ؛
أن العمرَ بيتٌ من صغارٍ يلعبون،
ونسوةٌ تغلي حليبَ الليلِ في العيدِ الكبير،
وعندما جاؤوا انكسرنا
مثلَ مئذنةٍ، وما عُدنا نرى
في قطعةِ الحلوى المرارةَ والرضا،
كُنّا ننامُ كما تنامُ الدارُ،
أو نبكي كما يبكي الجدارُ،
وتضحك الطرقاتُ فينا أو علينا،
إنّما كُنّا هنا،
مثلَ الجبالِ؛على ذراعيها الدروبُ،
وعند غُرَّتها الغروبُ،
وفوقَها تاجُ الصنوبرِ والطيورِ،
وفي حواشيها البراكينُ الدماءُ،
ولم يكن في التينِ شوكٌ أو حريقٌ،
كانت الدنيا مناديلاً تصفّق للحجارةِ والبلادِ،
وما بلغْنا حكمةَ العشّاق حتى
مات في البلد المُغنّي..
فاض شِعراً وارتوى بالرمل..
هذا ما بدا، وله نعودُ غداً، لنبدأ
من جديدٍ في السؤال: متى تُحرّرُنا البيوتُ
من الشهادةِ والجنازةِ والرثاء؟
ومَنْ سيفضحُ سرَّنا الغاوي
على حجر المساء؟
وكيف نسرق حَبّةَ النهدين
من ثوبِ النداء؟
وأين نزرعُ شمعةَ الدوريِّ
إنْ ضاق الفضاء؟
وما الذي يبقى هنا
إنْ غاب مجنونُ العواصفِ
عن شبابيكِ الهواء؟
*