باريس- معا- يمثّل الفيلسوف المُعمّر إدغار موران زعيم اليسار الإنساني في العالم بلا منازع، ولطالما دعا إلى "عدم نسيان القضايا العادلة"، واتخاذ موقف إنساني تجاه أولئك الذين يعانون "وفي الوقت الحالي هم في غزة".
في الدورة الثانية لمهرجان مراكش للكتاب الإفريقي، وتحت عنوان "إدغار موران، شاهد على قرنين من الزمن، وبوصلة لزمننا الراهن"، نُظم لقاء مع الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي لاستحضار مواقفه من عدة قضايا راهنة، بما في ذلك العلاقات بين الشمال والجنوب، والعلاقة الخاصة التي تجمعه بالقارة الأفريقية.
وألقى مؤلف كتاب "ثقافة أوروبا وبربريتها" كلمة مؤثرة عن "المأساة المروعة" الجارية في غزة مستنكراً "صمت العالم".
وقال: "أنا مندهش وغاضب في نفس الوقت من أن أولئك الذين يمثلون أحفاد شعب تعرض للاضطهاد على مدى قرون لأسباب دينية أو عنصرية، أحفاد هذا الشعب هم اليوم صنّاع القرار في دولة إسرائيل، وهم لا يقومون فقط باستعمار شعب بأكمله وطرده جزئياً من أرضه، بل يسعون لطرده إلى الأبد".
وأضاف المفكر البالغ من العمر 102 عاماً: "بعد 7 أكتوبر، انخرطوا في مذبحة حقيقية بحق سكان غزة، مذبحة واسعة النطاق تستمر بلا هوادة".
ويُعرَف الفيلسوف الفرنسي ذو الأصول اليهودية الإسبانية (السفرديم) بمواقفه المؤيدة لحق الفلسطينيين في إقامة دولة خاصة بهم، وتسبب مقال نشره في صحيفة "لوموند "ندد فيه بالسياسة الإسرائيلية، إلى مثوله أمام المحكمة الفرنسية عام 2004.
ولطالما دعا موران لما سماها "عدم كراهية العدو" وقال "أنا خضت الحرب العالمية الثانية من دون كراهية للألمان. كنت أكره النازية وأيديولوجيتها، لكنني أعتقد أن المسألة الحقيقية هي عدم الاستسلام لهذه العملية الحتمية التي تؤدي إليها الفكرة الخاطئة بأننا نواجه وحوشاً دائماً، أو أناساً من الطبقة السفلية، أو حيوانات".
وبخصوص الحرب على غزة، استنكر "صمت الولايات المتحدة، حامية إسرائيل، والدول العربية، والدول الأوروبية التي تدعي أنها مدافعة عن الثقافة الإنسانية وحقوق الإنسان".
وأضاف: " أعتقد أننا نعيش مأساة مروعة لأننا أيضاً عاجزون عن مواجهتها. لكن علينا على الأقل أن نكون شهوداً، الشهادة على ما يحدث هي المقاومة الوحيدة المتبقية لنا، علينا ألا ننخدع، وألاّ ننسى، ونتحلى بالشجاعة الكافية لمواجهة الأمور وجهاً لوجه".
جدير بالذكر أن إدغار موران متزوج بالباحثة المغربية صباح أبو السلام، ويُعرف بنصائحه المستمرة للأجيال الأصغر سناً، خاصة في كتابه "دروس قرن من الحياة" (2023)، الذي يقدّم أدوات فكرية وحججاً أخلاقية لتفكيك أزمات الإنسان المعاصر، ومحاولة رسم مسالك بديلة.