رام الله- معا- قام المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بإجراء استطلاع للرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك خلال الفترة التي سبقت مباشرة اندلاع حرب تشرين أول (أكتوبر) في قطاع غزة ومحيطها في الجانب الإسرائيلي.
ويعتبر الفلسطينيون الاحتلال الإسرائيلي التهديد الأكثر خطورة الذي يواجه فلسطين؛ والدول المفضلة لديهم هي تركيا وقطر والصين؛ وفي مقارنة بين السياسات الخارجية للصين والولايات المتحدة، ينظر الجمهور الفلسطيني لسياسات الصين بشكل أكثر إيجابية من سياسات الولايات المتحدة من جميع القضايا المطروحة؛ ولا تزال المعارضة الواسعة للتطبيع العربي مع إسرائيل قوية كما كانت قبل عامين؛ والمعظم يعبرون عن تفاؤلهم بشأن تضامن العالم مع الفلسطينيين، والغالبية العظمى تعبر عن معارضتها للغزو الروسي لأوكرانيا.
وشهدت الفترة السابقة للاستطلاع عددا من التطورات الهامة منها الذكرى ال 30 لتوقيع اتفاق أوسلو، وارتفاع عدد التوغلات الإسرائيلية العسكرية في المدن والمخيمات الفلسطينية، وخاصة في المناطق الشمالية من الضفة الغربية. وخلال هذه الفترة، اجتمع زعماء الفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين في مصر بحضور الرئيس عباس ولكنهم فشلوا في الاتفاق على بيان مشترك. كما ازدادت في هذه الفترة الأعمال الإرهابية التي يرتكبها المستوطنون في المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية، وكذلك الهجمات المسلحة التي قامت بها مجموعات فلسطينية مسلحة ضد المستوطنين والإسرائيليين. وأخيرا، وردت تقارير صحفية تفيد بأن هناك مفاوضات أمريكية-سعودية للتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، وأن لقاءات فلسطينية سعودية وفلسطينية أمريكية قد عقدت لوضع الشروط الفلسطينية لاتفاق التطبيع هذا.
هذا التقرير هو الثاني في سلسلة من التقارير التي تغطي نتائج الموجة الحالية من الباروميتر العربي الثامن في فلسطين. يتناول التقرير إحدى القضايا الهامة التي يغطيها الباروميتر وهي التصورات والاعتقادات الفلسطينية تجاه مختلف الجهات الدولية والإقليمية الفاعلة وتجاه قضايا دولية اخرى. يتم التركيز في التقرير على نتائج الباروميتر الثامن فيما يتعلق بهذه الموضوعات لكنه يجري أيضا مقارنة لهذه النتائج مع تلك التي حصل عليها الباروميتر السابع الذي تم إجراؤه قبل عامين ومع نتائج لأسئلة مشابهة لاستطلاع آخر أجري بعد استطلاع الباروميتر الثامن.
وركز هذا التقرير على مواقف الجمهور الفلسطيني من القضايا الدولية ذات الأهمية للمنطقة العربية وعلى تصورات الجمهور للجهات الدولية والإقليمية الفاعلة. يغطي التقرير خمسة مجالات: الرضا عن القوى الدولية والإقليمية الرئيسية، التقديرات لطبيعة التهديدات الراهنة للأمن الوطني الفلسطيني، المواقف تجاه السياسات الخارجية للقوى الرئيسية، وأهمها الولايات المتحدة، وجهات النظر حول المساعدات الخارجية وأين يجب أن تذهب، والعلاقات الاقتصادية المفضلة مع القوى الدولية والإقليمية. بالإضافة لذلك، يسأل الباروميتر العربي الثامن عن ثلاثة تطورات حديثة في المنطقة العربية والعالم، وهي التطبيع العربي مع إسرائيل، والتضامن العالمي مع القضية الفلسطينية، والغزو الروسي لأوكرانيا. من الضروري التذكير أن الباروميتر العربي الثامن قد تم إجراؤه مباشرة قبل حرب السابع من أكتوبر وأن بعض المواقف التي وجدها الباروميتر قد تغيرت بعد الحرب ولذلك يشير هذا التقرير لبعض التغيرات التي وجدناها في الاستطلاع الذي أجريناه في نهاية تشرين.
كما هي الحال في الباروميتر العربي السابع قبل عامين، تظهر نتائج الباروميتر الثامن في أواخر عام 2023 أن الدولة المفضلة لدى الجمهور الفلسطيني لا تزال تركيا. وتأتي قطر في المرتبة الثانية تليها الصين والمملكة العربية السعودية وروسيا وإيران والمملكة المتحدة وأخيرا الولايات المتحدة. تجدر الإشارة إلى أن الرضا عن المملكة العربية السعودية زاد بشكل ملحوظ مقارنة بنتائج الباروميتر العربي السابع. لعل التفسير الأكثر ترجيحا لهذا التغيير هو حقيقة أن الباروميتر السابع قد تم إجراؤه خلال عام شهد اتفاقيات تطبيع إضافية بين إسرائيل وبعض الدول العربية. نظر الجمهور الفلسطيني إلى المملكة العربية السعودية آنذاك على أنها القوة الدافعة وراء هذا التطور. جاءت نسبة الرضا أو الاستحسان للولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 2023 متطابقة مع تلك التي وجدناها في عام 2021.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن استطلاع المركز الفلسطيني للبحوث في ديسمبر 2023، وهو الذي تم إجراؤه بعد أقل من شهرين من الانتهاء من استطلاع الباروميتر العربي الثامن واندلاع حرب 7 أكتوبر، وجد أن الرضا عن أداء معظم هؤلاء اللاعبين الدوليين قد انخفض بشكل كبير مقارنة بالرضا أو الاستحسان الذي تم الحصول عليه في استطلاع الباروميتر العربي الثامن، وهناك عدد قليل من النتائج التي تستحق تسليط الضوء عليها: فقد أعربت الأغلبية عن رضاها عن أداء قطر، وجاء معدل الرضا عن إيران بعد اندلاع الحرب أعلى من الرضا عنها قبلها، وشهد الرضى عن المملكة العربية السعودية أكبر انخفاض مقارنة بالدول الأخرى، وشهد الرضا عن الصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة انخفاضا ملموسا.
وقال المركز: سألنا عن مختلف مصادر التهديدات المحتملة للأمن القومي الفلسطيني. وكما هو متوقع، يظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي هو الأكثر أهمية. لكن الاحساس بالتهديد كان مرتفعا بالنسبة لتطورات أخرى بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني، وتطوير القوة الاقتصادية الأمريكية، ونمو نفوذ إيران السياسي في المنطقة. لم ينظر الجمهور الفلسطيني بقلق لثلاثة تهديدات أخرى: تغير المناخ، وتطور القوة الاقتصادية للصين، والنفوذ السياسي السعودي في المنطقة.
وأضاف: كما سألنا الجمهور عن السياسات الخارجية لكبار القادة الدوليين والإقليميين. كانت الردود متوازية بشكل كبير مع المواقف بشأن الاستحسان أو الرضا عن القوى الرئيسية. وكما هو الحال في الباروميتر العربي السابع، جاءت سياسة أردوغان الخارجية في المقدمة من حيث الرضى. وجاء زعيم الصين، شي جين بينغ، في المرتبة الثانية، يليه محمد بن زايد، ومحمد بن سلمان، وبوتين، وعلي خامنئي، وبايدن، وفي أسفل القائمة جاء بشار الأسد. كما هي الحال مع قضية الاستحسان، فإن التغيير الكبير في تقييم السياسة الخارجية لقادة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ربما يرجع إلى حقيقة أن الباروميتر العربي السابع قد تم إجراؤه بالقرب من فترة التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل. وربما يرجع الدعم المتزايد للقادة الصينيين والروس إلى التوترات المتزايدة بين هؤلاء القادة والقيادة الأمريكية.
وتابع: في مقارنة بين السياسات الأمريكية والصينية في قضايا عديدة، رأى الفلسطينيون أن السياسة الصينية أفضل من السياسة الأمريكية في جميع القضايا قيد الدراسة، ليس فقط فيما يتعلق بمعالجة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والحفاظ على الأمن الإقليمي، ولكن أيضا في تعزيز التنمية الاقتصادية وحماية الحريات والحقوق. لكن من الجدير بالذكر أن النسبة الأكبر قالت إن سياسات البلدين سيئة بنفس القدر عندما يتعلق الأمر بالقضيتين الأوليتين المتمثلتين في معالجة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والحفاظ على الأمن الإقليمي.
فيما قال المركز: عندما سألنا الجمهور الفلسطيني عن رأيه فيما يجب أن تكون عليه أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، جاءت قضية فلسطين أولا تلتها التنمية الاقتصادية، وذلك على حساب قضايا الإرهاب، والبنية التحتية، وحقوق الإنسان. ومن الجدير بالذكر أنه في حين ازداد اهتمام سكان الضفة الغربية بأولوية قضية فلسطين في الباروميتر العربي الثامن مقارنة بالباروميتر العربي السابع، ازداد اهتمام سكان قطاع غزة خلال نفس الفترة بقضية التنمية الاقتصادية.
وبين: عند السؤال عن رأيهم في القطاعات التي ينبغي أن تحوز على الأولوية في الحصول على المساعدات الأجنبية، جاءت التنمية الاقتصادية في المقدمة تليها تطوير البنية التحتية، ثم التعليم. ولم تحظ كافة المجالات الأخرى، بما في ذلك البيئة، وحقوق المرأة، وحماية الحقوق، وتنمية المجتمع المدني، بأولوية تذكر.
وأوضح: عند السؤال عن العلاقات الاقتصادية المستقبلية مع الدول المدرجة في السؤال المذكور أعلاه حول الرضى أو الاستحسان، تجدر الإشارة إلى أن الإجابات كانت متسقة إلى حد كبير مع الإجابات على ذلك السؤال، حيث جاءت تركيا في المقدمة والولايات المتحدة في أسفل القائمة.
وأضاف المركز: كما في الماضي، سألنا عن جودة المنتجات في مختلف الدول الغربية وغير الغربية. كما هي الحال في الباروميتر العربي السابع، وجد الباروميتر العربي الثامن المنتجات الألمانية في المقدمة تليها المنتجات التركية. ولم يكن تقييم الجمهور لمنتجات بلدان أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا، جيدا على الإطلاق. عند السؤال عن البلد الذي يجب التعاقد مع شركاته للقيام بأعمال تجارية في فلسطين، جاءت الإجابة متطابقة مع تلك المتعلقة بالجودة.
وسأل الباروميتر العربي الثامن عن ثلاثة تطورات حديثة، التطبيع العربي مع إسرائيل، والتضامن مع القضية الفلسطينية منذ كأس العالم في قطر، والحرب في أوكرانيا. تشير النتائج إلى أن مواقف الجمهور من التطبيع العربي لا تزال سلبية للغاية، تماما كما كانت في عام 2021. لكن الجمهور أعرب عن تفاؤل كبير بالتضامن مع القضية الفلسطينية منذ كأس العالم في قطر. وفي أوكرانيا، يظهر الباروميتر العربي الثامن معارضة شعبية واسعة للغزو الروسي لذلك البلد، مع عدم وجود اختلافات ملحوظة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
(1) الرضى عن القوى الدولية والإقليمية الرئيسية قبل حرب 7 أكتوبر والرضا عن أداء هذه القوى خلال الحرب:
سأل الباروميتر العربي الثامن في فلسطين عن الكيفية التي ينظر بها الجمهور لثماني دول. جاءت تركيا في المرتبة الأولى من حيث الرضى أو الاستحسان، تليها قطر والصين والمملكة العربية السعودية وروسيا وإيران والمملكة المتحدة، وأخيرا الولايات المتحدة. كما هو موضح في الرسم البياني أدناه، كانت خمسة من هذه البلدان من ضمن البلدان التي سألنا عنها في الباروميتر العربي السابع قبل عامين. حصلت أربع من هذه الدول الخمسة على رضى أعلى هذه المرة، في حين شهدت واحدة، هي تركيا، انخفاضا محدودا في الرضى في عام 2023 بلغ مقداره 4 نقاط. أما السعودية فارتفعت نسبة استحسانها بمقدار 14 نقطة، وارتفعت الصين بمقدار 9 نقاط، والولايات المتحدة بمقدار 4 نقاط، وروسيا بمقدار نقطتين. من بين الدول الثلاث التي سألنا عنها في الجولة الثامنة، ولكن لم نسأل عنها في الجولة السابعة، برزت قطر كأكثر الدول استحسانا، بحيث بلغت نسبة استحسانها 61٪، تليها إيران بنسبة استحسان بلغت 28٪ فقط، وأخيرا جاءت المملكة المتحدة. في عام 2023 بلغت نسبة استحسان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة 19٪ لكل منهما.
بمقارنة هذه النتائج حول الرضى بتلك التي حصلنا عليها في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر وأوائل كانون الأول/ديسمبر 2023، أي بعد أكثر من 6 أسابيع من اندلاع حرب 7 أكتوبر، حول الرضا عن أداء اللاعبين الدوليين والإقليميين والعرب، وجدنا أن نسبة الرضا عن قطر، 56٪، تتصدر القائمة على الرغم من أن تلك النسبة أقل من نسبة الرضى عن قطر قبل الحرب مباشرة. الدولة الوحيدة التي بلغت فيها نسبة الرضا بعد الحرب أعلى من نسبة الرضا قبل الحرب هي إيران (35٪ و28٪ على التوالي). في المقابل شهدت المملكة العربية السعودية أكبر انخفاض في نسبة الرضى بعد الحرب، حيث بلغت نسبة الرضى 5%، بانخفاض بلغ 33 نقطة، تليها تركيا، حيث بلغت نسبة الرضا اليوم 34٪، بانخفاض قدره 31 نقطة مقارنة بالرضى قبل الحرب. كانت نسبة الرضا بعد الحرب عن بقية الدول أقل من الرضى قبل الحرب، حيث انخفضت نسبة الرضى عن الصين 23 نقطة، والولايات المتحدة 18 نقطة، والمملكة المتحدة 15 نقطة، وروسيا 7 نقاط.
2) التصورات حول طبيعة التهديدات الإقليمية والدولية:
عند السؤال عن المصادر المختلفة للتهديدات المحتملة للأمن القومي الفلسطيني، بقي استمرار الاحتلال الإسرائيلي هو الأكثر خطورة، حيث اختارته نسبة بلغت 85٪ في الباروميتر العربي السابع والثامن، أي اليوم وقبل عامين. برز البرنامج النووي الإيراني كتهديد خطير، حيث اختارته نسبة من 58٪، يليه تطوير القوة الاقتصادية الأمريكية بنسبة 55٪، والنفوذ السياسي الإيراني في المنطقة بنسبة 47٪، وتغير المناخ بنسبة 46٪، وتطوير القوة الاقتصادية للصين بنسبة 29٪، وامتداد النفوذ السياسي السعودي في المنطقة بنسبة 28٪.
3) المواقف من السياسات الخارجية للقوى الدولية والإقليمية الكبرى:
تتوافق المواقف من حيث تقييم السياسات الخارجية لمختلف القادة الدوليين والعرب مع نسبة الرضا أو الاستحسان لبلدانهم. يأتي أردوغان، رئيس تركيا، في المقدمة في كل من الباروميتر العربي الثامن والسابع، مع انخفاض طفيف في الاستحسان في الباروميتر الثامن على غرار الانخفاض في استحسان تركيا الذي رأيناه أعلاه. ويأتي زعيم الصين، شي جين بينغ، في المرتبة الثانية بعد الإمارات العربية المتحدة (محمد بن زايد)، والمملكة العربية السعودية (محمد بن سلمان)، وروسيا (بوتين)، وإيران (علي خامنئي)، والولايات المتحدة (جوزيف بايدن)، وأخيرا سوريا (بشار الأسد). يشبه التسلسل الهرمي للاستحسان تلك التي رأيناها قبل عامين، لكن الباروميتر الثامن يسلط الضوء على فروقات بارزة ببين الموجتين: حصل الزعيم الإماراتي في الباروميتر الثامن على 14 نقطة استحسان إضافية، وحصل الزعيم السعودي على 12 نقطة إضافية، وحصل الزعيم الصيني على 9 نقاط إضافية، وحصل الزعيم الإيراني على 5 نقاط إضافية، وحصل الزعيم الروسي على 4 نقاط إضافية. ربما يرجع التغيير الكبير في تقييم السياسة الخارجية لقادة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى حقيقة أن الباروميتر السابع قد تم إجراؤه في الفترة القريبة من اتفاقات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل التي بدأتها الإمارات بدعم من المملكة العربية السعودية. وربما يرجع الدعم المتزايد للقادة الصينيين والروس إلى التوترات المتزايدة بين هؤلاء القادة والقيادة الأمريكية.
عند السؤال عن مقارنة بين السياسات الأمريكية والصينية في قضايا معينة، رأى الجمهور الفلسطيني أن السياسة الصينية أفضل من السياسة الأمريكية في كافة القضايا المطروحة بما في ذلك تعزيز التنمية الاقتصادية (33٪ للصين مقابل 14٪ للولايات المتحدة)، وحماية الحريات والحقوق (28٪ مقابل 16٪)، ومعالجة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي (26٪ مقابل 13٪)، والحفاظ على الأمن الإقليمي (28٪ مقابل 9٪). من الجدير بالذكر أن النسبة الأكبر (37٪) قالت إن سياسات البلدين سيئة بنفس القدر فيما يتعلق بمسألتي معالجة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والحفاظ على الأمن الإقليمي.
وسأل استطلاع الباروميتر العربي الثامن المشاركين عن رؤيتهم لما ينبغي أن تكون عليه أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يمكن للجمهور اختيار واحدة من سبع أولويات. كانت القضية الفلسطينية هي الأكثر اختيارا، تليها التنمية الاقتصادية، والاستقرار والأمن، والتعليم، وحقوق الإنسان، والبنية التحتية، والإرهاب. ومن الجدير بالذكر أن التركيز الفلسطيني على أولوية "القضية الفلسطينية" لم يتغير في العامين الماضيين، ولكن كانت هناك اختلافات ملحوظة بين سكان الضفة الغربية وسكان غزة حول هذا الموضوع. ازداد اهتمام سكان الضفة الغربية بهذه الأولوية في الباروميتر العربي الثامن مقارنة بالباروميتر العربي السابع بينما فعل سكان غزة العكس. في المقابل، وخلال الفترة نفسها، ازداد اهتمام سكان قطاع غزة بالتنمية الاقتصادية. أما في الضفة الغربية فقد ازداد الاهتمام بالقضبة الفلسطينية والتنمية الفلسطينية مقابل تراجع الاهتمام بأولوية الاستقرار والأمن.
4) الأولويات في مجالات المساعدات الخارجية:
سألنا في استطلاعي الباروميتر العربي الثامن والسابع عن المجالات التي ينبغي أن تكون ذات الأولوية لتلقي المساعدات الخارجية. أشار الفلسطينيون في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة أولا إلى أولوية التنمية الاقتصادية، تليها البنية التحتية الأساسية، ثم التعليم. ولم تحظ جميع المجالات الأخرى، بما في ذلك البيئة، وحقوق المرأة، وحماية الحقوق، وتنمية المجتمع المدني، إلا بالقليل من الاهتمام. كانت الاجابات في كلتا الموجتين متشابهة للغاية. ومع ذلك، من الواضح من الموجتين أنه في حين ركز سكان غزة بشكل أكبر على التنمية الاقتصادية، ركز سكان الضفة الغربية بشكل أكبر على التعليم وبناء البنية التحتية. ربما ليس من المستغرب، نظرا للقلق المتزايد في قطاع غزة على نوعية المياه ومشاكل الصرف الصحي في القطاع، أن يركز سكان غزة في الاستطلاع الثامن أكثر من سكان الضفة الغربية على البيئة وتغير المناخ.
5) العلاقات الاقتصادية المفضلة مع القوى الدولية والإقليمية الرئيسية:
عندما سئل المشاركون عن العلاقات الاقتصادية المستقبلية مع الدول المدرجة في السؤال السابق المتعلق بالرضى أو الاستحسان، وجدنا أن الإجابات كانت متسقة أو متوافقة للغاية. جاءت تركيا في المقدمة هنا أيضا، حيث اختارها 51٪ في استطلاع الباروميتر العربي الثامن. لكن هذه النسبة تمثل انخفاضا قدره 10 نقاط مقارنة باستطلاع الباروميتر العربي السابع قبل عامين. وجاءت قطر في المرتبة التالية تليها الصين والمملكة العربية السعودية وروسيا وإيران والمملكة المتحدة وأخيرا الولايات المتحدة.
كما في استطلاعات الباروميتر السابقة، سألنا في الجولة الثامنة عن جودة المنتجات في مختلف الدول الغربية وغير الغربية. كما هو الحال في استطلاع الباروميتر العربي السابع، جاءت منتجات ألمانيا في المرتبة الأولى في الاستطلاع الثامن، تليها تركيا بفارق 12 نقطة، ثم الصين والولايات المتحدة. وجدنا في استطلاعي الباروميتر العربي السابع والثامن أن تقدير جودة منتجات دول أخرى رئيسية، مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا، لم يكن جيدا على الإطلاق.
وعند السؤال عن البلد الذي ينبغي التعاقد مع شركاته، جاءت الردود مطابقة لتلك المتعلقة بالجودة. ومع ذلك، يظهر استطلاع الباروميتر الثامن أن تركيا قادرة على التنافس مع ألمانيا على المركز الأول على الرغم من حقيقة أنها جاءت في المرتبة الثانية من حيث الجودة، وقد يكون السبب في ذلك متعلقا بمسألة الرضا أو الاستحسان المذكورة أعلاه.
6) تطورات سياسية دولية حديثة:
سألنا عن ثلاثة تطورات حديثة، التطبيع العربي مع إسرائيل، والتضامن مع القضية الفلسطينية منذ دورة كأس العالم في قطر، والحرب في أوكرانيا. تشير النتائج إلى أن مواقف الجمهور من التطبيع العربي تبقى سلبية للغاية حيث تقول نسبة من 90٪ أنها تعارضها، وهذه النتائج مطابقة تماما لما كانت في عام 2021 في الباروميتر السابع.
وعبر الجمهور عن تفاؤله الكبير بالتضامن مع القضية الفلسطينية منذ دورة كأس العالم في قطر. كان التضامن مع القضية الفلسطينية في ذلك الوقت عاليا جدا وتعتقد النسبة الأكبر (43٪) من الفلسطينيين أنه قد بقي على حاله، بل إن نسبة من 37٪ تقول إنه أعلى اليوم فيما تقول نسبة من 15٪ فقط أن هذا التضامن قد انخفض. ومن الجدير بالذكر أن سكان الضفة الغربية أكثر تفاؤلا من سكان غزة، حيث أن نسبة من 22٪ من سكان قطاع غزة، مقابل 11٪ فقط من سكان الضفة الغربية، يعتقدون أن هذا التضامن قد انخفض.
أما فيما يتعلق بأوكرانيا، يظهر استطلاع الباروميتر العربي الثامن معارضة كبيرة جدا، تبلغ 70٪، للغزو الروسي لذلك البلد، مع عدم وجود اختلافات ملحوظة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.