بقلم سامي مشعشع
إن لم تدافعوا الان عن حق العودة والدفاع عن الاونروا بالوجود فمتى ستفعلون؟!
حسنا فعل المفوض العام للاونروا، لازاريني، عندما وقف بالأمس امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة (أمام دول العالم قاطبة) موبخا إياهم بأن صمت الكثيرين منهم (وأضيف تواطوء وغدر البعض عربا وعجما) هو الذي أطال من عمر الوكالة كهيئة دولية مؤقتة الولاية وان وجودها اليوم وبعد اكثر من ٧٥ عاما على النكبة هو "وصمة عار على ضميرنا الجمعي". وحسنا فعل المفوض العام عندما ذكرهم ان الوكالة بالأساس ستذهب للبيت ويتم حلها عندما يتحصل اللاجئ الفلسطيني على حقوقه المشروعة ويرجع الى وطنه، وان استمرارية دور الوكالة يجب ان يتم ضمن هذا التوجه الانتقالي وصولا للهدف المنشود.
ولكني أعتقد - وآمل ان أكون مخطئًا— وانا هنا ارتكز على نص خطابه بالعربية ان المفوض العام، ومع أهمية ما احتواه خطابه، أخطأ خطاءا سياسيا جسيما عندما أنهى خطابه قائلا: "واخيرا ، أحث تلك الدول التي تبحث عن بدائل للاونروا على أن يكون ذلك بطريقة لا تمس بحق لاجئي فلسطين في تقرير المصير وبحق تطلعاتهم الى حل عادل ودائم لمحنتهم" !!! هذا تصريح غريب في توقيته ومضمونه ومن المكان التي تحدث منها.
يدرك الجميع ان حق اللاجىء الفلسطيني بحسب القانون الدولي والمرجعيات القانونية والقرارات الأممية اللازمة لا ينتفى بغياب مؤسسة كالاونروا ولكن من الخفة والخطورة بمكان من ان "يحث" المفوض العام الدول (عربا وعجما) التي تبحث عن بدائل للمؤسسة التي انيط به إدارتها مناشدا إياهم"بإن لا تمس" (تلك المحاولات والتوجه) بحقوق اللاجئين! غريب هذا الطرح وكأنها دعوة لتلك الدول بالاستمرار في سعيهم المحموم البحث عن بدائل للمؤسسة التي يشرف عليها! أو كأنه يدرك ان قطار انهاء الوكالة بات يحث الخطى لوجهته النهائية أو لإنه بات مدركا ان داعمي الاونروا ماليا باتوا يريدون أدوارا مختلفة للاونروا (دورا إنمائيا وتنمويا وتوطينيا في بعض الأقاليم) ويريدون اختفاءها في بعض المواقع (القدس) وان تمسى مؤسسة شريكة لمؤسسات أخرى ومؤسسات شبه حكومية وغير حكومية في اليوم التالي للحرب على غزة وضمن أفق زمني لاستبدالها ومن ثم انهاء وجودها.
المفوض العام حدد بخطابه الهام وبالإضافة للنقطة المقلقة جدا أعلاه ضرورة التزام الدول "بتسيير عملية سياسية" لتحقيق السلام "ورسم مسار انتقالي للاونروا" ضمن هذا التوجه. نقطة مهمة ولا خلاف عليها. وطالبهم كذلك بسد الفجوة بين دعمهم لولاية الاونروا وضعف دعمهم المالي لها وانه بدون اصلاح نموذج التمويل خاصة الاونروا فإن ولايتها ستضعف أكثر فأكثر. أيضا نقطة مهمة ولا خلاف عليها باستثناء انه أضاف انه يطالب بذلك "على المدى القريب" وكأنه (حسب رأيي) لا يشجب ولا يخطيء الدول الباحثة عن بدائل للاونروا ولكنه يطالبهم على الأقل إيجاد توليفة مقبولة على المدى القريب للجمع بين ولاية الاونروا ونموذج التمويل المعطوب!
لقد رسم المفوض العام صورة مفجعة لما يحدث في غزة والتداعيات النفسية والمجتمعية والتعليمية والصحية والاقتصادية الكارثية في اليوم التالي للحرب وكان موفقا في شرح مركزية دور الوكالة عندها ولكن القلق الأكبر هو ما تضمنته كلمته من إشارات وتصريحات مقلقة حول مستقبل الوكالة.
ان النصر الاستراتيجي الذي تبتغيه الحكومة الإسرائيلية هو إنهاء حق العودة وتثبيت وحدانية القدس — وهما ملفيين أساسيين ووجوديين لها. الإجراءات الإسرائيلية الميدانية لإنهاء وجود الاونروا في القدس جارية ويبدو ان البعض قد سلم بذلك قضاءا وقدرا والبعض منا قد بدأوا يسلموا بان اضعاف الاونروا وشيطنتها وتهميش دورها وتغييره والعبث بتفويضها والحث لتوفير بدائل لها هو امرا مفروغا منه!
الاونروا على حافة الانهيار المالى وهذا مقصود. البحث عن بدائل لها والالتفاف على حق العودة واستبداله بالتوطين والتهجير مدروس ومقصود! وبالتالي فإن غياب أي حراك جدي ومنظم وغياب خطة مدروسة وبرنامج عمل واضح وغياب تحرك رسمي وفصائلي وغياب تحركات جماهيرية فعالة وشعبية وكذلك بين جموع الفلسطينيين كحراك مضاد يستوجب قرع كل الجدران وقرع كل نواقيس الخطر. ان لم نتحرك الان .. فمتى؟
سامي مشعشع
الناطق الرسمي للأونروا سابقا