القدس- تقرير معا- غابت المشاهد التي تعودنا على رؤيتها في الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك في المسجد الأقصى المبارك، فلا حافلات تقل آلاف الوافدين الى القدس ولا أبواب مكتظة بجموع المشتاقين ولا ساحات وأروقة ومساجد ممتلئ بالمصلين... حيث حالت إجراءات الاحتلال والقيود التي فرضت على دخول المصلين خاصة من أهالي الضفة الغربية من هذه المشاهد التي تميز الأقصى في هذا الشهر الفضيل سنويا.
أعداد كبيرة من القوات بعناصرها المختلفة، انتشرت وتمركزت على أبواب المسجد الأقصى والبلدة القديمة والطرقات المؤدية لها، ونصب السواتر الحديدية، وأغلقت الطرقات أمام المركبات، فيما سمح لحافلات مخصصة لدخولها فقط، فيما اجبر المصلون على سلك طرق التفافية والسير مسافات طويلة للوصول الى المسجد.
80 ألف مصل في الجمعة الأولى من رمضان
الشيخ عزام الخطيب مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى ، قال لوكالة معا أن 80 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان في الأقصى، وأضاف:" لقد توافد عشرات الآلاف من المسلمين الى الأقصى بعد غياب طويل وبعد قرابة 6 أشهر لم يتمكنوا من الوصول الى المسجد، لافتا أنه كان من المتوقع أن يكون العدد أكثر في الجمعة الأولى من شهر رمضان، آملا ان تزداد الأعداد خلال الأيام القادمة وفي الصلوات كافة."
وحول الانتشار الكبير للقوات في محيط الأقصى قال الشيخ الخطيب:" ككل عام تكون القبضة الحديدية على الأقصى المبارك، في رمضان وعلى مدار العام، ويحب عدم الاكتراث بذلك، بل شد الرحال والتواجد والتوافد الى الأقصى، مضيفا أن تحديد الأعمار التي فرضت على دخول المسلمين من أهالي الضفة الغربية حالت من وصول المصلين الى الأقصى."
وأكد الشيخ الخطيب أن دائرة الأوقاف الإسلامية قامت بكامل الاستعدادات والترتيبات لاستقبال الوافدين الى الأقصى في الشهر الفضيل " الجوانب الدينية، الافطارات والسحور، الاعتكاف، النظافة" في سبيل تأمين ما يلزم للوافدين الى الأقصى.
خطبة الأقصى
امام وخطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري استهل خطبته في الجمعة الأولى من شهر رمضان، بالدعاء لأهالي غزة.
كما حيا الشيخ صبري جموع المصلين الذين زحفوا الى الأقصى في هذا الشهر الفضيل، وتخطوا الحواجز العسكرية، وقال:" ان زحفكم الى الأقصى لصلوات الفجر والعشاء والتراويح والجمع، رغم الاعاقات، يذكر كافة المسلمين في أرجاء المعمورة بالأقصى الأسير، والزحف الى الأقصى هو الرد العملي ورسالة واضحة لكافة الطامعين في الأقصى والمقتحمين والطامعين فيه".
وأضاف: "فلا مجال للمساومة أو التفاوض أو التنازل عن ذرة تراب من الأقصى، والأقصى أسمى من أن يخضع لقوانين محلية أو دولية، وسيبقى مفتوحا عامرا بالمسلمين.
كما شدد الشيخ على ضرورة شد الرحال الى الأقصى، وفي حال منع الدخول اليه الصلاة حيث تم المنع "مشيرا الى الفتوى حول ذلك"، مستنكرا الإجراءات والقيود التي تفرض على الدخول الى الأقصى.
وحول غزة تسأل الشيخ في خطبته عن موقف الحكومات والصمت لم يحدث في القطاع، فلا علاج ولا طعام ولا شراب، ولا مآذن يرفع فيها الآذان".
منع الطواقم الطبية الدخول الى الأقصى
ومن جانب آخر منعت سلطات الاحتلال كافة الطواقم الطبية الدخول الى الأقصى – كما كل عام-، حيث كانت خيام المؤسسات واللجان الصحية في المسجد الأقصى، لتقديم ما يلزم للوافدين الصائمين في حالة الطوارئ أو الإسعافات الأولية، واعتدت القوات على الطواقم الطبية بدفعهم ومنعهم من الدخول الى الأقصى، وقال الشيخ الخطيب حول ذلك:"ما يحززنا أن اللجان الصحية التي كانت تعمل مع دائرة الأوقاف وتنتشر في الأقصى منعت من الدخول اليه هذا العام، وقال هذا الأمر خطير جدا، الأوقاف الإسلامية هي التي يجب أن تتصرف في هذه الأمور وتقوم بترتيبها،ـ الشرطة هذا العام منعت دخول هذه الطواقم.
المسعف عبد المجيد طه مدير جمعية الأمل للخدمات الصحية، أوضح أن سلطات الاحتلال هذا العام طالبت قبل حوالي أسبوع "باسم ورقم هوية كل مسعف"، وهذا شرط جديد علينا، وصباح اليوم خلال محاولة الطواقم الوصول الى الأقصى وهي بالزي المخصص لذلك، منعت كافة واعتدي عليها واحتجز البعض.
جمعية الهلال الأحمر، قالت في بيان لها:" أن هذا المنع سابقة خطيرة ومقدمة لمنع طواقم الإسعاف التابعة للهلال الأحمر بالعمل داخل القدس الشرقية التي وفق جميع الاتفاقيات الدولية تعتبر جزء من الارض الفلسطينية المحتلة، وعليه فإن الهلال الأحمر الفلسطيني هو المسؤول عن تقديم الخدمات الاسعافية والإنسانية ضمن النطاق الجغرافي للقدس المحتلة. ويؤكد الهلال الأحمر أن هناك اتفاقا دوليا على وجود طواقمه الاسعافية وتقديم خدماته الإنسانية في القدس المحتلة.
مصلون في الأقصى
سيدة من مدينة نابلس قالت:" شعرت بأن الأقصى حزين والقدس وحيدة، حينما وصلت اليها، فالصورة في المكان ليست كما السنوات الماضية في رمضان، الطرقات والشوارع شبه خالية، وساحات الأقصى كذلك، أما الحواجز فالقيود مشددة وأقفاص وسواتر في الممرات والطرقات."
وأضافت:" في رمضان السنوات الماضية، لم يكن لدينا أي مكان للصلاة أو حتى الوقوف بسبب أعداد المصلين الكبيرة، اليوم صلينا ومشينا وتنقلنا من مكان لآخر ولا يوجد أي اكتظاظ فيه".
وقالت:" الأقصى كلشي بحياتنا، يجب كل انسان أن يدافع عن المسجد والتوافد اليه بأي طريقة، ومهما بلغت القيود والحواجز والعراقيل أن نصل الى الأقصى، لافتة أنه لإصدار البطاقة الممغنطة يوم أمس اضطرت للخروح من منزلها الساعة العاشرة صباحا وعادت اليه بعد المغرب، بسبب الحواجز والطرقات الصعبة.. وقالت:" كلشي عشان الأقصى بهون".
آدم عبد الغافر من جلجولية – الداخل الفلسطيني-، تمكن من الوصول الى الأقصى برفقة عائلته للمرة الأولى منذ الحرب، وقال:" نعيش فرحة منقوصة في هذا اليوم؛ تمكنا من الوصول الى الأقصى، لكن القوات بكل مكان والحواجز في القدس، طرق التفافية عديدة للوصول الى الأقصى، ومشينا على الأقدام مسافة طويلة من جهة، وأهالي الضفة حرموا من الوصول الى الأقصى من جهة ثانية، أما الأوضاع الصعبة في غزة فهي تحزن كل انسان".
وأكد على ضرورة شد الرحال الى الأقصى، خاصة في هذه الأوضاع الصعبة، ومحاولة منع وجودنا فيه.
السيدة عائشة جوابرة من الخليل قالت:" الحمدلله تمكنا من الوصول والصلاة في الأقصى بعد حرمان استمر منذ 5 أشهر، لافتة انها خرجت من منزلها في مخيم العروب الساعة الثامنة صباحا، وحددت القوات الطرقات المخصصة للسير، وصولا الى الحاجز العسكري حيث التواجد الكبير للقوات ومنع المئات من المصلين من الدخول والوصول الى الأقصى حتى كبار بالسن من النسوة والرجال بحجة "عدم وجود بطاقة ممغنطة".
وقالت:" في سبيل الأقصى نعمل المستحيل للوصول اليه والصلاة فيه."
الشاب أحمد مصطفى 22 عاماً من مدينة القدس، والذي يعيش بجوار الأقصى لكنه منع على مدار الأشهر الماضية من دخول والصلاة فيه قال:" أرى الأقصى من نافذة منزلي واسمع الآذان، ومنذ السابع من تشرين الأول الماضي احرم من الوصول والدخول الى الأقصى، هذه المرة الأولى التي أتمكن فيها من الوصول اليه، شعرت بالراحة والأمان في الأقصى، فهذا المسجد هو بيتنا الثاني وهو الملجأ لكل مقدسي، سنواصل الرباط والصلاة فيه ولن تردعنا "القوة التي تستخدم" في كل مرة نحاول الدخول فيها الى الأقصى."