تل ابيب-معا- رأى محللون إسرائيليون الثلاثاء أن قبول حركة (حماس) مقترح اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة فاجأ تل أبيب، ووضع حكومة بنيامين نتنياهو في مأزق.
وأوضح محللون نقلت عنهم وكالة الأناضول التركية للأنباء أن نتنياهو يريد من ناحية ألا يظهر رافضا لاتفاق يعيد الأسرى الإسرائيليين من غزة، ومن ناحية أخرى لا يريد إغضاب شركائه في اليمين الذين يرفضون الاتفاق.
وتحت عنوان "عندما يقول السنوار نعم"، في إشارة إلى زعيم حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، قال المحلل البارز بصحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنايع "من المرجح أن السنوار يخدعنا، فهو يعلم أن الحكومة الحالية لا تستطيع الموافقة على الاقتراح الذي صاغه".
واعتبر أن إرسال وفد إسرائيلي لمفاوضات القاهرة مهم لنتنياهو على الجبهة الداخلية، حيث لا يتحمل أن يُنظر إليه على أنه شخص يحبط الاتفاق ويتخلى عن المتحتجزين، ولا يستطيع أن يُنظر إليه على أنه شخص مستعد للتوصل إلى اتفاق ويخون شركاءه في اليمين.
ووصف برنايع السنوار بأنه "شرير ولكنه ليس أحمق". وتابع "الاقتراح المضاد الذي صاغه (السنوار) يضع إسرائيل في جولة أخرى من المناقشات الداخلية المثيرة للأعصاب، حيث يموت المحتجزون في الأسر، وعائلات لا تعرف مصيرها، وحكومة خائفة ومنقسمة حتى العنق في الشك المتبادل، ونخبة أمنية منهكة وضعيفة".
وأشار برنايع إلى أنه "ربما يكون السنوار مهتما بالوصول إلى المحطة النهائية، أي الاتفاق، لكنه -وبدرجة ليست أقل من ذلك- فهو مستمتع بما يفعله بنا على طول الطريق".
"إسفين" بين إسرائيل وأميركا
من جهته، أشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، في مقال حمل عنوان "نتنياهو الواقع في فخ نعم لحماس"، إلى أن قبول الحركة اتفاق وقف إطلاق النار المقترح فاجأ إسرائيل، نظرا للأزمة التي شهدتها المحادثات خلال الأيام القليلة الماضية.
وتحدث أن حماس طالبت مؤخرا بضمانات أميركية في ضوء التصريحات المتكررة لنتنياهو بأنه ينوي إصدار أمر للجيش الإسرائيلي باجتياح رفح. وأضاف "تداولت مصادر سياسية إسرائيلية الليلة الماضية أن مصر والولايات المتحدة ربما توصلتا إلى تفاهم خلف ظهر إسرائيل لتحديث الاقتراح المصري الذي قبلته تل أبيب قبل أسبوعين".
ووفقا لهارئيل، فإن هذه الأقاويل إشارة أولية من نتنياهو إلى أنه سيرفض الاقتراح بعد الرد الإيجابي من حماس.
ولفت هارئيل إلى أنه قبل يومين فقط ادعى رئيس الوزراء والمتحدثون باسمه أن وسائل الإعلام الإسرائيلية وجهت إليه اتهامات كاذبة بأنه يحاول تخريب المحادثات في وقت يلقي فيه اللوم على حماس.
وقال "يبدو الآن أنه سيعطي إجابة سلبية مرة أخرى، وسوف يتم تبرير هذه الخطوة بالادعاء بأن إسرائيل تحتاج إلى ضمان هزيمة حماس، والادعاءات المشكوك فيها بوجود خداع أميركي".
واستدرك أنه من الناحية العملية، سيكون السبب الرئيسي هو خوف نتنياهو من انهيار ائتلافه وخسارة قاعدته الانتخابية اليمينية.
وأشار هارئيل إلى أنه في النهاية يبدو أن الوسطاء قاموا بواجباتهم بأمانة ولم ينحازوا إلى أي جانب، وعرضوا على حماس اقتراحا وافقت عليه إسرائيل بالفعل، لكنهم أدخلوا عددا صغيرا من التغييرات.
وقال "بمعنى آخر، فإن فرص تحقيق انفراجة في المفاوضات لا تزال منخفضة. ولكن ربما تكون قيادة حماس، من خلال ردها الإيجابي، قد تمكنت من دق إسفين بين إسرائيل والولايات المتحدة".
وتابع هارئيل "يبقى أن نرى كيف سيرد وزراء حزب الوحدة الوطنية في حكومة الحرب، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، على التغيير في موقف حماس وعلى رد فعل نتنياهو السلبي الواضح".
شكوك إسرائيلية
بدوره، شكك الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تامير هايمان، في مقال نشره الموقع الإلكتروني للقناة الـ12 الإسرائيلية، في أن تكون حماس أخفت في الصفقة فخا لا يمكن لإسرائيل أن تقبله.
وأضاف أن هناك نقطتين رئيسيتين للخلاف هما مسألة إنهاء الحرب، ومسألة هوية الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم ضمن صفقة.
وأشار إلى أنه في المسألة الأولى، يعد اقتراح الوسطاء مقبولا لدى إسرائيل لعدم تضمنه عبارة وقف الحرب، لكن هناك عبارة أخرى مقترحة أكثر غموضا وهي وقف النشاط، التي تسمح بمرونة تجديد الحرب في المستقبل إذا اختارت إسرائيل ذلك.
وأما المسألة الثانية، فتكمن العقبة التي لا تسمح لإسرائيل بالقبول بالصفقة في أن تتنازل تل أبيب عن حق النقض على قرار إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
وأوضح أنه في المرحلة الأولى سيكون مقابل إطلاق سراح كل جندي إسرائيلي محتجز إطلاق سراح 50 أسيرا فلسطينيا، بينهم 30 أسيرا من أصحاب أحكام المؤبد.
ورأى أنه في المجمل سيكون في نهاية المرحلة الأولى تم إطلاق سراح 150 أسيرا مؤبدا حسب طلب حماس، في حين لا يسمح لإسرائيل بالتدخل في ذلك.
وقال "إذا حدث ذلك فإن إسرائيل تطلق سراح جميع الأسرى المرتبطين بحماس، وتطلق سراح جميع الاسرى الخطرين، وإذا حدث ذلك، فلن يكون لدى إسرائيل أوراق مساومة للمرحلة الثانية".
واعتبر أنه من الناحية العملية -وفقا لهذا البند- ستطلق إسرائيل سراح كل شخص مهم حقا بالنسبة لحماس، ولا تضمن عودة جميع المحتجزين.
بعثرة للأوراق
بدوره، قال المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت" آفي إيسسخاروف إنه رغم أن الاقتراح المصري القطري لم يكن مقبولا لدى إسرائيل مسبقا، فإن رد حماس الإيجابي على هذا الاقتراح يبعثر الأوراق من جديد.
ولفت إلى أن الكرة أصبحت مرة أخرى الآن في ملعب إسرائيل. وأوضح أنه يتعين الآن على الحكومة الإسرائيلية أن تقرر ما إذا كانت تنوي الرد بشكل إيجابي على الاقتراح والموافقة على إنهاء الحرب بالفعل في نهاية مرحلتها الأولى والمرحلة الثانية، اعتمادا على كيفية نظرتك إليها، أو الرد بشكل سلبي وسيُنظر إليك في العالم على أنك رفضت إمكانية إنهاء الحرب.
المصدر : وكالة الأناضول