تل أبيب- معا- بينما يدعو المجتمع الدولي إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة الذي يشهد أزمة إنسانية غير مسبوقة، تستمر وحدة إسرائيلية، تابعة لقوات الهندسة العسكرية بالجيش الإسرائيلي، في هدم منازل الفلسطينيين في القطاع، بشكل متعمد، بما يرقى إلى "جريمة حرب" محتملة، وفقاً لتقارير أممية.
ووصف بالاكريشنان راجاجوبال، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن الملائم، الهجمات المنهجية واسعة النطاق على مساكن المدنيين والبنية التحتية في غزة بأنها "إبادة جغرافية".
وأكد راجاجوبال في تصريحات لموقع مؤسسة Bellingcat غير الربحية، أنه حتى مع الهجمات ضد مبانٍ فردية، فإن كل مبنى يتم قصفه أو تدميره يجب تقييمه قانونياً.
وأضاف راجاجوبال أن العبء يقع على عاتق الجيش الإسرائيلي لإثبات أن لديه أدلة لهدم المبنى، وأن الهجوم "متناسب وضروري".
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 50% من مباني غزة دُمِّرت أو تضررت، وأن ما يقرب من 1.7 مليون شخص شُرِّدوا منذ بدء الهجوم.
وعملت Bellingcat مع موقع Scripps News للتحقيق في هدم المنازل المتعمد في غزة، والصراعات المستمرة على الأراضي في الضفة الغربية.
وخلص التحقيق إلى أن وحدة هندسية عسكرية متخصصة تعمل تحت مسمى "8219 commando" تابعة للجيش الإسرائيلي، أُسند إليها مهمة تدمير وهدم المنازل في غزة، لتحول أحياء كاملة في القطاع إلى أنقاض.
مدينة من الأنقاض
استخدمت مؤسسة Bellingcat وسائل التواصل الاجتماعي لتتبع كتيبة هندسة قتالية تحت مسمى 8219 commando التابعة للجيش الإسرائيلي، أثناء تحركها عبر غزة، وهدم الأنفاق والمنازل والمساجد.
وتعمل هذه الوحدة الهندسية تحت لواء 551 وكجزء من الفرقة 98 بالجيش الإسرائيلي.
ولجأت المؤسسة غير الربحية، إلى منشورات لجنود من الوحدة الهندسية كشفوا بشكل علني عن تجاربهم داخل غزة، ما تعد نظرة "نادرة" بداخل ما يخفيه الجيش الإسرائيلي.
وكتب أحد العاملين بالوحدة 8219، وهو نقيب إسرائيلي لم تكشف Bellingcat هويته، منشورات عن تجربته في شكل مذكرات حربية، موضحاً مكان وجودهم وما دمروه.
وتتضمن هذه المنشورات، بالإضافة إلى منشورات وسائل التواصل الاجتماعي لأعضاء آخرين في 8219، مقاطع فيديو وصور وبيانات تصف تجربة الوحدة في الحرب.
وحددت Bellingcat الموقع الجغرافي لكل مقطع فيديو، أو صورة لعملية الهدم، وتحققت من مكان حدوثها.
واستخدمت بعد ذلك صور الأقمار الاصطناعية من Planet Labs لتحديد وقت حدوث الهدم.
وجرت عملية الهدم الأولى التي شاركت فيها وحدة 8219 في 13 أو 14 نوفمبر الماضي. ودمر أعضاء الوحدة مبنى من طابقين يطل على البحر الأبيض المتوسط، دون تقديم أي مبرر لعملية الهدم.
وارتفعت من بعدها وتيرة وحجم عمليات الهدم بشكل كبير. وفي الفترة ما بين 20 و23 نوفمبر الماضي، شاركت الوحدة في عدة عمليات هدم لبنايات سكنية بجوار مستشفى القدس مباشرة في حي تل الهوى بمدينة غزة.
وتظهر صور الأقمار الاصطناعية لهذا الحي أن ما لا يقل عن 34 مبنى سكنياً دُمِّر كلياً أو جزئياً خلال هذه الفترة.
"أصبحنا مدمنين على التفجير"
وفي 19 نوفمبر الماضي، كتب النقيب بالوحدة الهندسية الإسرائيلية، أنه تم العثور على صواريخ وطائرة بدون طيار في موقع واحد، ولكن لم يوضح لماذا يتطلب هذا الاكتشاف تدمير العديد من المجمعات السكنية.
وجرى هدم مبنى آخر في قطاع غزة خلال الفترة ما بين 7 و10 ديسمبر.
وتم هدم مسجد الإصلاح ومبنى مجاور، في الفترة ما بين 10 و15 ديسمبر الماضي، بالرغم من أن المباني الدينية تتمتع بوضع الحماية بموجب القانون الإنساني الدولي.
وفي 19 فبراير الماضي، نشرت صفحة المسجد على "فيسبوك" صورة للمبنى المدمر، وقد انهارت مئذنته.
وقال النقيب في وحدة 8219 في منشور بتاريخ 28 ديسمبر الماضي: "لقد أصبحنا مدمنين على التفجير".
وجرت عملية الهدم الأخيرة في قلب مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، في منتصف شهر يناير الماضي.